قال المهندس مازن العلمي، المدير العام لشركة بلاك أند فيتش في الشرق الأوسط، إن المملكة شهدت زيادة مضطردة في أعداد السكان أكثر من أي وقت مضى وبالأخص في المدن، مبيناً أن الزيادة سوف تستمر على نفس المنوال، حتى الأجيال المقبلة والذين سيكون لديهم وجهة النظر نفسها، مشيراً إلى أن الاستقرار المتواصل وفر ظروفاً ملائمة لتحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل وخلال العقد الماضي، لافتا إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للمملكة زاد بحوالي 520 مليار دولار أميركي، مع نمو تعداد السكان في المملكة بحوالي 8 ملايين نسمة خلال الفترة نفسها، وتقدّر مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات أن عدد السكان في السعودية قد تجاوز حاجز الثلاثين مليون نسمة عام 2014.
حالة الازدهار
وأضاف العلمي أن حالة الازدهار وازدياد عدد السكان رافقتها حركة انتقال من الريف إلى المدن مستدلاً بتقرير أصدرته وزارة الشؤون البلدية والقروية أن نسبة التوسع الحضري زادت من 48% في سبعينيات القرن الماضي إلى 80% عام 2000، مع توقعات بارتفاع هذا الرقم إلى 88% بحلول العام 2025، مبيناً أنه على الصعيد العالمي، فإن تطور المدن وازدياد عدد سكانها وتحقيق الرخاء المعيشي يعني متطلبات أكبر للطاقة، كما هو الحال في المملكة، منوهاً أنه وبحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية، ازداد صافي استهلاك المملكة من الكهرباء إلى الضعف منذ العام 2000، مفيداً أن تقريراً صدر عن الشركة السعودية للكهرباء أن المملكة سجلت في شهر أغسطس من العام الجاري أقصى حمل كهربائي بلغ ذروته عند 62,260 ميغاواط، مسجلاً ارتفاعاً قدره 10% بالمقارنة مع شهر أغسطس من العام 2014.
استهلاك الفرد
وأوضح أن استهلاك الفرد من الكهرباء يبلغ ضعف المتوسط العالمي، وذلك بحسب د. عبدالرحمن باعشن، رئيس مركز الشروق للدراسات الاقتصادية، مع ارتفاع الطلب بنسبة تتراوح بين 6 إلى 8% سنوياً، مضيفاً أن المملكة واحدة من الدول القليلة التي تعتمد على توليد الطاقة مباشرة من النفط الخام، لافتا إلى أن المملكة تستهلك النفط الذي يعد المصدر الرئيسي والمحدود للعائدات، وذلك بكميات كبيرة، ففي شهر يوليو من العام 2014 وحده، تم استهلاك 0.9 مليون برميل يومياً من النفط الخام لتوليد الطاقة، في حين كان من الممكن استخدام هذا النفط في الصناعات البتروكيماوية والتكريرية، حيث يمكن تطويره إلى منتجات نهائية ذات قيمة مضافة للتصدير.
ضمان عائدات النفط
وأشار إلى أن الحاجة تدفع المملكة إلى ضمان عائدات النفط، مع الحفاظ على تلبية الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية الناتج عن التوسع الحضري وزيادة عدد السكان، إلى البحث عن طرق بديلة لتوليد الطاقة، موضحاً أنه عند ذكر مصادر الطاقة البديلة، يأتي إلى الذهن الطاقة المتجددة، لاسيما الطاقة الشمسية، التي تتميز بأنها مصدر لا ينضب، فضلاً عن كونها صديقة للبيئة وذات معدلات انبعاثات متدنية للغاية أو معدومة كلياً عند توليدها، لافتا إلى أن الكثير من دول العالم تجد صعوبة في جعل هذه الطاقة مجدية اقتصادياً، وخصوصاً على المدى القصير، مضيفاً أن إنتاج المملكة المتزايد للنفط أدى إلى تفاقم هذه المشكلة، وخصوصاً عند انخفاض أسعاره بشكل ملحوظ.
تلبية الطلب المحلي
وبيّن العلمي أنه رغم ذلك، تتمتع المملكة بقيادة واعية ومستنيرة في قطاع الطاقة، إذ تقوم بتطوير طرق أكثر دقة وفاعلية لتحقيق التوازن بين تلبية الطلب المحلي على الطاقة مع القدرة على تصدير النفط، مبيناً أنه تقوم الشركة السعودية للكهرباء بتزويد المملكة ب85% من الطاقة، لكن أهمية الشركة تتعدى حدود المملكة، مستدلاً بقول المهندس زياد بن محمد الشيحة، الذي يشغل منصب الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للكهرباء منذ يناير 2014، حينما قال إن "الشركة تُعد خط الإمداد الرئيسي الذي يعطي المملكة القدرة على تغذية العالم أجمع بالطاقة".
