تراجعت أسواق الأسهم الأمريكية والدولية في فبراير 2020 وسط حالة من عدم اليقين بشأن تفشي فيروس كورونا في الصين وأجزاء أخرى من العالم؛ بحلول أوائل مارس، كان متوسط مؤشر داو جونز الصناعي يتراجع بوتيرة سريعة نحو الركود، على الرغم من أن عدد الوفيات المؤكدة المرتبطة بفيروس كورونا في الولايات المتحدة كان قليلاً.
بعد ذلك بوقت قصير، بدأ السوق المالي الأكثر أماناً وسيولة في العالم - سوق أوراق الخزانة الأمريكية - في الانهيار.. بدا حينها أن الولايات المتحدة كانت تواجه ضغوطاً قد تقارن في شدتها بجائحة إنفلونزا عام 1918 والأزمة المالية لعام 2008 في آن واحد.
أدت حالة التسييس والمقاومة العامة إلى ارتفاع عدد الوفيات، ليتجاوز عدد المتوفين جراء الجائحة قبل قرن من الزمان، ومع ذلك، فقد نجا النظام المالي من الأزمة، وأغلق مؤشر داو جونز ومؤشر ستاندرد آند بورز عام 2020 مرتفعاً عند مستويات قياسية.
أدى إنقاذ النظام المالي إلى الحفاظ على تدفق الائتمان إلى الشركات، وتمكينها من تجنب تسريح العمال وحتى توظيف عمال جدد، وكانت الأسواق المحلية والمستهلكون والشركات الكبرى في وول ستريت هم المستفيدون. علينا أن نشكر الاحتياطي الفيدرالي إلى حد كبير على هذه النجاحات المبكرة تحت قيادة جاي باول، الذي بدا أنه نجح في مهمته حتى الآن.
كتب نيك تيميراوس أول مسودة لهذا التاريخ اللافت بصفته المراسل الاقتصادي الرئيسي لصحيفة وول ستريت جورنال، ثم تبعه بتأليف كتاب يحمل عنوان "وصفة التريليون دولار العلاجية: كيف حارب جاي باول والاحتياطي الفيدرالي رئيساً وجائحةً - ومنعوا كارثة اقتصادية" "Trillion Dollar Triage: How Jay Powell and the Fed Battled a President and a Pandemic — and Prevented Economic Disaster".
- تكمن قوة الكتاب في تقاريره الأصلية التفصيلية والسرد السريع للشهر المروع الذي بذل فيه بنك الاحتياطي الفيدرالي جهوداً من جانب واحد تقريباً لمنع وقوع كارثة مالية مع انطلاق فيروس كورونا في عام 2020.
- ويحتوي الكتاب على سردية متأنية للآثار الاقتصادية والمالية لإجراءات بنك الاحتياطي الفيدرالي.
- ويتتبع تيميراوس القصة إلى عام 2021 وتداعيات قرارات الاحتياطي الفيدرالي اللاحقة التي ساهمت في تحقيق أعلى معدل تضخم في أربعة عقود.
- أجرى المؤلف أكثر من 100 مقابلة. (لقد تحدثت مع Timiraos ، الذي سعى إلى وجهة نظري كخبير اقتصادي ساعد في صياغة استجابة الرئيس باراك أوباما للأزمة الاقتصادية لعام 2008 ووجهة نظري في أحد اجتماعات الكونجرس حيث ألقيت ملاحظات).
- يبدأ كتاب "وصفة التريليون دولار العلاجية" بتاريخ قصير للاحتياطي الفيدرالي، منذ إنشائه وحتى تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة.
- رغم أن الكثير من هذا التاريخ ليس بجديد، فإنه يحدد سياقاً مهماً للخطوات التي اتخذها الاحتياطي الفيدرالي للحفاظ على استقلاليته الحاسمة.
- كما نتعرف عبر الكتاب على النماذج التاريخية التي سيحاول باول تقليدها والقادة الآخرين الذين سعى إلى تجنب تكرار تجربتهم.
- يروي تيميراوس ترشيح ترامب لباول رئيساً لبنك الاحتياطي الفيدرالي، وهجمات ترامب المتقلبة بشكل متزايد على الاحتياطي الفيدرالي، وتعامل باول الحاذق معها.
- يبدأ السرد بعرض مفصل لتعامل الاحتياطي مع الجائحة يوماً بعد يوم، مع استخدام جداول، توضح إجمالي عدد الوفيات جراء فيروس كوفيد -19 يومياً، وتقلبات مؤشر داو جونز الصناعي، من بين بيانات أخرى.
