تُمثل عمليات الدمج والاستحواذ نافذةً واسعةً لنمو وتوسع المنظمات، إلا أنها تجلب معها رياح التغيير التي تطال كلاً من الشركتين المستحوذة والمستهدفة.
ويمثل الموظفون عماد هذا التغيير، لذا فإن نجاح أي صفقة يرتكز على قدرة صانعي القرار على إدارة هذا الانتقال الحساس، مع إيلاء اهتمام خاص بموظفي الشركتين.
نقدم في هذا التقرير تحليلًا شاملاً للتأثيرات المحتملة للاستحواذ على الموظفين، بدءًا من المخاوف الأولية وحتى السيناريوهات المستقبلية، مع تقديم توصيات عملية لضمان انتقال سلس ومستدام.
أهم المخاوف بشأن الأمن الوظيفي
لا تخلو أي عملية دمج أو استحواذ بين الشركات من مخاوف الموظفين بشأن مستقبلهم المهني، فبالإضافة إلى القلق حول استقرار الوظائف، تشير الدراسات إلى أن هذه العمليات تؤدي إلى تراجع مستوى الرضا الوظيفي وتؤثر سلبًا على مشاركة الموظفين في اتخاذ القرارات وتحقيق أهداف الشركة، وتنبع مخاوف معظم الموظفين عادة من الآتي:
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
مخاوف الموظفين من عمليات الدمج والاستحواذ |
||
الخوف من فقدان الوظيفة |
|
يُثير الاستحواذ على الشركات أو دمجها مخاوف عميقة لدى الموظفين، إذ غالبًا ما يتبعها عمليات إعادة هيكلة واسعة النطاق أو تقليص لحجم العمالة.
حيث تسعى الشركات الجديدة الناتجة عن هذه العمليات إلى تبسيط عملياتها وإزالة التداخل الوظيفي، مما يؤدي إلى خفض التكاليف.
وبالتالي، يجد موظفو هذه الشركات أنفسهم في حالة من القلق المبرر إزاء مستقبلهم الوظيفي، خاصة مع احتمال حدوث تسريحات جماعية.
|
عدم اليقين بشأن تغييرات الأدوار الوظيفية |
|
حتى في حال ضمان استمرارية الوظيفة، يواجه الموظفون حالة من الغموض حول كيفية تطور أدوارهم في بيئة العمل الجديدة.
وقد يشعرون بالقلق من احتمال نقلهم إلى أقسام أو مواقع مختلفة، أو تكليفهم بمهام جديدة لا تتناسب مع خبرتهم، أو زيادة أعباء العمل المفوضة إليهم.
|
المخاوف المتعلقة بالملاءمة الثقافية |
|
تؤثر عمليات الاستحواذ بشكل كبير على الثقافة المؤسسية للشركتين، وقد يؤدي دمج ثقافتين مختلفتين إلى حالة من عدم الاستقرار وعدم اليقين لدى الموظفين.
فقد يشعرون بالغربة أو التهميش، مما يؤثر سلبًا على أدائهم وإنتاجيتهم، ويشكّل هذا التباين الثقافي أحد الأسباب الرئيسية لفشل العديد من عمليات الدمج والاستحواذ.
|
مخاوف نقص التواصل |
|
من أبرز التحديات التي تواجه عمليات الدمج والاستحواذ هي فشل قادة الشركات في التواصل بوضوح وشفافية.
غالبًا ما يؤدي هذا النقص في التواصل إلى عواقب وخيمة، حيث يشعر الموظفون بالقلق حيال أسباب الدمج وتوقيته وآثاره المباشرة عليهم.
يدفع هذا الغموض بالموظفين إلى اللجوء إلى الشائعات، مما يقوض الثقة في القيادة وفريق الموارد البشرية ويؤدي إلى تفاقم التوتر داخل المنظمة.
|
الخوف من فقدان المكانة والنفوذ |
|
يشعر كبار المسؤولين والمدراء بالقلق إزاء فقدان مكانتهم ونفوذهم وفرص ترقيتهم في ظل التغييرات الهيكلية التي قد تطرأ على الوظائف بعد عملية الدمج مع شركة أخرى، وقد يدفعهم هذا الخوف من التهميش لمقاومة عملية الدمج، مما يعيق نجاحها.
|
السيناريوهات المحتملة للموظفين عند الاستحواذ على الشركة
دعونا نستكشف السيناريوهات المتوقعة للموظفين في أعقاب عملية استحواذ، وتحليل بعض النماذج الأكثر شيوعًا التي تظهر عادة في مثل هذه الحالات.
سيناريوهات محتملة للموظفين عند الاستحواذ |
||
1- التسريح |
|
تعتبر عمليات التسريح الجماعي، التي غالبًا ما ترافق عمليات الدمج والاستحواذ، ضريبة باهظة تدفعها القوى العاملة.
حيث يؤدي دمج الشركتين إلى ازدواجية في العديد من الأدوار، مما يستوجب إعادة هيكلة كبيرة تؤثر سلبًا على حياة العديد من الموظفين.
وتعد عملية استحواذ إيلون ماسك على تويتر خير دليل على ذلك، حيث تم تسريح حوالي 80% من القوى العاملة، أي ما يقارب 6000 موظف، في وقت قصير.
|
2- الترقية |
|
يفتح الدمج آفاقًا واسعة للترقي الوظيفي داخل الكيان الجديد، فمع إعادة هيكلة المنظمة وتحديد الأدوار بصورة أكثر وضوحًا، تتاح الفرصة للموظفين المتميزين الذين يتمتعون بروح القيادة والمرونة والكفاءة العالية للتقدم إلى مناصب قيادية.
