نبض أرقام
11:00 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/25

لماذا تعتبر الغازات النبيلة "سلاحًا اقتصاديًا نموذجيًا" لروسيا في مواجهة الغرب؟

2022/06/06 أرقام - خاص

أعلنت وزارة التجارة الروسية قبل أيام فرض قيود على تصدير الغازات النبيلة حتى نهاية العام الحالي، وذلك ردًا على قيود فرضتها وزارة الخزانة الأمريكية على تصدير الرقائق الإلكترونية إلى روسيا، بعد أن فرضت تايوان قيودًا مماثلة أيضا.

 

وقالت الحكومة الروسية إن صادرات الغازات النبيلة، التي كانت تزود بها روسيا عادة اليابان ودولا أخرى، لن يُسمح بها إلا بتصريح خاص من الدولة حتى نهاية ديسمبر، وقال نائب وزير التجارة "فاسيلي شباك" إن الخطوة ستوفر فرصة "لإعادة ترتيب تلك السلاسل التي تعطلت الآن وبناء سلاسل جديدة".
 


 

أهمية الغازات

 

والغازات النبيلة هي 6 غازات وفقا لبعض العلماء و7 وفقا لآخرين، حيث يجمع العلماء على أنها تضم الهيليوم والنيون والأرجون والكريبتون والزينون والرادون (مشع) ويضم البعض الأوغانيسون إليها ويرفض آخرون بسبب وجود بعض الصفات الكيميائية المختلفة فيه، ولأنه غاز مُصنع في المعامل وليس طبيعياً.

 

وتمتاز الغازات النبيلة بقلة تفاعلها مع العناصر الأخرى، ولذلك توصف بالخاملة، وهي في ذلك مهمة للغاية لضمان بيئات أكثر استقرارًا وأعمارًا أطول للأجهزة الإلكترونية التي تستخدم فيها الرقائق الإلكترونية، كما يستخدم الكثير منها في العمليات الجراحية (مثل استخدام غاز النيون في عملية الليزك لتصحيح الإبصار)، بجانب عشرات الاستخدامات الأخرى من أبرزها تغليف الطعام.

 

وقد تؤدي قيود الصادرات الروسية إلى تفاقم أزمة الإمدادات في سوق الرقائق العالمية، وذلك بعد أن اضطرت أوكرانيا وهي واحدة من أكبر موردي الغازات النبيلة في العالم إلى إيقاف الإنتاج في مصانعها في مدينتي ماريوبول وأوديسا في مارس، بسبب استيلاء روسيا على المدينة الأولى وقرب الثانية من خطوط المواجهة الأولى.

 

ويمثل إنتاج روسيا 30 بالمائة من الإمدادات العالمية لثلاثة أنواع من الغازات النبيلة، وهي النيون والكريبتون والزينون، وعلى الرغم من أن حجم الصناعة في بعض تلك الغازات لا يتعدى بضعة مليارات ولا تصل كغيرها إلى مئات ولا عشرات المليارات ولكنها تبقى مؤثرة للغاية.
 

معاناة حالية
 

وتعاني الصناعات بسبب تأثر الإنتاج الأوكراني من الغازات النبيلة بالفعل، حيث تنتج أوكرانيا قرابة 70% من الإنتاج العالمي من غاز النيون، وقرابة 40% من الكريبتون وهي مصدر إمداد رئيسي للعديد من الدول بتلك الغازات وعلى رأسها الولايات المتحدة والصين واليابان.

 

 

ولذلك تأثرت أسعار غاز النيون باستمرار مع أي عدم استقرار يهدد أوكرانيا، ومن ذلك صعود سعر الغاز بنسبة 700% إبان الاحتلال الروسي للقرم عام 2014، ثم صعوده بنسبة 1200% في الشهرين الأولين للحرب الروسية في أوكرانيا.

 

وتنتج شركة "إيسبليك" الأوكرانية وحدها ما نسبته 65% من إنتاج النيون العالمي من خلال مصنعيها في أوديسا وموسكو، كما تمد العالم بحوالي 15% من احتياجاته من الكريبتون والزينون، وأعلنت الشركة تعطل "غالبية" إنتاجها بفعل الحرب دون أن تحدد نسبة بعينها.

 

وبشكل أكثر تخصصًا أنتجت شركتا "إنجاس" و"كاريون" الأوكرانيتان نصف النيون عالي الجودة الذي يستخدم في مصانع الرقائق الإلكترونية (ليس الخام مثل "إيسبليك") أي أنهما أمدتا العالم بـ 667 مليون لتر من الغاز المسال الذي استخدمه الكوكب لإنتاج الرقائق في عام 2021.

 

محاولات للتجاوز والصورة الأكبر

 

ولتجاوز هذه الأزمة أقرت شركة "ليندا" العملاقة للكيماويات إقامة مصنع للغازات النبيلة في الولايات المتحدة باستثمارات مبدئية 250 مليون دولار وذلك بإقامة موقع للتعدين في ولاية "تكساس" الأمريكية ثم تصنيع الغازات المستخرجة مباشرة.

 

وقامت الدول الصناعية الرئيسية الأخرى مثل الصين وكوريا الجنوبية وألمانيا بخطوات مشابهة، فيما تصفه قناة "فوكس" الأمريكية بإعادة تأهيل "سلاسل الإنتاج المشوهة" لإيصال الغازات النبيلة إلى المصانع في الغرب بشكل عام مما يستدعي إعادة هيكلة كاملة لهذا الأمر وتلافي تكرار مثل هذا الموقف مجددًا.

 

 

وبالنظر للصورة الأعم فلا يمكن النظر للخطوة الروسية إلا في إطار فرض المزيد من الضغوط التضخمية على الاقتصادات الغربية، التي تعاني بالفعل مستويات تضخم قياسية في الولايات المتحدة وأوروبا، وذلك بسبب أسعار النفط والغذاء.

 

ولذلك يبدو أن موسكو قررت فرض المزيد من الضغوط التضخمية بزيادة الأزمة التي يعانيها القطاع الصناعي وبالتالي تفاقم أزمة العرض مما يتبعه زيادة في الأسعار، كل هذا من خلال الغازات الخاملة التي لا تمد موسكو إلا بوفورات مالية محدودة بما يجعلها سلاحًا مثاليًا، منخفض التكلفة وعالي التأثير.

 

 

المصادر: أرقام- رويترز- فوكس- مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "CSIS"

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.