في يوم السبت 21 ديسمبر 2024، قامت فرنسا بتوصيل أقوى مفاعل نووي في البلاد إلى الشبكة الوطنية للكهرباء، في لحظة تاريخية وصفها القادة بأنها علامة فارقة، رغم سنوات من التأخيرات والتجاوزات في الميزانية والمشكلات التقنية.
بدأ مفاعل فلومانفيل 3 الأوروبي عالي الضغط في نورماندي بتزويد المنازل الفرنسية بالكهرباء في الساعة 11:48 صباحاً (1048 بتوقيت غرينيتش) يوم السبت، وفقاً لتصريح الرئيس التنفيذي لشركة EDF للطاقة، لوك ريمون.
وقال الرئيس إيمانويل ماكرون في تصريح على شبكة التواصل الاجتماعي لينكدإن: «لحظة عظيمة للبلاد»، مضيفاً أنه «أحد أقوى المفاعلات النووية في العالم».
وتابع: «إعادة التصنيع لإنتاج طاقة منخفضة الكربون هو النموذج البيئي الفرنسي»، مشيراً إلى أنه «يعزز قدرتنا التنافسية ويحمي المناخ».
تم إطلاق مشروع المفاعل النووي الأوروبي عالي الضغط الذي طورته فرنسا في عام 1992، بهدف إحياء الطاقة النووية في أوروبا بعد كارثة تشيرنوبيل في أوكرانيا السوفيتية عام 1986، ويُروج له باعتباره يوفر إنتاجاً أكثر كفاءة للطاقة وأماناً أفضل.
المفاعل النووي عالي الضغط، وهو مفاعل مائي مضغوط من الجيل الجديد، هو الرابع من نوعه الذي يتم تشغيله في العالم، وقد سبقه مفاعلان مشابهان في الصين وفنلندا.
يعد هذا الإنجاز خبراً ساراً لشركة EDF المملوكة للدولة التي تعاني من الديون، حيث تسببت المشكلات العديدة في تمديد فترة البناء إلى 17 عاماً، ما أدى إلى تجاوزات ضخمة في الميزانية.
ووصف ريمون من EDF هذا الحدث بـ«التاريخي»، وقال «آخر مرة تم تشغيل مفاعل في فرنسا كانت منذ 25 عاماً في مفاعل سيفا 2»، في إشارة إلى محطة سيفا في جنوب غرب فرنسا.
كان من المقرر في البداية أن يتم التوصيل يوم الجمعة، ولكنه تأجل إلى يوم السبت.
يعد هذا المفاعل أقوى مفاعل في البلاد بقدرة 1600 ميغاواط، ومن المتوقع أن يوفر الكهرباء لما يزيد على مليوني منزل.
«ثمرة جهد ضخم»
قالت شركة EDF إن الاتصال بالشبكة «سيتم على مراحل مختلفة من مستويات الطاقة حتى صيف 2025» خلال مرحلة اختبار تمتد لشهور، وأضافت الشركة أن بدء تشغيل المفاعل هو «عملية طويلة ومعقدة».
سيتم إيقاف تشغيل المفاعل لإجراء فحص شامل لمدة لا تقل عن 250 يوماً، من المرجح أن يتم في ربيع 2026، وبدأ بناء مفاعل فلومانفيل في عام 2007، وشهد العديد من المشكلات.
يأتي بدء تشغيله متأخراً عن الجدول الزمني بمدة 12 عاماً، بعد العديد من المشكلات التقنية التي أدت إلى زيادة تكلفة المشروع إلى نحو 13.2 مليار يورو (نحو 13.76 مليار دولار)، أي أربعة أضعاف التقدير الأولي الذي كان 3.3 مليار يورو.
بدأ التشغيل في 3 سبتمبر، لكنه توقف في اليوم التالي بسبب «إيقاف تلقائي»، وتم استئنافه بعد بضعة أيام، وتم زيادة الإنتاج تدريجياً لتوصيل المفاعل بشبكة الكهرباء.
تشكل الطاقة النووية نحو ثلاثة أخماس الإنتاج الكهربائي في فرنسا، وتعتبر البلاد من أكبر البرامج النووية في العالم، وهذا على عكس جارتها ألمانيا التي خرجت من الطاقة النووية العام الماضي من خلال إغلاق آخر ثلاثة مفاعلات لديها.
وقالت أغنيس بانيي-روناشير، الوزيرة المغادرة للتحول البيئي، على منصة X: «هذا الصباح يمثل قمة جهد ضخم أخيراً أثمر»، وأضافت «نحن نستخلص جميع الدروس من ذلك لنجاح إحياء الطاقة النووية الذي قررنا مع رئيس الجمهورية».
وقرر ماكرون زيادة الاعتماد على الطاقة النووية لتعزيز استدامة الطاقة في فرنسا، حيث أمر ببناء ستة مفاعلات من الجيل الجديد وترك خيارات لبناء ثمانية مفاعلات أخرى، قد تصل تكلفتها إلى عشرات المليارات من اليوروهات.
وفي عام 2022، دعا إلى «نهضة» لصناعة الطاقة النووية في البلاد للانتقال بعيداً عن الوقود الأحفوري.
وقال ماكرون في ذلك الوقت: «ما يجب بناؤه اليوم هو نهضة صناعة الطاقة النووية الفرنسية، لأنه الوقت المناسب، لأنه الشيء الصحيح لبلادنا، لأن كل شيء جاهز».
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}