وغالبًا ما يكون المتقاعدون هدفًا سهلًا لمخططات الاحتيال بسبب مدخراتهم المتراكمة، وخاصة في ظل افتقار الكثير منهم إلى الثقافة المالية الكافية لحمايتهم من عمليات الخداع التي يمكن أن تفقدهم ما جمعوه من مدخرات.
تزايد الحيل المتطورة التي تستهدف كبار السن يفاقم هذا التحدي، مما يثير التساؤل حول إمكانية أن يشكّل التثقيف المالي طوق نجاة لهذه الفئة من براثن الاحتيال.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
وبجانب خطر تعرضهم للاحتيال، يُفوّت العديد من المتقاعدين فرص تنمية ثرواتهم من خلال استراتيجيات استثمارية سليمة نتيجة افتقار البعض منهم إلى فهم كافٍ للفرص الاستثمارية لأسواق المال.
لذا فإن التعليم المالي قد يصبح درعًا واقية في مواجهة الاحتيال، ومحركًا قويًا لقرارات استثمارية ناجحة للمتقاعدين، مما يبرز أهمية تعزيز الثقافة المالية لديهم.
تحديات تواجه المتقاعدين
يواجه المتقاعدون تحديات مالية عديدة في مقدمتها الاحتيال، فقد خسر البالغون الذين تبلغ أعمارهم 60 عامًا أو أكثر في الولايات المتحدة 1.68 مليار دولار أمريكي بسبب الاحتيال في عام 2022، وهي زيادة كبيرة عن السنوات السابقة، وفقًا للجنة التجارة الفيدرالية.
كما وجدت دراسة استقصائية أجراها المجلس الوطني للمعلمين الماليين في عام 2021 أن 25% فقط من المتقاعدين يشعرون بالثقة في إدارة شؤونهم المالية بشكل فعال.
أكثر الفئات العمرية التي تعرضت لعمليات الاحتيال في بريطانيا عام 2022
الفئة العمرية |
النسبة |
60 عامًا فأكثر |
%25.3 |
50-59 |
22.2% |
40-49 |
18.1% |
30-39 |
20.2% |
أقل من 30 عامًا |
%14.2 |
وأثبتت دراسة صادرة عن البنك المركزي الأوروبي أنه على مستوى الأسر، تكبد المتقاعدون أكبر الخسائر بسبب التضخم في عامي 2021و2022 لأنهم يميلون إلى الاحتفاظ بأموالهم في أصول ثابتة مثل النقد والودائع.
كما أشارت إلى أن المتقاعدين من ذوي الدخل المتوسط، والمستفيدين من برامج الرعاية الاجتماعية تكبدوا خسائر تعادل 11% من دخلهم بسبب التضخم خلال عامي 2021 و2022.
كل تلك المؤشرات تسلط الضوء على الحاجة إلى التخطيط والاستثمار المالي السليم، ولن يتوفر هذا دون تعليم مالي كافٍ يضمن للمتقاعد اتخاذ الخطوات السليمة لتحقيق هذا الهدف.
النتائج الإيجابية للتثقيف المالي
يعمل التعليم المالي كدرع واقية للمتقاعدين من خلال عدة طرق على رأسها الوقاية من الاحتيال، فالمتقاعدون المتعلمون لديهم قدرة أفضل للتعرف على مخططات الاحتيال الشائعة، مثل التصيد الاحتيالي والاحتيال الاستثماري وسرقة الهوية.
وأظهرت دراسة أجرتها مؤسسة تعليم المستثمرين (فينرا) أن كبار السن الذين شاركوا في ورش عمل الثقافة المالية كانوا أقل عرضة بنسبة 25% للوقوع ضحية للاحتيال المالي.
كما يمكن أن يسهم التثقيف المالي في تحسين قرارات الاستثمار، إذ يستطيع المتقاعدون الذي حصلوا على تعليم مالي إدراك أساسيات التنويع وتحمل المخاطر واستراتيجيات النمو الطويلة الأجل، مما يؤدي إلى نتائج استثمارية أفضل.
