انقلبت أسواق الأرز العالمية رأسًا على عقب منذ فبراير 2022 عندما غزت روسيا أوكرانيا، في ظل التوترات الجيوسياسية حول العالم والظروف المناخية في أماكن أخرى، وبحلول 2023 ارتفعت أسعار الأرز -الذي يعد عنصرًا حيويًا في النظام الغذائي لمليارات البشر في آسيا وإفريقيا- حول العالم بصورة كبيرة.
ظلت الأسعار مرتفعة طوال عام 2023 بسبب ظاهرة النينيا -ظاهرة مناخية تحدث نتيجة انخفاض درجة الحرارة عن معدلاتها في المحيط الهادئ- في مارس، والنينو -ظاهرة مناخية تحدث نتيجة ارتفاع حرارة سطح المياه في المحيط الهادئ عن معدلاتها- في يونيو.
إلى جانب الحدث الأبرز وهو فرض الهند -أكبر الدول المصدرة للأرز على مستوى العالم- قيودًا على الأرز غير البسمتي في يوليو بسبب الرياح الموسمية التي أثارت مخاوف بشأن نقص الإنتاج.
وخطوة تلو الأخرى، قامت نيودلهي بتشديد الخناق على سوق الأرز العالمية، إذ تواجه بعض الأصناف رسوم تصدير بنسبة 20%، ويخضع البعض الآخر للحد الأدنى لسعر التصدير، بينما لا يمكن تصدير بعضها على الإطلاق.
الهند وقيود التصدير
- أدت الرقابة على الصادرات الهندية إلى حرمان السوق الدولية من 9 ملايين طن متري، وأشعلت الأسعار العالمية، وذلك لأن الدولة الآسيوية مسؤولة عن 40% من إمدادات الأرز العالمية بعدما تجاوزت تايلاند كأكبر مصدر للأرز في العالم في عام 2011.
- وتشمل البلدان الأكثر اعتمادًا على الأرز الهندي: الفلبين وماليزيا وفيتنام في جنوب شرق آسيا، ونيجيريا وساحل العاج والسنغال في غرب إفريقيا.
- ومن المتوقع أن تُبقي الهند قيود التصدير حتى الانتخابات العامة على الأقل في أبريل أو مايو، مع سعي رئيس الوزراء "ناريندرا مودي" لاحتواء الأسعار المحلية قبل توجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع.
تداعيات حول العالم
- وبالفعل تعود القيود الهندية بالنفع على المستهلكين في البلاد، لكن استمرار ارتفاع الأسعار يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي لمليارات الأشخاص في آسيا وإفريقيا الذين كانوا يعتمدون على إمدادات مستقرة من الأرز.
- كما أن غياب لاعب رئيسي مثل الهند عن السوق له آثار بعيدة المدى ليس فقط على الدول التي تعتمد على صادراتها ولكن أيضًا على الديناميكيات الشاملة لتجارة الأرز العالمية.
- وبالفعل شعر كل من يتناول الأرز في العالم بوطأة ذلك، إذ تشير تقديرات الفاو إلى أن أسعار الأرز في سبتمبر الماضي كانت أعلى بحوالي 28% عما كانت عليه في نفس الفترة من 2022، ثم وصلت بعد ذلك إلى أعلى مستوياتها في 15 عامًا.
- على سبيل المثال، زادت تكلفة الأرز في نيجيريا 61% في الفترة من سبتمبر حتى نوفمبر 2023، وطلبت إندونيسيا من جيشها مساعدة المزارعين على زيادة الإنتاج.
- وفرض رئيس الفلبين "فرديناند ماركوس جونيور" حدًا أقصى للسعر في الخامس من سبتمبر الماضي، بعدما وصلت تكلفة الأرز لأعلى مستوياتها منذ 14 عامًا، لكنه تخلى عن ذلك الحد في الثالث عشر من أكتوبر مع هدوء المخاوف بشأن نقص المعروض، وأرجع ارتفاع الأسعار إلى المهربين والمكتنزين والمتلاعبين بالسعر.
توقعات الأسعار هذا العام
- بلغ سعر الأرز الأبيض التايلاندي المكسر 5% -وهو معيار الأسعار في آسيا- 659 دولارًا للطن في نهاية 2023، وهو المستوى الأعلى منذ 15 عامًا.
- ومن المتوقع أن تواصل سوق الأرز العالمية مواجهة ضغوط هذا العام أيضًا بسبب استمرار القيود على الصادرات الهندية والزيادة المتوقعة في الطلب خلال فترة الأعياد في أبريل، ما يعني أن الأسعار المرتفعة بالفعل قد تسجل مستويات أعلى، وبالتالي المزيد من الضغط على ميزانيات الأسر.
- إلى جانب زيادة المخاوف بشأن الإمدادات من ظاهرة النينو وتأثيرها المحتمل على المناطق الزراعية الرئيسية، إلا أن ذلك القلق قد يهدأ مع بدء المزارعين في دلتا نهر ميكونغ في فيتنام في حصاد محصولهم الجديد خلال يناير الجاري.
- ويتوقع اتحاد مصدري الأرز التايلاندي انخفاض صادرات البلاد خلال 2024 مع تراجع الطلب خاصة من إندونيسيا بعد انتخاباتها.
- وتوقع البنك الدولي استمرار ارتفاع أسعار الأرز في العام الحالي، مع افتراض أن الهند ستحافظ على قيود التصدير، كما تفترض التوقعات حدوث ظاهرة النينو بصورة من معتدلة إلى قوية.
- ورغم ذلك، إلا أنه من غير المرجح أن تعود الأسعار إلى المستوى القياسي الذي سجلته عام 2008 والذي تجاوز ألف دولار للطن، وتزامن مع حظر التصدير الشامل.
المصادر: أرقام - موقع شبكة "فويس أوف أمريكا" VOA - بلومبرج
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}