نبض أرقام
02:02 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23
2024/11/22

التاريخ يقول كلمته .. الأسواق الصاعدة تسود في نهاية المطاف

2022/10/21 أرقام - خاص

إشارات سلبية في كل الاتجاهات، رؤى تشاؤمية تتصدر التوقعات، تحذيرات من وقوع الاقتصادات في براثن الركود مع ارتفاع معدلات التضخم ومشكلات سلاسل الإمدادات والتأثيرات القاتلة للحرب الروسية الأوكرانية وانخفاض الأسهم وتراجع الأسواق الكبرى، لكن هذا ليس كل شيء، للتاريخ في النهاية وجهة نظر أثبتتها التجارب عبر العصور، فمهما استمر التراجع، فالأسواق الصاعدة هي الأطول عمرًا والأكثر استمرارًا.

 

بادئ ذي بدء الدرس الذي يسديه التاريخ ويجب أن تعرفه كمستثمر هو أنه لا سوق تستمر إلى الأبد؛ فالأوقات السيئة في السوق عادة ما تليها أوقات جيدة.


 

بالطبع لا يمكن لأحد أن يتوقع متى تبدأ دورات الهبوط والصعود ومتى تنتهي، بل إنه لا نمط موحد لارتفاع وانخفاض الأسهم والأسواق حتى أن وتيرة التراجع والصعود وزمنه يختلف كل مرة من حيث السرعة والقوة.

 

فقد شهدنا جميعًا بالفعل أطول سلسلة صعود للسوق الأمريكية، والتي استمرت ما يقرب من 11 عامًا، منذ وقت قريب فحسب، إذ إنه بعد الانخفاض الناجم عن الأزمة المالية العالمية في عام 2008، بلغ مؤشر "إس آند بي 500" الأمريكي أدنى مستوياته في مارس 2009 ليبدأ بعد ذلك رحلته صوب الارتفاع حتى أوائل عام 2020 حين تسببت جائحة فيروس كورونا في انهيار الأسهم.  

 

وتيرة الصعود أيضًا قد تكون سريعة ومفاجئة، ففي عام 2020 شهدت الأسواق تغييرات سريعة بشكل غير مسبوق، ففي فبراير ومارس، هوى المؤشر "إس آند بي 500" بحدة إذ انخفض ما يزيد على 30 بالمائة في غضون أيام، وكان ذلك أسرع انخفاض للسوق بنسبة 30 بالمائة في تاريخ سوق الأسهم، لكن في غضون 33 يوم تداول، تحول اتجاه السوق 180 درجة وارتفع لأعلى مستوياته على الإطلاق، مما جعل تلك أقصر دورة هبوط للسوق في التاريخ.

 

كذلك كان الأمر في عام 1975، فقد استغرقت السوق الهابطة لمؤشر "إس آند بي 500" يومًا واحدًا فقط كي ترتطم بالقاع وفقًا لتحليل "إل بي إل للأبحاث" لبيانات من "فاكت ست"، لكن في أوائل الألفية الجديدة، استغرقت أسعار الأسهم 19 يومًا لكي تتوقف عن النزول بعد أن بدأت دورة السوق الهابطة في تلك المرة.

 

من أين يأتي التفاوت؟


 

يرى الباحثون أن ثمة عوامل عدة مسؤولة عن الفارق في وتيرة الصعود أو الهبوط للسوق، لكن أهمها ما إذا كانت تلك الفترة تشهد ركودًا اقتصاديًا أم نموًا خلال هبوط السوق أم لا، وقد خلصت "إل بي إل للأبحاث" إلى أنه إذا كان هبوط السوق مصحوبًا بركود الاقتصاد، فإن ضعف الأسهم عادة ما يستمر لفترة أطول، كما قد تختلف الفترة اللازمة لتعويض الخسائر الناجمة أيضًا عن هبوط السوق، والعكس صحيح بالنسبة للصعود، ففي حال تزامن صعود السوق مع نمو الاقتصاد، قد تستمر دورة الصعود لفترة أطول من المتوسط المعتاد.

