نبض أرقام
04:58 م
توقيت مكة المكرمة

2025/01/15

عودة حراس السندات .. ماذا وراء الموجة البيعية الأخيرة في سوق الدين العالمي؟

07:29 ص (بتوقيت مكة) أرقام - خاص

في الروايات المصورة الغربية، يُنظر أحيانًا إلى الأبطال الخارقين أمثال "باتمان" باعتبارهم شخصيات غامضة يتصرفون من تلقاء أنفسهم خارج القانون، في حين يعتقدون أن تدخلهم ضرورة لمعالجة الظلم المزعوم لأن النظام غير كفء أو فاسد، وهو ما يستدعي تدخلهم.

 

وهذا لا يختلف كثيرًا عن بعض اللاعبين المؤثرين في الأسواق المالية، والذين كثيرًا ما تتسبب استجاباتهم لتغيرات السياسات المالية والنقدية والتوجهات الحكومية، في تحركات حادة للأسواق، وإثارة الذعر في كثير من الأحيان.

 

ومع تسارع عمليات البيع في أسواق السندات العالمية، بشكل يغذي المخاوف في الأسواق بسبب ارتفاع الإنفاق الحكومي والحاجة المتزايدة بين الاقتصادات الكبرى لاستغلال أسواق السندات لتمويل نفقاتها، ويزيد من احتمالات ارتفاع تكاليف الاقتراض للمستهلكين والشركات في جميع أنحاء العالم، تعود للأذهان عبارة "حراس السندات".

 

 

وارتفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لمدة 10 سنوات، متجاوزًا 4.8% خلال تداولات الثلاثاء، وهو أعلى مستوى له منذ نوفمبر 2023، في حين تجاوزت الديون طويلة الأجل مستوى 5%، وهو ما يهدد تكلفة الرهن العقاري وجميع أنواع القروض.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

ويخالف ذلك الاتجاه خطط الاحتياطي الفيدرالي الرامية لخفض تكاليف الاقتراض، حين أنهى دورة التشديد النقدي في الأشهر الأخيرة من عام 2024، كما يشكل ضغوطًا على أسواق الأسهم، خاصة مع امتداد الموجة البيعية للسندات لتشمل عدة أسواق عالمية، فماذا يحدث في أسواق الديون؟

 

موجة بيعية عالمية للسندات

 

بدأت العائدات الأمريكية في الارتفاع على خلفية بيانات الوظائف الشهرية القوية في أكتوبر 2024 مع تراجع مخاوف الركود، وبعد شهرين، خيبت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة آمال المستثمرين بالإشارة إلى عدد مرات أقل من خفض أسعار الفائدة في عام 2025، مقارنة بتوقعاتها السابقة.

 

كشف مكتب إحصاءات العمل الأمريكي الجمعة الماضية، عن نمو الوظائف غير الزراعية بمقدار 256 ألف وظيفة في ديسمبر، متجاوزًا العدد المتوقع البالغ 155 ألف وظيفة، وجددت البيانات القوية مخاوف المستثمرين، ليتساءلوا حول ما إذا كان هناك تيسير نقدي متوقع أصلًا، أم يتجه الفيدرالي لعكس مساره والعودة لرفع أسعار الفائدة؟

 

في المملكة المتحدة، تحوم عوائد السندات الحكومية لأجل 30 عامًا عند أعلى مستوى لها منذ عام 1998، ووصل عائد السندات الحكومية لأجل 10 سنوات مؤخرًا إلى مستويات لم تشهدها البلاد منذ عام 2008.

 

باعت الحكومة البريطانية سندات تعادل مليار إسترليني، الثلاثاء، والتي تستحق عام 2054، وكان من اللافت أن المزاد سجل أعلى تكلفة للاقتراض منذ يوليو 2004.

 

 

بعد إنهاء نظام أسعار الفائدة السالبة في اليابان أوائل العام الماضي، ارتفع عائد سنداتها الحكومية لأجل 10 سنوات بأكثر من 1%، لتصل إلى أعلى مستوى لها في 13 عامًا.

 

زادت عوائد السندات الهندية لأجل 10 سنوات بأكبر وتيرة في أكثر من شهر، وتقترب من أعلى مستوياتها خلال شهرين، كما اقتربت العائدات على سندات الحكومة العشرية في نيوزيلندا وأستراليا من أعلى مستوياتها في شهرين.

 

كعادة الصين، كانت الاستثناء الوحيد، حيث انخفض عائد السندات لأجل 10 سنوات إلى مستوى قياسي متدنٍّ هذا الشهر، ما دفع البنك المركزي في البلاد إلى تعليق مشترياته من السندات الحكومية في يناير الجمعة الماضية.

