خمسة أيام استثنائية شهدتها شركة "أوبن إيه آي OpenAI"، بين الرحيل المفاجئ لمؤسسها "سام ألتمان" من منصب الرئيس التنفيذي وعودته مجددًا.
وأثارت هذه التطورات في وادي السيلكون حالة من القلق بين المهتمين بصناعة التكنولوجيا حيال الثغرات الإدارية التي تشكل خطرًا على طفرة الذكاء الاصطناعي.
ماذا حدث؟
- في الثامن عشر من نوفمبر، أعلن مجلس إدارة شركة "أوبن إيه آي" المطورة لروبوت الدردشة المعتمد على الذكاء الاصطناعي "شات جي بي تي ChatGPT" الاستغناء عن "سام ألتمان" الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك.
- برر المجلس في بيان قرار إقالة "ألتمان" بقوله إن الأخير لم يكن صريحًا باستمرار في تواصله مع مجلس الإدارة، ما أعاق قدرته على ممارسة مسؤولياته.
- ذكر مجلس إدارة الرئيس أنه تم تعيين مديرة التكنولوجيا في الشركة "ميرا موراتي" في منصب الرئيس التنفيذي مؤقتاً.
- في اليوم التالي، تم تعيين "إيميت شير" الرئيس التنفيذي السابق لشركة "تويتش" رئيسًا تنفيذياً جديدًا لـ"أوبن إيه آي"، وسط ضغوط من جانب المستثمرين لإعادة "ألتمان" إلى منصبه.
- في العشرين من نوفمبر، قال "ساتيا ناديلا" الرئيس التنفيذي لشركة "مايكروسوفت" التي تعد من أكبر المستثمرين في "أوبن إيه آي" إن "ألتمان" سينضم إلى الشركة في وحدة جديدة للذكاء الاصطناعي، وفي نفس اليوم، كتب أكثر من 500 موظف إلى مجلس إدارة "أوبن إيه آي" يطلبون منهم التنحي.
- في الثاني والعشرين من نوفمبر، عاد "ألتمان" إلى منصب الرئيس التنفيذي لـ"أوبن إيه آي"، مع تعيين مجلس إدارة جديد يتكون من "بريت تايلور" الرئيس التفيذي السابق لشركة "سيلزفورس" من بين آخرين.
- أصبح لدى "أوبن إيه آي" مجلس إدارة جديد، بعد الاستغناء عن ثلاثة من الأعضاء الأربعة في المجلس السابق، لكن "ألتمان" لم ينضم إلى المجلس.
- أشارت تقارير إلى أنه لا يزال من المحتمل إضافة المزيد من المديرين إلى مجلس الإدارة، مع إمكانية حصول "مايكروسوفت" على ممثل في مجلس الإدارة أيضًا، مع حقيقة أن الشركة تمتلك 49% من ذراع "أوبن إيه آي" الربحية.
خطورة ضعف الحوكمة
- لفهم ما حدث، من المفيد العودة إلى عام 2015، عندما تم تدشين شركة "أوبن إيه آي" لأول مرة.
- بدأت الشركة كمؤسسة غير هادفة للربح تحت اسم "أوبن إيه إي إنك"، في إشارة إلى مهمتها المتمثلة في النهوض بالإنسانية وليس السعي وراء الربح.
- في عام 2019، أنشأ "ألتمان" وفريقه مؤسسة تابعة هادفة للربح، تستهدف جمع رأس المال الاستثمار الخارجي، ما يشمل استثمارات من "مايكروسوفت" بمليارات الدولارات.
- تم تنظيم العلاقة بين الكيانين بشكل يجعل الشركة التابعة الساعية للربح تحت سيطرة المؤسسة غير الربحية ومجلس إدارتها، لكنها لا تمنح "مايكروسوفت" التي تعتبر أكبر مستثمريها أي مقاعد في مجلس الإدارة ولا حق التصويت.
- ساهم التوتر بين هذين الجزأين من المشروع في الأحداث الدرامية التي وقعت الأسبوع الماضي، وانتهت بعودة "ألتمان" لمنصب الرئيس التنفيذي.
- قالت "أنات ألون بيك" أستاذة قانون الشركات في كلية الحقوق بجامعة "كيس ويسترن ريزيرف" إن السبب وراء ما حدث هو الفوضى الواضحة التي تمخض عنها الهيكل المؤسسي غير العادي للشركة.
- ترى "بيك" أنه يجب أن تتعلم الشركة الدرس وأن تمضي قدمًا في إصلاح هذه الفوضى في حوكمة الشركات، وإلا فإن التاريخ قد يعيد نفسه قريبًا جدًا.
- ذكرت "ألون بيك" أن الصدام بين مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي كان لا بد أن يتطور بسبب اختلال الحوافز الناتج عن تباين الكيانات غير الربحية وتلك الهادفة للربح.
