نبض أرقام
05:15 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23
2024/11/22

ناصر بن محمد بن شلان العجمي: هبوط أسعار النفط يفتح لنا خيارات جديدة إن أحسنا استغلالها

2015/09/06 اليوم

لم يكن هذا اللقاء مجرد حوار عادي نسرد من خلاله منجزات رجل تدرج في عمله بشركة أرامكو من الوظائف الدنيا إلى أعلى سلم الوظاف الإدارية.. رجل تنقل بين أرامكو ومؤسسة السكك الحديدية ومجلس الشورى، بل قصة نجاح متتابع قدم لنا فيها النائب التنفيذي بشركة أرامكو السعودية سابقا ناصر بن محمد بن شلان العجمي نموذجا يستحق التقدير والاحترام ومثالا يحتذى به وقدوة لشباب جيل يحتاج منا إلى تسليط الضوء على أمثاله ليتعلم ويعلم أن لكل مجتهد نصيبا بعد عون الله وقدرته.

* ما رأيك في التقلبات التي حدثت لسوق النفط؟
- سأجيبك بطريقة أخرى وغير مباشرة لمن يريد أن يفكر، أنا أحب أن يبقى بترولنا لدينا ولا أفضل أن يكون في البنوك ولا في بورصة كسلعة مضاربية بحتة، ارجو ان نصل إلى المرحلة التي تجعل استنزاف الثروة البترولية بحسب حاجتنا الاقتصادية والمالية الحقيقية فقط.

* كيف تنظر لأسعار النفط حاليا؟
- لقد عايشت 3 مراحل من أسعار النفط لا تختلف كثيرا عن هذا السعر الحالي، وبالفعل هو سعر منخفض.

وللحقيقة إنني أفرح إذا نزلت نسب الإنتاج وعندما نجد بدائل تقلل من استهلاك البترول لأن هذا يطيل عمر ثروتنا، وأعلم أن هناك كثيرين يختلفون معي في هذه الفكرة لكن هذه هي نظرتي بل وهي دعوتي لأننا يجب ان نعي اننا ما زلنا لا نملك أي بدائل للبترول في الوقت الراهن.

* يتخوف المحللون والخبراء من هبوط أسعار النفط فهل هذا منطقي؟
- هذه آراء نحترمها ونقدرها ولكن لي رأيا آخر فيما يخص هذه النقطة، أنا غير متخوف من هبوط أسعار النفط الحالية بل إنني متفائل فهي فرصة ممتازة للغاية إذا ما أحسنا استغلالها.

الذي يرعبني هو أن نصبح مجرد منتجين ليس لحاجاتنا بل لتغطية حاجات العالم الذي في الأصل يملك بدائل.


* وضح لنا وجهة نظرك أكثر؟

- البترول ملكنا وهو العمود الفقري لاقتصادنا وصناعتنا وعامل تطور بلدنا ومصدر توظيف مهم جدا لأبناء وطننا ومن هذه الناحية أرى أن كل ما يحدث ويتسبب في إطالة عمر هذا المصدر المهم جدا فهو في مصلحتنا.

* ما الذي يخيفك؟
- لقد قمنا بخطأ إستراتيجي يجب أن نشير إليه لقد وضعنا استثمارات بمليارات الريالات في مصانع كلها تعتمد على البترول ومشتقاته وهذه المصانع عمرها المستقبلي طويل جدا فهي لم تنشأ لتقدم استثمارا لمدة 15 سنة او اكثر بقليل.

في حالة استنفاد هذه الكميات الهائلة في التصدير كخام يكون لها مردود سلبي على المدى البعيد على كافة المستويات اذ انه مع تلاشي الثروة النفطية لن تتمكن هذه المصانع من العمل.

* كيف ترى الوضع حاليا بصفتك أحد كبار المسئولين سابقا في هذا القطاع؟
- ما زلنا ننتج وفق طاقتنا الإنتاجية المفيدة المحددة لنا حتى الآن وهي عملية مكلفة، لكن ما يهم في هذا الموضوع فكريا واقتصاديا مستوى الطاقة البشرية التي تدير الثروة وتحدد مستقبلها.

* وماذا عن النفط الصخري الذي أربك السوق منذ ظهوره؟
- وجود النفط الصخري بركة ولا يهددنا بل هو في مصلحتنا لأنه سيطيل في عمر ثروتنا النفطية التي ليس لدينا أي بديل عنها حتى يومنا هذا.

* ما الخيارات المتاحة لتنويع الاستثمارات لدينا؟

- يجب علينا أن نجعل اقتصادنا السعودي بل والخليجي عموما يعتمد على الشباب بالاستثمار بصورة أكبر في المواطن، للعلم لدينا 30% من سكان منطقة الخليج غير مواطنين أقصد أننا حاليا نبني اقتصادا يفوق حاجتنا وقدراتنا وطاقات مواطنينا، لذا نستنفد كل هذه الثروات الطائلة بالإضافة إلى مشكلة تحويلات الأجانب المالية التي تقدر بالمليارات وهذه المؤشرات تدعونا إلى إعادة النظر في وضع اقتصادنا.

