نبض أرقام
07:08 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23
2024/11/22

كلوديا غولدين .. نوبل في الاقتصاد عبر بوابة غياب عدالة الأجور بين الجنسين

2023/10/13 أرقام - خاص

اشتهرت عالمة الاقتصاد الأميركية "كلوديا غولدين" بكونها أول امرأة يتم تعيينها كرئيسة لقسم الاقتصاد في جامعة "هارفارد" الأمريكية، وبأبحاثها المتواصلة عن "عدم المساواة" في العمل بين الرجال والنساء وكيفية تأثير ذلك على الاقتصاد.

 

وقبل أيام -في التاسع من أكتوبر الجاري- فازت "غولدين"، والبالغة من العمر 77 عامًا، بجائزة نوبل للاقتصاد لعام 2023، فيما اعتبرته الأوساط الأكاديمية الاقتصادية تكريمًا لعشرات السنين من العمل التي عُنيت فيها "غولدين" برصد ودراسة حجم الفجوة في الأجور بين الرجل والمرأة في سوق العمل.

 

 

اهتمام بالأسرة.. ومراحل لعمل المرأة

 

انضمت الاقتصادية البارزة بذلك إلى عدد كبير من الأمريكيين الذين فازوا بنوبل للاقتصاد، حيث إنه منذ بدأت الجائزة فإن أكثر 70% من الفائزين بها كانوا من الأمريكيين بما أثار اتهامات للجنة بتبنيها للآراء الاقتصادية الأمريكية على حساب غيرها من الاتجاهات الاقتصادية.

 

وأظهرت الباحثة اهتمامًا بدراسة التأثيرات الاجتماعية للعمل، وكتبت أيضاً مؤلفات عن العبودية والفساد والتعليم، لكنها أولت اهتماماً في المقام الأول باقتصاد الأسرة، وذلك بعد فترة درست فيها العلوم الطبيعية في مستهل حياتها الأكاديمية.

 

وقسّمت "غولدين" التاريخ الاقتصادي الحديث من حيث مساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي إلى 5 مراحل: الأولى هي الفترة بين عامي 1900-1920 وشهدت نموًا لافتًا في أعداد السيدات العاملات بسبب عاملين الأول هو استقرار ممارسات الثورة الصناعية بشكل شبه كامل والثاني تراجع معدلات الزواج والإنجاب.

 

أما الفترة الثانية فكانت بين عامي 1920-1940 حين توقفت نساء كثيرات عن العمل بسبب مرحلة "الكساد الكبير"، واتجهت كثيرات إلى الإنجاب وابتعدن عن سوق العمل.

 

ثم جاءت المرحلة الثالثة من بداية الأربعينيات إلى بداية الستينيات من القرن العشرين، حيث ساد مفهوم عمل المرأة قبل الزواج، ثم انقطاعها عن العمل بعد إنجاب الأطفال ثم العودة إلى سوق العمل مجددًا بعد بلوغ الأطفال مراحل عمرية يتمكنون فيها من الاعتماد على أنفسهم.

 

 

تغير كبير

 

وترى "غولدين" أن الزيادة الكبيرة في الاعتماد على حبوب منع الحمل في المرحلة الرابعة وهي في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي جاءت كرد فعل لعجز كثيرات عن تحقيق الطموحات المهنية في المرحلة السابقة، حيث أعطت نسبة كبيرة من السيدات الأولوية لحياتهن المهنية في الثمانينيات، وامتنع أكثر من ربع السيدات حينها عن الإنجاب.

 

كما ترى "غولدين" أن الجيل الحالي من النساء هو الجيل الخامس، والذي يعاني من أجل التوازن بين العمل والأسرة، متهمة أصحاب العمل والشركات بـ"الجشع" واستغلال المرأة بمنحها أجوراً أقل وذلك في دراسة بعنوان "المهنة والأسرة: رحلة المرأة على مدى قرن نحو العدالة".

 

وتضرب "غولدين" بعض الأمثلة على ما تصفه بـ"الجشع" في توظيف المرأة، ومنها حقيقة حصول المرأة في الولايات المتحدة على 20% أقل من الرجال مقابل نفس العمل، أما في المملكة المتحدة فتحصل النساء على 19% أقل من الرجال مقابل نفس العمل، بينما في فرنسا تحصل النساء على 15% أقل من الرجال مقابل نفس العمل، وأخيرا في اليابان تحصل النساء على 23% أقل من الرجال مقابل نفس العمل.

 

(في عام 2022، كان متوسط أجر العاملة في الولايات المتحدة 51.168 دولار سنوي، بينما كان متوسط أجر العامل في الولايات المتحدة 63.045 دولار).

 

والواضح هنا أن "غولدين" تجنبت الإشارة إلى بعض الدول التي لا تعاني من فجوات في الأجر بنفس القدر، مثلما هي الحال في غالبية الدول العربية على سبيل المثال، مما أثار انتقادات لدراساتها التي تركز بدرجة كبيرة على العالم الغربي.

