عقد مسؤولو بنك الكويت المركزي الفترة الماضية، لقاءات متفرقة مع صانعي العديد من السياسات المصرفية في البنوك المحلية، ضمن تحرك فسّره البعض بمحاولة رقابية لقياس متانة وضع البنوك، ولتجميع بينات من خلالها يتم بناء تفاهمات رقابية مصرفية تمس مستقبل القطاع، مع استبعاد فرضية التدخل في توجيه إستراتيجيات البنوك.
وكشفت المصادر عن لقاءات جمعت قياديين في «المركزي» بمسؤولي أكثر من إدارة مصرفية دفعة واحدة، أبرزها «المخاطر» و«الخزينة» و«المالية»، موضحة أن ما يكسي الاجتماعات أهمية إضافية أن آلية عقدها خالفت الإطار التقليدي، حيث كان مسؤولو «المركزي» هذه المرة مستمعين، ضمن جولة فكر قدم خلالها صانعو سياسة كل بنك شرحاً وافياً لمراكزهم المالية وتوجهاتهم المستقبلية.
أوضاع السيولة
وعموماً تم التأكيد مصرفياً على تأهب البنوك لتمويل مشاريع التنمية المرتقبة، بمخزون كبير من السيولة المتاحة للإقراض، فيما جرى الإشارة إلى أن بنوك الكويت قادرة تمويلياً على تغطية أي احتياجات تنموية حالياً أو مستقبلاً دون التعرض لأي فجوة ائتمانية لعملياتها التقليدية أو التنموية، فيما تمت الإشارة إلى أن الحاجة المصرفية الحقيقية تتمثل في التطلع لتحسن المناخ التشغيلي محلياً وبمعدلات تسمح بعودة وتيرة نمو قروضها بفرص تشغيلية مناسبة لامتصاص فوائض أموالها.
وفي الإطار نفسه، كان نقاش «المركزي» مع مسؤولي إدارة الخزينة أكثر تحديداً، حيث جرى السؤال عن أوضاع السيولة، وتدابيرهم لتوفير احتياجاتهم المطلوبة وفقاً للمتطلبات الرقابية، فيما كان السؤال الذهبي عن المضاربات الصحية وغير الصحية التي يمكن أن تتم عبر نافذة «المبادلة» بين البنوك المحلية والأجنبية، والتي تشمل عمليات مختلفة أبرزها الدخول في صفقات تحويل الأموال من عملة إلى أخرى، وإقرار الودائع التبادلية بمختلف العملات.
اعتبارات مختلفة
وبهذه المناسبة وجه «المركزي» سؤالاً مباشراً إلى مسؤولي «الخزينة»، عنوانه العريض، ما أكثر البنوك التي تتعاملون معها في «المبادلة» ولماذا تفضلون المصارف الخارجية الإقليمية في التنفيذ، ولا تعتمدون على بنوك الكويت أو الإقليمية المرخصة من بنك الكويت المركزي للعمل في السوق المحلي؟
إلى ذلك، عزا مسؤولو الخزينة ذلك لتحديات فنية وقانونية وإجرائية تعرقل وجود صانع سوق محلي يقوم بهذا الدور، موضحين أن هناك بنوكاً إقليمية متخصصة في هذه الصفقات.
وأشاروا إلى أنه لا يوجد في الكويت صانع سوق مصرفي متخصص في عمليات «المبادلة» التي تحتاج لإمكانات كبرى ورغبة من البنك الصانع، مبينة أنه تم الرد على هذا العائق بأنه في مقابل ذلك هناك بنوكاً محلية كبرى قادرة على صناعة السوق وجهة رقابية متطورة منظمة للسوق.
وأضافوا أنه إذا توافرت صناعة «المبادلات» المصرفية بالسوق المحلي بالآلية المناسبة في هذا الخصوص فستتحول جميع بنوك الكويت النشطة في هذا القطاع بالتعامل مع صناع سوق محليين، ما دامت عملياتهم تنفذ ضمن التعليمات الرقابية المحددة وتصب في مصلحة البنك.
مخاطر محتملة
على صعيد متصل، بينت المصادر أن أبرز الأسئلة التي جرى توجيهها لمسؤولي إدارتي المخاطر والمالية تتعلق بالاستفسار عن الوضع المالي الحقيقي للبنك، وما إذا كان منكشفاً على أي مخاطر قائمة أو محتملة، وهو السؤال الذي تقاطع الجميع في الإجابة عنه، حيث جرى التأكيد على أن مؤشر مخاطر الصناعة المصرفية يعكس سلامة القطاع المحلي مالياً، وأن بنوك الكويت تمتع برسملة جيدة وقاعدة تمويل مستقرة على نطاق واسع يعزز ملاءتها المالية ويرفع قوة السيولة لديها.
كما شددوا على أن بنوك الكويت تمتلك سجلات ائتمانية تتمتع بالمرونة، علاوة على أصول ذات جودة عالية، ومصدات عالية في مواجهة أي أزمات مالية.
استشراف المستقبل مصرفياً
قالت المصادر أن مسؤولي البنوك استخلصوا من لقاءاتهم المكثفة مع «المركزي» الفترة الأخيرة أن الناظم الرقابي يسعى لاستشراف المستقبل بأعين مصرفية، حيث انتهج هذه المرة طريقة للحوار تعتمد على استمزاج آراء المعنيين وفهم متطلباتهم مدعومة بالبيانات الكافية.
وأشارت إلى أن التحرك رقابياً بهذا الإتجاه جاء لفهم السوق بتفاصيل أوسع، للوصول إلى قناعة مشتركة تلبي احتياجات القطاع المصرفي والناظم الرقابي من دون تدخل في توجيه البنوك.
وأكدت المصادر أن هناك تفاهماً أوسع بين «المركزي» والبنوك على متانة وحدات القطاع المصرفي.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}