* كيف يمكننا إعادة النظر في وضعنا الاقتصادي؟
- يجب علينا ان نعيد النظر باتخاذ منحى يقاس على قدرات وحاجات المواطن، نحن نعيش حلة بذخ غير منطقية وهذه ليست حياة اقتصاد أبدا، يوجد لدينا خلل فكري في قضية بناء الاقتصاد على أسس الحاجة اولا وأسس التنمية المتوازنة.

لدينا نعم كثيرة ولكن التساؤلات التي أطرحها على الجميع هل نحن ندير هذا النعم بحكمة ودراية؟ هل شبابنا مقدر لهذه النعم؟ هل نحن مقدرون لتاريخنا؟ هل تعلمنا من الماضي؟ وهل نحن مدركون للخيارات المستقبلية؟

* ما الحل؟
- نحن بحاجة إلى استحداث اتجاه آخر لبناء اقتصاد يعتمد على الطاقة البشرية وهناك تجارب ناجحة على كافة الأصعدة اليابان مثلا أو كوريا وبلدان أخرى عديدة تعتمد على ثروة حقيقية متجددة لا تنضب وهي الثروة البشرية.

* على مستوى برامج التعليم والتدريب للشباب هل نحن في الاتجاه الصحيح؟
- لدينا الآن مجموعة محاولات إيجابية لإنتاج طاقة بشرية مؤهلة تعيد التوازن لاقتصادنا وما دمنا في طور المحاولات فإنا واثق أننا سنصل يوما ما إلى النجاح المهم ان نستمر ونعيد النظر والتدقيق ونعالج الاخطاء ونعزز نقاط النجاح.

* لماذا كتبت سيرتك الذاتية من خلال كتابك «الجادة والمطية»، في هذا التوقيت بالذات؟
- قصدتُ أن أروي لهذا الجيل والجيل القادم سيرة جيلي، ومسيرة وطني، وأطلعهم على موجز لأحداث تلك الحقبة الزمنية، من خلال هذه السيرة التي تحتوي على سبع محطات متمايزة من حيث التوقيت والمضمون والأحداث البيئية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.

إلا أن الترابط والتداخل الديناميكي بين محطات السيرة جعل منها منظومة متواصلة ومتتالية.

وركزتُ على دور الإنسان في الحياة، من منظور التوجيه الرباني، ثم من واقع التجارب البشرية.

واستعرضت ما كانت عليه الجزيرة العربية من أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية قبل اكتشاف النفط، وظهور آثاره على حياتنا الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية.

ولا شك أن أهم أحداث تلك الحقبة كانت ملحمة توحيد الجزيرة العربية، على يد جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، رحمه الله، التي أنهت التناحر القبلي والشتات السياسي والاجتماعي، وأرست قواعد الأمن والاستقرار التي أُنشئت عليها المملكة العربية السعودية.

كما أصف، في هذه المحطة، طبيعة البيئة الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية، التي كان فيها مكان وزمان مولدي، واستعرض فيها السنوات الأولى من نشأتي وتربيتي في بيئة الصحراء وحضن البادية.

* مسيرتك حافلة ومتنوعة في المجال العملي بين شركة أرامكو السعودية ومؤسسة السكك الحديدية ومجلس الشورى.. حدثنا عن ذلك؟
- محطة العمل في شركة الزيت العربية الأمريكية «أرامكو» كانت أطول المحطات عمرًا، وأكثرها أحداثًا، وأعظمها تطورًا وإنجازًا. ومنها بدأ الانفصام التدريجي لوتيرة الحياة في الجزيرة العربية.

بدأتُ في هذه المحطة في سن القصور وقضيتُ فيها ما يقرب من ثلاثة وأربعين عامًا، أنهيت فيها، بنجاح، التدريب الفني، والدراسة الابتدائية والثانوية والجامعية، وتبوأت خلالها أربعة وعشرين منصبًا، وارتقيت فيها الهياكل الإدارية والقيادية، من حضيضها إلى قممها.

وتبوأتُ عضوية مجلس الإدارة لأربع دورات، وترأستُ أهم اللجان التنفيذية في الشركة.

وطفتُ الكرة الأرضية، من شرقها إلى غربها ومن جنوبها إلى شمالها، مرات عديدة في مهمات رسمية، وعمل معي، وتحت إدارتي، ما يقرب من ستين ألف موظف من أكثر من ستين جنسية عالمية.

الخطوط الحديدية

من أسوأ الأوضاع والحالات، في حياة الأفراد والمؤسسات وحتى الأمم والأوطان، ضياع الدليل المرشد وانعدام الرؤية المتبصرة، وهذا ما كان عليه حال المؤسسة العامة للخطوط الحديدية عندما كُلفت رئاستها وباشرت مسؤولية إدارتها. وجدتها في حالة تهالك رأسمالي وترهل إداري.

مجلس الشورى

أوضحتُ في مقدمة سيرتي أنني أميل إلى البيئة التي أشكُّ في قدرتي على العمل فيها، وأبتعد عن الركون إلى المألوف لأنه يقود إلى ارتخاء العزائم والتبلد.