 

مَن حراس السندات؟

 

يشير المصطلح، الذي صيغ في ثمانينيات القرن العشرين على يد "إد يارديني" كبير استراتيجيي الاستثمار ورئيس "يارديني ريسيرش"، إلى مستثمري الديون الذين يسعون إلى فرض الانضباط المالي على الحكومات التي يرون أنها مسرفة من خلال بيع السندات ورفع تكاليف الاقتراض.

 

ينطبق هذا أيضًا على السياسة النقدية، فبوسع المستثمرين أن يطالبوا بمزيد من التعويضات في مقابل الإقراض، إذا اعتقدوا أن البنوك المركزية فشلت في احتواء التضخم، وقد تنتقل تكاليف الاقتراض الحكومية المرتفعة إلى المستهلكين والشركات، ما يعرض الاستقرار الاقتصادي والمالي للخطر.

 

 

- ارتفعت سندات الخزانة الأمريكية مستحقة السداد إلى 28 تريليون دولار، من أقل من 20 تريليون دولار قبل الجائحة، وأقل من 5 تريليونات دولار قبل الأزمة المالية العالمية في 2008.

 

السلاح المفضل لحراس السندات هو العائد، وهو سعر الفائدة الذي تدفعه الحكومات للاقتراض من المستثمرين، وعندما تنخفض أسعار السندات، ترتفع العائدات تلقائيًا لأن العلاقة بينهما عكسية، وهو ما يؤثر على أسواق الأسهم، حيث يزيد ذلك من تكاليف الاقتراض للشركات ويقلل من الجاذبية النسبية للأسهم مقارنة بالسندات.

 

ماذا يريدون؟

 

يزعم "يارديني" أن حراس السندات استعرضوا عضلاتهم خلال لحظات رئيسية، مثل الدفع باتجاه تدابير مكافحة التضخم في أوائل الثمانينيات، وخلال إدارة "بيل كلينتون" في التسعينيات، وفي السنوات الأولى من حكم "باراك أوباما"، ومؤخرًا، في أعقاب فوز "دونالد ترامب" في الانتخابات الرئاسية.

 

- يقول "يارديني" أيضًا، إن حراس السندات احتجوا على تثبيت الفيدرالي لأسعار الفائدة أثناء ارتفاع التضخم في أوائل الثمانينيات، ومن خلال فرضهم لتكاليف اقتراض أعلى، وأكدوا أن الحد من التضخم كان أكثر أهمية من التعافي الاقتصادي.

 

- خلال أزمة ديون منطقة اليورو في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، يُقال إن حراس السندات باعوا الديون السيادية لدول مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا لإجبارها على تغيير سياساتها المالية، وتسببت عمليات البيع في ارتفاع العائدات، ما وضع ضغوطًا هائلة على هذه البلدان لتبني تدابير التقشف لطمأنة الأسواق واستقرار ماليتها.

 

- احتج حراس السندات على خطط رئيسة الوزراء البريطانية "ليز تراس" في 2022، والتي أعلنتها لتحفيز النمو من خلال خفض الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية، وتسبب بيعهم لسندات الحكومة البريطانية وسط مخاوف من زيادة الدين الحكومي وتأجيج التضخم، في مغادرة "تراس" منصبها بعد 44 يوماً فقط من توليها إياه.

 

 

- لم يغير تقرير مؤشر أسعار المنتجين في أمريكا، الصادر الثلاثاء، الرأي القائل إن الفيدرالي لن يخفض أسعار الفائدة مرة أخرى قبل النصف الثاني من هذا العام، ولا يزال المستثمرون ينتظرون تقرير مؤشر أسعار المستهلكين، والذي من المقرر صدوره لاحقاً اليوم.

 

- مع اقتراب موعد تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب "دونالد ترامب"، تخشى الأسواق أن تكون سياساته التجارية والمالية حافزًا لتجدد الضغوط التضخمية، وقال "يارديني": "لم يفز ’ترامب‘ حتى الآن بأصوات حراس السندات، ولذلك عليه أن يكسب احترامهم".

 

- علاوة على ذلك، يتوقع المستثمرون الآن تخفيضات أقل في أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي مقارنة بما كانوا يتوقعونه في السابق، ويطالبون بالتعويض الكافي عن مخاطر امتلاك سندات تستحق السداد في المستقبل لأنهم قلقون بشأن عجز كبير في ميزانية الحكومة.

 

المصادر: أرقام – سي إن إن – رويترز – سي إن بي سي - فورتشن

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.