 

فجوة الدخل

 

وتشير "غولدين" إلى ما وصفته بنجاح السيدات في التوغل في سوق العمل، حيث زادت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل عالميًا من 35% في عام 1960 إلى 52% في عام 2022، وذلك على الرغم من استمرار فجوة الدخل بين الجنسين.

 

وقالت "غولدين" إنها قدمت أول دراسة شاملة لدخل المرأة ومشاركتها في سوق العمل عبر قرون، قبل ثلاثين عامًا وأن سوق العمل شهدت "أوقاتًا سيئة" مليئة بالاستغلال وصلت إلى حد أن الرجل كان يحصل على دولار مقابل كل 49 سنتا تحصل عليها المرأة في نفس العمل أي أنه كان يحصل على أكثر من ضعف أجرها.

 

وتشير "غولدين" هنا إلى حقيقة أن الكثير من السيدات يقبلن بالعمل بأجور أقل من الرجال، حيث إن 40% من السيدات في أمريكا على سبيل المثال لا يرين غضاضة في القبول بالعمل بأجر أقل من الرجل، بل ولا تميل النساء عمومًا إلى استهداف الوظائف ذات الدخل العالي.

 

 

و"غولدين"، وهي ثالث امرأة تفوز بجائزة نوبل في الاقتصاد، تشير إلى أن المشكلة متعاظمة في أن المرأة لا تصل بالأساس إلى العديد من الوظائف العليا إلا بنسب ضئيلة، وإذا وصلت تحصل على أجور أقل، مشيرة إلى أن الفجوة في الأجور تتزايد في الوظائف ذات المداخيل المرتفعة، ومن ذلك أن الفجوة في وادي السيلكون الأمريكي تقترب من 30% لصالح الرجل.

 

ولفتت "غولدين" في أطروحاتها إلى أن الاعتقاد السائد بأن مساهمة المرأة في العمل تاريخيًا في ازدياد مستمر غير حقيقية، حيث تصفها باستمرار بأنها على شكل "u" إحصائيا (أي أنها تزيد لتنقص ثم تزيد لتنقص وهكذا) وأن عمل المرأة استقر في اتجاه صاعد فقط من سبعينيات القرن الماضي التي عدتها "نقطة تحول تاريخية".

 

وأظهرت غالبية الأبحاث التي أجرتها "غولدين" أن فجوة الدخل بين الجنسين لها آثار سلبية على الاقتصاد والمجتمع ككل، حيث اعتبرت أن الفجوة في الأجور تؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة الفقر، وزيادة عدم المساواة وتشويه هيكل الإنتاج.

 

انتقادات

 

وهناك العديد من الانتقادات للدراسات التي أجرتها "غولدين" عام 2007، ووجدت أن الفجوة في الأجور بين الجنسين في الولايات المتحدة قد انخفضت منذ عام 1970 بشكل لافت، وكان رد الكثير من المنتقدين أن هذا لا يعني بالضرورة أن الفجوة في الأجور قد اختفت، فقد يكون ذلك بسبب عوامل أخرى، مثل زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل.

 

ويرى بعض الاقتصاديين أن "غولدين" تركز بشكل كبير على التمييز على أساس الجنس في مكان العمل، وتعطي القليل من الاهتمام للعوامل الأخرى التي تساهم في الفجوة في الأجور، مثل اختيار المهنة ومسؤوليات الرعاية، والإمكانيات الفنية.

 

على سبيل المثال، يؤكد الاقتصادي "روبرت ماكينزي" أن النساء يملن إلى اختيار مهن ذات أجور أقل من الرجال، وذلك لرغبتهن في العمل ساعات أقل أو بضغط أقل في حالات كثيرة، وذلك تقديرًا لحاجتهن في المساهمة في بناء الأسرة، مما يساهم في الفجوة في الأجور. كما يقول إن النساء يتحملن عبئا أكبر من المسؤوليات المنزلية والرعاية، مما يقلل من وقتهن المتاح للعمل وبالتالي أجورهن.

 

 

وهناك انتقاد عام لأعمال "غولدين" ودراساتها بأنها تعتمد على بيانات تاريخية، في مجالات لم تكن موثقة بالمرة بشكل دقيق في مراحل سابقة، ولذلك قد لا تكون دقيقة كما أنها لا تعكس تطورات الوضع الحالي، في حين أنها تعتمد على بيانات أمريكية، والتي قد لا تكون قابلة للتطبيق على البلدان الأخرى.

 

ويبدو أن "غولدين" أثارت تفاعلًا كبيرًا بين مؤيدي أبحاثها وبين معارضيها، وأن مؤسسة "نوبل" رأت فيها ما يمثل المساهمة الكبيرة التي تستدعي منحها الجائزة المرموقة أدبيًا وحوالي مليون دولار بسبب اختيارها للتتويج بالجائزة في عام 2023، لتصبح بين 65 سيدة فازت بالجائزة -بشكل عام وليس الاقتصاد فحسب- من أصل 1000 فائز عبر السنوات.

 

المصادر: أرقام- موقع جائزة نوبل- وكالة الأنباء الفرنسية- فوربس- مينت

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.