في هذه المحطة، أقدم وصفًا للمهمات التي يمارسها مجلس الشورى، وللأساليب والإجراءات الإدارية المتبعة فيه، كما رأيتها.

كما أستعرض أهم المقترحات الإصلاحية التي تقدمتُ بها لرفع مستوى الدور الوطني للمجلس، ولتطوير أساليبه وإجراءاته الإدارية، ليصبح مجلس الشورى نبراسًا للإدارة النموذجية، ومدرسة للتخطيط الاستراتيجي. ولكن رُفِضَت اقتراحاتي واقتراحات غيري، فطلبتُ عدم تجديد عضويتي.

* حدثني عن أهم محتويات سيرتك الذاتية؟
- أفضل وصفٍ للأحداث المدهشة والتحولات النموذجية المطردة، التي شهدتها المملكة في المجالات التعليمية والاقتصادية والاجتماعية والحضرية، هو الانتقال الكلي، السريع والشامل، من نمط حياة عمها الكفاف والجهل والتخلف، إلى آفاق حياة عصرية متطورة تنعم برخاء العيش والأمن والطمأنينة.

تحولاتٌ نوعية إيجابية، انعكست نتائجها على الأرض وفي حياة الناس، وأشرف على إدارتها وتنفيذها الشعب السعودي الذي جابَهَ التحديات في سبيل بناء أسس الدولة الحديثة.

ومن اللافت للأنظار حقًا أن تتحقق مثل هذه الإنجازات النوعية في حياة جيل واحد.

الجادة والمطية

«الجادة والمطية» سيرة ذاتية، تستعرض أوضاع البيئة السياسية والاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والجغرافية، التي كانت عليها الجزيرة العربية قبل وأثناء وبعد ملحمة التوحيد الموفّقة، واكتشاف الثروة النفطية.

ومع أنها سيرة ذاتية لمن نشأ في تلك البيئة والحقبة الزمنية الفريدة إلا إنها أيضًا قصة دراماتيكية تصف التحوُّل النموذجي الشامل الذي شهدته المملكة العربية السعودية، منذ تأسيسها على يد المغفور له الملك عبدالعزيز واكتشاف ثرواتها النفطية، وتزجي السيرة بالتقدير والإجلال لجيلٍ شمَّرَ عن سواعده وامتطى الصعاب في سبيل العلم والمعرفة، وجابَهَ التحديات، واحترم المهنة، ونافس في الأداء والإتقان في خدمة الوطن، ثم تذوّق حلاوة النجاح بجهوده الذاتية. جيلٌ لم يَرَ تباينًا بين طموحاته الشخصية وخدمة مجتمعه ووطنه.

الفكر والسياسة

وتحت عنوان «الفكر والسياسة»، تستعرض السيرة بالنقد والتحليل التاريخ الطويل للعمل العربي المزري، والذي أذعنت فيه الأنظمة العربية للهيمنة الأمريكية المتصهينة، وما نتج تبعًا لذلك من الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية المضطربة، والتي احتدمت فيها الخلافات العربية، وغاب فيها الدور والحضور العربي عن الساحة الدولية، وسادت فيها السلطة المطلقة، وانتشرت فيها ثقافة التنظير والحوارات الجدلية، وتوارت فيها الرؤى المبصرة، وأُهدرت وبُعثرت ونُهبت فيها الثروات الوطنية، وغُيبت عن مسارها الاستراتيجيات النافذة.

ونتيجة هذه الظروف المضطربة، هبط قدر الأمة، وخارت عزائمها وتحوّل مفهوم الجهاد إلى إرهاب، وأصبح رجال العلم والفكر بطائن ناعمة ودروعًا واقية للأنظمة المستبدة.

أوضاع هيأتها وخططت لها أمريكا وحلفاؤها لتحويل منطقة الشرق الأوسط إلى ساحات للحرب على الإرهاب، بعيدًا عن حدود العالم الغربي، وللاقتتال والتشرذم العرقي والطائفي الذي يجعل أبناء المنطقة يخربون ديارهم وبيوتهم بأيديهم تحت توجيهات الفوضى الخلاقة المقصود بها ضمان بقاء الهيمنة الأمريكية.

سياسات أمريكا

السيرة، في محطتها الخامسة، تسْخَر مما يروجُ له الكثير من الساسة والإعلاميين العرب هذه الأيام من تغيير سلبي محتمل في سياسة أمريكا ومواقفها في الشرق الأوسط، وكأنها كانت سياسة ومواقف الصديق الصادق والحليف الوفي للأمة العربية؛ متناسين ومتجاهلين عقودًا من الاحتقار والمذلة والهيمنة الأمريكية المتصهينة.

فيا للعجب من عقول وتفكير العرب! متى كانت أمريكا مساندة للمطالب العربية المشروعة أو متى وقفت موقف العدالة من قضايا العرب القومية؟ أمريكا لا يهمها إلا مصالحها وإبقاء هيمنتها على مصير وثروات الشرق الأوسط، ولا يعلو على مصالح أمريكا وهيمنتها في الشرق الأوسط إلا أمن إسرائيل وحمايتها.

