نبض أرقام
08:09 ص
توقيت مكة المكرمة

2025/01/07
2025/01/06

المدارس في فنلندا .. هجر الشاشات والعودة إلى الورقة والقلم

2025/01/03 أرقام - خاص

يُعرف نظام التعليم العام في فنلندا بنتائجه الجيدة في العقود الأخيرة واستعداده لتجربة أساليب تدريس جديدة بسبب التطور المستمر.

 

وحتى وقت قريب كانت العديد من المدارس تقدم الحواسب المحمولة مجانًا لكافة الطلاب بداية من سن 11 عامًا، لكن أصبح الآباء والمعلمين في فنلندا قلقين بصورة متزايدة بشأن تأثير الشاشات على الأطفال.

 

وأصبحت نتائج التعلم تتدهور في جميع أنحاء البلاد ببطء في السنوات الأخيرة، لذلك تخطط الحكومة لسن قوانين جديدة من شأنها حظر استخدام الأجهزة الشخصية مثل الجوالات أثناء ساعات الدراسة للحد من أوقات تعرض الأطفال للشاشات.

 

ما دفع "ريهيماكي" -المدينة البالغ عدد سكانها 30 ألف نسمة تقريبًا وتقع على بُعد 70 كيلومترًا شمال العاصمة هلسنكي- إلى العودة للقلم والورق، بعدما توقفت المدارس في المدينة في عام 2018 عن استخدام معظم الكتب.

 

 

مخاوف من إدمان الشاشات

 

ذكرت "مايا كاونونين" معلمة اللغة الإنجليزية في مدرسة "بوهجولانرين": يستخدم الشباب الجوالات والأجهزة التقنية كثيرًا هذه الأيام، ولا نريد أن تكون المدرسة أحد الأماكن التي يحدق فيها الأطفال في الشاشات.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

موضحة أن عوامل التشتيت التي يسببها استخدام الأجهزة الرقمية تجعل العديد من الأطفال مضطربين وغير قادرين على الانتباه بصورة كاملة أثناء التعلم، إذ تجعل الأطفال يقومون بالمطلوب منهم بأسرع ما يمكن حتى يتمكنوا بعد ذلك من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

 

وأضافت أنهم يقومون بالتغيير سريعًا بين المتصفح المستخدم للقيام بالمهام التعليمية المطلوبة منهم، ووسائل التواصل الاجتماعي، حتى إذا جاء المعلم وفحص ما يقومون به على الأجهزة التقنية، يجد أنهم يؤدون المطلوب منهم.

 

 

وبالفعل، ذكرت "إيل سوكا" -إحدى طلاب "كانونين" البالغة من العمر 14 عامًا- أنها لم تكن تنتبه دائمًا للمواد الدراسية عند استخدام التكنولوجيا في التعلم، وأضافت وغيرها من الطلاب أن تركيزهم تحسن منذ العودة لاستخدام الكتب في المدرسة.

 

وأوضحت "مينا بيلتوبورو" وهي طبيبة نفسية تعمل مع المدينة على التغيير، أنه يجب تقليص إجمالي وقت تعرض المراهقين في فنلندا إلى الشاشات، لأن متوسط استخدامهم اليومي يعادل 6 ساعات يوميًا، وأن ذلك الإفراط في الاستخدام يشكل مخاطر جسدية وعقلية، مثل القلق المتزايد.

 

وأضافت أن المخ يكون معرضًا للخطر عندما يحاول القيام بأكثر من شيء في نفس الوقت.

 

تجربة منفصلة في أستراليا

 

قررت "وافيرلي كوليدج" -مدرسة البنين للتعليم الابتدائي والثانوي- في سيدني في نهاية أكتوبر الماضي بالقيام بتجربة خالية من التكنولوجيا لمدة خمسة أيام، تشمل تقديم الدروس التعليمية بدون استخدام حواسب محمولة أو أجهزة.

 

حتى الأبحاث تمت باستخدام الكتب المدرسية المطبوعة القديمة، وتمت كتابة المقالات يدويًا دون أي استخدام للتكنولوجيا.