 

ففي المتوسط، استغرقت الأسهم حوالي 19 شهرًا لكي تعوض خسائر هبوطها أو اقترابها من السوق الهابطة. لكن مثلًا في أحدث ثلاث دورات لهبوط السوق أو قربها من الهبوط في أعوام 2001 و2018 و2020، استغرق الأمر من أربعة إلى خمسة أشهر فقط لتعويض الخسائر.

 

وبالطبع كلما كان هبوط السوق أكثر حدة، زاد الوقت الذي تستغرقه للتعافي، فعلى سبيل المثال ترى "إل بي إل للأبحاث" أنه في حال هبوط السوق أقل من 22 بالمائة، فإن فترة التعافي كانت تستغرق في المتوسط سبعة أشهر فقط، لكن عندما كان انخفاض السوق يبلغ ما يزيد على تلك النسبة، استغرق التعافي 27 شهرًا في المتوسط.

 

أسواق صاعدة كثيرة وأسواق هابطة أقل

 

 بحسب بيانات أبحاث "سي إف آر إيه" التي حللت الدورات التاريخية لمؤشر "إس آند بي 500"، في الفترة من عام 1982 إلى عام 2021 امتد عمر السوق الصاعدة بين أربع سنوات إلى 11 عامًا، وأحيانًا ما تلا المكاسب الكبيرة في السنة الأولى للأسهم فترات أطول من ارتفاع السوق.

 

البيانات الأقدم والتي حللتها "كاسكيد فايننشال ستراتيجيز" منذ عام 1926 وحتى عام 2018، خلصت إلى أن متوسط فترة استمرار السوق الصاعدة في الولايات المتحدة يصل إلى 9.1 عام بمتوسط عائد تراكمي إجمالي عند 480 بالمائة، فيما بلغ متوسط عمر السوق الهابطة 1.4 عام بمتوسط خسارة تراكمية بلغ 41 بالمئة.

 

خلصت أيضًا "فرست تراست للأبحاث" إلى أن الأسواق الصاعدة عادة ما تستمر 4.4 سنة مقارنة مع متوسط 11.3  شهر للأسواق الهابطة.


 

يختلف أيضًا عدد الأسواق الصاعدة والهابطة، إذ رصدت بنوك استثمار أمريكية 27 سوقًا صاعدة مقابل 26 سوقًا هابطة في الفترة منذ عام 1928 وحتى 2022، لكنها خلصت إلى أن فترة استمرار السوق الصاعدة تفوق بكثير نظيرتها الهابطة وكذلك تتفوق المكاسب على الخسائر، ووفقًا للدراسات امتد عمر السوق الصاعدة لنحو ثلاث سنوات بينما استمرت السوق الهابطة عشرة أشهر فقط.

 

كما قد تفاجئ السوق المستثمرين بارتفاعات تفوق حتى أكثر التوقعات تفاؤلًا، فمثلًا دورة صعود مؤشر أسهم الشركات الكبرى في الولايات المتحدة والتي بدأت بعد الانهيار المفاجئ بسبب الجائحة في مارس 2020 سجلت أكبر مكسب في السنة الأولى للمؤشر "إس آند بي 500" منذ 1945.

 

ومنذ 1970، سجل المؤشر "إس آند بي 500" سبع دورات للسوق الصاعدة؛ خمس منها ارتفعت خلالها السوق بأكثر من 100 بالمائة.

 

أبرز مثال على ذلك يأتي خلال فترة السبعينيات، وعلى الرغم من التوقعات حيال الاضطراب الاقتصادي في ذلك الوقت، ارتفعت الأصول سريعًا في فترات كثيرة خلال تلك الحقبة، وبدأ الانتعاش عام 1974 وجاء بعد الركود الذي أعقب نمو ما بعد الحرب العالمية الثانية واستمر ما يزيد قليلًا على ست سنوات ارتفع خلالها المؤشر "إس آند بي 500" حوالي 122 بالمائة، وخلال ذلك العقد ارتفع أيضًا معدل التضخم مما أدى إلى تآكل في مكاسب أسعار الأصول إلى حد ما.

