رغم أن الركود الكبير أصبح من الماضي، إلا أن الاقتصاديين ما زالوا يبحثون عما إذا كانت البلدان الغنية تمتلك الأدوات اللازمة لمكافحة الأزمة الاقتصادية القادمة، بحسب تقرير لـ"بلومبرج".
وفي ظل تدني أسعار الفائدة –من غير المرجح رفعها لما كانت عليه قبل الأزمة خلال السنوات المقبلة- يعتقد كثيرون أن الحكومات ستضطر للعب دور أكبر في الأزمة القادمة، عبر زيادة الإنفاق لتعويض تراجع الاستهلاك والاستثمار.
لكن السؤال المنطقي والملح في هذه الحالة هو، إلى أي مدى سترتفع مستويات الديون الحكومية المتفاقمة بالفعل من عام 2008؟
ليس سهلًا كما يبدو
- قال الباحثان "آلان أويرباخ" و"يوري غورودنيتشينكو" من جامعة كاليفورنيا في ورقة بحثية صدرت الشهر الماضي، إنه رغم أهمية مراقبة زيادة المديونية إلا أن ذلك الأمر يظل أقل حدة من بعض المخاوف الأخرى.
- نوقشت قضية الإنفاق الحكومي أثناء الركود على مدار عقود، وأكد الاقتصادي البريطاني "جون ماينارد كينز" أنه خلال هذه الفترة يتوجب على الحكومات الدفع للقيام بمهام لا معنى لها مثل تخريب الطرق ومن ثم إصلاحها.
- في الوقت الذي تبنت فيه معظم البلدان الغنية سياسات "كينز" في أعقاب الأزمة المالية العالمية، تحول واضعو السياسات الأوروبيون إلى سياسة الانكماش المالي التوسعي، التي أوضحها الأستاذ الجامعي بـ "هارفارد" "ألبرتو أليسينا".
- منذ ذلك الحين تغير الإجماع، فأصبح الكثيرين بما في ذلك صندوق النقد الدولي يعتقدون أن الإنفاق الحكومي خلال الأزمة قد يساعد على استعادة النمو دون آثار مالية ضارة، بينما آمن البعض أكثر بالتحفيز المالي.
- يبقى هنا سؤال آخر مهم، هل بإمكان جميع البلدان زيادة إنفاقها الحكومي خلال الركود؟ فدول مثل اليونان وإيطاليا تجد صعوبة بالغة في إقناع المستثمرين بتمويل العجز المرتفع نظرًا لتفاقم المديونية.
عواقب التحفيز المالي
- بما أن بلدان مجموعة السبع ما عدا ألمانيا أصبحت الآن أكثر مديونية مما كانت عليه قبل الأزمة، فإن الأمر أصبح ذا أهمية متزايدة.
- وجد "أويرباخ" و"غورودنيتشينكو" أنه حتى في الدول ذات الدين العام المرتفع تبدو عواقب السياسة التقديرية الناشطة محدودة، فرغم أن تكلفة الاقتراض تتزايد مع ارتفاع الدين إلا أن هذه الزيادة تظل ضئيلة.
- يعني ذلك أنه عندما تشارك حكومة بلد ما مثقل بالديون في عمليات التحفيز المالي، تصبح نسبة بين الدين والناتج المحلي الإجمالي أعلى بشكل أكثر استدامة، لكن حجم الزيادة يكون محدودا للغاية.
- اضطر الباحثان للاعتماد على أمثلة قليلة للغاية لتحديد هذه النتائج وهي مشكلة كبيرة من شأنها النيل من موثوقية النموذج الإحصائي المستخدم لتحديد أثر الإنفاق الحكومي على مستوى الدين.
- تعتمد قدرة البلدان المثقلة بالديون على اتباع سياسة التوسع المالي خلال الركود على عدد من العوامل الأخرى، منها قدر ما تعتزم الحكومة بالضبط إنفاقه؟ وما إذا كانت هناك خطة محكمة لخفض الإنفاق في المستقبل؟
التخلص من الأوهام
- يقول "أويرباخ" و"غورودنيتشينكو" إن الجسور التي تقام بلا هدف ومشاريع لرعاية الحيوانات الأليفة وغيرها من أوجه الإنفاق المفرط يمكنها امتصاص أي فوائد للسياسة المالية المعاكسة للدورات الاقتصادية.
- المشكلة التي تواجه العديد من البلدان المدينة بجبال من الأموال هي أنها لا تتمتع بمصداقية كبيرة فيما يتعلق بتعهدات تحليها بالمسؤولية خلال زيادة الإنفاق أو خفض معدلات الإنفاق مستقبلًا.
- على الأرجح تكون قدرة هذه البلدان على منح الحوافز الضريبية خلال فترات الاضطراب الاقتصادي قائمة على البنوك المركزية بشكل أساسي، وقد أظهرت أزمة اليورو ضعف أدوات السياسيين وعدم قدرتهم على الاقتراض من السوق.
- كان ذلك بسبب امتناع البنك المركزي عن تقديم دعم ملموس للمستثمرين، لكن إعلانه اللاحق بشراء كميات غير محدودة من سندات البلدان المضطربة أدى لخفض سعر الفائدة بشكل كبير وتمكين الحكومات من اتباع سياسة التحفيز.
- عندما يحل الركود القادم سيصبح هناك دور أكبر للسياسة المالية وسيكون هذا الدور موضع ترحيب، لكن يجب التخلص من وهم أن "الحكومات يمكنها فعل ما يحلو لها بفضل امتلاك البنوك المركزية لمفتاح الانتعاش الاقتصادي".
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}