نبض أرقام
07:38 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/12/18
2024/12/17

كيف يحفز المتداول نفسه ليحقق الأرباح في سوق الأسهم؟

2023/06/02 أرقام - خاص

"إذا حققت العلامة الكاملة من خلال الاستذكار المنتظم والمكثف فإنني سأتركك تلعب كافة شهور الصيف بشكل حر، وسأشتري لك اللعب التي تحبها لكي تكون سعيدًا.." هذا ما يخبر به العديد من الآباء والأمهات أبناءهم لتحفيزهم من أجل الاستذكار المكثف وتحقيق النتائج المرجوة نهاية العام الدراسي.

 

وبوعي أو بغير وعي يطبق الأهل هنا "مبدأ بريماك"، وهو مبدأ في علم النفس والتربية، يقوم من خلاله الشخص بتحفيز سلوك مفيد ولكنه غير مرغوب (مثل المذاكرة بالنسبة للطفل في المثال السابق)، بآخر مرغوب لكنه أقل فائدة (مثل اللعب في المثال السابق أيضًا).

 

 

هل يصلح بريماك في الاستثمار؟

 

وهناك عشرات الأمثلة في هذا الإطار، بأن تقرن الأم حصول الابن على الحلوى التي يحبها بقيامه بالانتهاء من تناول طبقه الذي يحتوي على كافة العناصر الغذائية الضرورية كاملًا مثلا، ولكن يبقى السؤال كيف يمكن استخدام "مبدأ بريماك" في عالم الاستثمار وسوق الأسهم؟

 

فما هو الأمر المرغوب من قبل من يندمجون في الاستثمار أو في سوق الأسهم الذي يعد "منطقيا"، لا شك أنه تنمية رؤوس الأموال وحصد الأرباح، وهو ما يقوله أكثر من 95% حتى فيما ذلك غالبية أصحاب الرؤوس المغامرة، أي أن الربح يبقى هو المرغوب وهو "المحفز" المنطقي للمتعاملين في السوق.

 

فما هو السلوك الذي يجب أن يكون الربح بمثابة محفز له؟ لا شك أن القيام بالدراسة والبحث قبل الاستثمار هو السلوك الصعب، والجهد غير المرغوب الذي يجب أن يجعل المستهلك الربح نصب عينيه لكي يستطيع "تمرير"أو "استساغة" الجهد الكبير المبذول لتحقيق هذا الهدف.

 

وللتوضيح فإنه في الوقت الذي يرغب فيه الغالبية الكاسحة من المستثمرين في تحقيق ربح من سوق الأسهم، فإن 30% فقط من المتعاملين في سوق الأسهم يحاولون وضع خطة استثمارية شاملة، وليس مجرد رهانات متفرقة على أسهم دون وضوح للرؤية الكلية.

 

هل الربح هدف جميل فعلا؟

 

فما هو الحل؟ أن يضع المستثمر نصب عينيه دائما الربح لكي يضع خطة متكاملة يبذل فيها جهدًا أولاً في الاطلاع على الأساسيات في الاستثمار بشكل واسع ثم دراسة الشركات، أي أن يعطي لنفسه "حافزاً" وهو الربح، ليقوم ببذل النشاط غير المرغوب فيه وهو البحث.

 

 

وقد يتساءل البعض، وهل يوجد من يدخل سوق الأسهم ولا يستمر في وضع هدفه الربحي نصب عينيه باستمرار؟ الحقيقة أن الإجابة هي نعم، بل إن الغالبية يفعلون ذلك حيث تتدخل عوامل أخرى مثل الرغبة في إثبات الذات وتجنب الشعور بالخطأ والشعور بتدفق هرموني الأدرينالين والدوبامين في قرارات 80% من المستثمرين.

 

وتشير دراسات إلى أن أكثر من 70% من المتداولين ينخرطون فيما يعرف بـ"التداول العاطفي" أي القائم على العوامل السابقة، وغالبا ما يقع كثير منهم في "فخ" اعتبار السوق بمثابة كيان واحد يشكل خصمًا له، بما يجعله يفقد الهدف الرئيسي ويبدو الأمر كما لو كانت معركة في مواجهة كيان موحد وهو ما يخالف الواقع في ظل تنوع القوى الموجهة للسوق وتعدد اتجاهاتها.

 

ولذلك فإن هذا المستثمر قد لا يبذل الجهد المطلوب في البحث والتقصي من أجل اختيار السهم (الأسهم) الأفضل له، بل يندفع في بعض الخيارات غير العقلانية، وذلك لأنه لا يضع هدفه الأصلي، الربح، أمامه باستمرار وينجرف وراء أهداف فرعية.

 

آثار سلبية

 

ولهذا الأمر تاثيره السلبي للغاية على المستثمر حيث يجعل المستثمر العادي الهادئ (أي الذي يدخل السوق مرات قليلة على مدار العام للبيع والشراء) يحقق أرباحًا تقل بنسبة 1.5% عن متوسط ما يحققه السوق، بينما تصل النسبة في المتداولين اليوميين إلى 6.5 % بسبب اتخاذهم عدداً أكبر من القرارات الخاطئة، بما يجعلهم خاسرين اقتصاديًا بالتأكيد ومحاسبيًا في غالبية الحالات.

 

وإذا قمت بعملية بحث بسيطة على شبكة الإنترنت حول "لماذا يخسر 90% من المتداولين أموالهم في سوق الأسهم؟" فستجد الإجابة واحدة في غالبية المواقع الكبرى المهتمة بالاستثمار في سوق الأسهم وهي: لأنهم يفتقرون إلى المعرفة والتعليم الجيد (ويقصد به التعليم الاستثماري وليس بوجه عام)"، ولا شك أن المحفز الرئيس كي يحصلوا عليهما هو ربط الجهد بالنتيجة.

 

 

والشاهد أن كافة دراسات علم النفس تشير إلى أن وجود هدف واضح أو رقم بعينه أيضا يساعد على التحفيز لبذل الجهد "غير المرغوب"، ومن ذلك ما تشير إليه الدراسات المتعلقة بالحمية الغذائية بأن نسبة النجاح فيها ترتفع بنسبة 70% إذا كان هناك وزن محدد يرغب الشخص في الوصول إليه، ولا يسعى لفقدان الوزن من دون تحديد كتلة جسمية معينة يرغب في الوصول إليها.

 

ويمكن القول إن هذه القاعدة مفيدة في سوق الأسهم أيضا، بأن يدخل الشخص سوق الأسهم راغبًا في مضاعفة 10 آلاف ريال يستثمرها في غضون 4 سنوات مثلا (نسبة افتراضية)، وليس في تنمية أمواله فحسب بما يساعده في التركيز على تحقيق أهدافه، مع ملاحظة أن يكون الهدف الموضوع واقعيا وممكن التحقيق لتجنب الإصابة بإحباط الإخفاق حال كان الهدف غير واقعي.

 

أهداف غير واقعية

 

ولعل الجزء الخاص بالهدف غير الواقعي هو ما يصدم الكثير من المتداولين ويتسبب في خروجهم منه أو بقائهم على الرغم من الخسارة، حيث تكشف الأرقام من السوق الأمريكي أن 40 % من المتداولين يخرجون منه بعد أول شهر فحسب من دخولهم إليه، وذلك بعد "اكتشافهم" ما يتطلبه الأمر من جهد.

 

فهنا قد يكون المتداول يتبع مبدأ "بريماك" نظريًا، بأن يضع نصب عينيه الربح بوضوح كهدف، ولكنه لا يقدر حجم الجهد المبذول (السلوك غير المحبب) لتحقيق الربح، بل ويبالغ في الربح الذي يمكنه تحقيقه من دخول السوق وبالتالي يصاب بالإحباط ويخرج من السوق سريعًا.

 

وبشكل عام فإن 80% من المتداولين في السوق الأمريكي لا يستمرون أكثر من عامين، بينما يبقى 7% فقط يتداولون لأكثر من 5 أعوام (بينما 1% فقط يحققون أرباحًا مرتفعة باستمرار بعد خصم العمولات ومصاريف البيع والشراء وغيرها) بما يؤكد أن 93% من المتداولين يدركون بشكل أو بآخر أن سوق الأسهم "ليس مكانهم" بعد فترات زمنية متفاوتة.

 

 

بل وتشير الإحصاءات الأمريكية أيضا إلى أن الطبقة الأفقر تميل إلى الاستثمار بطريقة أكبر بمنطق رأس المال المغامر، أي بلا حساب جيد ولا دراسة، نظرًا لأن هدفه هنا يكون حصد أموال كثيرة بلا جهد، وهو ما يناقض مبدأ بريماك بشدة.

 

وفي النهاية، يجب أن يتأكد المتداول أنه من نسبة 7% التي تستطيع الاستمرار في السوق بعد فترة طويلة، لقدرتها على التركيز المستمر على الهدف النهائي وتجنب التشتت في أهداف فرعية، فهذا وحده الكفيل بأن يدفع المستثمر لبذل الجهد المطلوب للوصول لأفضل الأسهم، مقتنعًا بأن وقته وجهده ثمن عادل للحصول على ما يرغب فيه من تنمية رأسماله وتحقيق الأرباح.

 

المصادر: أرقام- كوربرت فاينانس- فاينانشيال تايمز- ساينس دايركت- ستادي

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.