وكشفت دراسة أجرتها شركة فانجارد لإدارة الاستثمارات أن المتقاعدين الذين سعوا للحصول على المشورة المالية أو التعليم لديهم محافظ تفوقت على محافظ أقرانهم الذين لم يتلقوا المشورة بنسبة 3% سنويًا.
الأمر لا يتوقف عند حد الحماية من الاحتيال، وتوفير فرص أفضل في الاستثمار، بل أيضًا تساعد الثقافة المالية المتقاعدين على إنشاء ميزانيات تضمن استمرار مدخراتهم طوال فترة التقاعد.
فعلى سبيل المثال، ساهمت مبادرة "الذكاء المالي للمتقاعدين" بأستراليا في تحسين قدرة المشاركين على التخطيط للاحتياجات المالية طويلة الأجل بنسبة 30%.
أفضل الدول التي تمتلك نظام تقاعدي بالعالم وفقًا لمؤشر معهد ميرسر سي إف إيه في عام 2024
الترتيب |
الدولة |
النقاط المسجلة |
1 |
هولندا |
84.8 |
2 |
آيسلندا |
83.4 |
3 |
الدنمارك |
81.6 |
4 |
سنغافورة |
78.7 |
5 |
استراليا |
76.7 |
ويلمس المتقاعدون الفوائد الجمة للتثقيف المالي عند انخراطهم في البرامج التعليمية التي تولد لديهم تلك الثقافة، مع تمكنهم من الاحتفاظ بمدخرات أعلى، وتمتعهم بمهارات تجعلهم أقل عرضة لعمليات الاحتيال.
على سبيل المثال، وجدت بيانات من فريق مكافحة الاحتيال التابع لمعايير التجارة الوطنية في المملكة المتحدة أن كبار السن الذين حصلوا على تثقيف مالي وفروا ما يصل إلى ألف جنيه إسترليني سنويًا (1248 دولارا أمريكيا) بعدما نجوا من عمليات الاحتيال.
كما وجد مسح ستاندرد آند بورز جلوبال للثقافة المالية أن الأفراد المتعلمين ماليًا حققوا عوائد أعلى بنسبة تتراوح ما بين 2 و3% على الاستثمارات سنويًا مقارنة بأولئك الذين لديهم مستويات أقل من الثقافة المالية.
ووفقًا لدراسة أجرتها مؤسسة إيه إيه آر بي في عام 2020، أفاد المتقاعدون الذين لديهم فهم واضح لمواردهم المالية برضا أعلى بنسبة 20% عن أسلوب حياتهم التقاعدي.
ومن بين مميزات التثقيف المالي أنه يساعد المتقاعدين على تنويع أصولهم، مما يقلل من التأثير السلبي للتضخم على مدخراتهم.
وأشارت دراسة صادرة عن البنك المركزي الأوروبي إلى أن المتقاعدين من ذوي الدخل المتوسط الذين احتفظوا بأموالهم في أصول متنوعة يجنون مكاسب أعلى من أولئك الذين لم يستفيدوا من هذا التنويع، والعكس عند الخسارة.
موارد التثقيف المالي
هناك العديد من الموارد التي تدعم المتقاعدين في تعزيز ثقافتهم المالية والارتقاء بوعيهم الاستثماري، وتأتي في مقدمتها البرامج الحكومية، فعلى سبيل المثال توفر لجنة الأوراق المالية الأمريكية منصة تضم أدوات وموارد موجهة خصيصًا للمستثمرين من كبار السن.
كما تقدم مبادرة "موني سمارت" الأسترالية ورش عمل مجانية وأدوات عبر الإنترنت مخصصة لهذه الشريحة.
