نبض أرقام
08:25 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/12/18
2024/12/17

كيف ترصد إشارات تراجع سوق الأسهم؟ وماذا تفعل؟

2023/10/20 أرقام - خاص

"سوق دببة"، "فقاعة"، "رفسة القطة الميتة"، "سوق تصحيحية"، "سوق متحوط"، "سوق تسييل الأصول"، "بيع الهلع"، "تداول قياسي".. كافة هذه المصطلحات السابقة وغيرها تشير إلى سوق أسهم متراجعة، مع اختلاف سرعة التراجع وحدته وأسبابه ولكن بسبب أي منها تفقد السوق بعض مكاسبها وتكتسي المؤشرات باللون الأحمر.

 

وفي ظل مثل هذه الأسواق تثار العديد من التساؤلات أبرزها: ما هي مواصفات السوق المتراجعة؟ وكيف تكون بوادرها؟ وكيف يتصرف المتداول حيالها؟ وما هي "الأسهم الدفاعية" وكيف تزداد أهميتها في ظل السوق المتراجعة بكافة أشكالها؟

 

 

أمر طبيعي

 

يمكن القول أولا بأن تراجع سوق الأسهم من وقت لآخر أمر طبيعي للغاية في ظل الدورات الاقتصادية المختلفة، وتأثير العوامل النفسية، ولكن يبقى المؤكد أن سوق الأسهم غالبا ما "تنمو" على المدى الطويل.

 

وفي هذا الصدد تشير دراسة إلى أنه إذا قام شخص باستثمار 100 دولار فحسب في شركات مؤثر "ستاندرد أند بورز" عام 1926 فإن هذا المبلغ سيتخطى 1.264 مليون دولار في عام 2021، (شريطة إعادة استثمار الأرباح في السوق أيضا) وذلك على الرغم من الكبوات الكبيرة التي تعرض لها سوق الأسهم الأمريكي على مر السنوات.

 

لذا فحقيقة ضرورة تراجع السوق لا يجب أن تثير الذعر، ولكن تدفع للانتباه أن هناك مؤشرات تدل على قرب الهبوط، فعلى سبيل المثال تراجع مؤشر شنغهاي للأسهم خلال الستة أشهر الأخيرة بنسبة 5% تقريبا وذلك ارتباطًا بأمرين الأول أزمة العقارات في الوقت الذي يشكل فيه القطاع دافعًا هامًا للنمو محليًا، وتراجع مؤشرات التصنيع منذ مارس الماضي (عادت للارتفاع أخيرًا في سبتمبر).

 

وفي المقابل فإن قرابة 90% من حالات تراجع الأسهم الأمريكية في الأسواق كانت مسبوقة بتراجع في مؤشرات ثقة المستهلك، ولذلك يرى بعض المحللين في السوق الأمريكي إنه لن يتراجع بحدة في المرحلة المقبلة لأن مستويات الثقة بين المستهلكين الأمريكيين تبقى أعلى 16% في أغسطس 2023 منها قبل عام في أغسطس 2022، محذرين من أن بداية تراجع تلك الثقة مستقبلا قد تعكس هذا التحليل.

 

عنوان عريض

 

وعلى الرغم من اختلاف "نُذر" التراجع في السوقين الصيني والأمريكي إلا أن العنوان العريض الذي يضم كليهما حقيقة تراجع مؤشر رئيسي وجوهري للاقتصاد (وليس الاقتصاد ككل)، ولذلك فإنه في حالة أسواق الأسهم في الدول النامية فإن سوق الأسهم تكون حساسة للغاية للتغير في سعر الفائدة من جهة وسعر الصرف من جهة أخرى.

 

 

وفي بعض الأحيان قد لا تكون تلك المؤشرات بالأهمية المتصورة من الناحية الاقتصادية حقيقة أو على الأقل بمفردها، ولكن اعتقاد الأسواق بأهميتها هو ما يترك لها أهمية متفردة، ومن ذلك أن أكثر من 80% من المتعاملين في سوق الأسهم الأمريكي يرون ثقة المستهلك بمثابة "المؤشر الأهم" للاقتصاد، وبالتالي فإن تغيره يؤثر بشدة في معنويات السوق وقد تكون آثاره على السوق أكبر من آثاره المنطقية.

 

ومن نُذر التراجع أيضا استقرار المؤشرات الرئيسية على القمة دون صعود أو تراجع، فهذه الفترة التي تسمى إحصائيًا فترة القمة الممتدة، فإذا كانت دولة تحقق معدل نمو 2% ثم ارتفع لـ3% واستقر عند نسبة 3% لمدة عامين مثلا فإنه غالبا ما سيكون في سبيله للتراجع لأن القوى الدافعة لهذا التقدم لم تتمكن إلا من إيصاله لهذه النقطة وغالبا ما ستتراجع بعدها.

