نبض أرقام
02:55 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23
2024/11/22

في سوق الأسهم .. أول الغيث قد يكون خسارة

2024/05/17 أرقام - خاص

يقبل كثيرون على ضخ أموالهم في سوق الأسهم، مستبشرين بتحقيق الربح الوفير، ومع الوقت يتكبد كثيرون منهم الخسائر، إما لنقص في المعرفة اللازمة للتداول والاستثمار، أو بسبب ظروف السوق، والكثير من الأسباب الأخرى.

 

ولأن المعرفة في سوق الأسهم تراكمية، فإنه يمكن القول إن الجميع يرتكبون الأخطاء فيها، وإن الأخيرة هي الثمن الذي على المتداول دفعه كي يحصّل المعارف التي تعينه على تحقيق النجاح في سوق الأسهم.


 

خطأ التداول بأموال الغير

 

ومن بين أبرز الأخطاء التي يرتكبها كثير من المتداولين التخلي عن قدرتهم على اتخاذ قراراتهم الاستثمارية مقابل الحصول على التمويل، حيث إن كثيرًا من وسطاء الاستثمار في سوق الأسهم - يحدث هذا في بعض الدول العربية أيضًا - يقرضون المتداول نسبة من الأموال التي يضخها في سوق الأسهم (قد تصل لـ100%) كي يزيد رأس ماله باستخدامها.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

ويبدو الأمر مغريًا لكثير من المتداولين، بأنه إذا ضخ 1000 ريال سيحصل على 700 ريال آخرى لاستثمارها، دون أن ينتبه للاحتمالات الكبيرة لتضرره من ذلك القرار حال انخفاض السوق.

 

فكثير من شركات الوساطة تضع شروطاً أنه إذا انخفض السهم بنسبة ما -فليكن 15%- فإنه على المتداول إلزامًا أن يبيع الأسهم كلها، سواء التي اشتراها برأسماله الشخصي أو برأسمال الشركة، مع تحمله للخسارة كلها أو غالبيتها (إذا تحملت الشركة فإن ذلك يكون بنسبة ضئيلة وعن رأسمالها الإضافي فحسب).

 

ويشير المحلل المالي الشهير "أنتوني جاليا" إلى أن "إغراء" الحصول على تمويل إضافي، سواء من الشركات أو من بعض المعارف أو الزملاء يصيب 50-60% من المتداولين في السوق (قياسًا على السوق الأمريكي) لا سيما إذا حقق المتداول نجاحًا في صفقته الأولى في سوق الأسهم.

 

والشاهد أن هذا يتسبب في تكبد غالبية هؤلاء المتداولين، قليلي الخبرة، للخسائر الفادحة التي تفوق خسائرهم الشخصية، خصوصاً في حال إلزام المتداول ببيع الأسهم في حالة انخفاضها بنسبة معينة، وهو ما يفرضه أصحاب رأس المال كنوع من بوليصة التأمين والحماية لاستثماراتهم، غير أن هؤلاء المستثمرين لا يتعلمون إلا بتلك الخسارة.

 

إدراك طبيعة الأسواق

 

ومن أغلى الأثمان التي يدفعها المتداول في سوق الأسهم هو اعتياده لفكرة تذبذب السوق، حيث يؤكد "غاري بيكر" الحائز على جائزة "نوبل" في الاقتصاد عام 1992، على آلية تفاعل الإنسان مع الأسواق، أن الكثيرين لا يدركون أن من طبائع سوق الأسهم عدم الاستقرار، وأن توقع الارتفاع المضطرد فحسب يؤدي بالمتداولين إلى الخسائر قبل أن يدركوا حقيقة سوق الأسهم.