 

وترك الطلاب من الصف الخامس إلى الصف الثاني عشر الحواسب التي زودتهم بها المدرسة في المنزل، وقاموا بمهامهم باستخدام القلم والورق فقط.

 

 

وذكرت "لينسي بورتر" نائبة مدير "وافيرلي كوليدج" أن هدف تلك التجربة هو تحويل التوازن من الحواسب المحمولة إلى المزيد من الاعتماد على الملاحظات التي تُكتب بخط اليد، كنا نعلم أن الأمر سيكون صعبًا، ولكن بحلول نهاية الأسبوع، لاحظ المعلمون تحسنًا في مشاركة الطلاب وتركيزهم.

 

وأوضحت "بورتر" أن المدرسة ركزت على فوائد تدوين الملاحظات بالصورة التقليدية، بما في ذلك دراسة أظهرت أن الكتابة اليدوية تتفوق على الكتابة على الأجهزة الإلكترونية فيما يتعلق بتعزيز قوة الدماغ.

 

وتفكر المدرسة حاليًا في تخصيص يوم واحد خالٍ من التكنولوجيا في جدولها الزمني سواء مرة واحدة في الأسبوع أو مرة كل فصل دراسي.

 

هذا وتظهر الأبحاث أن الطلاب في أستراليا يقضون وقتًا أطول على الشاشات أثناء اليوم الدراسي مقارنة بمعظم دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأخرى، بمتوسط 3 ساعات على الأجهزة للتعلم وساعة أخرى للترفيه.

 

قرار مشابه في أمريكا

 

سعت إحدى المدارس الثانوية في ولاية آيوا الأمريكية في العام الماضي لإيجاد طريقة جديدة للاهتمام بالصحة العقلية لطلابها من خلال الحد من استخدامهم للتكنولوجيا في الفصول الدراسية.

 

وأعلنت مدرسة "هوفر" الثانوية أنها ستحظر استخدام الجوالات، وسماعات الرأس، وذلك لتحسين الصحة العقلية للطلاب بعد ملاحظة ارتفاع القلق والاكتئاب.

 

وذكر أحد الطلاب يُدعى "كادن ووكر": أشعر وكأن الكثير من مشاكلي العقلية تضخمت بالتأكيد بسبب استخدام جوالي لأنه يوفر عوامل تشتيت.

 

كما طلبت المدرسة أيضًا من الآباء المساعدة من خلال تشجيعهم على حظر استخدام أبنائهم دون سن 16 عامًا لوسائل التواصل الاجتماعي.

 

 

التخلص من السموم التقنية

 

تظهر تلك التجارب والخطط للتخلي عن التكنولوجيا والعودة إلى استخدام القلم والورق أن الجوالات أو الشاشات بشكل عام ليست هي الأفضل للصحة العقلية للطلاب، وتشكك في النهج التكنولوجي الذي قدمت له المدارس حول العالم منحًا وعملت بجدية لحصول طلابها على أجهزة تقنية لاستخدامها في التعلم.

 

وذلك بعدما أثبتت دراسات مختلفة أن التعرض المفرط للشاشات يقلل من القدرة على التركيز، وبالفعل حذرت المنظمة من أن الاستخدام المفرط للأجهزة الرقمية للترفيه في المدرسة يمكن أن يؤثر سلبًا على الأداء الأكاديمي للطلاب، وبالتالي أصبح الورق إحدى سبل التغيير لأنه يمنح استراحة من التكنولوجيا.

 

وذكر "باسي سالبيرج" خبير التعليم لصحيفة "هيرالد" في العام المنصرم أنه على مدار العقد الماضي، تبنت المدارس الشاشات والأجهزة والتطبيقات سريعًا في الفصول الدراسية دون وجود أدلة جوهرية تدعم هذا التحول.

 

بالطبع مع تنامي التطور التقني وطفرة الذكاء الاصطناعي الحالية، لا يمكن التخلي عن التكنولوجيا في التعلم بشكل مطلق، ولكن من الممكن تقنين أوقات وطرق استخدامها حتى لا تضر بالصحة العقلية للطلاب.

 

المصادر: أرقام - رويترز - ذا سيدني مورنينج هيرالد - "كيه إيه بي سي تليفيجن".

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.