نبض أرقام
06:32 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/12/22
2024/12/21

الوسطاء الماليون في سوق الأسهم .. هل يتحكمون في سلوك المتداولين؟

2024/12/17 أرقام - خاص

في عالم الأسواق المالية المزدحم بالتقلبات والفرص، يظهر دور الوسطاء الماليين كحجر زاوية في بناء العلاقة بين المستثمرين والأسواق.

 

فالوسيط المالي يقدم الكثير من الخدمات للمستثمرين في أسواق الأسهم، ويُمكِّن المتداول من تحويل أحلامه الاستثمارية إلى قرارات فعلية، لكن هل هم مجرد مساهمين في عملية التداول أم أن تأثيرهم يمتد ليشكّل سلوك المتداولين أنفسهم؟

 

يأتي هذا التساؤل في وقت شهد فيه دور الوسطاء الماليين بقطاع البورصات تطورًا ملحوظًا مع بروز التكنولوجيا وظهور الذكاء الاصطناعي.

 

 

وأدى هذا إلى تخطي مهام الوسيط المالي للدور التقليدي الذي كان معروفًا من قبل، لتصبح هناك مهام جديدة، في مقابل توقع البعض اختفاء هذا الدور قريبًا مع استمرار التقدم التكنولوجي.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

أدوار الوسطاء الماليين

 

الوسطاء الماليون هم الشركات أو الأفراد المرخص لهم بتوفير منصات التداول بين المستثمرين والأسواق المالية، ويلعبون أدوارًا متعددة ومهمة لضمان كفاءة عمل السوق وتسهيل عمليات التداول.

 

ويسلط كتاب "الدليل الكامل لسوق الأسهم" لـ"جيه دي فيرتين" الضوء على دور الوسيط المالي المحوري الذي يلعبه في عملية التداول، واصفًا إياه بأنه بمثابة الجسر الذي يربط المستثمر بأسواق المال، ويساعده على تنفيذ أوامر الشراء والبيع.

 

ومن أبرز الأدوار التي يقوم بها الوسيط المالي تنفيذ عمليات التداول، إذ يعمل كحلقة وصل بين المستثمرين وأسواق الأسهم، ويتلقى أوامر الشراء والبيع من العملاء وينفذها داخل السوق.

 

وتختلف مهارة وسيط مالي عن آخر في سرعة تنفيذ الأوامر، والوصول إلى السوق لتحقيق أفضل الأسعار للعملاء.

 

كما يقوم الوسيط بتقديم توصيات وتحليلات للسوق، تشمل تقييم الأسهم وتوقعات الأرباح وتحليل اتجاهات السوق، ويساعد هذا الدور المستثمرين كثيرًا، خصوصًا الأفراد غير المحترفين، على اتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة.

 

ومن بين الأدوار أيضًا، يقدم الوسطاء منصات إلكترونية تتيح للعملاء الوصول إلى السوق بسهولة، مع مجموعة من الأدوات مثل الرسوم البيانية، والأخبار، وتحليلات السوق.

 

وتسهّل هذه المنصات التداول الفوري وتجعل المستثمرين على اطلاع دائم بالتغيرات في السوق.

 

وظيفة أخرى يوفرها الوسيط المالي هي السماح للعملاء بتداول الأسهم باستخدام أموال مقترضة (الهامش)، ما يمكنهم من تنفيذ صفقات أكبر من رأس المال المتاح لديهم.

 

وبالرغم من أن هذا يزيد من العوائد المحتملة، فإنه يزيد أيضًا من مخاطر الخسارة.

 

 

كما يقدم بعض الوسطاء خدمة إدارة المحافظ، إذ يقومون باتخاذ قرارات استثمارية نيابة عن العملاء بناءً على أهدافهم المالية ومستوى المخاطرة الذي يتحملونه.

 

مهمة أخرى يقوم بها العديد من الوسطاء، وهي العمل على تثقيف العملاء عبر ندوات تعليمية، ودورات تدريبية، وتقديم المقالات والفيديوهات، ما يساعد المستثمرين على فهم الأسواق المالية بشكل أعمق وتجنب القرارات الخاطئة.

 

ومن خلال تسهيل عمليات التداول وزيادة حجمها، يسهم الوسطاء في توفير السيولة للأسواق المالية، ما يجعلها أكثر كفاءة واستقرارًا.

 

كما يلعب الوسطاء دورًا في تسويق الطروحات الأولية للشركات الجديدة التي ترغب في إدراج أسهمها في السوق، إذ يسهلون على المستثمرين شراء الأسهم في هذه الطروحات.

