تناولت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في تقرير عمليات تحلية مياه البحر التي تجري على قدم وساق في العديد من الدول، وما يمكن أن تقدمه لإنقاذ البشرية من النقص الحاد في مياه الشرب في ظل التقدم التكنولوجي حيث تغطي البحار والمحيطات أكثر من 70% من سطح الكرة الأرضية.
التوسع في منشآت تحلية مياه البحر
تتجه العديد من دول العالم نحو زيادة منشآت تحلية مياه البحر، فسوف تفتتح الولايات المتحدة محطة "سان دييجو" – الأكبر في البلاد – في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، كما يمكن الاستفادة من هذه التكنولوجيا ليس فقط من أجل الحصول على مياه صالحة للشرب، بل لتوليد الكهرباء أيضاً.
أغشية ذكية
وتعتمد الطريقة التقليدية للتحلية على تسخين المياه لدرجة الغليان وجمع البخار في أنابيب ثم تكثيفه والحصول على ماء نقي بعد ترسب الأملاح، ويتطلب ذلك كمية كبيرة من الطاقة، ولكن هناك طريقة أخرى تعتمد على ما يعرف بـ"التناضح العكسي" التي تستخدم منذ ستينيات القرن الماضي مع توظيف كمية أقل من الطاقة.
وتعتمد هذه التقنية على نقل الماء من المحلول الأعلى تركيزاً نحو الأدنى عن طريق غشاء شبه نافذ باستخدام الضغط حيث لا تتيح أغشية "النانو ميتر" عبور الأملاح، ولكنها تسمح بنفاذ المياه، وبالتالي يتم تنقيته.
ومع ذلك، يمكن انسداد هذه الأغشية بسهولة، كما يضعف أداؤها بمرور الوقت، ولا توجد مواد أفضل لتحسين آليتها والإبقاء على كفاءتها لفترة أطول.
وأجرى باحثون في معهد "ماساتشوستس" التكنولوجي في الولايات المتحدة تجربة بأغشية شبه نافذة من الجرافين السميك، وسوف تحتاج هذه الأغشية لكمية أقل من الضغط للعمل، وبالتالي طاقة أقل، ولكن هذه التكنولوجيا لم تتح للإنتاج بعد.
تقنية بديلة
وفقاً لمهندس الكيمياء في جامعة "أوكسفورد" "نيك هانكينز"، فإن "التناضح الأمامي" يمثل تقنية بديلة لإزالة الملح من مياه البحر، فبدلاً من دفع المياه نحو أغشية شبه نافذة، يمكن امتصاص الأملاح بفاعلية من مياه البحر، وإذابة الرواسب، وهو ما يتطلب كمية قليلة جداً من الطاقة.
ومن البدائل الأخرى أيضاً الموفرة للطاقة عملية "إزالة التأين السعوي"، وهي بمثابة مغناطيس للملح، ويرى الأستاذ بمعمل "لورانس ليفرمور" الوطني في كاليفورنيا "مايكل ستادرمان" أنه من الضروري تحلية مياه البحر بكمية تتراوح بين نصف وخُمس الطاقة المستخدمة في "التناضح العكسي" إذا تم استغلال هذه البدائل.
أملاح أكثر من اللازم؟
من أكبر المشكلات التي تواجه عمليات تحلية مياه البحر هي وجود أملاح بشكل مبالغ فيه، ففي بعض البحار وأجزاء مختلفة من المحيطات، تتميز المياه بأملاحها الكثيفة، وهو ما يتطلب جهوداً أكبر.
وتقول الخبيرة لدى شركة "بوسايدون ووتر" في كاليفورنيا "جيسيكا جونز" إن هناك بعض محطات الكهرباء التي تستخدم مياه البحر في التبريد، وعند صرفها مجدداً إلى المحيطات أو البحار تصبح أكثر ملوحة لتبخر بعض المياه منها، وهو ما يشكل خطورة على الكائنات البحرية.
تكاليف مرتفعة
ربما أصبحت العديد من الدول تستخدم تقنيات أرخص في تحلية مياه البحر، ولكنها لا تزال أغلى للدول الفقيرة التي تعاني ندرة المياه الصالحة للشرب.
ففي إفريقيا، يعيش أكثر من خُمسي السكان البالغ عددهم 800 مليون نسمة في مناطق فقيرة بالمياه، حيث يمثل نصيب الفرد الواحد 1700 متر مكعب من المياه فقط، وتتوقع الأمم المتحدة في خلال عشر سنوات معاناة 1.9 مليار شخص من ندرة المياه عند وصول نصيب الفرد إلى أقل من 1000 متر مكعب.
وربما تكون عملية "التحلية السعوية" إحدى الحلول المحتملة لأنها تعتمد على الطاقة الشمسية، وبالتالي تقلل التكاليف وتوفر مياه صالحة للشرب.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}