العمل الحكومي والخاص

كما تحدثتُ في المحطتين الرابعة والسادسة عن خبرتي في مجالات العمل الحكومي، كرئيس للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية وعضويتي في مجلس الشورى، والتي استعرضت فيهما بالنقد والتحليل تفشي البيروقراطية الرتيبة الجامدة في إداراتنا الوطنية، والتبقرط الإداري المتأصل في فكرنا وفي ثقافتنا العملية.

وكان من عيوب ثقافة البيروقراطية وتطبيقاتها التي تعرضتُ لها في السيرة؛ الرتابة المملة، والتدني في الأداء، والركون إلى المألوف، وقتل الهمم والإبداع بالاختباء وراء الأنظمة العقيمة.

خيارات الانسان في الحياة

تحدثتُ في كتاب سيرة «الجادة والمطيّة»، عن مقولة مأثورة مفادها: أن أمام الإنسان ثلاثة خيارات أو مواقف في الحياة، فإما أن يطوّع الحياة ويَجِد لنفسه حياة جديدة مبتكرة، وإما أن يطاوع الحياة ويقبل بما تقدمه له من حلوها ومرها، فيتكيف معها، وإما أن يهرب منها ويعيش حياة التقوقع والانطواء.

وقد يتعرض الإنسان لهذه المواقف في مراحل الحياة راضيًا أو مُكرهًا، ولكن العبرة تتجلى في تجاوب الإنسان وتعامله مع هذه الخيارات والمواقف.

ومع أن الهلع متجذّر في خلق الإنسان وتصرفاته إلا أن من نِعم الله سبحانه على الإنسان أن ربط بين سعادة الإنسان في الدنيا وخلاصه في الآخرة بقدر اجتهاده في معرفته لنفسه وحدود جوارحه.

ومع أن التوجيه الإلهي يأمر بذلك وعلى الرغم من جهل وتجاهل الإنسان لكثيرٍ من حقائق نفسه، إلا أنه يزعم بالدراية والمعرفة التامة لكل ما توسوس به نفسه.

فجهلُ الإنسان بكثيرٍ من حقائق ذاته لا يعفيه عندما ينحرف عن الصواب، أو يستسلم لليأس والخمول.

وعلى الرغم من أن الجهل بحقائق الذات ودوافع النفس الطبيعية يعتبر من الظواهر الأزلية التي شرّعها الله، وتواترت بها الحياة البشرية، إلا أن الإنسان في الغالب يزعم السيطرة والتحكم في تصرفاته، ولكن القليلين حقًا هم من يدركون ويملكون هذه الدرجة من الثقة واليقين بفهم كل حقائق الذات، ومقومات التصالح مع النفس، التي قال فيها الإمام والعالم الحسن البصري: «إن النفس أمارة بالسوء، فإذا عصتك في الطاعة فاعصها أنت في المعصية».

فمن قدّر الله له ذلك، كان هو الإنسان الذي قصدتُ به عنوان هذا النقاش، «رجل لا أعداء له!». وقد توصلتُ إلى هذه النتيجة من خلال تجاربي في حياتي العامة والخاصة، وأنا على يقين من أن الإنسان القادر على كبح انحرافات الأنا في ذاته والتصالح مع نفسه الأمارة بالسوء، وعدوه الأكبر في الدنيا، سيصبح إنسانًا لا أعداء له.

* الإنسان مسير أو مخير؟
- كما أود، بهذا الطرح من خلال السيرة الذاتية أن أختلف مع الاعتقاد الشعبي السائد، الذي يقول إن الإنسان، في الحياة، مُسَيّر وليس مُخيّرا، مستندًا، في خلافي مع هذا الاعتقاد، إلى قوله سبحانه وتعالى: «إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا، إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا»، الآيتان الثانية والثالثة من سورة الإنسان.

ففي هذه الآيات، وفي كثيرٍ غيرها من آيات القرآن الكريم، والأحاديث الصحيحة المروية عن رسول الله، عليه الصلاة والسلام، يتجلى لنا أن الله، عز وجل، خلق الإنسان، ونفخ فيه من روحِه، واصطفاهُ على جميعِ مخلوقاتِه، واستخلَفه في الأرض ليعمرها ويقيم العدل فيها.

ومن ثَمَّ هيأ للإنسان من القدرات الخلّاقة ما يميز به الخطأ من الصواب، وبيّن له سبل النجاة وطرق الهلاك، ووضع موازين للجزاء وللحساب، تاركًا بذلك الخيار للإنسان.

وبناءً على هذا الخيار تسير الحياة البشرية على وجه البسيطة. وكلما سادت البصيرة وصلُحت النيّة، وعَمِل الإنسانُ بصدقٍ وإخلاص، كان العائد سعادةً غامرةً وطمأنينةً دائمة، وربما صحة في الأبدان، وطولًا في الأعمار.

