أصبحت سلالة أوميكرون المتحورة من فيروس كورونا خطراً حقيقياً بالنسبة إلى كثير من كبرى دول آسيا في نفس توقيت انحسارها الظاهر في بعض الدول الغربية، وهو ما يعقد الأمور أمام المستثمرين الذين يبحثون عن أسهم رابحة يراهنون عليها في هذه المنطقة.
المشكلة أن الحكومات الآسيوية تقوم بتطبيق سياسات متباينة تماماً في مواجهة فيروس كورونا، وتختلف هذه الاستراتيجيات ما بين سعي الصين إلى الوصول إلى صفر كوفيد وتوجه أستراليا إلى التعايش مع الفيروس، وما بينهما من سياسات.
وكذلك تتباين سرعة عملية التلقيح وقوة نظم الرعاية الصحية تبايناً عظيماً بين دول المنطقة.
هذا مثال آخر على كيفية إجبار فيروس كوفيد المستثمرين على مواجهة تحديات جديدة، رغم أن كثيراً منهم مازال متفائلا بقدرة آسيا على تجاوز العاصفة إذ أن أفضل الدول أداءًا بها حافظت على انخفاض معدل الوفيات بسبب الجائحة إلى مستويات تقل كثيراً عن أي منطقة أخرى.
وأداء الأسهم الآسيوية أفضل من أداء نظيراتها الأمريكية والأوروبية هذا العام حتى الآن، بعد أن كان أسوأ في عام 2021.
واي هو ليونغ، محلل لدى شركة "موديولار أسيت مانجمنت" قال: "ستكون آسيا في حال أفضل للتعامل مع موجات فيروس أوميكرون، الذي ربما يثبت أنه قصير العمر.
كذلك يرجح أن تتعافى الأسواق التي تلقت تلقيحاً أفضل وخففت في وقت ملائم من شروط التباعد الاجتماعي بمعدل أسرع من هذه الموجة".
أضاف أن ذلك يشير إلى سنغافورة وكوريا الجنوبية وتايوان والصين وماليزيا باعتبار أنها دول فائزة محتملة، مع الهند وتايلاند والفلبين التي بدأت صعودها، مؤكداً أن قطاعات السلع الاستهلاكية والسيارات والبنوك بين القطاعات التي ينبغي الرهان عليها.
أشارت دول غربية من سويسرا إلى إسبانيا والمملكة المتحدة إلى أن جائحة فيروس كورونا ربما تتحول إلى مرحلة المرض المستوطن.
في آسيا بدأ صعود موجة متحول أوميكرون، مع زيادة حالات الإصابة في أستراليا، وقفزة أعداد العدوى في طوكيو مما دفع السلطات إلى إعلان حالة الاستعداد الخاصة بكوفيد، وتمديد هونغ كونغ فرض قيود التباعد الاجتماعي.
رواية الدولة الغنية
بعد أن استنزفتها فترات الإغلاق، تجنبت الدول الأوروبية إلى حد بعيد العودة إلى القيود المرهقة. كتب جيفري هالي، محلل أسواق أول لمنطقة آسيا والباسيفيك في شركة "أواندا" (Oanda)، في تقرير صدر 10 يناير: "إن كثيرا من الدول في آسيا ترفض قبول رواية الدولة الغنية الغربية بأن الموجة الجديدة أضعف وتأثيرها سيكون منخفضا". من بين هذه الدول أكبر سوقين في المنطقة.
بالنسبة إلى البعض، يعني نجاح الصين المؤكد في كبح انتشار الفيروس عند اكتشافه أنه لا يوجد سبب يجعل المستثمرين هناك يشعرون بالقلق إزاء سلالة أوميكرون.
قالت جيان شي كورتيزي، مديرة الاستثمار في أسهم االنمو في الصين وآسيا لدى شركة "جي إيه إم إنفستمنتس" (GAM Investments) في زيوريخ: "في حين يمكن أن تؤدي عمليات الإغلاق المنعزلة إلى تأزيم بعض المناطق مؤقتا، يرجح أنها لن تؤثر على الاقتصاد عموما تأثيرا يذكر.
فقد تأقلم اقتصاد الصين على إجراءات صفر كوفيد، ومعظم القطاعات تعمل بشكل طبيعي، والأمور عادية بالنسبة لمعظم الناس".
غير أن آخرين يتساءلون إلى أي مدى يمكن تحمل تطبيق هذه الاستراتيجية. خفض بنك "مورغان ستانلي" تقييمه لاقتصاد هونغ كونغ مع عودة المدينة مرة أخرى إلى فرض قيود صارمة، ويحتمل أن تؤخر إعادة فتح الاقتصاد على بر الصين.
وما زالت عمليات الإغلاق في الصين في نطاق محلي غير أنها قد تنتشر على نطاق أوسع.
كتب هالي من شركة "أواندا": "إن احتمال حدوث صدمة في معدل نمو اقتصاد الصين بسبب أوميكرون وسياسة صفر كوفيد يتزايد بانتظام يوما بعد يوم".
كانت اليابان من أوائل الدول التي جربت استراتيجية "التعايش مع الفيروس" في 2020، غير أن سياسة التعامل مع كوفيد في ظل إدارة رئيس الوزراء فوميو كيشيدا أصبحت أكثر حذرا رغم حصول 80% من سكان البلاد على جرعتين من اللقاح.
قال ريتشارد كاي، مدير محافظ لدى شركة "كومجيست أسيت مانجمنت اليابان" التي تدير أسهما يابانية بقيمة 10 مليارات دولار: "أصبحت اليابان أكثر بلاد العالم الحر تشددا في الوقت الحالي" من حيث قيود السيطرة على الحدود.
وبالعكس، يقول إن هذه الصرامة في الإغلاق تجعلها رواية نموذجية لإعادة فتح الاقتصاد.
أضاف: "إننا لا نستطيع الرهان على رواية إعادة فتح الاقتصاد بدرجة أكبر كثيراً من رهاننا على الاقتصادات الرئيسية الأخرى".
يرى كاي إن خطوط الطيران ومشغلي المطارات والسكك الحديدية وشركات التجزئة يحتمل أن تحقق مكاسب عندما ترفع القيود عن الحدود في نهاية المطاف.
حتى الآن، كان أداء مؤشر الأسهم الكبرى في اليابان نيكاي 225 أضعف من أداء مؤشر أسواق آسيا المعياري بنحو 3 نقاط مئوية.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}