نبض أرقام
06:42 م
توقيت مكة المكرمة

2024/12/22
2024/12/21

كيف تهزم سوق الأسهم؟

2023/04/07 أرقام - خاص

"جيسي ليفرمور" و"وارين بافيت" و"بنجامين أبراهام"، لماذا اشتهرت هذه الأسماء في عالم الاستثمار في سوق الأسهم دون غيرها على الرغم من وجود آلاف التجارب الناجحة؟.. يمكن القول إن السبب أنهم تمكنوا من "هزيمة السوق".

 

فعندما يقرر أحد المستثمرين (أو أحد المضاربين) دخول سوق الأسهم لأول مرة فإنه عادة ما يكون مدفوعًا برغبته في حصد الأرباح وتنمية رأس المال، وعلى ذلك ينضم غالبية المتداولين لسوق الأسهم في فترات الصعود أملًا في المزيد منه، وتنخرط أقلية في السوق في وقت التراجع أملًا في ارتداده لاحقًا.

 

 

هزيمة السوق.. لماذا؟

 

وفي الحالتين غالبًا ما يكون المتداول طامحًا إلى "هزيمة السوق"، وهو المصطلح الذي يعني تحقيق أرباح تفوق متوسط المؤشرات الرئيسية أو تجنب خسائر تلك المؤشرات، ليبقى السؤال عن كيفية تحقيق المتداول لهذا الهدف، لأنه يبقى الغاية التي ضخ من أجلها أمواله في السوق.

 

وأول شيء ليتمكن المستثمر من هزيمة السوق هو التخلص من مجموعة من التحيزات العقلية التي تفسد عليه فرصه في التفوق، ولعل أولها هو ما يعرف باسم تأثير "التخلص" والذي تقدر الدراسات أنه يتسبب في خسارة 5-6% من المستثمرين المحترفين "عاليي الجودة" بل والصناديق الاستثمارية.

 

وهذا التأثير هو أن النصيحة الشهيرة في الأسواق وهي "تخلص من الأسهم الفاشلة واحتفظ بتلك الناجحة"، ولكنه وكنتيجة للخوف والطمع، فإن ثُلث المستثمرين التقليديين أو صغار المستثمرين فقط هم الذين يستطيعون تطبيق هذه النصيحة، وحتى نسبة 70% من هذا الثلث لا تتمكن من تحقيقها بشكل دائم، ولكن بشكل جزئي.

 

ويفشل كثيرون في هزيمة السوق بسبب التنويع الزائد للأسهم التي يقومون بشرائها، حيث يصعب عليهم متابعتها، ويتسبب ذلك في معاناة قرابة 70% مما يعرف بالإغراق المعلوماتي أي حصول الشخص على معلومات كثيرة يتعذر معها التمييز بين القيم وغير ذي الصلة.

 

فالشاهد أن مؤشر مثل "ستاندر أند بورز 500" يحقق نموًا متوسطًا 9.4% خلال التسعين عامًا الماضية، ولكن مثل هذه النسبة قد لا تكون مرضية بالنسبة لكثير من المستثمرين، ولذلك يسعون إلى نسب أعلى، من خلال استراتيجيات مختلفة تسعى للتفوق على السوق.

 

 

أسهم المخاطرة

 

لذلك فإن "الوصفة الجيدة" للاستثمار هي بين عدد من الأسهم يستطيع المستثمر متابعتها شخصيا، ويتوقف ذلك على الوقت الذي يخصصه لها، مع تقسيمها إلى ثلاث مجموعات عالية المخاطرة ومتوسطة وقليلة ويقوم حتى غالبية كبار المستثمرين في الأسواق باستبعاد الأسهم عالية المخاطرة.

 

ويرى "بول تودر جونز" أحد أبرز مديري صناديق التحوط الأمريكية أن الكثيرين يعتقدون أنه لكي تربح المزيد فعليك أن تخاطر بالمزيد، وعلى الرغم من أن هذا الأمر يبدو صحيحًا فإنه يعني أن المتداول "مستعد" لخسارة أمواله وهو يعلم أن هذا هو الاحتمال الغالب.

 

فأكثر من 90% ممن يضعون أموالهم في الاستثمارات عالية الخطورة لا يتحسبون للخسارة، بينما تخصص النسبة الباقية هامشًا محدودًا من استثماراتهم للمخاطرة العالية حتى تكون الخسارة، وهي الاحتمال الأكبر مقبولة، ويكون الربح استثنائيًا على حجم ما تم ضخه من استثمارات.

 

كما أن التنوع الكبير يعني ببساطة أن المتداول لا يمكنه هزيمة السوق، فكيف يمكنك هزيمة السوق بينما محفظتك الاستثمارية تشبهه وتشكل انعكاسًا له، بأن تمتلك أسهما في غالبية قطاعات السوق.

 

وبشكل عام أثبتت الدراسات التي تم إجراؤها على الأسواق خلال التسعين عامًا الماضية أن 4% من الأسهم تحصد أكثر من 95% من النمو في مختلف المؤشرات، ولذلك فإن المهارة لدى المتداول تكون في البحث عن هذه النسبة المحدودة والعمل على الاستثمار فيها.