وبهذا الحديث عن البعد الإنساني في خَلْقِه، وما منحه الله عز وجل من قدراتٍ طائلة، وطموحاتٍ جامحة، وعقلٍ مبدع، وبما لهذه العوامل من تأثيرات إيجابية وسلبية على حياة الإنسان الخاصة والعامة، كلٌ بحسب سلوكه، ومنهجه في خيارات الحياة، أود أن أؤكّد أنني إنما أقصد من وراء ذلك إلى التركيز على حقيقةٍ اهتديتُ إليها في حياتي الخاصة والعامة.

وهي أن الله، سبحانه وتعالى، قد غرس فينا عناصرَ النجاحِ وحريةَ الاختيار، وكلما استطاع الإنسان أن يوفِّق بين قدراته العقلية وطموحاته وسلوكياته، واستطاع أن يديرها بنجاح، ارتفعت درجات نجاحه في شؤون الحياة العامة والخاصة.

من البديهيات التي تفرض نفسها وتدعو إلى التساؤل، مدى قدرة الإنسان على تعريف وتحديد مذهبه في الحياة بموضوعية وتجرّد، ودون الوقوع في إرضاء نفسه وتزكيتها.

وبما أن الإنسان معروف بتغيّره الطبيعي وتقلباته المعهودة أثناء مراحل تطوره في الحياة، وما يتعرض له من تجارب وعوامل تربوية ومعرفية وبيئية، فهل من المعقول أن يكون له مذهبٌ ثابت لا يتغير؟

وعندما انغمستُ في نفسي، وراجعتُ مراحل حياتي، وتجولتُ في ذاكرتي باحثًا عن حقيقة ثبات مذهبي في الحياة من عدمه، وجدتُ في ذاتي من المبادئ الراسخة ما يُثبّت مذهبي في الحياة. وجدتُ في الإيمان طمأنينة، وفي الثقة بالنفس عزيمة تجتذب الهمم العالية، وفي الإخلاص نجاحا في العمل، وفي النزاهة سمو الأخلاق والاستقامة وعلاقات إنسانية طيبة.

قيما متطورة لكن جذورها متأصلة وثابتة في ذاتي، وفروعها مثمرة في سيرتي وفي حياتي.

بعد أن أبرزتُ محطات التحوّلات التاريخية المدهشة والمعطيات الإنسانية المهمة في السيرة، أودّ أن أوجّه الأنظار والأبصار إلى بناء العلاقات الإنسانية الحميدة، والقيم والهمم والفكر والتجارب والأساليب القيادية والإدارية الفاعلة، التي التزمتُ بها وأدرتُ بها شؤون حياتي العامة والخاصة، معتمدًا في ذلك على الله، وبنيّة صالحة ورؤية مبصرة، وتعاملٍ متفاعلٍ مع الناس.

* حدثنا عن تجاربك الإدارية والعملية؟
- في حقول الفكر والتجارب العملية والأساليب الإدارية التي عملتُ بها على أرض الواقع في حياتي العامة والخاصة، والتي تمثّل العمود الفقري للسيرة، فتتلخص في محاربة الركون إلى المألوف واستنساخ النهج الإداري وشخصنة المؤسسات والبرامج الإدارية والتطويرية التي في مجملها تقود إلى الخمول والتبلّد والسلبية؛ أوضاعٌ ينطبق عليها المثل الإنجليزي القائل: «دعونا نعش في الأمل إلى أن نموت في اليأس».

ومن السخرية والمؤسِف حقًا أن يُشاع في ثقافتنا وفي مجتمعنا، القول: «ان المفسدين في مجتمعنا أكثر نجاحًا في الحياة من المصلحين!». وحقيقة الأمر أن لكل إنسان أسلوبا أو أساليب يرتاح إليها ويتعامل بها في حياته الشخصية.

النظم الإدارية العمودية

وعلى من يتدرج في النُّظُم والهياكل الإدارية والقيادية أن يفقه مفاهيمها وفلسفة تطبيقاتها والعمل بها على أرض الواقع.

فالعمل الإداري والقيادي من خلال النُظُم العمودية، أقرب من غيره في تحديد المسؤوليات وسرعة الاستجابة والإنجاز. وأبرز القادة وأصحاب القرارات المؤثرة يميلون للنظم العمودية، ولكنها نظم متهمة بفتح المجال للتسلط وفرض الرأي، وكبت الإبداع، وضيق الأفق الإداري، والتكتلات السياسية وغيرها من السمات التي قد تحد من الحماس والتعاون والروح المعنوية للعاملين في الإدارة.

غير أن نجاح أو فشل النظم الإدارية عمودية كانت أم أفقية يعتمد على طبيعة العمل وعلى العناصر البشرية والقيادات الإدارية. ومن المشكلات والأخطاء التي تقع فيها النظم القيادية والإدارية، الخلط بين مفاهيم الإدارة والقيادة وبين مواصفات المدير والقائد.