 

تأثير الوسيط على المتداولين

 

من خلال استعراض أدوار الوسيط المالي يتضح لنا التأثير الذي يمكن أن يحدثه على المتداولين في أسواق الأسهم.

 

فبداية من فتح الحساب حتى تنفيذ أوامر البيع والشراء، يضطلع الوسيط بدور مهم في التأثير على قرارات المتداولين عبر تزويد المستثمر بالمعلومات والتحليلات اللازمة لاتخاذ قرارات استثمارية مدروسة.

 

ويتمتع الوسطاء بوصول إلى معلومات وبيانات لا يمكن للمستثمر الفرد الوصول إليها بسهولة.

 

باختصار، يعَدّ الوسيط المالي شريكًا أساسيًا للمستثمر، ويسهم بشكل كبير في نجاح استثماراته، ويعتمد العديد من المستثمرين، خاصة الجدد، على توصيات وتحليلات يقدمها الوسطاء الماليون.

 

أكبر شركات الوساطة المالية في عام 2024 بالولايات المتحدة (وفقًا لبيانات أغسطس الماضي)

الترتيب

 

اسم الشركة

 

قيمة الأصول المدارة

(بالتريليون دولار أمريكي)

1

 

فانجارد جروب

 

9.3

2

 

شارلز شواب

 

9.1

3

 

فيديليتي انفستمنت

 

5.5

4

 

جي بي مورغان

 

3.3

5

 

ميريل ويلث مانجيمنت

 

2.7

 

على الجانب الآخر قد يؤدي اتباع توصيات الوسيط المالي بشكل أعمى دون التحقق منها، إلى مخاطر قد تهدد استثمارات المتداولين.

 

 

ويتطلب دور الوسيط المالي الشفافية والنزاهة لضمان عدم تضارب المصالح بين مصلحة العميل والوسيط نفسه.

 

ويقدم كتاب "الدليل الكامل لسوق الأسهم" نصائح عملية لمساعدة المستثمرين على اختيار الوسيط المناسب، مع التركيز على عوامل مثل قيمة الرسوم، والخدمات المقدمة، وسمعة الوسيط.

 

وتتفاوت جودة الخدمات بين الوسطاء، لذا من المهم أن يختار المستثمر الوسيط المناسب بناءً على سمعته وتكاليفه والخدمات التي يقدمها.

 

وأشارت بعض الدراسات إلى أن الوسطاء قد يروجون لصفقات قد لا تصب في مصلحة المتداولين بهدف تحقيق عمولات أعلى، ما يخلق تضاربًا في المصالح.

 

كما أن بعض الوسطاء يتلاعبون أحيانًا بالأخبار أو يضخمون من بعض المؤثرات التي تتعرض لها الأسهم، لدفع المتداولين إلى اتخاذ قرارات غير عقلانية، وهو أمر قد يتسبب في خلق موجات من الشراء أو البيع غير المبررة.​

 

لذا فإن عملية اختيار الوسيط المالي من قِبل المتداولين يجب أن تخضع للتدقيق حتى لا يتعرضوا لعواقب سوء الاختيار التي قد تهدد استثماراتهم في سوق الأسهم.

 

ولعل الفضيحة التي تعرضت لها شركة إم إف جلوبال في عام 2011 من أبرز الأمثلة على أهمية العناية باختيار الوسيط المالي، إذ تورطت الشركة في رهانات شديدة المخاطر على سندات حكومية أوروبية أثناء أزمة الديون السيادية.

 

وأعلنت الشركة إفلاسها بعد أن خسرت 1.6 مليار دولار من أموال العملاء التي استخدمتها بشكل غير قانوني لتغطية مراكزها المالية، وأدى ذلك إلى انهيار الشركة بالكامل وفقد العملاء أموالهم.

 

في حين تعرضت شركة نايت كابيتال في عام 2012 لخسائر ضخمة بسبب خطأ برمجي في نظام التداول الآلي الخاص بها، وخلال 45 دقيقة فقط، خسرت الشركة 440 مليون دولار بسبب تنفيذ أوامر تداول خاطئة.

 

 

وكانت نايت أكبر متداول في الأسهم الأمريكية، بحصة سوقية بلغت نحو 17.3% في بورصة نيويورك للأوراق المالية و16.9% في ناسداك حينها.

 

وتمكنت مجموعة التداول الإلكتروني التابعة لنايت من إدارة حجم تداول يومي متوسط ​​يتجاوز 3.3 مليار صفقة، وتداول أكثر من 21 مليار دولار يوميًا.