 

دور الخبرة

 

وإجمالا فإن للخبرة عاملا حاسما، بشرط أن تكون في الاتجاه الصحيح، حيث يستمر البعض في السوق لسنوات باعتقاد أن الأمر "حظ" أو "معلومة داخلية" فحسب، على الرغم من أن كثيرين حققوا نجاحًا بالتغلب على السوق دون الحظ أو المعلومة الداخلية واعتمادا على التحليل.

 

وهنا يقول "وارين بافيت" المستثمر الشهير ورئيس مجلس إدارة "بيركشاير هاثاواي" إن النجاح كثيرًا ما يكون أسوأ مستشار في سوق الأسهم في المراحل الأولى، حيث يربط المستثمر نجاحه أحيانًا بأسهم شركة معينة أو قطاع معين أو حتى توقيت معين، وهذا ما أثبتت الدراسات أنه يحصل مع قرابة 70% من المستثمرين.

 

 

ويعتبر "جون نيف" المستثمر الشهير في السوق الأمريكي وأحد مؤسسي "فانجارد" لإدارة الأصول أنه لكي يتفوق أحدهم على السوق فعليه ببساطة أن يكون مختلفًا عنه ويقول: "هل سمعت النصيحة بأن تشتري عندما يكون في الشوارع دم (أي عندما ينخفض السوق)؟.. حسنًا إنها نصيحة جيدة بشرط اختيار التوقيت، كما أنها تحتاج لقوة أعصاب فولاذية بأن تتدخل بالشراء بينما ترى أمامك المؤشرات حمراء".

 

ويقول "نيف" إن مستثمر الأسهم المثالي "لا يجزع ولا يطمع"، مضيفا أنه خسر 70% من رأس ماله حتى تعلم أن عليه التمتع بهذه الصلابة و"القوة العقلية"، وأن يثق بتحليلاته الاقتصادية، ولذا يرى أن وعي المستثمر بذاته وبقدراته وبنواقصه هو أهم ما يجب أن يتمتع به أي متداول يسعى للتفوق في سوق الأسهم.

 

أعظم من ينتقي الأسهم

 

ولعل أحد الأمثلة البارزة التي تمكنت من هزيمة السوق باستمرار هو "جون تمبلتون"، مؤسس صندوق تمبلتون للنمو، والذي تمكن على مدار 38 عامًا من تحقيق متوسط نمو 15% في السوق الأمريكي للأسهم في الوقت الذي لم يزد فيه ارتفاع مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" عن 9.4%.

 

ووصفته مجلة (MONEY) بأنه "أعظم من ينتقي الأسهم العالمية في القرن العشرين"، حيث حقق باستمرار نتائج تفوق سوق الأسهم.

 

وأرجع "تمبلتون" الكثير من نجاحه إلى قدرته على الحفاظ على روح معنوية جيدة وتجنب القلق والبقاء منضبطًا رغم تقلبات السوق، ولكنه أيضًا قال إن أهم عامل في نجاحه كان رفضه التحليل الفني لتداول الأسهم، وتفضيل التحليل الأساسي، وبالتالي لم يحاول التنبؤ بحركات الأسهم المستقبلية، لكنه أولى اهتمامًا وثيقًا بالتقييم.

 

وعلى الرغم من أن اسم صندوقه الرئيسي كان "صندوق تمبلتون للنمو" فقد كان مهتمًا بالاستثمار في القيمة بدلاً من الاستثمار في النمو، حيث ركز "تمبلتون" على شراء الأسهم التي قدر أنها مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية، واحتفظ بها حتى البيع عندما ارتفع سعرها إلى القيمة السوقية العادلة.

 

 

وكان متوسط فترة احتفاظ "تمبلتون" بالأسهم حوالي أربع سنوات، وشدد على أن الاحتفاظ بأصول بأسعار أعلى من القيمة السوقية العادلة على أمل أن تزيد الأسعار بشكل أكبر كان المضاربة وليس الاستثمار، وهنا كان رهانًا مزدوجًا على القيمة أولًا ثم على تعامل السوق "النفسي" مع سهم صاعد ثانيًا.

 

ولم يشتر المستثمر الشهير الأسهم لمجرد أنها كانت مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية، بل اهتم أيضًا بالاستثمار في الشركات التي قرر أنها رابحة ومدارة جيدًا وذات إمكانات جيدة على المدى الطويل، وأصبح معروفًا بفلسفته "تجنب القطيع" و "الشراء عندما يكون هناك دماء في الشوارع" للاستفادة من اضطراب السوق.

 

وكان "تمبلتون" من أوائل المستثمرين الأمريكيين الذين ركزوا على فرص الاستثمار في الأسواق الخارجية التي تم تجاهلها في ذلك الوقت مثل آسيا وأوروبا الشرقية، وكان من أوائل المستثمرين في اليابان خلال الخمسينيات من القرن الماضي.

 

 

المصادر: أرقام - نيويورك تايمز - وول ستريت جورنال - جامعة بنسلفانيا - فوربس - ماوتلي فوول

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.