أسوأ أوضاع العمل

ومن أسوأ ما تكون عليه أوضاع العمل، عندما تُكبَّل القيادة بفكر وفلسفة الإدارة المنضبطة أو تمارس الإدارة بفكر وفلسفة القيادة المطلقة، أو عندما تُوضع وتُصَنَّف الأنشطة والنُّظُم والهياكل الإدارية والقيادية لتوائم مواصفات القادة والمديرين، لأن الهيكلة على هذا التصنيف لا تستقر على حال، وكثيرًا ما تتسبب في وضع الأنشطة في غير مكانها الصحيح، وتُحدِثُ خللًا في توازن المسؤوليات، وتزيد من الازدواجية في العمل. ومن نتائج هذا النهج، البلبلة الإدارية، والتقهقر في الأداء، والتدني في الروح المعنوية.

فالذين مارسوا القيادة والإدارة وتدرجوا في نظمها وهياكلها يعلمون أن للقيادة وللقائد رؤى واهتمامات وقدرات مختلفة عن رؤى واهتمامات وقدرات الإدارة والمدير والتي قد تجتمع في بعض القادة والمديرين، إلا أن الخلط بينهما يعتبر من الأخطاء الشائعة في كثير من الشركات والمؤسسات العامة والخاصة، وإن كان هناك من يجمعون بين القيادة المبدعة والإدارة الناجحة، فهم أولئك الذين يدركون الفوارق بين المقومات الفنية والإجرائية للقيادة وللإدارة، ويتصرفون بمقتضيات معطياتها. لأن الثوابت العلمية والعملية تكشف أوجه الاختلاف بين القيادة والإدارة وبين القائد والمدير.

القيادة والإدارة وجهان لعملة واحدة

وإن كانت القيادة والإدارة وجهين لعملة واحدة، وتلعبان أدوارًا حيوية مشتركة في صنع القرارات المهمة لتحقيق الأهداف والنتائج المرجوة، إلا أن لهما خصائص ومهمات متمايزة.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، السياسات العامة، والرؤى، واستراتيجيات التنافس والتوسع وغزو الأسواق، والاستثمارات الرأسمالية، وتطوير الموارد البشرية تكون عادة من صميم المهمات التي تُعنى بها القيادة مباشرة، بينما تُعنى الإدارة بمهمات التنفيذ والإنتاج واستثمار الوقت والوفاء بالمواعيد وجودة المنتج والتكاليف التشغيلية.

ومن الأخطاء الشائعة التي كثيرًا ما تحدث هي عندما يلعب القائد دور القيادة في مهمة إدارة أو يقوم المدير بدور الإدارة في مهمة قيادية، أو عندما لا يكترث أو لا يفقه القائد أو المدير أن للقيادة وللإدارة مهمات متمايزة لا يجوز الخلط بينهما.

وإن جاز لي أن أعطي وصفًا موجزًا لهذا الاختلاف من واقع خبرتي الطويلة في حقول القيادة والإدارة فإنني أرى في القائد ذلك المفكر والمصمم المبدع للرؤى والأهداف.

بينما أرى في المدير ذلك المهندس المُنجِز الذي يجعل من الرؤى والأهداف حقائق ثابتة، وبهذا تكون القيادة هيئة للأفكار والأهداف المبدعة، والإدارة هيئة للهندسة والإنجاز. والقائد هو من تنقاد إليه العواطف والطموحات، والمدير هو من تستجيب له القدرات والنتائج.

* ماذا تريد أن نصل إليه من خلال هذا الطرح الفكري الإداري؟
- إنه بهذه المقارنة الموضوعية بين مفاهيم الإدارة والقيادة والتي بنيتها على مدى سنين من التجارب والممارسة، توصّلتُ إلى نتائج لم يتوصل إليها بعدْ، منظّرو الإدارة والقيادة، وهي أن القيادة وتصرفات القادة تنتمي وتميل إلى ارتباطها الوثيق بحضارة وثقافة المجتمع، بينما تنتمي وتميل الإدارة وتصرفات المديرين إلى العلم والمعرفة وطبيعة المهمة.

مفارقات غاية في الأهمية، ولكنها كثيرًا ما تغيب عن الأنظار والأبصار.

من هنا يظهر جليًا أن ارتباط القيادة بشخصية القائد وبموروثاته الفكرية والثقافية والحضارية، أقوى من ارتباطها بمنصبٍ أو بأهدافٍ محددة وثابتة.

وقلّما تخضع القيادة وتصرفات القائد في مجتمعنا للمحاسبة والمساءلة. بينما تقوم الإدارة وتصرفات المدير على قواعد علمية وعملية ثابتة وأهداف محددة، وتخضع باستمرار للمساءلة والمحاسبة.

وعندما نظرتُ بتمعّن في مفاهيم القيادة والإدارة في تاريخ الثقافة العربية، الثرية بإرثها الحافل بفكر وفلسفة الأمير والإمارة، توصلتُ إلى نتائج متباينة طغت فيها القيادة الفردية المُطْلَقَة على الإدارة الفاعلة المتفاعلة، حيث ينظر القائد للقيادة وكأنها عنصرٌ من عناصر ذاته التي لا تفارقه ولا يتخلى أو يتنازل عنها، لأنه لا يرى من هو قادرٌ على حملها والقيام بها.

النظرة الواقعية

بعد هذا التلخيص السريع، أقول إن تسليط الأضواء على أبرز أحداث السيرة وربطها عبر سنوات العمر بشخصيتي يتطلب نظرة واقعية، وبحثًا موضوعيًا في القواعد المذهبية التي نشأتُ عليها وجعلتها نبراسًا لحياتي الخاصة والعامة، أسيرُ على هديها، وأُقيِّدُ بأحكامها علاقاتي وتصرفاتي في حياتي العملية والاجتماعية.

قواعد مذهبية اهتديتُ إليها وحالفني التوفيق لتوظيفها، وكثيرًا ما يستميلني الحديث فيها، نثرًا وشعرًا.

وذلك لأنه إذا ما سأل الإنسان نفسه «بماذا أؤمن؟»، فسيبحث عن مذهبٍ يقتدي به في الحياة.

وقد اهتديتُ منذ الصغر إلى النظر في الكون والتبصُّر في خلق الله سبحانه وتعالى، وفي قوانينه الكونية من حيث الترتيب والتنسيق والانسجام الأبدي، فرأيتُ نظامًا إلهيًا غاية في الدقة والتناغم والانسجام. فلم أرَ ولم أُبصر في خلق الله تعالى ولا في قوانينه الكونية تفاوتًا ولا تأخيرًا ولا تقديمًا ولا تفريطًا.

وبهدي ربي ونعمة التبصر في قدرته وخلقه، استنتجتُ أن الله سبحانه وتعالى لم يخلق هذا الكون ويضع له هذه القوانين عبثًا، وإنما جعلها آيات وأمثالًا يُقتَدى بها.

* ماذا قالت عنك السيرة ؟
- وإن كان الحديث عن الذات ليس من سجيتي ولا من المواضيع التي يستميلني البحث فيها، إلا أنني رأيت أن من واجبي الوطني وأمانة المهنة أن أُحدد بوضوح وموضوعية أن لمذهبي في الحياة وجهين متكاملين، الوجه السائد الذي يعكس قناعاتي الشخصية المسيطرة على جميع تصرفاتي العامة والخاصة، والوجه المكمل الذي يحدد منهج الفلسفة القيادية والإدارة التي عرفني الجميع بها، واخترتُها لنفسي في خطواتي الأولى على خارطة طريق الحياة.

وهي القواعد الأساسية لقناعاتي الشخصية وفلسفتي العلمية والعملية المتطورة، قناعات أخلاقية وفلسفة عملية وضعتها على أرضية أرتاح لها وأطمئن على ثباتها وطهارة ترابها.

* ما الذي تريد أن تقوله؟
- القناعات الشخصية التي تحليتُ بها وجعلتها نبراسًا لنجاحي في حياتي العامة والخاصة تمثِّل ميراثي من القيم الأخلاقية، والثقة بالنفس، والتمسك بقواعد العدالة، وحب الخير للجميع.

أما الفلسفة القيادية والإدارية التي تعاملتُ بها فتمثّل عطشي المتصاعد للعلم والمعرفة، والإتقان في الأداء، وبناء العلاقات الإنسانية الحميمة، وتصميمي على أن أكون من أولئك الرجال الذين يرفعون من قدر المناصب التي يعتلونها أكثر مما ترفع المناصب من قدرهم. كما كنتُ أصبو إلى أن أكون قدوة حسنة لمن بعدي في الصدق والنزاهة والوفاء والعصامية ومكارم الأخلاق.

ولذلك، كان من العادات والطباع الموثَّقة في السيرة التي لازَمَتْ شخصيتي؛ حبي والتزامي المبدئي للعمل بروح الفريق الواحد، والمحافظة على الوقت والمواعيد، وكراهيتي للاجتماعات غير المبررة، ومقتي ومحاربتي للتعالي وفرض الرأي والمزاجية في اتخاذ القرارات والتفريط.

ومن العادات التي قد تثير الاستغراب أنه لا يرتاح لي بال في أي مكان أو زمان أو مَسَار دون أن أكون على معرفة تامة بالجهات الأربع؛ الشمال، والجنوب، والشرق، والغرب. وقلّما أقدم النصيحة إلا بدراية كاملة، وقلّما أعمل إلا بخطة مدروسة.

بهذه المعطيات، سرتُ بهدي ربي على هذا المذهب الذي تميّز بوضوح الرؤية، وصلاح النية والاستقامة، فبلغتُ به نقاء السريرة والسمعة الطيبة والاحترام، والكثير من مقاصدي الروحية والدراسية والوظيفية والاجتماعية، وحققتُ به حياة ملؤها الرضا والطمأنينة. وهذا، في قرارة نفسي، أعظم نجاح في الحياة، وأفضل زاد للآخرة، وأنقى تركة يرثها أبناء وطني من بعدي.

* هل حققت اهدافك ؟
- حرصتُ على وضوح الرؤى وصدق المواقف والاستقامة عليها، فاجتذبتُ بذلك أصحاب الهمم، وهبّ كلُ من حولي لمساعدتي على تطويع الصعاب وتيسير العسير، وتحقيق الأهداف والنتائج المنشودة.

