لعل السؤال الذي يتردد دائماً هو هل يستطيع المال شراء السعادة؟ لا شكّ أن المال هو محرك أساسي لجلب السعادة لأن سعادة الإنسان تتعزز بمكانته الاجتماعية ووضعه الاقتصادي والاجتماعي وجودة التعليم. وكلما ارتفع دخل الفرد فإنه يستطع تحقيق أكبر منفعة ممكنة وبالتالي ستزيد نسبة سعادته ورضاه.
وعلى الرغم من أن مثلا قديما يقول: "إن المال لا يستطيع شراء السعادة"، توصلت دراسات كثيرة إلى أنه كلما زاد دخل الشخص كان بمقدوره أن يصبح أكثر سعادة.
ليس سراً أن وجود ما يكفي من المال في البنك يمكن أن يساعد في تقليل التوتر لدى الأفراد، ويحسن سعادتهم بشكل عام. ولكن هل ستتلاشى كل مشاكل المرء أخيرًا؟
في هذا التقرير، نستكشف اقتصاديات السعادة وما إذا كان المال يمكن أن يشتري السعادة حقًا.
ما هي اقتصاديات السعادة؟
- اقتصاديات السعادة هي مجال اقتصادي يعترف بالسعادة والرفاهية كمقاييس مهمة للنتائج، إلى جانب التدابير المستخدمة عادة، مثل التوظيف والتعليم والرعاية الصحية.
- وهي فرع جديد نسبيًا من المجال البحثي في علم الاقتصاد، وطالما اعتمد علم الاقتصاد السائد على مفهوم المنفعة التي يشعر بها الناس من إشباع رغباتهم واحتياجاتهم.
- ومع ذلك، نظرًا لأن التجربة الذاتية للسعادة لا يمكن ملاحظتها أو قياسها بشكل مباشر، يعتمد الاقتصاديون في اقتصاديات السعادة على مراقبة تصرفات الناس وتحليلها للكشف عن المسببات أو عما يعطي المنفعة الأكبر للناس.
- وتعتمد اقتصاديات السعادة على استطلاعات الرأي حول الرفاهية لمئات الآلاف من الأفراد عبر البلدان والقارات، حيث تسلط الضوء على دور العوامل التي تؤثر على الرفاهية بخلاف الدخل، مثل تأثير عدم المساواة وسياسات الاقتصاد الكلي مثل التضخم والبطالة على مستويات الرفاهية.
- كما تقوم بتحليل المؤشرات التي تتبع جودة الحياة في مختلف البلدان، مع التركيز على عوامل مثل الوصول إلى الرعاية الصحية، ومتوسط العمر المتوقع، والدعم الاجتماعي، ومستويات التلوث، ومستويات معرفة القراءة والكتابة، والحرية السياسية، والناتج المحلي الإجمالي للفرد، وتكلفة المعيشة.
ما هي العلاقة بين الدخل أو الثروة والسعادة؟ للإجابة على هذا السؤال، نظرنا في الدراسات لمعرفة أين وكيف يشتري المال السعادة، لكننا سننظر أيضًا في القيود المفروضة على التأثير الإيجابي للدخل.
هل يمكن للمال شراء السعادة؟ |
|
المال يشتري إمكانية الوصول؛ الوظائف تعزز السعادة |
تُظهر الأدلة أن الثروة مرتبطة بمقاييس الرفاهية. إذ يتمتع الأشخاص الأكثر ثراءً بإمكانية الوصول إلى رعاية صحية وتعليم وتوظيف أفضل، مما يؤدي بدوره إلى ارتفاع مؤشرات الرضا عن الحياة.
كما أن هناك حاجة إلى قدر معين من الثروة لتلبية الاحتياجات الأساسية، وتلبية هذه الاحتياجات يحسن السعادة.
يكتسب معظم الناس الثروة من خلال الوظيفة؛ ومع ذلك، ليس فقط الثروة هي التي تحسن السعادة؛ بدلاً من ذلك، يرتبط التوظيف نفسه ارتباطًا مهمًا بالسعادة.
|
انخفاض السعادة بسبب البطالة |
أفاد تقرير السعادة العالمية عن أن البطالة زادت خلال الجائحة، وكان ذلك مصحوبًا بانخفاض ملحوظ في السعادة والتفاؤل.
لقد غيّرت الجائحة أيضًا كيفية تقييمنا لجوانب معينة من حياتنا؛ على سبيل المثال، انخفضت العلاقة بين الدخل والسعادة.
ففي النهاية، ما فائدة المال إذا كنا لا نستطيع إنفاقه؟
|
الدول الأكثر ثراءً أكثر سعادة، لكن هل هذا حقيقي؟ |
إذا أخذنا لمحة عن السعادة وثروة البلد، فسنجد أن البلدان الأكثر ثراءً تميل إلى أن يكون لديها سكان أكثر سعادة من البلدان الأكثر فقراً.
على سبيل المثال، استنادًا إلى تقرير السعادة العالمي لعام 2021، فإن الدول الخمس الأكثر سعادة — وهي أيضًا دول غنية — هي فنلندا وأيسلندا والدنمارك وسويسرا وهولندا.
في المقابل، فإن أكثر البلدان تعاسة هي تلك التي تميل إلى أن تكون أسواقًا ناشئة أو ذات ناتج محلي إجمالي أقل، على سبيل المثال، زيمبابوي وتنزانيا والهند.
في ظاهر الأمر، هذا أمر منطقي، لأنه من المرجح أن يكون لدى البلدان الفقيرة عوامل أخرى مرتبطة بها، على سبيل المثال، ارتفاع معدلات البطالة، والمزيد من الجريمة، واستقرار سياسي أقل.
لذلك، بناءً على هذه البيانات، يبدو أن مستويات الثروة والسعادة في البلد مترابطة.
ومع ذلك، على مدى فترة أطول، فإن العلاقة بين السعادة والناتج المحلي الإجمالي تكاد تتلاشى.
أي أن الرفاهية الذاتية للسكان لا تزداد عندما يصبح البلد أكثر ثراءً. على الرغم من أن ثروة مختلف البلدان في جميع أنحاء العالم قد زادت بمرور الوقت، إلا أن مستويات السعادة الإجمالية لم ترتفع بالمثل أو ظلت ثابتة وهذا ما يُعرف باسم مفارقة السعادة والدخل.
وهنا يتم طرح 3 تفسيرات لهذه النتيجة:
1- تتركز المكاسب المجتمعية والفردية المرتبطة بزيادة الثروة بين طبقة الأثرياء.
2- تعتمد درجة سعادتنا على كيفية مقارنتنا بالأشخاص الآخرين، ولا تتغير هذه المقارنة النسبية مع زيادة الثروة في جميع أنحاء البلاد.
3- لا تقتصر السعادة على الثروة والوضع المالي فقط، بل تتأثر بعوامل مجتمعية وسياسية أخرى، مثل الجريمة والتعليم والثقة في الحكومة.
هناك تفسير بديل وهو أن التقدم الوظيفي مثل الزيادة أو الترقية غالبًا ما يكون مصحوبًا بزيادة في الراتب وساعات العمل.
وبالتالي، غالبًا ما تؤدي الوظائف ذات الأجور المرتفعة إلى تقليل وقت الفراغ المتاح لقضائه مع العائلة أو في الهوايات ويمكن أن تسبب المزيد من التعاسة.
|
المصدر: بوزيتيف سيكولوجي
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}