 

لقد استغرق الأمر 17 عامًا من العمل الشاق لبناء مجموعة نايت كابيتال لتصبح واحدة من شركات التداول الرائدة في وول ستريت، وفي نهاية المطاف اضطُرت الشركة إلى قبول الاستحواذ عليها من قبل شركة أخرى لإنقاذها من الإفلاس.
 

التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي يغيران المشهد

 

يتطرق كتاب "مستقبل الاستثمار" لـ"جيرمي سيجيل" إلى دور الوسيط المالي في ظل التطور التكنولوجي، موضحًا أن هناك تحولات جذرية طرأت على هذا الدور.

 

فمع ظهور منصات التداول الإلكتروني والذكاء الاصطناعي، أصبح دور الوسيط يتحول من مجرد منفذ للأوامر إلى مستشار مالي يقدم تحليلات معقدة وخدمات مخصصة.

 

ويرى "سيجيل" أن العلاقة بين المستثمر ووسيطه تتطور لتصبح علاقة شراكة استراتيجية، فالوسيط ليس مجرد شخص ينفذ الأوامر، بل هو شريك يسهم في بناء استراتيجية استثمارية طويلة الأجل.

 

كما يشير إلى أن الوسيط المالي سيلعب دورًا حاسمًا في مساعدة المستثمرين على التنقل في عالم الاستثمار المعقد، وتسخير التكنولوجيا لتحقيق أهدافهم الاستثمارية.

 

ورغم أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يجلب فرصًا وفوائد عديدة للمتداولين في أسواق الأسهم مثل توفير فرص متكافئة للمتداولين وتزويدهم بالمعلومات الحديثة بشكل آني، فإنه لا يزال هناك العديد من المخاوف جراء الاعتماد الكلي عليه.

 

وتشكل عمليات البيع المكثفة التي شهدتها أسواق الأسهم اليابانية والأمريكية في الخامس من أغسطس مثالًا مفيدًا للغاية في هذا الأمر.

 

 

وفي حين أنه ليس من الواضح إلى أي مدى لعبت نماذج الذكاء الاصطناعي المتطورة دورًا في تلك العمليات، لكن في نهاية المطاف فقد ضُخمت الاضطرابات من قِبل صناديق التحوط التي تعمل بآليات متطورة.

 

وعملت جميعًا في وقت واحد وفي الاتجاه نفسه عندما رصدت الخوارزميات اتجاهات هبوطية واضحة وارتفعت التقلبات، وبالتالي يمكن للمرء أن يتخيل حلقة أكثر دراماتيكية عندما يتم استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي على نطاق أوسع.

 

تزداد المشكلة إلحاحًا لأن التداول الخوارزمي آخذ في الارتفاع، فعلى سبيل المثال، يشكل التداول الخوارزمي في سوق الأسهم الأمريكية ما يقرب من 60-75% من إجمالي حجم التداول، وفقًا لشركة كونتيفايد ستراتجيز.

 

ومع وجود هذا الحجم الكبير من نشاط التداول الذي تحركه الخوارزميات، لا يمكن التقليل من خطورة النظم القائمة التي تتخذ قرارها اعتمادًا على الذكاء الاصطناعي.

 

مثل تلك الأمور جعلت لجنة الأوراق المالية والبورصة الأمريكية تستكشف طرق تنظم الذكاء الاصطناعي والتداول الخوارزمي لحماية المستثمرين والحفاظ على سلامة السوق.

 

لذا فإن مستقبل التداول يكمن في نهج متوازن يستفيد من أفضل ما في التكنولوجيا مع الحفاظ على دور البصيرة البشرية والمساءلة وتعزيزه، الأمر الذي يعني أن دور الوسيط المالي في أسواق الأسهم لا يزال مهمًا ولا يمكن الاستغناء عنه حتى الآن.

 

في المقابل، يلعب الوسطاء دورًا إيجابيًا من خلال تثقيف المستثمرين حول استراتيجيات الاستثمار، إدارة المخاطر، وتحليل الأسواق، كما يمتلكون دورًا محوريًا في تمكين المتداولين.

 

وتتجاوز حدود تأثيرهم في الوقت الحالي مجرد تسهيل الصفقات لتصل إلى تشكيل أنماط السلوك الاستثماري.

 

لذا يبقى على المتداولين أن يكونوا أكثر وعيًا واستقلالية في اتخاذ القرارات، مع الاستفادة من خدمات الوسطاء دون الوقوع في فخ الاعتماد الكامل عليهم.

 

المصادر: أرقام- انفستوبيديا- نيرد والت- كتاب الدليل الكامل لسوق الأسهم- رويترز- كتاب "مستقبل الاستثمار"- يو إس نيوز- صندوق النقد الدولي- فوربس

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.