وقد تنشأ هذه الفرص نتيجة الحاجة إلى قادة جدد لإدارة فرق العمل الموسعة أو المعاد تشكيلها، أو ببساطة تقديراً للمواهب التي تتوافق مع الرؤية الاستراتيجية للشركة الجديدة.
|
3- فريق جديد |
|
يمثل الدمج فرصة لتجديد الطاقة والمهارات، وغالبًا ما يتضمن الانضمام إلى فرق عمل جديدة، مما يتيح للموظف التعرف على أساليب عمل مختلفة وبناء علاقات مهنية جديدة.
قد يكون هذا التحول تحديًا في البداية، ولكنه يفتح آفاقًا جديدة للنمو والتطور المهني.
|
4- تغيير الدور الوظيفي |
|
عادةً ما يصاحب عمليات الدمج تحولات جوهرية في مسؤوليات العمل، فمع إعادة هيكلة الموارد وتبني استراتيجيات جديدة، تتغير أدوار الموظفين بشكل ملحوظ.
قد يتطلب ذلك من بعضهم توسيع نطاق مهامهم لتشمل مجالات جديدة، بينما قد ينتقل آخرون إلى تخصصات مختلفة تمامًا.
قد تشكّل هذه التحولات، وإن كانت ضرورية لتسريع عجلة التقدم وتحقيق أهداف الشركة الجديدة، تحديًا للموظفين الذين يفضلون الاستقرار أو التخصص في مجال محدد.
|
5- دخل إضافي |
|
قد يحظى بعض الموظفين بزيادة في دخلهم عقب عملية الدمج، ويمكن أن يحدث هذا نتيجة عدة عوامل، منها:
عرض الشركة الجديدة لحزم تعويضات مغرية أكبر، أو تولي الموظفين مهامًا جديدة ذات مسؤوليات أكبر تترافق مع رواتب أعلى.
كما قد تشمل حوافز الدمج مكافآت مالية أو أسهمًا أو حوافز أخرى بهدف الحفاظ على الكفاءات المتميزة وتحفيز الموظفين على البقاء والمساهمة في نجاح الكيان الجديد.
|
6- الاستقالة وتأسيس شركة خاصة |
|
قد يتحول الاستحواذ بالنسبة لبعض الموظفين إلى نقطة تحول حاسمة، تدفعهم إلى ترك وظائفهم الحالية والانطلاق في مشاريعهم الخاصة.
فبعد سنوات من العمل في بيئة مؤسسية، يجدون أنهم أصبحوا مستعدين تمامًا لتأسيس شركاتهم الخاصة، خاصة إذا كانت نتائج عملية الدمج لا تتوافق مع رؤيتهم المستقبلية.
هذا هو ما حدث مع "برايان أكتون" و"جان كوم" اللذين خرجا من ياهو بعد سلسلة من عمليات الاستحواذ، ليؤسسا فيما بعد تطبيق واتساب.
|
معنويات الموظفين ومشاركتهم أثناء عمليات الدمج
عندما يتم الاستحواذ على شركة، فإن التغيير هو الثابت الوحيد، لا يؤثر هذا التغيير الجذري فقط على هيكل الشركة، بل يترك أثره البالغ على أداء الموظفين.
فالشعور بعدم الاستقرار، الناجم عن مخاوف التسريح أو التغيرات التنظيمية، قد يؤدي إلى تراجع الحماس والإنتاجية، مما ينعكس سلبًا على الأداء العام للشركة.
ومن الجدير بالذكر أن هذا التأثير لا يقتصر على الموظفين المهددين بالفصل، بل يشمل أيضًا أولئك الذين يتمسكون بوظائفهم.
أهم النصائح للحفاظ على معنويات الموظفين وتعزيزها أثناء عمليات الدمج
فيما يلي بعض التوصيات حول ما يجب على القائد فعله للاحتفاظ بالكوادر الرئيسية وضمان انتقال سلس للموظفين أثناء عملية التكامل بعد الدمج.
نصائح لقادة الشركات عند الاستحواذ |
||
1- تواصل واضح وشفاف
|
|
يرتكز نجاح أي عملية دمج بشكل أساسي على توفير بيئة شفافة توفر للموظفين كافة المعلومات حول التغييرات المتوقعة والمراحل الانتقالية.
يساهم هذا الإجراء بشكل كبير في طمأنينة الموظفين حول مستقبلهم المهني وزيادة ثقتهم في العملية برمتها.
|
2- إشراك الموظفين |
|
يجب الاعتراف بأهمية آراء الموظفين والعمل على دمجها في عملية التغيير، ومن خلال تشجيعهم على تقديم ملاحظاتهم بشكل مستمر، ستمنحهم فرصة أكبر للمساهمة في اتخاذ القرارات، مما يعزز شعورهم بالتقدير والسيطرة على مسار التغيير.
|
3- توفير الدعم والموارد
|
|
من الأهمية بمكان توفير حزمة متكاملة من الخدمات الداعمة للموظفين، تشمل تقديم المشورة الفردية، وورش عمل تفاعلية حول إدارة التوتر والقلق، بالإضافة إلى برامج تدريبية مصممة خصيصًا لتطوير مهاراتهم والتكيف مع المتطلبات الجديدة لوظائفهم.
|
4- الاعتراف بمساهمات الموظفين ومكافأتها |
|
إن الاعتراف بجهود الموظفين وتكريم إنجازاتهم، مهما كانت صغيرة، هو استثمار حقيقي في الموارد البشرية للشركة، إذ يساهم في خلق بيئة عمل إيجابية محفزة، ويدفع بموظفيها نحو تحقيق أهدافها المشتركة.
|
المصدر: إم آند إيه كوميونتي
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}