هبطت مركبة الفضاء "أثينا" التابعة لشركة "إنتويتيف ماشينز" الخاصة الخميس على سطح القمر قرب قطبه الجنوبي لكن بوضعية مائلة وليس بالوضعية المستقيمة كما كانت الشركة الأميركية تأمل.
وقال ستيف ألتيموس، المدير التنفيذي لشركة "إنتويتيف ماشينز" التي تتخذ في هيوستن مقرا لها، "لا نعتقد أننا في الوضعية الصحيحة على سطح القمر".
وأضاف خلال مؤتمر صحافي أنّ هبوط المركبة بهذه الوضعية قد يحدّ من مهمّتها بسبب تأثيره السلبي على قدرتها على توليد الطاقة والاتصالات.
وكانت "إنتويتيف ماشينز" دخلت التاريخ العام الماضي بعدما أصبحت أول شركة خاصة تهبط مركبة لها على القمر، رغم الانتكاسة التي تعرضت لها بسبب خلل في نظام الملاحة أدى لتحطم إحدى أرجلها الستة.
وفي المحاولة الثانية للشركة، أرسلت المركبة "أثينا" البالغ ارتفاعها 4,8 أمتار إلى هضبة مونس موتون الشاسعة، وهي نقطة أقرب إلى القطب الجنوبي للقمر من أيّ مهمة سابقة.
وقد هدفت الشركة إلى إنجاز الهبوط في الساعة 12,32 بتوقيت شرق الولايات المتحدة (17,32 بتوقيت غرينيتش)، وبدا أعضاء فريق التحكم في المهمة متجهّمين خلال محاولتهم التأكد من نتيجة المهمة.
وبعد عشرين دقيقة من وقت الهبوط المقرر، أعلن الناطق باسم الشركة جوش مارشال في بث على شبكة الإنترنت أن المركبة "أثينا باتت على سطح القمر". ومع ذلك، كانت الفرق لا تزال تحلل البيانات الواردة لتقييم حالة المركبة، وتحاول الاستحصال على صورة منها.
وأضاف مارشال "نحن نعمل على معرفة اتجاه المركبة"، قبل أن ينتهي البث المباشر فجأة.
وقد صُمّمت المهمة لاختبار مجموعة من التقنيات المتقدمة التي يمكن أن تدعم المهام المأهولة إلى القمر في المستقبل، بما في ذلك نظام حفر الجليد، وتجربة لشبكة اتصالات الجيل الرابع، وثلاث مركبات جوالة، ومسيّرة قافزة أولى من نوعها.
وكانت الضغوط على المهمة كبيرة بعدما نجحت شركة "فايرفلاي ايروسبايس" المنافسة في تكساس في هبوط مركبة "بلو غوست" على سطح القمر قبل أيام قليلة فقط، الأحد.
وكلتا المهمتين جزء من برنامج "خدمات الحمولة القمرية التجارية" (Commercial Lunar Payload Services - CLPS) التابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) والذي تبلغ تكلفته 2,6 مليار دولار ويهدف إلى الاستفادة من خدمات القطاع الخاص لتقليل التكاليف ودعم برنامج أرتيميس الذي تسعى من خلاله ناسا لإعادة رواد الفضاء إلى القمر، وفي النهاية، الوصول إلى المريخ.
وتهدف المركبة "أثينا" إلى نشر ثلاث مركبات فضائية ومسيّرة قافزة فريدة من نوعها تدعى غريس، سميّت على اسم رائدة علوم الكمبيوتر الراحلة غريس هوبر.
وأحد أكثر أهداف المسيّرة غريس جرأة يتمثل في القفز إلى فوهة مظللة بشكل دائم، وهو مكان لم تشرق فيه أشعة الشمس أبدا، في سابقة على صعيد البشرية.
وفي حين أثبتت مروحية إنجينيويتي التابعة لوكالة ناسا أن الطيران ممكن على المريخ، فإن افتقار القمر إلى الغلاف الجوي يجعل الطيران التقليدي مستحيلا، مما يجعل المركبات الفضائية مثل غريس تكنولوجيا أساسية للاستكشاف في المستقبل.
وستساعد المركبة MAPP، وهي الأكبر من بين مركبات أثينا ويبلغ حجمها تقريبا حجم كلب صيد، في اختبار شبكة خلوية من الجيل الرابع تسمى 4G Nokia Bell Labs وتربطها بالمركبة الفضائية وبالمسيّرة غريس - وهي تكنولوجيا مصممة للتكامل يوما ما في البزات الخاصة برواد الفضاء.
هناك أيضا مركبة فضائية أصغر، بحجم الكمبيوتر اللوحي من شركة "دايمون" Dymon اليابانية، ومركبة "أستروانت" AstroAnt صغيرة الحجم، مزودة بعجلات مغناطيسية للتشبث بمركبة MAPP واستخدام أجهزة استشعارها لقياس التغيرات في درجات الحرارة.
كذلك تحمل "أثينا" جهاز PRIME-1 التابع لوكالة ناسا والذي يضم مثقابا للبحث عن الجليد والمواد الكيميائية الأخرى تحت سطح القمر، مقترنا بمقياس طيفي لتحليل النتائج.
والهبوط على سطح القمر صعب للغاية، إذ إن افتقاره إلى الغلاف الجوي يحول دون استخدام المظلات ويُجبر المركبات الفضائية على الاعتماد على الدفع الدقيق والملاحة فوق التضاريس الخطرة.
وقبل أول مهمة لشركة "إنتويتيف ماشينز"، كانت وكالات الفضاء الوطنية فقط هي التي حققت هذا الإنجاز، إذ يعود آخر هبوط لناسا إلى المهمة أبولو 17 في عام 1972.
وقد وصلت أول مركبة هبوط للشركة، أوديسيوس، بسرعة مفرطة، لكنها انقلبت بعدما تحطمت إحدى أرجلها الست، ما أدّى إلى تقصير المهمة عندما لم تتمكّن الألواح الشمسية من توليد طاقة كافية.
وهذه المرة، قالت الشركة إنها أجرت تحسينات حاسمة، بينها تحسين الكابلات في جهاز قياس الارتفاع بالليزر ما يوفر قراءات للارتفاع والسرعة بهدف ضمان هبوط آمن.
وانطلقت "أثينا" الأربعاء الماضي بواسطة صاروخ فالكون 9 من سبايس اكس، والذي حمل أيضا مسبار "لونار تريل بليزر" من ناسا، والذي واجه أيضا مشاكل.
وتأتي هذه المهام في وقت حساس بالنسبة لوكالة ناسا، وسط تكهنات بأن الوكالة قد تقلص أو حتى تلغي بعثات القمر المأهولة لصالح إعطاء الأولوية للمريخ - وهو الهدف الذي دافع عنه الرئيس دونالد ترامب ومستشاره الملياردير إيلون ماسك.
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: