المستهلكون هم المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي وليست المصانع

2023/06/24 اقتصاد الشرق

يكشف الاقتصاد العالمي عن مؤشرات متنامية حول المضي قدماً اعتماداً على محرك واحد يتمثل في القوة الدافعة لقطاع الخدمات، بينما تقلص المصانع بداية من اليابان إلى الولايات المتحدة خطوط الإنتاج وتواجه صعوبة إبرام اتفاقات لطلبيات جديدة.
 

بيّنت استطلاعات رأي لمديري المشتريات في القطاع الصناعي الصادرة اليوم الجمعة، حدوث انكماش في الاقتصادات الكبرى، إذ بلغ المؤشر الأميركي أدنى مستوياته حتى الآن خلال العام الجاري.
 

تجاوز هبوط المؤشر المماثل لمنطقة اليورو لشهر يونيو توقُّعات خبراء الاقتصاد، إذ بلغ أدنى مستوياته خلال ما يفوق 3 سنوات.
 

ارتفاع المخزونات العالمية
 

مع نقل المستهلكين تركيزهم إلى الحصول على الخدمات، يعاني قطاع البضائع في الاقتصاد العالمي من ارتفاع المخزونات. فاقمت زيادات الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأوروبية لأسعار الفائدة الأقوى منذ عقود من تكاليف تمويل الإنفاق الرأسمالي.
 

هبطت هذه الأخبار بأسعار الأسهم، ورفعت عوائد السندات الحكومية عبر أنحاء الأسواق على مستوى العالم، بعد صعود كبير للأسهم بسبب الحماس إزاء قطاع الذكاء الاصطناعي المزدهر. مع استمرار تلميحات البنوك المركزية إلى أنَّها ستواصل زيادة أسعار الفائدة لكبح التضخم؛ تراجعت العوائد للسندات قصيرة الأجل بمستوى أقل من عوائد السندات طويلة الأجل؛ وهي علامة تقليدية علىالركود.
 

شهد منحنى العائد في ألمانيا تفوق السندات قصيرة الأجل بأعلى مستوى على نظيرتها طويلة الأجل فيما يعرف بنقطة الانقلاب منذ عام 1992، في حين أنَّ عائدات المملكة المتحدة لأجل عامين تتخطى معدلات السندات أجل 10 سنوات بدرجة لم تحدث منذ 2000. أظهرت عائدات الولايات المتحدة لأجل سنتين تفوقاً بأكثر من نقطة مئوية على السندات لأجل 10 سنوات بداية من صباح الجمعة. في هذه الأثناء هبط مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" 0.7% عند الساعة 10:38 صباحاً بتوقيت نيويورك.
 

أميركا قد تتفادى الركود الاقتصادي
 

يتناقض التشاؤم الجلي في مؤشرات مديري المشتريات بالقطاع الصناعي والأصول المالية العديدة مع تقييم برز بوقت متأخر من أمس الخميس لوزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين الذي يشير إلى أنَّ مخاطر الركود في الولايات المتحدة انحسرت.
 

صرّحت يلين خلال مقابلة معها في باريس: "إذا كان هناك تغيير؛ فإنَّ توقُّعاتي تشير إلى أنَّ هذه المخاطر انحسرت، بالنظر لقوة سوق العمل، والتضخم المتراجع".
 

يتماشى تقديرها للموقف مع تقديرات العديد من خبراء الاقتصاد، إذ كشف استطلاع رأي لـ"بلومبرغ" نُشر اليوم الجمعة أنَّ هناك إجماعاً في الوقت الحالي على أنَّ الولايات المتحدة ستتفادى الركود الاقتصادي خلال العام الجاري، برغم أنَّ تسارع التضخم الأساسي سيكون بوتيرة أعلى مما كان متوقَّعاً في السابق.
 

مخاطر الركود
 

صرح نيل براون، رئيس وحدة الأسهم في "جي آي بي أسيت مانجمنت" (GIB Asset Management)، لتلفزيون "بلومبرغ": " على المدى البعيد، ما زلنا نتوقَّع تحقيق نمو جيد خلال السنة الجارية بمعدل 2.8% على مستوى العالم، و3% للسنة التالية، برغم ذلك نتوقَّع أن يكون النمو هشاً، مما يجعلنا بحاجة لتوخي الحذر إزاء مخاطر الركود".

 

هبط مؤشر مديري المشتريات للقطاع الصناعي العالمي للشركات الأميركية المدرجة في مؤشر "ستاندرد أند بورز" إلى 46.3 نقاط خلال يونيو الجاري، مما يعد أقل من عتبة 50 نقطة بشكل كثير التي تمثل الحد الفاصل بين النمو والتراجع.
 

كتب إيان لينجن، رئيس وحدة استراتيجية أسعار الفائدة الأميركية في شركة "بي إم أو كابيتال ماركتس" (BMO Capital Markets)، في مذكرة للعملاء: "لا نعتقد أنَّ هذه البيانات ستؤثر بصورة فورية على قرار سياسة الاحتياطي الفيدرالي النقدية خلال يوليو المقبل".

أوضح أنَّه لذلك سيدرس تقريرَي الوظائف والتضخم ليونيو الجاري برغم أنَّهما كشفا عن بيانات محبطة.

 

تعثر التصنيع العالمي
 

تشير التوقُّعات إلى تراجع مؤشر مديري المشتريات للقطاع الصناعي الصيني، المنتظر صدور بياناته في 29 يونيو، بينما من المنتظر هبوط مؤشر معهد "إيفو" (Ifo) الألماني لثقة الأعمال، مما يعزز أدلة تعثر قطاع التصنيع العالمي.
 

في ظل التراجع المتزامن في مجمل أداء المصانع حول العالم مع دخوله النصف الثاني من العام الجاري؛ يقود المستهلكون في الاقتصادات المتقدمة النمو العالمي مع إقبالهم بشراهة على الخدمات التي حُرموا منها أثناء فترة تفشي وباء كورونا.
 

أكد كريس ويليامسون، كبير خبراء اقتصاد الأعمال في "ستاندرد أند بورز غلوبال ماركت إنتلجينس" (S&P Global Market Intelligence)، في بيان: "التراجع الكبير المتنامي للطلبات الجديدة يعني أنَّ المصانع ستعاني من ضعف التشغيل، ويبقى السؤال المتعلق بمدى قدرة نمو قطاع الخدمات على الصمود بمواجهة هبوط قطاع التصنيع والتأثير متأخر الظهور لزيادة أسعار الفائدة السابقة".
 

على صعيد البنوك المركزية؛ فإنَّه يُصعّب من مهمتها لتحديد إلى أي مدى ستواصل رفع أسعار الفائدة.
 

صرّحت ليندسي بيزا، كبيرة خبراء الاقتصاد في شركة "ستيفل نيكولاس أند كو" (Stifel Nicolaus & Co) لتلفزيون "بلومبرغ": "يريد الاحتياطي الفيدرالي أن يرى الاقتصاد متراجعاً، لأنَّه عند ذلك فقط يمكننا أن نرى هبوطاً لمعادلة التضخم التي تعد في الواقع العنصر الوحيد الذي بإمكان البنك التحكم فيه. ربما لا نرى تراجعاً كبيراً أو ممتداً لفترة طويلة للاقتصاد الأميركي، لكن نحتاج لرؤية هذا التراجع مهما كان".

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.