بعد استمراره أربعة عقود زمنية، تعمل سنغافورة حاليًا على تحديث برنامجها لتعليم الموهوبين الذي يستهدف أفضل 1% من تلاميذ المدارس الابتدائية، والذي لاقى بالفعل إشادة واسعة بسبب إنجازات خريجيه.
"برنامج تعليم الموهوبين" أو المعروف اختصارًا بـ "جي إي بي" هو برنامج إثرائي مصمم لرعاية الطلاب الموهوبين فكريًا إلى أقصى إمكاناتهم، تم تقديمه عام 1984 من قبل وزارة التعليم كجزء من الإصلاحات لتقديم نظام تعليمي يُلبي المواهب المتنوعة واستعدادات التعلم.
وأكدت وزارة التعليم على الحاجة لتلبية احتياجات التعلم للطلاب الموهوبين الذين يحتاجون لدرجة عالية من التحفيز العقلي، وأن رعاية هؤلاء الطلاب وتعظيم إمكاناتهم بمثابة الاستثمار في مستقبل سنغافورة.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
لأن خبراء التعليم يرون أنه رغم اختلاف تعريف الموهبة على مستوى العالم، إلا أن هؤلاء الأطفال الذين يتميزون بذكاء فطري يحتاجون لأقصى رعاية لإمكاناتهم.
وأن المفاهيم الشائعة بأن الموهوبين يحتاجون إلى دعم أقل هي خاطئة، لأنه قد تظهر لديهم مشاكل تعليمية واجتماعية إذا لم يتم استيعابهم وتنمية قدراتهم.
والآن يخضع البرنامج لأكبر عملية تحديث له منذ إطلاقه، كما أعلن رئيس الوزراء "لورانس وونغ" في خطابه الأول بمناسبة اليوم الوطني خلال أغسطس.
تعرف على نظام رعاية الطلاب الموهوبين في سنغافورة |
|
النقطة |
التوضيح |
بداية الفكرة |
في 1979، تم تنفيذ نظام التعليم الجديد للدكتور "جو كينج سوى"، الذي كان بمثابة تحول نحو توفير مرونة أكبر في نظام التعليم لتمكين كل طفل من التعلم بالوتيرة المناسبة لقدراته.
ومن هنا ظهر الدافع إلى تحديد ترتيبات خاصة لتعليم الأطفال ذوي مستويات الذكاء الاستثنائي، وتبين أن هؤلاء الأطفال يتألقون في ظل درجة عالية من التحفيز الفكري.
بينما يصبح أداؤهم متوسطا أو يصبحون غير مبالين أو مشاغبين في الفصول التعليمية عندما لا تتم تلبية احتياجاتهم التعليمية، لأنهم يجدون أن المناهج التعليمية سهلة للغاية.
وفي 1981، قاد وزير التعليم آنذاك "تاي إنج سون" مهمة لدراسة برامج الموهوبين في دول أخرى منها ألمانيا.
وتم تحديد النظام الأنسب لطلاب سنغافورة، والذي ينص على أن الطلاب الموهوبين يدرسون المنهج التعليمي العادي ويخضعون لنفس الامتحانات في المدارس العادية، لكن مع مواد إضافية وتغطية أعمق والتعرض لتجارب تعليمية متنوعة مثل العمل في المشاريع والرحلات الميدانية.
تم تشكيل وحدة خاصة للمشروع تسمى بـ "فرع تعليم الموهوبين" في عام 1983، وتولى الخبير الياباني-الأمريكي في تعليم الموهوبين "إيرفينج ساتو" عملية التدريب على البرنامج.
وشملت عملية تحديد التلاميذ الذين سينضمون للبرنامج سلسلة من الاختبارات الخاصة في نهاية الصفين الثالث والسادس الابتدائي، لتقييم قدرتهم على التفكير الكمي وفهم القراءة والمفردات، والقدرات اللغوية والعددية والعامة.
وبدأ تنفيذ البرنامج في المدارس الابتدائية والثانوية في وقت واحد عام 1984.