أكثر طرق الاحتيال في عام 2024 وفقًا لبنك ألايد آيريش
الطريقة |
التوصيف |
الاحتيال عبر الرسائل النصية |
رسائل نصية احتيالية تزعم أنها من بنوك أو شركات توصيل أو مرافق مرموقة وهي أكثر أنواع الاحتيال شيوعًا، حيث إن أغلب عمليات "الاحتيال تكون عبر الرسائل النصية القصيرة"، وعادةً ما تتبع هذه الرسائل مكالمة هاتفية من البنك، تعرض أحيانًا رقم الهاتف الفعلي للبنك.
|
الاحتيال عبر المكالمات الهاتفية |
غالبًا ما يستخدم المجرمون المكالمات الهاتفية للحصول على معلومات شخصية ومالية لتحقيق مكاسب مالية خاصة بهم.
|
الاحتيال الاستثماري |
يستخدم المجرمون وسائل التواصل الاجتماعي للإعلان عن استثمارات مربحة للغاية مستغلين التكنولوجيا المتقدمة لتبدو شرعية.
|
عمليات الاحتيال في الشراء |
يمكن للمجرمين استنساخ مواقع الويب الأصلية لتقديم خصومات وهمية لاستهداف العملاء، وغالبًا ما تبدو هذه المواقع المستنسخة حقيقية.
|
وتعتبر المؤسسات المالية مصدرًا هامًا للتعليم المالي، إذ تساهم العديد من البنوك وشركات الاستثمار، في تقديم ندوات عبر الإنترنت واستشارات مجانية تهدف إلى رفع مستوى التثقيف المالي للمتقاعدين.
كما تستضيف المراكز المجتمعية المحلية ومنظمات كبار السن فعاليات وبرامج خاصة بمحو الأمية المالية، مصممة لتلبية احتياجات المتقاعدين بشكل مباشر.
ولتعظيم الاستفادة من التعليم المالي، يجب توسيع فرص الوصول إلى التعليم المالي، لذا يجب على المؤسسات المالية الرسمية العمل معًا على توفير برامج محو الأمية المالية بتكلفة منخفضة أو مجانية، لجعلها في متناول الجميع.
ومن بين طرق تسهيل الوصول إلى التعليم المالي المنصات الرقمية والتطبيقات المخصصة حيث يمكنها أن توفر خدمات تعليمية خاصةً للمتقاعدين الذين قد يواجهون صعوبات في التنقل.
ويجب على المؤسسات التي تُقدم برامج تعليمية أن تركز على المهارات القابلة للتطبيق المباشر، مثل اكتشاف عمليات الاحتيال، وإعداد الميزانية الشخصية، وفهم مبادئ الاستثمار الأساسية.
مع إدراك أن التعليم المالي ليس مجرد وسيلة لحماية المتقاعدين من الاحتيال، بل هو أداة تمنحهم الثقة لتنمية مدخراتهم وإدارة شؤونهم المالية بفعالية، مما يعزز جودة حياتهم.
لذا فإن التثقيف المالي لم يعد مجرد رفاهية يمكن الاستغناء عنها، بل هو أداة أساسية لتمكين المتقاعدين من مواجهة التحديات المالية التي قد تعترض طريقهم في سنواتهم الذهبية.
فهو ليس مجرد وسيلة لحمايتهم من الاحتيال، بل هو جسرٌ يُمكّنهم من تحقيق استقرار مالي، واستثمار مدخراتهم بذكاء، والتخطيط لمستقبل يتسم بالراحة والأمان.
ومع تزايد تعقيد الأسواق المالية وأساليب الاحتيال، يصبح التعاون بين الحكومات والمؤسسات المالية والمنظمات غير الربحية أكثر إلحاحًا لتوفير برامج تعليمية متاحة وشاملة.
ومع تنفيذ تلك الخطوات، سيمتلك المتقاعد معرفة قوية تعينه على التمتع بحياة كريمة ومستقرة ماليًا.
المصادر: أرقام- لجنة التجارة الفيدرالية- المجلس الوطني للمعلمين الماليين- فانجارد- البنك المركزي الأوروبي- ستاندرد آند بورز جلوبال
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}