ولاشك أن وضوح الرؤى وصدق المواقف هي من أهم قواعد العمل بالتخطيط الاستراتيجي الذي لا يستقيم إلا بتكاتف الموارد المالية والبشرية، والمواهب الإدارية المُدرِكَة للعمل بروح الفريق الواحد.

وقد اكتشفتُ في وقتٍ مبكر أن العمل بهذا النهج يُكسب الشخصية أرقى أنواع الاحترام ويمنحها مغناطيسية جاذبة للهمم وللإبداع، ولم أشعر في حياتي أن احترام الآخرين لي مرتبط بمنصبي أو بخوفهم مني.

* ما أهم مساهماتك؟
- كان من نتائج هذه القناعات الشخصية والقواعد الفكرية والفلسفة القيادية والإدارية التي تخلقتُ بها وعملتُ على تطبيقها، مساهمات فكرية وأخلاقية لا يُستهان بها في إثراء فلسفة أرامكو المهنية والقيادية والإدارية، وأن أترك فيها إرثًا مشهودًا له من القيم والطباع النبيلة والهمم العالية والأخلاق الكريمة التي عملتُ جاهدًا على تنميتها وتطويرها، قاصدًا بذلك خلق بيئةٍ حاضنةٍ لفلسفةٍ قياديةٍ استراتيجية، ومدرسة إدارية فاعلة، يتوافر فيهما الالتزام المهني والأخلاقي ببرامج التدريب والتطوير والإحلال الوظيفي للكوادر القيادية والإدارية والفنية في الشركة.

ومحققًا بهما السمو الأخلاقي والمهني في الشركة، وإبراز مكانة الشركة واحترامها بين موظفيها وفي محيطها الاجتماعي والاقتصادي. وهذا ما أوصيتُ به والحرَص عليه في خطاب حفل وداعي، وفي كتابي «إرث جيل».

 وعندما ودعتُ منصبي في فريق القيادة، كانت الروح المعنوية داخل الشركة في أوجها، والتكاتف والانسجام الإداري والقيادي في منزلة الذروة. وهذا في نظري باكورة الإنجازات التي أفتخر بها ويشرفني أن أورثها لمن بعدي.

* بماذا تختم هذا الحوار؟
- وإذا كان لمذهبي في الحياة أرضية ثابتة وتربة طاهرة، فإن له أيضًا خصالًا ديناميكية متطورة تطورًا تصاعديًا، فما إن يتحقق لي مطلبٌ علمي أو معرفي إلا وقد تبيّن لي جهلي، ولاح لي في الأفق مطلب أفضل منه، وذلك لأنني بقيت على قناعة بأننا عندما نتوقف عن طلب العلم، أو البحث عن المعرفة، أو نعتقد أننا وصلنا إلى نهاية العلم والمعرفة، فقد حق علينا الرحيل النهائي عن الحياة.

ولذلك كان من أهداف مذهبي في الحياة طلب العلا باستمرار، ورفض التعالي، والسعي إلى كل إنجازٍ يتحقق فتسمو به النفس سعادة، والقلب غبطة، والضمير راحة.

«الجادة والمطية»الطبعة الثانية من كتاب السيرة الذاتية «الجادة والمطيّة» التي طبعت باسلوب تجاري وصدرت في يونيو 2015م، تتضمن عدداً من الإضافات النوعية على الطبعة الأولى، وتتلخص الاضافات الجديدة فيما يلي:

- تمت تنقية الطبعة الأولى من كتاب السيرة من الأخطاء المطبعية، وإعادة ما سقط سهوًا من الجمل والعبارات ذات الدلالات الموضوعية.

- استحداث إضافات نوعية للتمهيد في المحطة الأولى من السيرة، استجابة لرغبة واقتراحات عددٍ من القراء الذين شعروا بأن التوسع في التمهيد للسيرة يجذب القارئ، ويخدم أهداف السيرة.

- إدخال توسّع نوعي على الفصل الأخير من المحطة الثالثة «أرامكو»، شرحتُ فيه بتعمّقٍ أكثر مفهومي ونظرتي وتطبيقي للعلوم الإدارية والقيادية، والفوارق المؤثرة بين معطيات ومفاهيم الإدارة والقيادة، وبين مواصفات المدير والقائد، وما لهذه الفوارق من آثار إيجابية وسلبية في حياة الأفراد والمؤسسات والمجتمعات الإنسانية.

- استقطاب تحليلات إضافية في الفصلين الأخيرين من المحطة الخامسة «الفكر والسياسة» والتي بدورها تسلّط الضوء على تخاذل وجمود العمل العربي المشترك منذ تأسيس العرب لجامعتهم العربية، وما لذلك التخاذل والجمود من آثارٍ سلبية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.

- كما شهدت المحطة السابعة «محطة الراحة» إضافة ما استجد من القصائد والصور والمناسبات النوعية والموثِّقة لشلة الصحراء والتي تعكس الأنشطة والأحداث الترفيهية والاجتماعية لمجموعة الصحراء خلال العاميين الماضيين.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.