التقييم يرتبط بالاستقرار
- قبل مغادرة "ألتمان" لمنصبه، كان العاملون في الشركة البالغ عددهم أكثر من 700 موظف يتوقعون عرضًا يسمح لهم ببيع أسهمهم بتقييم يُقدر الشركة الناشئة بنحو 86 مليار دولار.
- لكن تقارير أشارت إلى أنه بعد الاضطرابات التي تسببت في إبعاد "ألتمان"، كان من المتوقع أن يتضاءل هذا التقييم بشكل كبير.
- نشر موقع "ذا إنفورميشن" بعد مغادرة "ألتمان" لمنصبه أن عملية بيع أسهم موظفي "أوبن إيه آي" والمتوقعة في الشهر المقبل أصبحت في مهب الريح، مع حالة عدم الاستقرار الإداري في المؤسسة.
- قال "فينود خوسلا" أحد المستثمرين الأوائل في "أوبن إيه آي" إنه من الواضح أن التطورات الأخيرة كادت تدمر الكثير من قيمة الشركة على المدى القصير.
- يرى "خوسلا" أن التقييم يعكس رؤية المستثمرين، حيث يوضحون ما إذا كانوا يرون أن الشركة هي نفسها أم أصبحت أفضل حالاً مما كانت عليه قبل الأزمة.
- تتجه "أوبن إيه آي" لتحقيق إيرادات تتجاوز مليار دولار في العام المقبل عبر بيع برنامج الذكاء الاصطناعي والقدرة الحاسوبية التي تشغل هذا البرنامج، مقابل توقعات الشركة بإيرادات 200 مليون دولار في العام الجاري.
- قال "دان آيفز" محلل التكنولوجيا في "ويدبوش" إن رحيل أعضاء مجلس الإدارة السابقين بعد "الانقلاب الفاشل" سيجعل الشركة هي نفسها قبل الأزمة، لكنه شدد على أن "أوبن إيه آي" سيكون لديها إدارة أقوى، وهو أمر أساسي للنجاح.
التقدير المسبق لشعبية القرارات
- يتمثل أحد الدروس المستفادة من أزمة "أوبن إيه آي" في ضرورة تكوين وجهة نظر مسبقة حول كيفية تعامل الموظفين مع القرارات الإدارية.
- في حالة "أوبن إيه آي"، وقع معظم الموظفين على رسالة تهديد بالاستقالة في حال عدم عودة "سام ألتمان" واستقالة مجلس الإدارة.
- بالطبع، القرارات التي تحظى برضا الموظفين قد لا تكون صحيحة إدارياً، لكن الإدارة لا يجب أن تتجاهل رؤية الموظفين بشكل كامل، مع ضرورة امتلاك رؤية حول رد الفعل المتوقع للعاملين.
وضوح الدوافع
- اكتفى مجلس إدارة "أوبن إيه آي" المقال بالإشارة إلى أنه استغنى عن "ألتمان" بسبب عدم صراحة الأخير بشكل دائم في التواصل مع مجلس الإدارة.
- لكن تقارير أشارت إلى أن التوترات نشأت بين مجلس الإدارة و"ألتمان" بسبب سعي الأخير لتطوير منتجات أكثر تقدمًا بسرعة كبيرة.
- بينما ذكر "إيميت شير" الذي تولى منصب الرئيس التنفيذي لـ "أوبن إيه آي" لمدة ساعات محدودة أنه تأكد قبل توليه المنصب من أن مجلس الإدارة لم يستغنِ عن "ألتمان" لأسباب تتعلق بالسلامة.
- تسبب غموض دوافع الإقالة في عدم حصول المجلس على دعم الموظفين أو المستثمرين حيال القرار.
- تحتاج القرارات الكبيرة والمؤثرة في الشركات إلى تبرير وتوضيح للموظفين وأصحاب المصلحة.
- بعد مغادرة الرئيس التنفيذي، أشارت تقارير إلى أن بعض المستثمرين كانوا يدرسون اللجوء لاتخاذ إجراءات قانونية ضد مجلس الإدارة، بسبب التدابير التي كانت تهدد بأضرار كبيرة للأعمال.
الموظفون أولًا
- ساهم غضب الموظفين تجاه قرارات مجلس إدارة "أوبن إيه آي" في دفع المستثمرين للضغط من أجل إقالة المجلس وإعادة "ألتمان" لمنصبه.
- استفاد "ألتمان" من شعبيته لدى الموظفين والتي حسمت الخلاف مع مجلس الإدارة لصالحه.
- الاستجابة إلى ضغط الموظفين أظهرت أيضًا مدى أهمية العنصر البشري في نجاح منظومة الشركة الناشئة.
- لم تتمكن "أوبن إيه آي" من المخاطرة بفقدان معظم الموظفين المعترضين على قرار إقالة "ألتمان"، مع حقيقة أن خروج الموظفين سيؤثر بشكل كبير على أعمال ومشروعات المؤسسة.
المصادر: أرقام – ياهو فاينانس – بلومبرج – إيكونوميك تايمز – ريسورسز فور إمبلويرز – ذا إنفورمشن
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}