نبض أرقام
10:17 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/22
2024/11/21

لأن المستقبل لـ"اشترك الآن" .. كيف تقيّم شركات "اقتصاد الاشتراكات"؟

2022/03/18 أرقام - خاص

"برامج الكمبيوتر والإعلام والترفيه والاتصالات والرعاية الصحية والتعليم والترويج والخدمات المالية وإنترنت الأشياء وخدمات الأعمال، ومؤتمرات الفيديو".. على الرغم من أن كل هذه الأشياء تبدو بغير رابط، إلا أن بينها عاملًا مشتركًا مهمًا للغاية وهي أن جميعها تتلاقى بدرجة أو بأخرى فيما يسمى "اقتصاد الاشتراكات".

 

فهل تذكر آخر مرة توجهت فيها لمتجر لشراء "أسطوانة مدمجة" للحصول على برنامج للكمبيوتر أو فيلم؟! يبدو هذا الأمر من الماضي بعد أن أصبحت غالبية برامج الكمبيوتر (وغيرها) تعمل بنظام الاشتراكات، وتحولت غالبية الإعلانات من "اشتر" إلى "اشترك الآن".

 

استخدم فقط ولا تشتري

 

وتشير دراسة لـ"ماكينزي" للاستشارات إلى أن أسهم "شركات اقتصاد الاشتراكات" ستشهد المزيد من الارتفاع خلال الفترة المقبلة؛ بسبب الزيادة المضطردة في عدد المستهلكين الذين يفضلون منطق "الاستخدام بدلًا من الشراء".

 

 

وتقول الدراسة "بمنتهى البساطة فإن اشتراكات بعض أنظمة البث التدفقي في الولايات المتحدة تعادل ثمن شراء ثلاثة أفلام "ليست بالقديمة ولا بالحديثة" وتعادل ثمن دخول السينما لأربعة أفراد، بما يعني أنه يمكن الحصول على "مواد ترفيهية لا نهائية" بنفس مقابل دخول الأسرة كلها للسينما.

 

فالشاهد أنه خلال عامي انتشار فيروس كورونا التزم العديد من الناس بالعمل من منازلهم، وبالتالي قلت نفقاتهم التقليدية على حساب احتياجهم لخاصية مثل مؤتمرات الفيديو، أو زيادة الطلب على اشتراكات الاتصالات، أو حتى شركات الترفيه والإعلام وغيرها (تشير التقديرات إلى أن 70% من الأمريكيين على سبيل المثال عملوا من المنزل طوال فترة الوباء أو في فترة جزئية منه).

 

وعن مدى "تغلغل" "اقتصاد الاشتراكات" في الولايات المتحدة على سبيل المثال تشير الدراسة إلى أن 35% من الأسر الأمريكية تستخدم وسائل إعلام باشتراك وليس المجانية فقط، و4% منها مشتركة في خدمات للكتب، و11% مشتركة في كليهما (الكتب والإعلام).

 

وتزداد مستويات الاشتراكات في شركات الترفيه، حيث وصلت نسبة الأسر الأمريكية التي لديها اشتراك في خدمات البث التدفقي (شبكة واحدة أو أكثر) عام 2021 إلى 79-85%، بينما لم تتعد هذه النسبة 45% عام 2015 وفقًا لدراسة لبنك "كريدي سويس"، وأن 58% من الأسر مشتركة في أكثر من خدمة بث تدفقي.

 

نمو لافت

 

وتشير دراسة لـ"زوارا" Zoura، وهي شركة متخصصة في الاقتصاد الحديث وإدارة النظم السحابية، إلى أن الشركات القائمة على الاشتراكات، والتي تدرجها في مؤشر واحد باسم "مؤشر شركات الاشتراكات" (subscription economy index) نمت بـ4.6 ضعف الشركات المدرجة في مؤشر "ستاندرد آند بورز" خلال العقد الماضي.

 

 

وتقول "إيمي كوناري"، مؤسسة ونائب رئيس "زوارا" إن "التغييرات في نمط الحياة الوبائي أدت إلى تسريع اعتماد الاشتراك كأسلوب استهلاك، حيث يوضح تقرير الشركة الأخير أن المشتركين يواصلون البحث عن هذه الخدمات الرقمية القيمة".

