تسارعت وتيرة ارتفاع مقياس التضخم المفضل للاحتياطي الفيدرالي في قراءة أكتوبر كما كان متوقعاً، ما أثار مخاوف المستثمرين تجاه تزايد الضغوط التضخمية مستقبلاً، خاصة في ظل توقعات استمرار هذا الارتفاع في مطلع العام القادم وابتعاده عن المستوى المستهدف عند 2%.
ويرى اقتصاديون أن التضخم في أمريكا قد يواصل الارتفاع خلال الأشهر المقبلة بعدما سجل 2.3% في أكتوبر، ويتوقع محللو "سيتي بنك" أنه سوف يبلغ 2.6% بحلول نهاية العام الجاري قبل أن يتباطأ مرة أخرى في 2025، لكن ليس قبل مرور الأشهر الأولى.
تتماشى هذه التقديرات مع الاتجاه المتوقع من قبل صناع السياسات في الفيدرالي، إذ أظهر التقرير الفصلي لتوقعات أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة الصادر في الثامن عشر من سبتمبر الماضي، أن متوسط آراء الأعضاء يشير إلى احتمال وصول التضخم إلى 2.3% بنهاية 2024.
وتبدو آفاق التضخم في أكبر اقتصادات العالم أكثر سوءًا عند النظر لمؤشر التضخم الأساسي الذي يستبعد أسعار الغذاء والطاقة المتقلبة، ويعتبره الفيدرالي معياراً أكثر دقة لقياس ضغوط الأسعار.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
إذ ظل مستقراً عند مستوى 2.7% سنوياً في قراءات يوليو وأغسطس وسبتمبر، وارتفع إلى 2.8% في أكتوبر، ومن المتوقع أن يصل إلى 3% بنهاية العام.
أسباب تسارع التضخم
- شهدت بعض قطاعات الاقتصاد الأمريكي زيادات أكبر في الأسعار بالآونة الأخيرة، كان أبرزها النقل والمواصلات، والتأمين على السيارات، وصيانة المركبات، وتذاكر الطائرات.
- كانت وتيرة زيادة الإيجارات وأسعار المنازل أعلى من المتوسط، ولم تنخفض بالقدر المتوقع تماشياً مع تباطؤ التضخم في الفترة السابقة على تسارعه الأخير، وظلت تكاليف السكن المحرك الأكبر للتضخم، والبند الأعلى تكلفة في ميزانيات الأسر الأمريكية.
- في الوقت ذاته، كانت معظم أسعار السلع والخدمات الاستهلاكية إما ترتفع بوتيرة بطيئة أو تنخفض، لكن ذلك لم يحد من تأثير ارتفاع الأسعار في القطاعات الأخرى، والتي تندرج غالبيتها ضمن مؤشر التضخم الأساسي.
- يرى الاقتصاديون أن سبب تسارع التضخم مؤخراً هو تأثير سنة الأساس، إذ يتم حساب المعدلات السنوية للتضخم بأخذ مجموع الزيادات الشهرية في الأسعار على مدار 12 شهراً سابقة.
- بمرور الوقت وعند احتساب قراءة شهر جديد، يتم حذف قراءة آخر شهر في السلسلة وإضافة التغير في الشهر الذي يتم حساب قراءته السنوية.
- بالعودة إلى بيانات الربع الأخير من عام 2023، لم تتغير أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي خلال شهري أكتوبر ونوفمبر، وزادت بنسبة 0.2% فقط في ديسمبر.
التضخم السنوي في أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي بأمريكا يونيو-أكتوبر 2024 |
|||||
المؤشر |
يونيو |
يوليو |
أغسطس |
سبتمبر |
أكتوبر |
التضخم العام |
2.4 % |
2.5 % |
2.3 % |
2.1 % |
2.3 % |
التضخم الأساسي |
2.6 % |
2.7 % |
2.7 % |
2.7 % |
2.8 % |
- عند افتراض زيادة الأسعار بنسبة 0.2% شهرياً في كل من أكتوبر ونوفمبر وديسمبر من العام الجاري، يصبح من الطبيعي تسارع التضخم السنوي في قراءات هذه الأشهر بسبب انخفاض قراءات سنة الأساس.