 

على العكس من ذلك كانت فترة رئاسة الرئيس الأمريكي "رونالد ريجان" شهدت أقصر فترة صعود للسوق فوق مستوى 100 بالمائة، لكن على أساس سنوي، فإنها كانت أفضل فترة أداء على أساس سنوي للمؤشر "إس آند بي 500"، إذ زاد المؤشر 26 بالمائة على أساس سنوي متلقيًا الدعم من تخفيضات ضريبية هائلة وأعداد ضخمة من فرص العمل المطروحة بالسوق وتكوين الثروات وقد استمرت تلك الفترة بين أغسطس 1982 وأغسطس 1987.

 

بعد ذلك باتت تجارب السوق الصاعدة أكثر رسوخًا؛ إذ جاء النمو الكبير في التسعينيات متزامنًا مع أوضاع جيدة للاقتصاد، وأدى وقتها النمو القوى للوظائف في الولايات المتحدة وقوانين الإعفاء الضريبي إلى ازدياد جاذبية الأسهم، وتألقت وقتها شركات التكنولوجيا الصاعدة مع انطلاق الإنترنت وبلغت ذروتها في سوق صاعدة قوية وصلت إلى أقصى حدودها قبل أن تنهار في أوائل عام 2000. بدأت دورة السوق الصاعدة في الحادي عشر من أكتوبر 1990 واستمرت ما يقل قليلًا فحسب عن تسع سنوات ونصف السنة، وبلغ ارتفاع مؤشر "إس آند بي 500" وقتها إجمالًا 417 بالمائة.

 

في أعقاب فقاعة الدوت كوم وهجمات الحادي عشر من سبتمبر، ارتفعت السوق مجددًا في الفترة بين أكتوبر 2002 وأكتوبر 2007 بدعم قوي من انخفاض أسعار الفائدة حينها وسهولة الوصول إلى الائتمان والذي جرى استثماره بقوة في سوق الإسكان، ولكن الإفراط في الرهون العقارية في ذلك الحين قاد أسعار العقارات إلى الانهيار.

 

لكن هذا الانهيار لم يدم طويلًا بطبيعة الحال، إذ نفضت السوق خسائرها في مارس من عام 2009 مدعومة أيضًا بتراجع أسعار الفائدة وتيسير السياسات النقدية من جانب البنوك المركزية الرئيسية مما سهل الاقتراض. وواصلت السوق ارتفاعها بدعم من التخفيضات الضريبية التي أقرها الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" والتي قلصت معدلات الضريبة المفروضة على الشركات الأمريكية.

 

ما الذي يجب عليك متابعته كمستثمر


 

حين ترى مؤشرات على الصعود فإن ثمة عوامل يجب التنبه لها، في البداية عليك أن تحدد طبيعة الصعود وما إذا كان عامًا أم يقتصر على قطاع محدد، وهنا من الجيد التذكر أن الارتفاع في قطاع معين قد لا يتحول إلى صعود واسع النطاق للسوق بأكملها، مثلما كان الحال للسوق الأمريكي في عامي 1992 و2001، حين كان الصعود متركزًا في أسهم الشركات العاملة في قطاعات الاقتصاد التقليدي وقطاع التكنولوجيا على الترتيب.

 

كما يتعين عليك تفحص النمط العام للارتفاع لتحديد ما إذا كان سلسلة من الارتفاعات ستستمر، فعلى الرغم من حقيقة أن ثمة قطاعات قد تفوق في الأداء غيرها في السوق، فإن هذا الصعود وحده لا يكفي لكي نصنف السوق على أنها في حالة صعود أو أن هذا الصعود سيستمر طويلًا، بل يجب أن يحدث قدر من التناوب بين القطاعات المتفوقة الأداء حتى نتأكد أننا أمام صعود شامل للسوق.

