انطلقت مملكة بوتان -لتخطي عزلتها الجغرافية- في مسار تنموي مخطط بخطط خمسية بدأت منذ عام 1961، متكئةً في ذلك على الدعم السخي من دول شقيقة ومنظمات عالمية كالهند والبنك الدولي والأمم المتحدة.
وقد ركزت هذه الخطط على تعزيز البنية التحتية واستثمار ثروات الطبيعة، ما أسفر عن نمو اقتصادي ملحوظ منذ أواخر القرن العشرين.
وكان مشروع تشوخا الكهرومائي، الذي أُنجز في ثمانينيات ذلك القرن، نقطة تحول بارزة، إذ تمكنت البلاد بفضل هذا الإنجاز من تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة، بل وتصدير الفائض منها إلى الهند.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
نظرة على أهم قطاعات اقتصاد بوتان |
|
الزراعة والغابات: حجر الأساس الاقتصادي
|
- يعتمد اقتصاد بوتان بشكل رئيسي على الزراعة، حيث يتيح التنوع الجغرافي والمناخي في البلاد زراعة مجموعة واسعة من المحاصيل وتربية الثروة الحيوانية.
- ومع ذلك، تشكل الأراضي الزراعية جزءًا صغيرًا من إجمالي مساحة البلاد.
- وتتركز الزراعة في الوديان المنخفضة والخصبة في وسط بوتان، التي تُعد القلب النابض للإنتاج الزراعي.
- وقد شهدت الزراعة في بوتان تحسينات كبيرة مع إدخال تقنيات جديدة، مثل تطوير مشاريع الري الصغيرة وتوزيع نباتات الفاكهة على المزارعين.
- تنتج الحقول المدرجة المحاصيل الرئيسية مثل الأرز، والبطاطس، والتفاح، والحمضيات، والتوابل.
- في الوقت ذاته، تغطي الغابات حوالي ثلثي مساحة البلاد، مما جعلها مورداً اقتصادياً مهماً.
- ورغم ذلك، تحرص الحكومة على الحفاظ على الغطاء الحرجي من خلال تشريعات بيئية صارمة تحد من التوسع الصناعي في هذا القطاع.
|
الموارد الطبيعية والطاقة |
- على الرغم من تنوع الثروات المعدنية التي تزخر بها البلاد، فإن قطاع التعدين لا يزال يعاني من ضعف النمو.
- وتقتصر صادرات هذا القطاع في معظمه على كربيد الكالسيوم والحجر الجيري والجص والدولوميت.
- وفي المقابل، تحتل مشاريع الطاقة الكهرومائية الصدارة في دفع عجلة الاقتصاد، حيث تصدر البلاد الكهرباء كسلعة رئيسية.
- ويعد مشروع تشوخا للطاقة الكهرومائية أبرز هذه المشاريع، فهو لم يقتصر على توفير طاقة نظيفة فحسب، بل ساهم أيضاً في تمويل مشاريع تنموية مستقبلية، وذلك بفضل العائدات التي جناها من بيع الكهرباء إلى الهند.
|
التصنيع: قطاع متسارع
|
- انطلقت شرارة التصنيع في مملكة بوتان في مطلع السبعينيات، فشهدت البلاد نمواً صناعياً ملحوظاً، وتبلور ذلك بظهور أربع ركائز أساسية للقطاع الصناعي، هي: صناعة الأسمنت، والصناعات الكيميائية، وصناعة منتجات الأخشاب، وصناعة الأغذية المصنعة، وذلك بحلول مطلع القرن الحادي والعشرين.
- ويُعزى هذا التوسع الصناعي المتسارع، الذي شمل القطاعين العام والخاص على حد سواء، إلى توفر كميات وافرة من الطاقة، وما يرتبط بها من عوائد مالية ضخمة، نتيجةً للمشاريع الكهرومائية التي نفذتها المملكة.
- وتتركز معظم المراكز الصناعية في بوتان في الجزء الجنوبي من البلاد، على مقربة من الحدود الهندية، ويُعد مركز فونتشولينج أكبر هذه المراكز، إذ يستحوذ على نصف النشاط الصناعي في المملكة تقريباً.
|
التمويل: تطور من المقايضة إلى الاقتصاد النقدي
|
- تحولت بوتان من اقتصاد المقايضة في الستينيات إلى اقتصاد نقدي يعتمد على عملة النغولتروم.
- وتتسم العلاقات التجارية مع الهند بأهمية كبيرة، حيث تمثل الهند الشريك الرئيسي في استيراد وتصدير السلع، لا سيما الكهرباء والمنتجات الصناعية.
|
قطاع العمالة |
- شهدت البلاد، منذ خواتيم القرن العشرين، تطوراً ملحوظاً في مسارها التنموي الاقتصادي، وذلك بفضل الارتفاع الملموس في معدلات الالتحاق بالمدارس وازدياد نسبة المتعلمين.
- إلا أن هذه الإنجازات التعليمية قد أسهمت، في الوقت نفسه، في اختلالات جوهرية على صعيد القوى العاملة.