ثم بدأ البرنامج في النمو والتوسع، حتى إنه تم تقديمه في 9 مدارس ابتدائية و7 مدارس ثانوية.
|
المراقبة والتقييم |
تتم مراقبة مدى تقدم برنامج الإثراء العلمي من خلال رصد الملاحظات بانتظام وعقد اجتماعات تشمل التلاميذ وأولياء أمورهم ومديري المدارس والمعلمين بالتشاور مع وزارة التعليم.
ونال البرنامج إشادة لتقديمه عملية تنمية شاملة للطلاب ذوي القدرات العالية.
أظهر مسح أجري في عامي 2005/2006 لطلاب البرنامج السابقين، أن الأغلبية منهم تم قبولهم في جامعات مرموقة في الخارج وحصلوا على منح دراسية، وتفوقوا على أقرانهم في الامتحانات الوطنية واختبارات التفكير النقدي.
رغم ذلك، كانت هناك حالات لطلاب يكافحون لمواجهة الجهد اللازم بذله في البرنامج وتلبية توقعاته، فضلاً عن معاناة بعضهم من السخرية والتمييز من زملائهم غير الملتحقين بالبرنامج.
وفي عام 2014، أعلنت الوزارة بأن طلاب البرنامج حققوا أداءً جيدًا في الامتحانات الوطنية، وتم منح نصف عدد المنح الرئاسية تقريبًا إلى طلاب البرنامج.
لكن تعرض البرنامج لانتقادات أيضًا، لأن طلابه يميلون للتفاعل فيما بينهم فقط، ويواجهون صعوبة في التعامل مع أقرانهم غير الملتحقين بالبرنامج.
|
خطوات جديدة |
في عام 2008، أعلنت وزارة التعليم أن تلاميذ برنامج تعليم المواهب وغيرهم سيقضون ما يصل إلى نصف وقت تعليم المناهج معًا.
وسط مخاوف من أن طلاب برنامج تعليم المواهب أصبحوا معزولين اجتماعيًا بصورة متزايدة.
في أغسطس 2019، بدأت المدارس الابتدائية التي تطبق البرنامج في تقديم فصول تسمح باختلاط الموهوبين مع زملائهم يوميًا.
وأوضح وزير التعليم "تشان تشون سينج" في عام 2023 أن البرنامج يخضع للمراجعة بشكل منتظم لضمان استمرار سنغافورة في تلبية الاحتياجات التنموية لطلابها وإعدادهم جيدًا للمستقبل.
ثم في عام 2024، أعلن رئيس الوزراء "لورانس وونغ" أن البرنامج في شكله الحالي سيتوقف من أجل تطبيق نهج جديد سيكون متاحًا في كافة المدارس الابتدائية.
|
ما البرنامج الجديد؟ |
بناءً على التحديث لن يتم اختيار التلاميذ بعد الآن من خلال اختبار واحد مكون من مرحلتين في الصف الثالث الابتدائي، ولن يتم نقلهم من مدارسهم الأصلية إذا تم اختيارهم.
لكن سيتم اختيارهم من خلال مجموعة من التدابير تشمل ملاحظات المعلمين واختبارا موحدا واحدا، وستتوسع هذه البرامج لتشمل المزيد من الطلاب ذوي القدرات العالية.
وستقدم كل مدرسة ابتدائية برامجها الخاصة لتوسيع نطاق الوصول للطلاب ذوي القدرات الفائقة في مجالات قوتهم واهتماماتهم، مع إمكانية الحصول على وحدات إثرائية بعد المدرسة في المدارس القريبة.
ولن يُطلب من الطلاب أن يكونوا استثنائيين في كافة المواد للتأهل لفصول ذوي القدرات العالية، ويمكنهم الانضمام أو التخارج من البرنامج بناءً على نقاط مختلفة بين الصفين الرابع والسادس الابتدائي.
ومن المقرر أن يستفيد حاليًا حوالي 10% من الطلاب من البرامج المخصصة لذوي القدرات العالية.
وأوضح "وونغ" أن هذا الإصلاح كان جزءًا من تحرك حكومته في اتجاه تحقيق رؤية "كل مدرسة هي مدرسة جديدة".
|
المصادر: موقع "ناشونال ليبراري بورد سنغافورة" - "ذا ستريتس تايمز" – "تشانل نيوز آسيا"
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}