على الرغم من التقلبات التي شهدها سوق الأسهم الأمريكي في بداية جائحة "كوفيد 19"، كان أداؤه قويًا في عامي 2020 و2021، وبالتزامن مع بدء فتح الاقتصادات وتوسع عمليات تحصين السكان حول العالم كان من المنطقي أن تشهد الأسواق انتعاشًا أقوى.
لكن لخيبة آمالهم، لم تأت رياح السوق كما يشتهي المستثمرون، وسلكت الأسهم الأمريكية في بداية يناير عام 2022 مسارًا هبوطيًا حادًا دام لأكثر من 10 أشهر، وانخفض خلالها مؤشر "إس آند بي 500" بنحو 25%.
ورغم بلوغ السوق أدنى مستوياته خلال هذه الفترة في أكتوبر من عام 2022، لم تكن مكاسبه في الشهرين التاليين كافية لتعويض الخسائر، وأنهى مؤشر "إس آند بي 500" العام منخفضًا بأكثر من 19%، و"داو جونز" الصناعي بنحو 9%، و"ناسداك" المركب بنسبة 33%.
أبرز الأسواق الهبوطية للأسهم الأمريكية (وفقًا لأداء مؤشر إس آند بي 500) |
||
بداية السوق الهابط |
مدة استمراره (بالأشهر) |
نسبة الانخفاض |
أغسطس 1956 |
14 |
22 |
ديسمبر 1961 |
6 |
28 |
فبراير 1966 |
8 |
22 |
ديسمبر 1968 |
17 |
36 |
يناير 1973 |
21 |
48 |
نوفمبر 1980 |
21 |
27 |
أغسطس 1987 |
4 |
34 |
يوليو 1990 |
3 |
20 |
مارس 2000 |
31 |
49 |
أكتوبر 2007 |
17 |
56 |
فبراير 2020 |
1 |
34 |
يناير 2022 |
10 |
25 |
والسوق الهابط هو فترة زمنية ينخفض خلالها سوق الأسهم بنسبة 20% أو أكثر من أعلى مستوى له على الإطلاق، وكان هناك 12 حالة مماثلة منذ إطلاق مؤشر "إس آند بي 500" بشكله المحدث في منتصف الخمسينيات، بمتوسط سوق هبوطي كل 5.5 سنة.
مع ذلك، وعلى الرغم من هذه الانتكاسات المنتظمة، فإن العائد الإجمالي للمؤشر منذ عام 1957 وحتى أواخر العام الماضي تجاوز 65 ألف في المئة، وقابل الأسواق الهابطة أخرى صاعدة (فترة يرتفع فيها السوق بأكثر من 20% منذ بلوغه القاع).
ويرجع السبب وراء السوق الهابط قبل نحو عامين إلى التضخم المرتفع والزيادات الحادة في أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي، والتي أثرت بشكل كبير على أسهم النمو والتكنولوجيا وعلى معنويات المستثمرين، كما أدت المخاوف الجيوسياسية والبيانات الاقتصادية المتقلبة إلى حالة من التوتر وعدم اليقين.
على أي حال، انتهى السوق الهابط الأخير رسميًا في أكتوبر 2022، ومنذ ذلك الحين، سلك "إس آند بي 500" مسارًا صعوديًا ارتفع خلاله بنحو 61% ليغلق تعاملات الجمعة فوق 5800 نقطة للمرة الأولى.
وبحلول هذه النقطة، يكون السوق الصاعد أكمل عامه الثاني وبدأ في الثالث، وما زال لا يظهر أي علامات على تباطؤ الزخم، خاصة في ظل الطفرة التي شكلتها أسهم الذكاء الاصطناعي، فهل يواصل الارتفاع؟
السوق الصاعد.. أين يصل؟
- رغم أن السوق الصاعد الحالي بدأ في أكتوبر عام 2022، لكن لم تدخل الأسهم إلى هذا النطاق رسميًا إلا في يونيو 2023، عندما بلغت مكاسب مؤشر "إس آند بي 500" نحو 20% منذ بداية المسار الارتفاعي.
- بعد عامين من انطلاقه، لا يزال السوق الصاعد أقل بكثير من متوسط الفترة التي يقضيها عادة والتي تبلغ 5.5 سنوات في المتوسط، كما أن مكاسبه التي تتخطى 60% هي أقل بكثير عن المتوسط التاريخي البالغ 180%، وفقًا لبحث أجراه "ريان ديتريك" كبير استراتيجيي السوق في "كارسون جروب".
- في الأسابيع القليلة الماضية، استعرض العديد من خبراء استراتيجيات الأسهم في وول ستريت توقعاتهم لاستمرار ارتفاع المؤشر القياسي أكبر حتى نهاية العام الجاري وخلال عام 2025، بدعم من نمو أرباح شركات "إس آند بي 500".
- في مذكرة صدرت في سبتمبر، رفع خبراء استراتيجيات الاستثمار في "بي إم أو كابيتال ماركتس"، توقعاتهم للمؤشر بحلول نهاية العام إلى 6100 نقطة من 5600، وقالوا: "ما زلنا نشعر بالدهشة من قوة مكاسب السوق وقررنا مرة أخرى أن شيئًا أكثر من التعديل التدريجي كان مبررًا".