- فقد حفز التعليم النظامي الطلاب على الابتعاد عن المهن الزراعية التقليدية، مما أدى إلى نقص حاد في الأيدي العاملة بالمجال الزراعي في المناطق الريفية مع مطلع القرن الحادي والعشرين.
- في المقابل، عانى الشباب المتعلم في بوتان من صعوبة في إيجاد فرص عمل مناسبة في المناطق الحضرية.
- علاوة على ذلك، لم يكن عدد الخريجين المؤهلين في مجالات حيوية مثل الطب والهندسة والتعليم على قدر احتياجات البلاد المتزايدة.
|
الخدمات: السياحة والقطاع الحكومي
|
- شهدت مملكة بوتان في منتصف السبعينيات بدايات حذرة للسياحة، حيث كانت تخضع لرقابة حكومية مشددة.
- ومع مطلع التسعينيات، انفتحت هذه الصناعة على القطاع الخاص، فشهدت نموًا متسارعًا في أعداد السياح والمرافق السياحية، وارتفاعًا ملحوظًا في العائدات السياحية.
- وبالتوازي مع ذلك، شهدت الخدمات الحكومية توسعًا ملحوظًا منذ أواخر القرن العشرين، وذلك بفضل الزيادة في الإنفاق الحكومي على التعليم والخدمات الاجتماعية، وارتفاع رواتب الموظفين.
- ومن نافلة القول، إن قطاع الخدمات، الذي يشمل الإدارة العامة والدفاع والمالية والتجارة والمطاعم والخدمات العامة، يُعد العمود الفقري للاقتصاد البوتاني، حيث يساهم بأكثر من ثلثي الناتج المحلي الإجمالي.
|
النقل والاتصالات: شريان الحياة الاقتصادية
|
- قد أولت خطط التنمية في بوتان اهتمامًا بالغًا بتطوير قطاع النقل والاتصالات، مما أسهم بشكل كبير في نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بحلول مطلع القرن الحادي والعشرين.
- وشهدت البلاد إنشاء شبكة طرق مترامية الأطراف، أبرزها الطريق السريع الذي يمتد لمسافة مائتي كيلومتر بين فونتشولينج وتيمفو، ويشكل شريانًا حيويًا يربط بين مختلف مناطق المملكة.
- وقد تمكن المهندسون من شق الطرق عبر التضاريس الجبلية الوعرة، وصولًا إلى المدن الرئيسية مثل تيمفو وبارو وتونغسا وتاشيجانج، مما سهل الحركة والتواصل بينها وبين الهند.
- كما تزخر بوتان بمطار دولي في بارو، تقدّم منه شركة الطيران الوطنية رحلات جوية إلى العديد من الدول الآسيوية، مما ساهم في تعزيز التواصل مع العالم الخارجي.
- وفي مجال الاتصالات، قدم الخبراء الهنود دعمًا كبيرًا لإنشاء شبكة اتصالات هاتفية حديثة تربط بين المراكز الإدارية الرئيسية في البلاد.
- وشهدت بوتان في عام 1999 ميلادًا جديدًا مع السماح ببث التلفزيون والإنترنت، وإنشاء نظام اتصالات عبر الأقمار الصناعية.
- وعلى الرغم من ذلك، لا يزال الوصول إلى الإنترنت محدودًا لدى شريحة كبيرة من السكان.
- وتضم البلاد حالياً سبع محطات إذاعية خاصة، بالإضافة إلى محطة إذاعية وتلفزيونية حكومية.
|
التجارة: شراكة استراتيجية مع الهند
|
- تعتمد بوتان بشكل كبير على الهند كشريك تجاري رئيسي كونها دولة غير ساحلية، وتتيح الترتيبات التجارية مع الهند تدفقاً حراً للسلع والخدمات.
- تستورد بوتان الآلات، ومعدات النقل، والمنتجات البترولية، والمواد الغذائية من الهند، بينما تصدّر الكهرباء بشكل رئيسي، إلى جانب الأسمنت، وخيوط البوليستر، وكربيد الكالسيوم، والتوابل.
- رغم اعتمادها الكبير على الهند، تسعى بوتان لتوسيع نطاق شركائها التجاريين، حيث تشمل قائمة الدول المستوردة الأخرى بنجلاديش، واليابان، وسنغافورة، وذلك لتعزيز التنويع الاقتصادي والحد من الاعتماد على شريك واحد.
|
رؤية مستقبلية: التنمية المستدامة في المقدمة
- تتبنى بوتان استراتيجية اقتصادية تقوم على التنمية المستدامة، حيث تسعى لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية مواردها الطبيعية.
- تحتفظ بوتان بمكانتها كدولة تنموية نموذجية في المنطقة، بسبب مواردها الكهرومائية الضخمة وغاباتها الواسعة.
- ومع التركيز على التعليم، والبنية التحتية، والسياحة المستدامة، والطاقة النظيفة، تواصل بوتان تعزيز مكانتها على الخريطة الاقتصادية العالمية، مستفيدةً من موقعها الاستراتيجي في قلب آسيا ومن ثرواتها الطبيعية التي يتم استغلالها بحكمة وبما يضمن استدامتها للأجيال المقبلة.
المصدر: الموسوعة البريطانية
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}