لقد كانت الجائحة أكبر اختبار شهدته أنظمة الرعاية الصحية العالمية الحديثة على الإطلاق. حيث كشفت عن تفاوتات صارخة ومشاكل نظامية جمة، تاركة العديد من الأنظمة مستنزفة وتكافح من أجل التعافي.
لكنها أظهرت أيضًا فعالية طرق العمل الجديدة والأدوات الرقمية في مواجهة بعض التحديات التي تواجه الصناعة. بالإضافة إلى ذلك، فقد سمحت بالابتكار في تطوير العلوم والأدوية وتوزيعها وتسليمها.
- من المقرر أن تستمر التحديات التي يواجهها قطاع الصحة والرعاية الصحية العالمي في المستقبل.
- وتشمل القضايا على المدى القريب تدهور الصحة العقلية ونقص القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية وقضايا سلسلة التوريد والتحديات المتعلقة بتغير المناخ وعدم استقرار الاقتصاد الكلي.
- أما التحديات طويلة الأجل فتشمل الطلب المتزايد على الخدمات، وزيادة فجوة التمويل، ونقص الحوافز للابتكار، واتساع الفوارق في الصحة والعافية بشكل عام، والوصول المتغير إلى العلاجات المتقدمة.
- ولمّا كانت هذه التحديات معقدة ومترابطة؛ فإن إعادة تشكيل أنظمة الرعاية الصحية للتعامل معها باتت مصدر قلق عالمياً ملحاً.
- وقد تم تناول هذه القضية الرئيسية في التوقعات الاستراتيجية للصحة والرعاية الصحية العالمية الصادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي، والتي تحدد "رؤية مشتركة للصحة والرعاية الصحية بحلول عام 2035".
وفيما يلي ثمانية اتجاهات عالمية حالية في مجال الصحة والرعاية الصحية لا بد من مواجهتها حيث نهدف إلى تحويل الأنظمة لتصبح أكثر استدامة ومرونة وإنصافًا.
8 اتجاهات عالمية في مجال الرعاية الصحية |
|
1. زيادة الإنفاق على الرعاية الصحية والاستثمار |
شهد الإنفاق العالمي على الرعاية الصحية نموًا مطردًا لما يزيد عن 40% بين عامي 2018 و2022، ليصل إلى 12 تريليون دولار.
في الوقت نفسه، وصلت استثمارات الرعاية الصحية أيضًا إلى مستويات قياسية في السنوات الأخيرة، مع الاهتمام بمجالات مثل العلاج المناعي الجيني ولقاحات موديرنا الجديدة لعلاج أمراض مثل فيروس زيكا والملاريا.
|
2. التقدم العلمي |
إلى جانب هذا الاستثمار، نشهد أيضًا طفرة في علاج الأمراض وتشخيصها.
حيث يتزايد استخدام الطب الدقيق باستخدام المؤشرات الحيوية، في حين أن التقدم في الخزعات السائلة، على سبيل المثال، يغير كيفية اكتشاف السرطان.
|
3. الابتكار الرقمي والذكاء الاصطناعي |
في محاولة للاستجابة للجائحة ساهمت إجراءات التحول الرقمي في قطاع الرعاية الصحية، كما هو الحال مع القطاعات الأخرى.
وفي عام 2021، تضاعفت الاستثمارات الرقمية في قطاع الرعاية الصحية تقريبًا لتصل إلى 57 مليار دولار، مع التركيز على الرعاية الصحية عن بُعد والصحة العقلية.
وتركز شركات التكنولوجيا بشكل متزايد على الرعاية الصحية، بينما تنمو الشركات الناشئة في مجال الصحة الرقمية بسرعة.
هناك أيضًا اهتمام متزايد بالبيانات - يتيح التجميع والتحليل الأفضل رؤى أكثر استنارة وربما أيضًا التنبؤ ونمذجة المرض.
وفي الوقت نفسه، يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لدعم مجالات تشمل التشخيص والقرارات السريرية والمراقبة والعلاج وسير العمل. التصوير الطبي بمساعدة الذكاء الاصطناعي قيد الاستخدام بالفعل، وتستكشف العديد من شركات الأدوية تطوير الأدوية بمساعدة الذكاء الاصطناعي.
|
4. نماذج الرعاية البديلة |
نحن ندرك بشكل متزايد أهمية وقوة توفير الرعاية خارج المستشفيات، في المنازل والمجتمعات.
في الواقع، من المتوقع أن يتجاوز النمو في الإنفاق على توفير الرعاية الصحية والرعاية في المنزل الإنفاق على الرعاية الصحية في جميع المجالات الأخرى تقريبًا.
سيتم استخدام هذا الاستثمار لتعزيز التشخيصات المنزلية وأنظمة توصيل الأدوية المنزلية وأجهزة مراقبة المرضى، على سبيل المثال.
|
5. اتساع التفاوت |
سلط الوباء الضوء على تفاوتات كبيرة في تغطية الرعاية الصحية، لا سيّما بين النساء والأطفال والمراهقين.
تأثرت البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل بشكل خاص بانقطاع خدمات الرعاية الصحية الأساسية.
يحتاج توفير الرعاية الصحية في المستقبل إلى التركيز على سدّ هذه الثغرات وجعل الرعاية الصحية ميسورة التكلفة ومتاحة للجميع.
|
6. نقص العاملين في مجال الرعاية الصحية وتزايد معدلات الإرهاق |
أثر الوباء على العاملين في مجال الرعاية الصحية، وشكّل عبئاً إضافياً أُلقي على كاهل قوة عاملة مرهقة بالفعل ومستنزفة.
تفاقمت مشاكل الصحة العقلية ومعدلات الإرهاق، ما أدى إلى هجرة العديد من المهنيين للقطاع بالإضافة إلى انخفاض نسب التوظيف.
لا يزال الشعور بالتداعيات الناجمة عن ذلك ملموسًا، وتعني الضغوط المتراكمة داخل النظام أن المشكلة لم يتم تجاوزها بالنسبة للكثيرين.
|
7. تدهور الصحة النفسية |
تزداد قضية الصحة النفسية المتدهورة سوءًا في المجتمع يومًا بعد يوم. بعد أن تعاملت الأنظمة مع هذه المشكلة المتفاقمة بقدر من التهاون، على الرغم من أن التأخر في التدخل لحل الازمة يؤدي إلى تفاقم المشكلة؛ لا سيّما بعد أن تركت حالة العزلة وعدم اليقين والخسارة على نطاق واسع أثناء عمليات الإغلاق بصماتها على كثير من الناس.
|
8. قضية الاقتصاد الكلي |
لقد أثرت التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي على أنظمة الرعاية الصحية إلى حد كبير. فالتوترات الجيوسياسية وارتفاع أسعار الطاقة والتضخم وأزمة سلسلة التوريد كلها عوامل تؤدي إلى زيادة التكاليف وتدهور نظام الرعاية الصحية. وفي الوقت ذاته، تؤدي المخاوف البيئية وأزمة المناخ إلى تفاقم الظروف الصحية وتفشي بعض الأمراض، كما تخلق تحديات فيما يتعلق باستدامة القطاع.
|
أخيرًا؛ يتطلب تحويل الرعاية الصحية لإنشاء نظام مناسب للتحديات التي تواجهها الآن وفي المستقبل قدرًا أكبر من التعاون والشراكات الاستراتيجية.
كما حدد المنتدى الاقتصادي العالمي في تقريره، أن هناك أربع ركائز استراتيجية يتعين معالجتها: الوصول العادل؛ وتحول أنظمة الرعاية الصحية؛ والتكنولوجيا والابتكار؛ والاستدامة البيئية.
بشكل عام، يمكن استخدام هذه الركائز لدعم التغيير المنهجي طويل الأجل وبناء صحة ورعاية صحية أفضل في جميع أنحاء العالم.
المصدر: المنتدى الاقتصادي العالمي (World Economic Forum)
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}