 

 

ويشير "بيكر" إلى أن "الشائعة" واسعة التداول في الولايات المتحدة وعدد من الدول الأخرى  بأن الاستثمار في سوق الأسهم يحقق عائدا بنسبة 10%، أو أي نسبة محددة، على الأقل سنويًا ليست صحيحة على الإطلاق، ولكنها تقود كثيرين إلى دخول السوق وخسارة أموالهم به لأنهم يعتقدون بأن المكسب "محقق" ومضمون.

 

ويلفت "بيكر" إلى أن أقل من 10% من المستثمرين يتمكنون من تلافي آثار الصعود والهبوط المستمر لأن هؤلاء من يمتلكون الثقة في تقييمهم لحيازتهم من الأسهم ويظلون على قراراتهم الاستثمارية التي تم اتخاذها بعد دراسة وافية بالطبع، ولا يجزعون مع موجات البيع ولا يطمعون مع نوبات الشراء.

 

ولذلك تشير الدراسات إلى أن نسبة مقاربة لـ10% هي التي تبقى في السوق بعد 5 سنوات على دخولها إياه، بينما لا يظل غالبية المتداولين أكثر من عام واحد يخرجون بعدها من السوق بشكل مباشر بعدما يتكبدون الخسارة.

 

وكثير ممن يخرجون من السوق لا يخرجون فقط بسبب الخسارة المادية ولكن بسبب ما يشكله الضغط العصبي المستمر لإبقاء الأعين على شاشات التداول بشكل مستمر، حيث إن 80% من المتداولين يقعون في هذا الخطأ بما يفقدهم القدرة على التقييم الجيد للأسهم ولتحركاتها ويجعلهم أكثر استجابة للتغييرات المؤقتة وأكثر تعرضًا للتأثر بحالات الطمع والذعر.

 

استراتيجية السلحفاة والتعلم من الخطأ

 

ويعد "ريتشارد دينيس" أحد أشهر المستثمرين في عالم الأسهم والسلع على حد سواء، ويقول إنه اعتاد عند بدء تداولاته الانتظار حتى "اللحظة المثلى" للشراء وتلك المثلى للبيع، وأن هذا أوقعه في فخ محاولة ضبط توقيت السوق بما تسبب بخسارته لقرابة 25% من أمواله "المحدودة" عندما بدأ التداول في نهاية سبعينيات القرن الماضي.

 

وبعد ذلك أقر "دينيس" نظامًا أساسيًا للشراء وللبيع يتضمن حصر مجموعة من علامات البيع والشراء، ومن علامات البيع مثلًا ارتفاع مستوى المديونية لشركة بشكل لافت خلال عام كامل، مع تراجع المبيعات أو ثباتها مع ملاحظة عدم العمل بشكل كثيف على الأبحاث والتطوير.

 

 

والتزم "دينيس" بقواعد محددة في تداوله للأسهم والسلع، بما في ذلك فترات حيازة قصيرة نسبيًا والالتزام بالقواعد التي وضعها والتي تعرف بنظرية "السلحفاة" في التداول، وتمكن من خلالها من جعل مبلغ صغير لا يتجاوز 5 آلاف دولار يصل إلى 100 مليون دولار في بضع سنوات في بداية الثمانينيات.

 

"دينيس" جاهد نفسه لتجنب العمل العشوائي ولمحاولة ضبط توقيت السوق وتلافيه أيضا ًلمتابعة الشاشات، وهي الأخطاء التي وقع فيها في بداية عمله وكبدته خسائر فادحة، وهو ما قاده لاحقًا لسن طريقة تداول تعد من بين الأنجح وخاصة في القرن الماضي، بينما بدأت فاعليتها تتراجع مع إدراك متداولين كثر لها وتنامي حجم السوق والمؤثرات عليه.

 

ويرى "دينيس" أن الضمانة الوحيدة هي الالتزام التام والشديد بالقواعد التي يضعها المستثمر لنفسه قبل الدخول في سوق الأسهم، مضيفاً أنه إذا كان المتداول يستخدم التحليل الفني أو الأساسي، فيجب أن تكون لديه خطة قبل شراء السهم تخص توقيت بيعه المبدئي أو حتى إن لم يكن هناك توقيت فالشواهد التي ستدعوه لاتخاذ تلك الخطوة.

