وفقاً "للإيكونميست" أصبحت طرق السويد من الأكثر أمانا على مستوى العالم، فقد نجحت الدولة الاسكندنافية في تقليص حوادث الطرق بنحو أربعة أخماس خلال الأربعة عقود الأخيرة على الرغم من تضاعف أعداد السيارات على الطريق خلال نفس الفترة.
وهي تتمتع بأحد أقل معدلات حوادث الطرق على مستوى العالم، فبحسب تقرير سلامة الطرق الصادر عن منظمة الصحة العالمية لعام 2015 بلغ معدل الوفيات 2.8 شخص لكل 100 ألف نسمة من السكان أي أقل من ثلث متوسط المعدل الأوروبي (9.3 شخص) والمعدل الأمريكي (10.6 شخص)، فكيف استطاعت "السويد" خفض المعدل إلى هذا الحد النموذجي؟
ــ قانون "الرؤية صفر":
بلغت حوادث الطرق على مستوى العالم ذروتها في السبعينيات، ما دفع الدول الأعلى دخلاً لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة للحد منها، على الجانب الآخر زاد معدل هذا النوع من الحوادث في الدول الفقيرة مع زيادة مبيعات السيارات واستمرار ضعف البنية التحتية للطرق.
وفي عام 1997 وافق البرلمان السويدي على قانون "الرؤية صفر" الذي هدف إلى القضاء التام على حوادث ووفيات الطرق من خلال حزمة من الإجراءات المتكاملة، ويؤمن السويديون بأنه بمقدورهم تحقيق هذا الهدف بخفض عدد وفيات الطرق إلى "الصفر"، وهم يثبتون كل يوم بالفعل صحة هذا اليقين.
ــ الطرق
بدأ برنامج الحد من الحوادث بإعادة تخطيط الطرق مع إعطاء الأولوية لعنصر السلامة والأمان وليس لعوامل السرعة أو الراحة، وقد شيدت الدولة نحو 1500 كيلو متر من الطرق، كل طريق يتكون من ثلاثة مسارات (اثنان لنفس الاتجاه وثالث للاتجاه المعاكس) مع وضع حواجز لفصل السيارات عن مناطق سير الدراجات، وأرجع الخبراء الفضل لهذا التخطيط في إنقاذ حياة 145 شخصاً خلال العشر سنوات الأولى من إصدار قانون "الرؤية صفر".
كما أنشأت 12.6 ألف مسار آمن لعبور المشاة مثل جسور المشاة، وزودت الطرق بأضواء كاشفة ومطبات إضافية لتخفيف السرعة، وقد نتجت هذه الإجراءات عن الحد من وفيات المشاة نتيجة لحوادث الطرق بنحو النصف خلال السنوات القليلة الأخيرة، كما انخفضت وفيات الحوادث بين الأطفال الأقل من 7 سنوات إلى طفل واحد في عام 2012 من 58 طفلاً في عام 1970.
ــ الرقابة الشرطية
نجحت هذه الإجراءات بالفعل في الحد من إجمالي حوادث الطرق إلى النصف منذ عام 2000، وتعمل الشرطة السويدية على تطبيقها بكل حسم حتى لا تسمح للأخطاء البشرية المقصودة أو غير المقصودة بإعاقة تحقيق المعدل الصفري المستهدف للحوادث.
ويلزم ربط أحزمة الأمان لجميع ركاب السيارة، سواء في المقاعد الأمامية أو الخلفية، كما يشترط إضاءة الكشافات الأمامية طوال 24 ساعة من ساعات الليل أو النهار، ويمنع منعاً باتاً القيادة بعد تناول أي نوع من المسكرات مهما كانت نسبة تناوله.
ويتراوح الحد الأقصى المسموح للسرعة من 110 كيلو مترات في الساعة على الطرق السريعة إلى 50 كيلو متراً في الساعة داخل المدن والقرى.
ــ كاميرات الأمان
تنشر إدارة المرور السويدية كاميرات المراقبة على طول الطرق السريعة خاصة الريفية منها، ولديها أحد أكبر نظم كاميرات المراقبة نسبة إلى عدد السكان في العالم، وهي لا تهدف إلى إلقاء القبض على السائقين، وإنما إلى إرشادهم لتهدئة السرعة عند مناطق بعينها، فالسلطات ترفض إطلاق وصف "كاميرات المراقبة" عليها، وإنما تصفها بأنها "كاميرات الأمان".
ولا تحصل الشرطة أي رسوم على هذه الطرق لأنها لا تريد مواجهة اتهام بأن الهدف من وضع الكاميرات هو زيادة العائدات الحكومية، وإنما تهدف في المقام الأول إلى التأكيد للمواطنين على أن كل تلك الإجراءات هي من أجل سلامتهم فتشجعهم على تطبيقها دون الحاجة إلى الرقابة وتصبح جزءاً من الثقافة العامة للشعب.
ــ الإجراءات المستقبلية
لكن الطموح السويدي يتجاوز تلك الإجراءات التقليدية ويخطط لاستخدام التقنيات الأحدث للحد من الأخطاء البشرية التي تسبب نحو 90% من حوادث الطرق.
فعلى سبيل المثال تخطط "السويد" لإدراج أدوات تقنية داخل السيارات تستشعر تناول السائق لبعض المسكرات من عدمه وتحذره أوتوماتيكياً بعدم القيادة وهو في تلك الحالة، وإصدار تنبيهات إلكترونية مماثلة في حالة عدم ربط حزام الأمان أو تجاوز السرعة المحددة.
بل إنها تستهدف التخلي عن العنصر البشري في قيادة السيارة بالكامل من خلال توسيع استخدام السيارات ذاتية القيادة في شوارعها، ولن يكون ذلك بعيدا، فشركة "فولفو" للسيارات تتعاون مع وزارة النقل السويدية في الوقت الحالي لبدء اختبار سير هذا النوع من السيارات في شوارع مدينة "جوتينبرج" ــ مدينة رئيسية على الساحل الغربي للسويد ــ في عام 2017.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}