التغير الشهري في مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي بأمريكا خلال عام |
||
الشهر |
المؤشر العام |
المؤشر الأساسي |
أكتوبر 2023 |
0 % |
0.1 % |
نوفمبر 2023 |
0 % |
0.1 % |
ديسمبر 2023 |
0.2 % |
0.2 % |
يناير 2024 |
0.4 % |
0.5 % |
فبراير 2024 |
0.3 % |
0.2 % |
مارس 2024 |
0.3 % |
0.3 % |
أبريل 2024 |
0.3 % |
0.3 % |
مايو 2024 |
0 % |
0.1 % |
يونيو 2024 |
0.1 % |
0.2 % |
يوليو 2024 |
0.2 % |
0.2 % |
أغسطس 2024 |
0.1 % |
0.2 % |
سبتمبر 2024 |
0.2 % |
0.3 % |
أكتوبر 2024 |
0.2 % |
0.3 % |
- أكد "مايكل بيرس" نائب كبير الاقتصاديين الأمريكيين لدى "كابيتال إيكونومكس" هذا التفسير في تصريح لموقع "ماركت ووتش"، قائلاً إن تأثيرات سنة الأساس قد تعني على الأرجح تسارع التضخم في شهري نوفمبر وديسمبر.
أسباب أخرى لتسارع التضخم
- هذا لا ينفي احتمال زيادة الضغوط التضخمية في أمريكا، ومن الخطأ افتراض أن التسارع الأخير يرجع فقط إلى عوامل إحصائية بحتة، إذ يرى عدد من الاقتصاديين أن تغيرات الأسعار على المدى القصير زادت بالفعل في فصل الخريف.
- أشار "ريتشارد مودي" كبير الاقتصاديين لدى "ريجيونز فاينانشيال" إلى أن التضخم بات أكثر قوة مما توقعه الكثيرون، ومن المرجح أن يتسارع على مدار الأشهر القليلة القادمة.
هل يستمر هذا التسارع؟ وماذا عن تقديرات الفيدرالي؟
- أشار تقرير توقعات أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة إلى أنه من المتوقع عودة تضخم أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي للتباطؤ مجدداً خلال الأعوام التالية، ليسجل 2.1% في المتوسط عام 2025، ثم 2% في 2026 ليستقر عند هذا المستوى المستهدف على المدى الطويل.
- على أن يتباطأ نظيره الأساسي إلى 2.2% في 2025 من 2.6% في نهاية العام الجاري، ثم إلى 2% في 2026 وعلى المدى الطويل.
- يرى خبراء الاقتصاد في وول ستريت أن التضخم سوف يعاود التباطؤ مجدداً في عام 2025، لكن ليس قبل مرور الأشهر الأولى، إذ تميل الشركات إلى زيادة الأسعار بداية كل سنة، ويحاول مسؤولو الإحصاءات في الحكومة تعديل البيانات لمحو آثار هذا التغير الموسمي.
- لكن التجربة أثبتت أنهم يواجهون صعوبة في إجراء هذا التعديل على نحو صحيح في السنوات القليلة الماضية، وهو ما أطلق عليه رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي "جيروم باول" في عدة مناسبات "البواقي الموسمية".
- يرى المحللون أن كل ما يستطيع الفيدرالي فعله بهذا الصدد هو دراسة مجموعة متنوعة من تقارير وبيانات التضخم والأداء الاقتصادي –منها مؤشرات أسعار المستهلكين ومعدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي- ثم توقع الوقت الملائم لتحريك أسعار الفائدة.
المصادر: ماركت ووتش – بنك الاحتياطي الفيدرالي – مكتب التحليلات الاقتصادية التابع لوزارة التجارة الأمريكية
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}