قال الرئيس التنفيذي لشركة المقاولات السعودية الكبرى "أبناء عبدالله عبد المحسن الخضري" إن من المتوقع أن تستمر معاناة قطاع المقاولات في المملكة لعام ونصف العام نظرا لأن احتمالات خفض الإنفاق الحكومي تعمل على تفاقم متاعب الشركات الناجمة عن إصلاحات سوق العمل.
وقال فواز الخضري في مقابلة مع رويترز "أعتقد أننا يجب أن نتوقع استمرار الوضع الصعب في القطاع لمدة 18 شهرا أخرى."
وأضاف "الشركات تواجه متاعب في الأساس بسبب إصلاحات سوق العمل. آثار عجز الموازنة ستظهر لاحقا، لكننا الآن في وضع نعاني فيه بالفعل."
وعلى مدى السنوات الماضية أنفقت السعودية بسخاء على مشروعات البنية الأساسية والنقل والمرافق الصناعية والرعاية الاجتماعية ما عزز أرباح شركات المقاولات. لكن المخاوف من تسجيل عجز قياسي في موازنة أكبر مصدر للنفط في العالم تلقي بظلالها على نشاط القطاع.
وعلى مدى الأعوام الماضية تعرضت شركات المقاولات السعودية لضغوط لتعيين المزيد من السعوديين بدلا من العمال الأجانب في اطار إصلاحات حكومية تستهدف خلق مزيد من الوظائف للمواطنين بالقطاع الخاص.
وبعد عقود من تطبيق سياسة السعودة التي لم تظهر نتائج مرضية في الحد من نسب البطالة بين السعوديين فرضت وزارة العمل في أواخر 2011 عقوبات أشد صرامة على الشركات التي لا تلتزم بحصص توظيف المواطنين.
وفي 2012 قامت الوزارة بفرض رسوم على الشركات قدرها 2400 ريال (640 دولارا) لكل عامل أجنبي يزيد على عدد العاملين من المواطنين السعوديين.
وقال الخضري إن شركات المقاولات عانت بشدة من صعوبة توفير العدد الكافي من السعوديين للعمل لديها ومن ارتفاع رسوم تجديد تراخيص العمالة الأجنبية إلى جانب حصول المقاولين على عدد أقل من تأشيرات العمالة وتأخر صدور تلك التأشيرات لفترات طويلة.
وأوضح أن تلك العوامل مجتمعة أثرت سلبا على أرباح الشركات ومستوى السيولة لديها كما أدت لتأخر البدء في تنفيذ المشروعات وبالتالي تأخر تسليمها.
وفي ظل التوقعات بتحقيق عجز قياسي في الموازنة السعودية نتيجة هبوط أسعار النفط، يبدو أن الفرص تتضاءل أمام بعض الشركات مع توجه الحكومة لخفض الإنفاق في بعض النواحي وتأجيل بعض المشروعات.
كان وزير المالية إبراهيم العساف قال في سبتمبر أيلول إن الحكومة بدأت في خفض النفقات غير الضرورية مع الاستمرار في التركيز على مشروعات التنمية الرئيسية. لكنه لم يخض في تفاصيل.
وقال الخضري خلال المقابلة "اعتقد أن التأجيل سيطال أولا المشروعات التي ينظر إليها على أنها غير أساسية بما في ذلك المشروعات التي جرى طرحها ولم تتم ترسيتها بعد."
وأشار على سبيل المثال إلى أنه قد ينظر إلى مشروعات لبناء ملاعب لكرة القدم في مختلف أنحاء المملكة على أنها غير ضرورية الآن بينما تأتي مشروعات الرعاية الاجتماعية والبنية الأساسية في قطاعات الإسكان والمستشفيات والمدارس على رأس الأولويات.
وأضاف "دائما ما ننظر إلى مشروعات البنية الأساسية على أنها ضرورية للغاية. ستقوم الحكومة بترتيب الأولويات وسيكون لنا فرص في أي قطاع تستثمر فيه الحكومة."
تأخير المستحقات
انتشرت في الآونة الأخيرة شائعات بأن بعض الهيئات الحكومية تؤخر دفع رواتب المقاولين بسبب شح السيولة النقدية. لكن التأخر في استلام المستحقات أمر شائع في القطاع في ظل البيروقراطية التي تعاني منها المملكة ودول الخليج بوجه عام.