 

تراجع حتمي لكنه يثير الذعر

 

وفي هذا الإطار فإن تنبه المتعاملين لـ"حمى الشراء" غير المنطقية في السوق أمر شديد الأهمية ومنها أن 96% من الأسهم الأمريكية أنهت عام 2020 مرتفعة وأن 97% من المتداولين في السوق الأمريكية قبل الأزمة المالية العالمية كانوا يراهنون على مزيد من الارتفاع.

 

فحالة الرهان الجماعي على الارتفاع هذه تؤكد أن هناك سوق تصحيحية قادمة، وربما فقاعة، ولعل هذا ما دفع الكثير من المحللين إلى التحذير من أن السوق الأمريكية  "متضخمة" ومقومة بأكبر من قيمتها الحقيقية بنسبة قد تصل إلى 25% (وهي نسبة ضخمة للغاية في سوق الأسهم).

 

وتشير دراسة إلى أن تراجع الأسواق، على الرغم من حتميته، إلا أنه يتسبب في إثارة ذعر أكثر من 84% من المتعاملين، حيث إن غالبيتهم لا يتحسبون لتراجع عام للسوق ولكن لترك سهم متراجع لحساب سهم آخر يرتفع، ولكن لمؤشر عام متراجع لعدة جلسات أو أيام يصيبهم بالذعر.

 

ويبدو الأمر نظريًا عند مطالبة المتعاملين بالتزام الهدوء في مواجهة حالة من الهلع في السوق والبيع بسبب تراجع المؤشرات الرئيسية، لكن يمكن القول بأن هناك العديد من التجارب العملية التي أكدت أن هذا ممكن، ولعل أبرزها المستثمر الأمريكي مايكل باري الذي لم يتجنب تراجع الأسواق فحسب بل استفاد منه باستمرار.

 

 

الأسهم الدفاعية وأهميتها

 

وليس بالضرورة في هذه الحالة أن يترك المستثمر السوق المتراجعة بشكل كامل، ولكن هناك خيارات أخرى، وفي هذا الإطار تبرز "الأسهم الدفاعية" ويقصد بها هذه  الشركات التي لا تتحرك أسعار أسهمها بعيدًا سواء ارتفاعًا كان أو هبوطًا، ولكنها تظل معتمدة على توزيع الأرباح بنسب جيدة وتدمج بين التوسع في رأس المال (بما يسهم في ارتفاع سعر السهم) وبين توزيع الأرباح.

 

ومن الأمثلة على الأسهم الدفاعية سهم شركة "لوكهيد مارتن" للصناعات العسكرية، والتي ارتفع سعر سهمها بنسبة 17% فحسب خلال السنوات الخمس الأخيرة وسط تذبذب محدود لسعر السهم في ظل بيئة دولية غير راكدة وغير مستقرة في الوقت نفسه ولا تشير إلى تراجع سعر السهم ولا لانفجاره صاعدًا.

 

وقامت الشركة بتوزيع أرباح بلغ أقل من 3% بقليل في غالبية السنوات الماضية بما يؤشر على أنه سهم يمكن اقتناؤه إذا ما رأى المستثمر أن هناك حالة من الضبابية تقتضي عدم الاستثمار في الوقت الحالي بما يجعل مثل هذه الخيارات المعتمدة على توزيع الأرباح أكثر أمانًا.

 

وفي مقابل الأسهم الدفاعية تبرز الأسهم "التخمينية" وهي تلك التي يكون الأساس فيها توقع حدوث شيء بعينه في قطاع بعينه حتى أن بعض التقارير عادة ما تشير إليها بعنوان "أسهم يجب عليك شراؤها إذا كنت تصدق الشائعات"، وفي مقدمتها القطاعات عالية الابتكار مثل التكنولوجيا والتعدين والتكنولوجيا الحيوية.

 

 

فعلى سبيل المثال فإن ميتا لا تقوم بتوزيع الأرباح، وبالتالي فإن الرهان بالكامل يكون على نمو الشركة مستقبلا وعالم "الميتافيرس" الذي تعتزم الشركة التوسع في استثماراتها فيه، وفي ظل توقع تراجع الأسواق فإن الاستثمار في تلك الأسهم دائما ما يكون محفوفًا بالمخاطر.

 

والغريب أن ما يحدث على أرض الواقع يكون عكس ذلك، فمع تراجع السوق تزداد عمليات المضاربة بنسبة 40% في المتوسط في السوق الأمريكي، وذلك طمعا في ارتدادات مؤقتة لتحقيق أرباح سريعة، وغالبا ما تنتهي تلك المحاولات (باستثناء تلك المؤسسة المدعومة برؤوس أموال كبيرة) إلى الفشل.

 

ومع الأسهم الدفاعية على المستثمر حالة تراجع السوق أن ينوّع بين الحفاظ على أصول متحفظة من جهة، وبين قدر من السيولة تتيح له عدم تفويت الفرص في السوق، من جهة أخرى، لأنه عكس أوقات الارتفاع غير المبرر فإن أوقات التراجع تكون الأنسب للحصول على فرص استثمارية متميزة.

 

المصادر: أرقام- كوفيننت ويلث أدفايزورز- فوربس- فينرا- إيكونوميست

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.