ويُعتبر المهندس الشيحة أحد أكثر مؤيدي خفض كمية الوقود الأحفوري المستخدم في توليد الطاقة منذ زمن طويل، وفي العام 2011، كان الشيحة يشغل منصب المدير التنفيذي لأنظمة الطاقة في شركة أرامكو السعودية، وقال في أحد المؤتمرات :"بين زيادة كفاءة الإمدادات وتعزيز كفاءة الاستهلاك، أعتقد أن المملكة تستطيع توفير ما يعادل مئات الآلاف من براميل النفط".
وهو ما يمثل النهج الذي يتّبعه مع فريقه في إدارة الشركة السعودية للكهرباء.
وقد ركزت الشركة جهودها على تحسين الاقتصاد في استهلاك الوقود في محطات الطاقة القائمة وإدخال معدات أكثر كفاءة في استهلاك الوقود عند بناء محطات جديدة، فيساهم على سبيل المثال تحويل محطة طاقة من نظام الدورة البسيطة إلى نظام الدورة المدمجة في زيادة كفاءة استهلاك الوقود بنسبة 20%.
برامج خاصة
ولفت إلى أن الشركة السعودية للكهرباء تتبنى برنامجاً خاصاً لإنجاز هذه التحولات، وتُعد غالبية محطات الطاقة القديمة للشركة السعودية للكهرباء التي تستخدم الغاز أو الديزل أو النفط الخام، مناسبة لعملية التحول، وبهدف تعزيز انتشار برنامج التحول، فإن الشركة تحرص على تصميم وإنشاء المحطات الجديدة العاملة بنظام الدورة البسيطة مع الأخذ بعين الاعتبار تحويلها لنظام الدورة المدمجة في المستقبل، بالإضافة إلى تحقيق الكفاءة على مستوى محطات الطاقة كل على حدة، تنظر الشركة السعودية للكهرباء إلى قاعدة أصولها بصورة أكثر شمولية، وذلك لتحديد قدر أكبر من الترابط على مستوى الشبكات، يمكنه أن يولد كمية أكبر من الطاقة أو حتى نفس كمية الطاقة، لكن بدون أي زيادة في الوقود المستخدم لذلك.
وقد بدأت هذه الاستراتيجية تؤتي ثمارها بالفعل، إذ تُظهر بيانات الشركة السعودية للكهرباء زيادة بنسبة 1% في الكفاءة الحرارية، وذلك في عملية توليد الطاقة بمختلف أشكالها بين العامين 2013 و2014، وقد ساهم ذلك في خفض استهلاك الوقود بما يعادل 12,1 مليون برميل من النفط، وتتوقع الشركة لدى اكتمال برنامج رفع درجة كفاءة أصولها القديمة لتوليد الطاقة، أن توفر ما يقارب من 200 مليون برميل من الوقود سنوياً.
كفاءة الطاقة
ولم يؤثر نهج المهندس زياد الشيحة وفريقه لتعزيز كفاءة الطاقة على توجهات توليد الطاقة المتجددة، وعلى الرغم من أن المملكة قد أعادت تقييم برنامجها للطاقة الشمسية في ضوء انخفاض أسعار النفط، فإن الشركة السعودية للكهرباء وأرامكو السعودية التي أسس فيهما المهندس الشيحة قسم الطاقة المتجددة ستنفّذان برنامجاً للطاقة الشمسية بقدرة 1,000 ميغاواط خلال السنوات الخمس القادمة.
وتجسد محطة الطاقة الجديدة، التي أُقيمت في ميناء ضباء الواقع على البحر الأحمر وأطلق عليها اسم "محطة ضباء الخضراء"، في نواحٍ كثيرة، النهج الذي يسعى المهندس الشيحة وفريقه لتحقيقه، ويعتبر هذا المشروع الأول من نوعه في المملكة في مجال الطاقة الشمسية المزود بمحطة لتوليد الطاقة بنظام الدورة المدمجة، وستكون لمشروع "محطة ضباء الخضراء" القدرة على توليد طاقة تكفي لحوالي 600,000 منزل لمدة عام كامل.
وقال المهندس الشيحة في حديثه عن المشروع: "نتوقع أن تكون المحطة الجديدة ذات كفاءة من حيث التكاليف خلال فترة تشغيلها، فضلاً عن المساهمة في تحقيق المرونة بين استخدام الوقود والطاقة الشمسية اللازمة لدعم مبادرات المملكة في المحافظة على الوقود وتكنولوجيا الطاقة المتجددة".
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}