ورجح الخضري أن يكون الأمر مرتبطا بالتعقيدات الإدارية في بعض المؤسسات واستبعد أن يكون على علاقة بالتطورات المتعلقة بهبوط النفط.
وقال "دائما ما كنا نشهد تباطؤا في السداد من جانب بعض العملاء حتى عندما كان الإنفاق الحكومي مرتفعا. ولكن في ظل وجود عملاء آخرين يدفعون المستحقات في الوقت المناسب يقودنا هذا إلى الاعتقاد بأن الأمر يتعلق بصورة أكبر بمشاكل إدارية لدى بعض المؤسسات وبالتالي لا يمكن التعميم."
لكنه لفت إلى أنه في ظل مشاكل الشركات الحالية وعدم وضوح الرؤية بالقطاع باتت بعض الشركات تتبع نهجا حذرا عند التقدم بعروض لمشروعات كما تتجه شركات أخرى إلى تقليص عدد المشروعات التي تتقدم بعروض لتنفيذها.
تفاؤل
رغم المصاعب التي يعاني منها القطاع أكد الخضري أن شركته متفائلة باستمرار تحقيق نمو في المستقبل لأن نطاق أعمالها يقع ضمن المشروعات التي توليها الحكومة أولوية كبرى.
وتعمل الخضري بصورة أساسية في تنفيذ المشروعات الحكومية في مجال إنشاء الطرق والكباري والسكك الحديدية والمباني العامة والجامعات ومحطات المياه ومعالجة المياه إلى جانب مشروعات جمع النفايات الصلبة من المدن والتخلص منها.
ولفت الرئيس التنفيذي إلى أن شركته تستهدف زيادة نسبة عقود المشروعات غير الحكومية إلى 35 بالمئة بحلول عام 2018 من 15 بالمئة حاليا في سجل المشروعات قيد التنفيذ وذلك عبر السعي لتنفيذ مشروعات مع شركات شبه حكومية مثل أرامكو ومعادن.
كانت الشركة سجلت خسائر صافية بقيمة 14.3 مليون ريال (3.8 مليون دولار) في الأشهر الثلاثة حتى 30 سبتمبر أيلول وهي أول خسائر صافية تسجلها منذ الطرح العام الأولي في 2010.
وانخفضت إيرادات الشركة 17.5 بالمئة في الربع الثالث وتراجعت قيمة العقود التي جرت ترسيتها إلى 31 مليون ريال من 554.6 مليون ريال قبل عام.
لكن الخضري توقع أن تستأنف هوامش الأرباح الاتجاه الصعودي العام الذي بدأته في 2014 ولفت إلى تأثير إيجابي متوقع عند تسلم تعويضات حكومية عن رسوم تجديد تراخيص العمالة الأجنبية.
وقال الخضري إن من المتوقع أن تبدأ عملية صرف التعويضات لشركات المقاولات خلال الربع الأول من 2016 لكنه أشار إلى أنه في ظل القوانين الحالية لا يمكن للشركات الحصول على التعويضات إلا بعد الانتهاء من المشروعات وإنه ما لم تتغير هذه القوانين ستواجه الشركات مزيدا من الضغوط المالية.
وقال "اعتقد أن الشركات ستكون محظوظة للغاية إذا حصلت على تعويضات في نطاق 60 أو 70 بالمئة (من رسوم تجديد التراخيص التي دفعتها) في ظل القوانين الحالية ما لم يتم تغييرها."
وأوضح أن شركته دفعت حتى الآن ما يقارب 100 مليون ريال لرسوم تجديد تراخيص العمالة الأجنبية.
ومن بين العوامل الأخرى التي قد تؤثر سلبا على القطاع اتجاه الحكومة لرفع أسعار الوقود المحلي خلال الأعوام المقبلة.
وكان وزير البترول علي النعيمي قال إن تلك الإصلاحات قيد الدراسة حاليا.
وقال الخضري إن الأمر يعتمد على مقدار الزيادة وإن رفع أسعار الوقود من شأنه أن يحدث تأثيرا ملموسا على الشركات التي تمتلك أسطولا كبيرا من المركبات والمعدات مثل شركته.
وأضاف "إذا كان هذا سيحدث فنحن على ثقة أن صناع القرار سيمنحوا القطاع فترة سماح لاستيعاب هذه الخطوة وأخذها في الاعتبار عند القيام بعمليات التسعير وذلك لمنع تكرار الضرر الذي شهده القطاع في السنوات السابقة نتيجة إصلاحات العمل المكلفة."
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}