- ويوضح الكتاب حجم المجهود الجماعي الذي بُذل في هذا الشهر المذهل لصنع السياسات.
- ولا يستعرض تيميراوس جهود كبار قادة بنك الاحتياطي الفيدرالي مثل باول فقط، بل يسلط الضوء أيضاً على جهود عدد متنوع من الموظفين الرئيسيين في البنك.
- لم يكن مفتاح نجاحهم هو أنهم أنجزوا كل شيء بشكل صحيح من المرة الأولى، بل أنهم استمروا في التعامل مع المشكلات مراراً وتكراراً، ومعالجتها في مجالات مختلفة مثل الإقراض التجاري والاقتراض الحكومي، والمعاملات الدولية.
- واعتمد الفريق جزئياً على كتيب الإرشادات الذي وضعه بن برنانكي لمواجهة أزمة عام 2008.
- وقد أوصت هذه الإرشادات بشراء سندات الخزانة والرهن العقاري لخفض مجموعة من أسعار الفائدة.
- في الوقت نفسه، روج الدليل لإنشاء برامج لشراء الأوراق المالية في الأسواق التي تدعم قروضاً محددة، مثل بطاقات الائتمان وقروض السيارات وقروض الطلاب.
- كل هذا تم القيام به بوتيرة أسرع وأكبر مما كان عليه الوضع في عام 2008 وامتد إلى مناطق جديدة.
- على سبيل المثال، على العكس من برنانكي، اشترى بنك الاحتياطي الفيدرالي في عام 2020 سندات الشركات، بما في ذلك السندات غير المرغوب فيها، وكذلك الأوراق المالية التابعة للبلديات ومجموعة من أدوات الائتمان الأخرى.
- في كثير من الحالات، كان مجرد الوعد باتخاذ إجراءات إذا لزم الأمر كافياً لإقناع القطاع الخاص بمواصلة الإقراض بمعدلات فائدة معقولة، مما قلل بشكل كبير من حجم الأموال التي كان يتعين على بنك الاحتياطي الفيدرالي إنفاقها.
- انتقد الكثير من الاقتصاديين البارزين هذه الخطوات، معبرين عن قلقهم من أن إجراءات بنك الاحتياطي الفيدرالي قد تدفع به إلى منطقة سياسية جديدة من شأنها أن تقوض استقلاليته.
- في الواقع، حدث العكس، عزز بنك الاحتياطي الفيدرالي مكانته واستقلاليته عبر ضمان استمرار تدفق الائتمان واستمرار عمل الأسواق.
- على النقيض من رد الفعل العدائي على الكثير مما فعله بنك الاحتياطي الفيدرالي في الأزمة المالية لعام 2008، أشاد النائب باتريك ماكهنري، العضو الجمهوري الأعلى في لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب، والتي تشرف على مجلس الاحتياطي الفيدرالي، بعمل باول قائلاً: "أمنح الجهود المبذولة في عام 2020 درجة ممتازة، على مقياس من 1 إلى 10، تحصل هذه الجهود على درجة 11".
- لكن المهارات السياسية والغريزة التي دفعت الاحتياطي الفيدرالي للتحرك بسرعة والتوسع في استخدام أدواته المالية -والتي خلقت نجاحاً منقطع النظير تقريباً في درء أزمة مالية في عام 2020- ربما دفعته إلى الانحراف في استجابته للاقتصاد الكلي في عام 2021.
- قاد باول استجابة مالية كبيرة الحجم العام الماضي بينما لم يفعل الكثير لتغيير سياسات أسعار الفائدة السهلة للغاية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، حتى مع تسارع وتيرة تعافي الاقتصاد وفي ظل المؤشرات التي توضح أن التضخم لم يكن مجرد ظاهرة عابرة في أسواق معينة.
- ربما تكون هذه الاستجابة قد ساهمت في سرعة تعافي الولايات المتحدة، لكنها ساعدت أيضاً في تأجيج التضخم، الذي أدى لتآكل القوة الشرائية للأمريكيين.
- كما أن ارتفاع التضخم يجعل من الصعب على بنك الاحتياطي الفيدرالي الاستجابة للمخاطر الاقتصادية غير المتوقعة مثل زيادة أسعار السلع في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
المصدر: واشنطن بوست
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}