نبض أرقام
01:18 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24
2024/11/23

"شيفرون "وإكسون" في البيت الأبيض.. كيف تحقق صناعة النفط أهدافها عن طريق السياسة؟

2017/09/03 أرقام - خاص

في الولايات المتحدة، لا يعتبر قطاع الطاقة غريباً على النفوذ السياسي. فقد ادعت صناعة النفط الأمريكية في يوم من الأيام أنه أصبح لها رئيس خاص بها يجلس في المكتب البيضاوي في واشنطن، وهو: جورج بوش الأب، الذي شارك في تأسيس وإدارة "زاباتا أويل" قبل أن يصبح الرئيس الأمريكي الـ41.

 

 

ولم تكن هذه هي المرة الأخيرة التي يصل فيها مسؤولون بشركات النفط إلى قمة الهرم السياسي في واشنطن. فبعد ثماني سنوات من خروج "جورج بوش الأب" من البيت الأبيض، أصبح ابنه "جورج دبليو بوش" رئيساً للولايات المتحدة، والذي أتى بـ"ديك تشيني" نائباً له، والرجلان مسؤولان سابقان بصناعة النفط.

 

وفي أحدث فصل من فصول هذه الرواية، اختار الرئيس الأمريكي الحالي "دونالد ترامب" الرئيس التنفيذي لـ"إكسون موبيل" أكبر شركة نفط خاصة في العالم وصاحبة واحدة من أهم جماعات الضغط في واشنطن، "ريكس تيلرسون" وزيراً لخارجية بلاده.

 

وفي هذا التقرير سيتم تناول طبيعة هذه العلاقة الشائكة بين النفط والسياسة في الولايات المتحدة، ومناقشة مدى تأثير وجود مسؤول نفطي سابق داخل الأروقة السياسية في واشنطن، وانعكاسات ذلك على الصناعة والحكومة.

 

الرئيس ونائبه

 

- خلال الأشهر الأولى له عقب تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة عين "جورج بوش الابن" نائبه "ديك تشيني" على رأس مجموعة عمل مكلفة بتطوير سياسات الطاقة في البلاد. واعتمدت المجموعة التي عقدت اجتماعاتها في سرية تامة، على توصيات مرسلة من الكبار في صناعة النفط: "إكسون موبيل" و"شيفرون" "كونكوفيليبس" و"بي بي أمريكا".

 

- كانت هذه هي الخطوة الأولى ضمن العديد من التحركات اللاحقة من قبل إدارة "بوش" التي من شأنها تقديم مصالح شركات النفط والغاز قبل أي شيء آخر، ومنحها مليارات الدولارت في صورة إعانات وتخفيضات ضريبية. وكان كل ذلك بمثابة رد الجميل للكيانات التي وقفت بعلاقاتها وأموالها خلف الناجحين في انتخابات الكونجرس والرئاسة.
 

 

- خلال فترة "بوش – تشيني"، أنفقت صناعة النفط والغاز حوالي 393.2 مليون دولار على جماعات الضغط على الحكومة الفيدرالية. وهو ما وضع الصناعة في مركز متقدم بقائمة أكبر المنفقين على "أنشطة الضغط السياسي". وأسهم القطاع أيضاً بمبلغ كبير قدره 82.1 مليون دولار في دعم حملات المرشحين لانتخابات الكونجرس، وذهب حوالي 80% من هذا المبلغ لصالح الجمهوريين، بحسب بيانات "مركز السياسة المستجيبة"، المنوط بتتبع دور المال فى الانتخابات الأمريكية.

 

- هذا الدعم لم يكن دون مقابل. ففي عام 2005، وقع "بوش" على قانون مرره إليه الكونجرس يمنح شركات النفط والغاز والطاقة النووية والفحم إعفاءات ضريبية بقيمة 14.5 مليار دولار. كما قام نفس القانون والذي تم إعداده تحت أعين شركات النفط بإلغاء وتخفيف عدد من اللوائح التنظيمية التي تعتبرها تلك الشركات عائقاً أمام توسعها، من بينها جزء من لوائح المياه النظيفة.

 

- لجان العمل السياسي وجماعات الضغط والمديرون التنفيذيون لا يعطون المال للسياسيين مثل "بوش" و"تشيني" أو للأحزاب إيماناً منهم بالمبادئ الديمقراطية، وإنما هم في النهاية مستثمرون محترفون، يتوقعون عائداً على استماراتهم، وفي المقابل يعي السياسيون هذه الحقيقة جيداً ويتصرفون كما يتوقع منهم.

