شهدت العملات الرقمية تراجعًا كبيرًا للغاية خلال الفترة الماضية، فقد انخفضت العملات الرقمية الرئيسية في المتوسط بنسبة 15%، وانخفضت "بتكوين" بنسبة 20% خلال الأسبوع الماضي، وحتى عملة "دوجكوين" المدعومة من الملياردير الأمريكي الشهير "إيلون ماسك" تراجعت بنسبة 10%.
ومنذ تسجيل "بيتكوين" لأعلى قيمة لها على الإطلاق في العاشر من نوفمبر 2021 بأكثر من 68 ألف دولار خسرت العملة المشفرة أكثر من نصف قيمتها خلال أقل من عام، بما يثير التساؤل عن أسباب هذا التراجع الحاد لـ"بتكوين" وعما إذا كان هذا الاتجاه سيستمر أم سيعاود سعرها الارتفاع مجدداً.
نقطة مقاومة سعرية ولكن
فور هبوطها لمستوى دون 30 ألف دولار للحظات أمس الأول (الإثنين) عادت البيتكوين للارتفاع مجددًا لتتخطى مستوى 31 ألف دولار مرة أخرى خلال تداولات أمس، بما دفع بعض المراقبين لاعتبار أن هناك "نقطة مقاومة سعرية" حول مستوى 30 ألف دولار.
ونقطة المقاومة السعرية تعني أنه عادة ما لا يتخطى سعر السلعة (العملة) تلك النقطة، لأن المتعاملين يبدأون دون تلك النقطة في اعتبار السلعة أو الأصل أو العملة "فرصة" لأنها مقيّمة بأقل من قيمتها الحقيقية، ولذلك يقبلون على شرائها، وبذلك يتحول منحنى السعر المنخفض أو المتراجع إلى آخر يتجه للارتفاع.
ولكن نقطة المقاومة السعرية تلك قد لا تستمر طويلاً بفعل وجود العديد من العوامل الأساسية التي تثير القلق على مستقبل "بتكوين" بشكل عام، ولعل أبرزها رفع الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة بنسبة 0.5% وهو أكبر رفع منذ أكثر من 20 عامًا، والاتجاه للمزيد من الرفع للفائدة في المستقبل القريب بما يزيد من جاذبية الدولار في مواجهة البيتكوين.
كما تشير مجلة "تايم" الأمريكية إلى اتجاه عام متصاعد لدى خبراء الاستثمار لتحذير "الأشخاص العاديين" من الاستثمار في "بتكوين" بسبب "هشاشة وضعها"، بل حذر البعض من ضرورة عدم تخصيص أكثر من 5% من المحفظة الاستثمارية للمستثمرين المحترفين فيها أيضا، وكان لهذه التحذيرات أثر في تشجيع عمليات البيع وبالتالي استمر السعر في الانخفاض.
كما نوه كثيرون إلى خطورة الاستثمار في "بيتكوين" في أوقات الركود والتضخم الكبير، بما حدّ بشكل لافت من الطلب من جانب بعض الفئات التي ترى في العملات الرقمية وسيلة للحفاظ على قيمة مدخراتها أو زيادتها دون جهد مما أثر بالسلب على سعر العملات الرقمية.
ماذا يحمل المستقبل لـ"بتكوين"؟
ويشير "إداوراد مويا"، خبير تداول العملات في "أواندا" للاستثمارات، إلى أنه يصعب التنبؤ بمستويات "بتكوين" في الفترة المقبلة، لكنه رجح أن تظل منخفضة بفعل المخاوف من المستقبل حول العالم.
ويؤكد "مويا" أن انخفاض البيتكوين دون مستوى 30 ألف دولار لفترة سيعطي كافة المستثمرين إشارة واضحة حول وجود سوق هابط "لا حدود له" وهو ما من شأنه إما إحداث حالة من الذعر يقوم فيها ملاك العملة ببيعها بشكل مكثف بما يؤدي للمزيد من التدهور السريع للأسعار، وإما الحد من عمليات التداول للعملة بشكل كبير مع اتجاه هبوطي بطيء للسوق.
ويشير "مايكل كاميرمان" المدير التنفيذي لمنصة التداول "سكيلينج" إلى أن تداول "بتكوين" أضحى مشابها لأسهم التكنولوجيا التي تعد "أصلا عالي المخاطرة" ولذا يميل المستثمرون إلى التخلص منها في حالات عدم اليقين ولاشك أن الفترة الحالية تعتبر فترة من عدم اليقين بامتياز.
ويعتقد "جاي هاتفيلد" رئيس الاستثمارات في شركة "إنفراكاب أيكوتي إنكم" أن "بتكوين" قد تتراجع إلى مستوى 20 ألف دولار بحلول نهاية العام في ظل عدم اليقين الحالي، معتبرا أن هذا سيعني ببساطة "انفجار" الفقاعة السعرية التي حدثت في عامي الوباء للعملات الرقمية.
"بديل أفضل"
وما يثير مخاوف أكثر هي حقيقة تراجع أسهم الشركات القائمة بصناعة التعدين، سواء تلك التي تقوم بالتعدين بنفسها أو التي توفر الأجهزة الخاصة بذلك بنسب تراوحت بين 50-60% بما يوحي بشكوك عميقة تتخطى سعر العملات الرقمية إلى مستقبلها بشكل عام.
ومن ضمن العوامل التي أثرت سلبًا على سعر العملات الرقمية، ما يراه كثيرون بأن منتجات "إن إف تي" ظهرت كبديل أكثر جاذبية للعديد من المستثمرين للبتكوين وبالتالي يعمد البعض إلى التخلص من العملات الرقمية لحساب شراء منتجات "إن إف تي".
ويرجع ذلك للعديد من الأسباب لعل أهمها أن منتجات "إن إف تي" تُعد سلعاً، ويمكن تصنيفها كسلعة رفاهية في ظل الأثمان الكبيرة التي يتم تداولها بها، بينما "بتكوين" تبقى عملة، ومع الخشية من الركود يكون الاستثمار في السلع أولى من الاحتفاظ بالأموال ولو على هيئة عملات رقمية.
وعلى الرغم من الشكوك الكثيرة حول "بتكوين" وبقية العملات الرقمية فإن بعض المؤشرات تبقى إيجابية بالنسبة لمستقبل تلك العملات ولعل في مقدمتها اعتماد بنك أمريكي لأول مرة على البتكوين كوسيلة لضمان قرض، فضلا عن اتجاه العديد من البنوك المركزية في العالم لإقرار تلك العملات وإصدار عملات رقمية خاصة بها، بما سيجعل العملات الرقمية الحالية أكثر قبولا بشكل عام.
ويمكن القول إن هذه المؤشرات "الإيجابية" لمستقبل العملات الرقمية هي ما تُبقي عليها دون انهيار كامل في هذه المرحلة، ولكن المؤكد أنه إذا ضرب الركود الاقتصادات الغربية فإن العملات الرقمية ستشهد المزيد من التراجع السريع في قيمتها لأن المستثمرين حينها يرغبون في الاحتفاظ بأصول "أكثر اعتمادية".
المصادر: أرقام- فورتشن- سي.إن.إن- نيويورك تايمز- تايم
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}