 

وخلال الأعوام الأربعة الأخيرة حققت شركات "قطاع الاشتراكات" نموًا يفوق 10% في المتوسط باستمرار، وكمتوسط حققت تلك الشركات نموًا سنويًا بنسبة 17.5% خلال العقد الأخير، وهو معدل نمو مرتفع للغاية لا سيما مع استمرار الاتجاه الصعودي لفترة طويلة.

 

وجاءت شركات "SaaS" أو تقديم الشركات التي تقدم البرامج بوصفها خدمة في مقدمة الشركات التي تعتمد على الاشتراكات تحقيقًا للنمو العام الماضي على سبيل المثال بنسبة 16.2% في عام 2021، مع تسجيل متوسط نمو بنسبة 19.4% سنويًا منذ عام 2018.

 

ويرجع النمو المتميز لمقدمي خدمات البرمجة في هذا القطاع بسبب كونها في باكورة الشركات التي قررت اللجوء إلى منطق "اشترك ولا تشتر" بما جعل لديها خبرات طويلة نسبيًا تستغلها في استراتيجيات التسعير والترويج بما يسهم في تحقيق نتائج أفضل.

 

كيفية تقييم الشركات

 

يعطينا هذا صورة تفصيلية عن اقتصاد الاشتراكات الذي ينمو بصورة مضطردة وعن أسباب هذا النمو، ولكن يبقى السؤال هنا، كيف يقيم المستثمر الشركات القائمة على نموذج أعمال الاشتراكات وليس مبيعات السلع أو الخدمات التقليدية؟

 

هناك مؤشرات عدة تستخدم لتقييم الشركات بمختلف أنواعها، الأمر الذي ينطبق على شركات "اقتصاد الاشتراكات" لكن هناك بعض المؤشرات "الخاصة" بتلك الشركات التي يجب الاهتمام بها عند تقييم قيمة ومستقبل هذا القطاع.

 

ويأتي مؤشر كلفة اكتساب العميل كأحد أهم المؤشرات الاستثنائية لاستنتاج مستقبل أسهم "شركات الاشتراكات" وتقدير قيمتها، ويقصد بها التكلفة الإجمالية للتسويق والمبيعات لاكتساب عميل إضافي واحد.

 

ومن الواضح أنه كلما انخفض هذا الرقم كان ذلك أفضل؛ لأن هذا يعني أنك تنفق أقل لاكتساب العملاء، ومع ذلك، لا يوجد "رقم سحري" لتكلفة اكتساب العميل ولكن انخفاض تلك التكلفة (واتجاه التكلفة بمعنى إذا كانت ترتفع أو تنخفض) مؤشرًا مهمًا للغاية.

 

 

ويأتي هذا التقييم من منطلق أن الشركات التي تعتمد على الاشتراكات لديها طريقان فقط لزيادة إيراداتها؛ الأول من خلال زيادة عدد المشتركين، والثاني من خلال زيادة قيمة الاشتراك، وبما أن الخطوة الثانية قد تكون مقيدة بعوامل المنافسة كما قد يكون لها تأثير سلبي على زيادة عدد المشتركين (بل قد تؤدي لانصراف مشتركين حاليين وليس مجرد منع اشتراك آخرين) يبقى عدد المشتركين المؤشر الأهم.

 

"نتفليكس" مثالًا

 

ويمكن ضرب المثال هنا بشركة "نتفليكس"، حيث إن أحد منافسيها، "ديزني"، سترفع إنفاقها على إنتاج المحتوى التلفزيوني ليصل إلى 32 مليار دولار العام الجاري، بزيادة أكثر من 30% عن عام 2021 وبزيادة 65% عن عام 2020.

 

ويعني هذا أن "نتفليكس" مطالبة أيضًا بزيادة الإنفاق، (وسط تقديرات بزيادته بنسبة 25% خلال العام الحالي بالفعل)، وهو ما سينعكس سلبًا على نسبة النفقات الجديدة المطلوبة لجذب عميل جديد وسيقلل بالتالي من جاذبية الشركة للمستثمرين بما يهدد سعر السهم مستقبلًا.