 

"شيفرون" في البيت الأبيض

 

- في ديسمبر/كانون الأول من عام 2008، أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب آنذاك "باراك أوباما" عزمه تعيين الجنرال المتقاعد "جيمس جونز" كمستشار لشؤون الأمن القومي. وخلال حياته المهنية شغل "جونز" عدة مناصب مهمة من بينها مدير شركة النفط الأمريكية "شيفرون".

 

- لكن ما هو نوع التأثير الذي قد يمتلكه أحد المديرين التنفيذيين السابقين بـ"شيفرون" داخل الجناح الغربي؟ ..خلال حملته الانتخابية ركز الديمقراطي "أوباما" في هجومه على الجمهوري "جون ماكين" على الأرباح الضخمة التي حققتها "إكسون موبيل" بسبب سياسات الإدارة الجمهورية، وكأن "إكسون" كانت هي الشركة الوحيدة التي جنت أموالاً طائلة!!

 

- "شيفرون" هي الأخرى، حققت أرباحاً ضخمة، وكانت في ذلك الوقت متهمة أيضاً في قضية فيدرالية مرفوعة ضدها في كاليفورنيا تتعلق بقتل اثنين من الناشطين العزل في منطقة دلتا النيجر في عام 1998. وبعد تعيين "أوباما" لـ"جونز" كمستشار للأمن القومي برأت هيئة المحلفين "شيفرون" من الاتهامات المساقة ضدها.

 

 

- لكن في ذلك الوقت، لا يزال لدى "شيفرون" شخصية أخرى مهمة داخل البيت الأبيض، وهي وزيرة الخارجية "كونداليزا رايس"، والتي كانت أحد أعضاء مجلس إدارة الشركة، قبل أن تستقيل في 16 يناير/كانون الثاني عام 2001 بعد أن عينها الرئيس "بوش" مستشارة للأمن القومي.

 

- ظلت "رايس" في هذا المنصب إلى أن تم تعيينها في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2004 وزيرة للخارجية خلفاً لـ"كول باول" لتصبح أول أمريكية من أصل أفريقي تتولى هذا المنصب.

 

- على الرغم من أن "رايس" لم تقض جزءا كبيرا من حياتها المهنية في "شيفرون"، إلا أن تلك السنوات كانت كافية لتمنح الشركة الأمريكية الجرأة على أن تطلق على واحدة من ناقلاتها النفطية اسم "كونداليزا رايس"، قبل أن تضطر لتغييره بعد موجة من الانتقادات بسبب حساسية منصب "رايس" في ذلك الوقت كمستشارة للأمن القومي.

 

الوافد الجديد

 

- بعد انتخابه رئيساً للولايات المتحدة، اختار "دونالد ترامب" لرئاسة وزارة الخارجية "ريكس تيلرسون" الذي عمل لأكثر من أربعة عقود في "إكسون موبيل" من بينها 10 سنوات شغل خلالها منصب المدير التنفيذي، ليصبح أول شخص يشغل هذا المنصب لا يتمتع بخلفية عسكرية.

 

- كانت هذه الخطوة بمثابة فرصة لشركات الطاقة الأمريكية لتتمكن من التقاط أنفاسها بعد فترة صعبة نسبياً عاشتها خلال رئاسة "أوباما". حيث يمتلك "تيلرسون" مهارت قيادية ملفتة اكتسبها خلال رئاسته لأكبر شركة نفط خاصة في العالم، كما أمضى الكثير من حياته المهنية في التفاوض على معاملات تجارية معقدة ومثيرة للجدل، والتي تكون أحياناً في مناطق لا تتمتع فيها الحكومة الأمريكية بعلاقات جيدة.


- أثناء إعلانه عن ترشيحه لوزارة الخارجية، قال ترامب متحدثاً عن "تيلرسون": "إن مثابرته وخبرته الواسعة وفهمه العميق للجغرافيا السياسية تجعله خياراً ممتازاً لوزارة الخارجية".

 

- لاحقاً أفادت مصادر لـ"سي إن إن" بأن اختيار "تيلرسون" لهذا المنصب جاء بناءً على توصية منحت لنائب الرئيس "مايك بنس" من مسؤولين جمهوريين سابقين تربطم علاقات عمل مع "إكسون موبيل" هم، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة "كونداليزا رايس" ووزير الخزانة السابق "جيمس بيكر" وزير الدفاع الأمريكي "روبرت جيتس".

 

- وهكذا تظل المصالح هي الهدف الأول في اللعبة السياسية ، وخلفها تقف شركات وكيانات ضخمة لا تتردد لحظة في بسط نفوذها ولو من وراء الكواليس.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.