 

ويشير "دينيس" إلى أن أكثر من 90% من المتداولين الذين يعرفهم دفعوا الثمن في سوق الأسهم لتداولهم من دون خطة، مما يعرضهم لاتخاذ قرارات عشوائية وارتكاب أخطاء فادحة تؤدي إلى خسائر مالية كبيرة، وأن منهم من تعلم، ومنهم من خرج من السوق، ومنهم من بقي في السوق رغم خسائره المستمرة.

 

ما الذي تحتاج لتغييره؟

 

ويؤكد "دان باليسون" وهو محاضر نفسي، ومستشار لمجموعة "كي ستون ويلس بارتنرز" الاستثمارية الكبيرة، أنه للتعلم من الأخطاء في السوق يجب على الشخص التوقف وسؤال نفسه ما الذي يحتاج لتغييره، وماذا يختلف عن غيره ممن حققوا نجاحًا؟

 

ويقول "باليسون" إنه بعد قيامه بدراسة مطولة لسلوكيات المستثمرين وجد أن الخطأ الأول الذي يقوم به غالبيتهم، بنسبة 70-80% أنهم لا يقبلون أن الخسارة جزء من التداول، وبالتالي يصابون بالفزع، ويتصرفون بشكل خاطئ فور حدوثها.

 

وفي المقابل يؤمن كثيرون بنظرية "اليد الساخنة" أي والتي تشير إلى أنه سيظل يربح إذا ربح في أول تداولاته، ونظرية "اليد الساخنة" جاءت من رياضة كرة السلة، فإذا تمكن لاعب من إحراز أكثر من رمية ثلاثية بشكل متتال فيعتقد كثيرون بأن رميته المقبلة ستكون ناجحة أيضًا.

 

ولذلك عليك إذا استثمرت في سهم، أو في أصل آخر، بعد بذل الجهد في استبيان جدارته واحتمالية ارتفاع سعره،  تقسيم الاستثمار وفقا لمعدلات المخاطرة التي قررتها قبل الاستثمار بالفعل وليس بشكل آني مع التقلبات.

 

 

فإذا اشتريت 100 سهم بسعر 100 ريال للسهم الواحد، وقررت أن تجعل نصفها استثماراً آمنا بالبيع بعد حد معين، وليكن 105 دولارات، فعليك بالبيع حتى لو وصلت لهذا السعر سريعًا.

 

وإذا قررت جعل 30% كاستثمار "متوسط الخطورة" بانتظار سعر 108 مثلا، فعليك بيع الـ30% فور وصوله لـ 108 ريالات، مع ترك الـ20% الباقية لمستوى 112 ريالا مثلا والالتزام بنفس الشكل السابق، فهذا وحده الكفيل بالحد من تأثير "الهرمونات" التي تفرز مع الشعور بالمكاسب، مثل الدوبامين والأدرينالين.

 

ولكل ما سبق يقول "وارين بافيت" إن النجاح في سوق الأسهم أسوأ معلم، والإخفاق فيها هو أفضل مُرشد، لأن الأول لا يدعو للمراجعة والبحث عن أداء أفضل، بل وربما يجعل بعضا من غير ذوي الخبراء يعتقدون أنهم قادرون على التداول بكفاءة، أما الأخطاء فهي الثمن الذي يدفعه المستثمر للتساؤل عن مواضع الخلل ليصلحها في تجاربه المقبلة ويتمكن من حصد المكاسب.

 

المصادر: أرقام- كتاب "How to Day Trade for a Living: A Beginner's Guide to Trading Tools and Tactics, Money Management, Discipline and Trading Psychology"- - سي.إن.بي.سي- نيويورك تايمز- بهيفيريل إيكونوميكس

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.