 

كما أن هناك خطوة أخرى لبيان "جدارة" سهم شركة تعمل في "اقتصاد الاشتراكات، وتتمثل في تتبع عدد المشتركين في الشركة ومدى استقرارهم واستمرارهم لفترة طويلة، وتقدير تنوع القنوات التي يأتون من خلالها.

 

وتتنوع تلك الطرق لتشمل إعلانات مباشرة أو تلفزيونية أو السوشيال ميديا أو الاتصالات  المباشرة وغيرها، وكلما زاد عدد المستخدمين القدامى وقل معدل فسخ التعاقدات وزادت طرق جذب عملاء جدد زاد ذلك من قيمة الشركة لتأكيده على احتمالات تمتعها بمستقبل مزدهر.

 

 

ولعل هذا أيضًا هو ما يبرر انخفاض قيمة سهم "نتفليكس" أكثر من 20% في يوم واحد في يناير 2022 في أعقاب تقارير الشركة التي كشفت نمو المشتركين الجدد بنسبة تقل عن المتوقع، بعد فترة من النمو القياسي بفعل العديد من العوامل يأتي في مقدمتها تأثير وباء كورونا على استهلاك الناس للمواد الترفيهية بكثافة في المنازل.

 

مؤشر "مختلط" بين المبيعات والنمو

 

كما تشير العديد من الدراسات إلى ضرورة مزج الربحية مع نمو المبيعات عند تقييم شركات الاشتراكات، لما لنمو المبيعات من أهمية بالغة فيها بوضع رقم "مرجعي" معين وليكن 30% لكليهما، وبناء عليه يتم تقييم الاستثمار في شركة معنية.

 

فإذا حققت الشركة نموًا في المبيعات 15%، وحقق السهم أرباحًا 15% من قيمته يكون هذا السهم "جيدًا"؛ لأنه حقق معادلة 30%، وبالتالي يمكن القبول بشركة تحقق خسائر تصل إلى 10% شريطة أن تنمو مبيعاتها بنسبة 40%.

 

ورقم 30% بالطبع ليس رقمًا عامًا أو صالحًا لأي صناعة بل هو رقم افتراضي، إلا أن المنطق في دمج النمو مع الأرباح هو أن طبيعة شركات الاشتراكات تتيح لها بعد فترة من الاستقرار جني ثمار التوسع مع خفض النفقات نسبيًا والاستفادة من توسع قاعدة المشتركين وبدأ "حصد ثمار" التوسع في الفترة الأولى لعملها.

 

تحديات جديدة

 

وهناك مؤشر مهم للغاية في تقييم أسهم "شركات الاشتراك" ويتعلق بـ"دورة حياة المنتج" والمقصود هنا الفترة الزمنية التي يستمر المنتج في تحقيق أرباح بعد إطلاقه دون الحاجة لتقديم بديل جديد، سواء نسخة أحدث من المنتج نفسه أو طرح منتج مختلف تمامًا.

 

ولعل هذا من أهم ما يدفع كثيرين لوضع أسهم "مايكروسوفت" وشركة "أدوبي" (Adobe) على قمة هرم "شركات الاشتراكات" باستمرار؛ بسبب الزمن النسبي الطويل الذي تستمر فيه منتجاتهما من البرامج صالحة في السوق، وبسبب غياب المنافسة الشديدة بما يسمح لهما بإطالة فترة استغلال المنتجات.

 

 

وعلى الرغم من الإجماع حول أهمية شركات الاشتراكات، وتوقعات استمرار نموها مع زيادة الاعتماد على التكنولوجيا، إلا أن تحديات الفترة المقبلة مع زيادة نسب التضخم والركود، والخوف من موجة "ركود تضخمي" ستضع هذا القطاع كله في اختبار صعب، سواء من حيث القدرة على تحقيق الأرباح أو الاستمرار في النمو السريع.

 

فوفقًا لإحصاءات شهدت الفترة بين عامي 2010-2011 تراجعًا في عدد الأسر الأمريكية التي تملك "تلفزيون" بسبب تأثرهم بالأزمة المالية العالمية، وإذا حدثت أزمة مشابهة فإن كثيرين سيميلون لوقف اشتراكاتهم قبل بيع أشيائهم.

 

 

المصادر: وول ستريت جورنال- زوارا- ياهو فاينانس- سي.إن.بي.سي- ماكينزي- موقع ستاتيستا

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.