أبرز الأسواق الصاعدة للأسهم الأمريكية (وفقًا لأداء مؤشر إس آند بي 500) |
||
بداية السوق الصاعد |
مدة استمراره (بالأشهر) |
نسبة الارتفاع |
يونيو 1949 |
85 |
267 |
أكتوبر 1957 |
49 |
86 |
يونيو 1962 |
43 |
80 |
أكتوبر 1966 |
25 |
48 |
مايو 1970 |
31 |
74 |
أكتوبر 1974 |
74 |
126 |
أغسطس 1982 |
60 |
229 |
ديسمبر 1987 |
147 |
582 |
أكتوبر 2002 |
60 |
102 |
مارس 2009 |
132 |
401 |
مارس 2020 |
21 |
114 |
أكتوبر 2022 |
24 (ما زال مستمرًا) |
61 |
- يعتقد المحللون الاستراتيجيون للاستثمار في وحدة إدارة الأصول التابعة لـ "يو إس بنك"، أن مؤشر "إس آند بي 500" قد يرتفع إلى قرب 6500 نقطة في عامه الثالث من سوق الصاعد، وهو ما يمثل ارتفاعًا محتملًا بنسبة 12%.
- كما يتضح من الجدول السابق كان السوق الصاعد الذي انطلق عام 1987 وشهد فقاعة "دوت كوم" هو الأطول، حيث استمر لأكثر من 12 عامًا وأسفر عن مكاسب مذهلة قاربت 600%.
- فيما كان أقصر سوق صاعد هو الذي انطلق في 2020 وانتهى في بداية عام 2022، حيث استمر أقل من عامين وانتهى عندما أصبح من الواضح أن الاحتياطي الفيدرالي سيحتاج إلى مكافحة التضخم عبر رفع الفائدة، ومع ذلك، تخطت مكاسبه 100%.
هل طريق الصعود آمن؟
- الآن، يبدو أن معظم العوامل تعمل لصالح الأسهم، حيث تُظهر البيانات الأخيرة أن التضخم اقترب بشكل كبير من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%، وهذا يعني أن البنك المركزي يمكنه الاستمرار في خفض أسعار الفائدة على مدى الأشهر القليلة المقبلة.
- كما يبدو أن الاقتصاد يسير بخطى ثابتة، حيث أظهر أحدث تقرير "تنبؤات" لبنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا الأسبوع الماضي، أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نما بنسبة 3.2% على أساس سنوي في الربع الثالث، وهو ما يفوق إجماع خبراء الاقتصاد.
- حتى لو استمر السوق الصاعد، فهذا لا يعني أن أسعار الأسهم ستستمر في الارتفاع بنفس السرعة، فحتى الثلاثاء الماضي، بلغ ارتفاع الأسهم الأمريكية على أساس سنوي 27.2%، وهذه ثاني أسرع وتيرة خلال سوق صاعد منذ عام 1950، وفقًا لمذكرة بحثية من "إل بي إل فايننشال".
- كتب "آدم تورنكويست" كبير الاستراتيجيين الفنيين في "إل بي إل" التي تعد أكبر شركة استشارات مالية في الولايات المتحدة: "يشير التاريخ إلى أنه إذا استمر السوق الصاعد هذا، فيجب على المستثمرين توقع عوائد سنوية إيجابية، ولكن من المرجح أن تكون أكثر هدوءًا في المستقبل".
- هناك علامات أخرى تشير إلى تباطؤ نمو الأسهم في المستقبل، فنسبة السعر إلى الأرباح لمؤشر "إس آند بي 500"، استنادًا إلى تقديرات المحللين للأشهر الاثني عشر المقبلة من الأرباح، تقترب من 22، وهو ما يزيد على متوسطها لخمس سنوات والبالغ 19 فقط، وفقاً لبيانات "فاكت ست".
- كما أن نسبة السعر إلى الأرباح المعدلة دوريًا على مدى عشر سنوات، وهي مقياس روج له الخبير الاقتصادي في جامعة ييل "روبرت شيلر"، أعلى من 36، وهي واحدة من أعلى القراءات في التاريخ.
مفاجآت غير محسوبة
- في حين تبدو أساسيات الاقتصاد قوية، هناك اضطرابات تلوح في الأفق وترتبط بالانتخابات الرئاسية فمثلًا يريد المرشح الجمهوري "دونالد ترامب" خفض الضرائب على الشركات، لكنه يريد أيضًا فرض تعريفات جمركية وترحيل ملايين المهاجرين، وهي خطوات يعتقد بعض خبراء الاقتصاد أنها ستكون كارثية.
- من ناحية أخرى، تقول المرشحة الديمقراطية "كامالا هاريس" إن الضرائب يجب أن ترتفع على الشركات والأسر التي يزيد دخلها على 400 ألف دولار، وهو ما من شأنه أن يضر بالأسهم بشكل عام.
- رغم أن هذه السياسات ستحتاج إلى موافقة الكونجرس أولًا، لكنها تثير قلقا الأسواق بطبيعة الحال، ومع ذلك، فإن الأثر الحقيقي لها قد يظهر مع إعلان هوية المرشح الفائز بالانتخابات وتبين مدى قدرته على إقناع المشرعين.
- باختصار، ووفقًا للمعطيات التاريخية، فإن السوق الصاعد في أمريكا قد يستمر لبعض الوقت رغم تباطؤ محتمل لمكاسبه، لكن الصدمات التي قد تنتج عقب الانتخابات الرئاسية (وربما من حدث جيوسياسي كبير) ستكون فاصلة في تحديد مصيره.
- إذا استمر السوق الصاعد، فقد يكون أمامه فرصة لتعظيم مكاسبه التي لا زالت أقل من المتوسط التاريخي بكثير، لكن إذا انتهى فجأة في وقت قريب، فسيكون من بين الأقصر والأضعف أداءً على الأقل في آخر 75 عامًا.
المصادر: أرقام- فوربس- سي إن بي سي- ياهو فايننس- بارونز- بزنس إنسايدر
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}