 

مؤشر التقلب "في أي إكس"، أو ما يطلق عليه عادة مؤشر الخوف، أيضًا وسيلة جيدة للتعرف على حالة السوق، والمؤشر يقيس مدى التقلب في الأسواق ويحدد إلى أي مدى قد يتقلب المؤشر الرئيسي على مدى الثلاثين يومًا القادمة، وبالطبع يشير ارتفاع المؤشر إلى أن خوف المستثمرين في ازدياد، في حالة استقرار السوق، عادة ما يتم تداول المؤشر دون مستوى عشر نقاط، وبإمكانك بالطبع أن تتابع المؤشر متابعة دقيقة لكي تستطيع ترقب وجود أي انخفاض أو ارتفاع مسبق بالسوق، وحين ينزل المؤشر دون 20 نقطة فإن استثمارك سيكون في مستوى أمان أفضل.

 

نسبة رأس المال السوقي إلى الناتج المحلي الإجمالي لدولة ما من بين المؤشرات الشائع الاعتماد عليها لتقييم وضع السوق، ويطلق على هذا المؤشر أحيانًا مؤشر بافيت نسبة إلى الملياردير الشهير "وارن بافيت" الذي قال عنه "إنه ربما يكون أفضل مقياس منفرد لمعرفة وضع التقييمات في أي وقت".

 

كقاعدة عامة، يُستخدم هذا المقياس لتحديد ما إذا كانت السوق ككل مُقيمة بأقل من قيمتها الفعلية أو أنها في حالة تقييم مفرط مقارنة مع المتوسط التاريخي للمؤشر، فإذا كان معدل التقييم منخفضًا عندما يتراوح بين 50 و75 بالمائة يمكن القول إن السوق مقيمة بأقل من قيمتها بشكل متوسط، أما إذا كان المؤشر بين 75 و90 بالمائة يمكن القول إن السوق عند قيمتها العادلة، وفي نطاق بين 90 و115 بالمائة فإن السوق تكون مقيمة عند ما يزيد على قيمتها.

 

يشير الخبراء أيضًا إلى أن المتوسط المتحرك اليومي عامل مهم أيضًا للحكم على ما إذا كنا بصدد المؤشرات الأولى على سوق صاعدة، ففي دورة ارتفاع السوق، سيكون المؤشر الرئيسي فوق متوسطه المتحرك في 200 يوم وستكون قيمة الأسهم أعلى أيضًا من متوسطها المتحرك في 200 يوم.

 

ثمة قرائن أخرى يسوقها المحللون، منها أن ارتفاع السوق عادة ما يتزامن مع انخفاض التضخم وتراجع أسعار الفائدة، ومستويات تاريخية لمضاعف القيمة الدفترية، وتيسير السياسات النقدية وارتفاع السيولة وعمليات إعادة شراء الأسهم.

 

واصل الاستثمار


 

في ظل صعوبة التنبؤ بفترات الانخفاض والارتفاع يوصي الخبراء بأن تظل أموالك مستثمرة في السوق، ويضربون مثالًا على ذلك بأنه في الفترة بين أول يناير 2002 و31 ديسمبر 2021، فإن أفضل سبعة أيام أداء للمؤشر "إس آند بي 500" جاءت عقب أسبوعين فحسب من أسوأ أداء له في عشرة أيام وفقًا لتقرير صادر عن "جيه بي مورجان لإدارة الأصول".

 

ويقول التقرير إن المستثمر الذي اشترى ما قيمته عشرة آلاف دولار في أسهم مؤشر "إس آند بي 500" في عام 2002 كانت قيمة استثماره ستصل إلى 61.685 ألف دولار، إذا أبقى على استثماره في المؤشر خلال العقدين المقبلين، لكن المستثمر الذي فوت أفضل عشرة أيام أداء للسوق كانت قيمة أسهمه ستبلغ 28.260 ألف دولار فقط، بعبارة أخرى، فإن الخروج من السوق في أفضل عشرة أيام فقط على مدى 20 عامًا كان من شأنه تقليص العائد على الاستثمار إلى النصف تقريبًا وفقًا للتقرير.

 

المصدر: أرقام- ناسداك- يو إس إيه توداي- ايكونوميك تايمز – روكيت إتش كيو- كاسكيد فايننشال استراتيجيز- موني دوت كوم

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.