يعد مجلس الإدارة أحد العناصر الأساسية والذي يسهل إغفاله أو إساءة فهمه، لأن دوره الأساسي لا يتمثل في "تعيين وطرد" الرئيس التنفيذي والموافقة على الاستراتيجية فقط، بل يلعب أيضاً دوراً محورياً في نمو الشركة الناشئة والنجاح النهائي.
ولعل من أبرز الكتب التي تتناول دور مجالس إدارة الشركات كتاب "تالنت استراتيجي ريسك" Talent Strategy Risk، لمؤلفيه "بيل ماكناب" الرئيس التنفيذي السابق لشركة "فان جارد" Vanguard الرائدة في إدارة الأصول، ومستشار الأعمال "رام شاران" و"دينيس كاري" نائب رئيس مجلس إدارة شركة التوظيف العالمية "كورن فيري" Korn Ferry.
دور مجالس إدارات الشركات الناشئة |
|
الدور |
التوضيح |
مساعدة الرؤساء التنفيذيين في الحفاظ على الرؤية طويلة المدى والشاملة |
يقول "رام شاران": "إذا كنت تفكر على المدى القصير، ولا تبني على المدى الطويل، فإن ذلك المدى القصير سيصبح أقصر"، لأن من دون تخطيط مناسب طويل الأجل، لا يكون كل من الشركة والفريق مناسبين.
ويبدأ التخطيط طويل الأجل بأهداف العمل والمقاييس المختارة لقياس التقدم المحرز حيث يتم تضمين المقاييس أو المؤشرات الرئيسية متوسطة وطويلة الأجل، بدلاً من مؤشرات الأداء الرئيسية التشغيلية قصيرة الأجل على الأداء الحالي.
حتى إن المؤلفين ذهبوا إلى حد اقتراح توقف الشركات العامة عن تقديم إرشادات الأرباح قصيرة الأجل، والتركيز فقط بدلاً من ذلك على التقدم نحو الأهداف طويلة الأجل.
ويجادل المؤلفون بأن التفكير طويل المدى يشمل مجموعة واسعة من وجهات النظر، كما أن دور مجلس الإدارة مثل الرئيس التنفيذي يتمثل بالتفكير فيما وراء التنفيذ الحالي، مما يضمن بقاء الشركة ملتزمة برؤيتها طويلة المدى.
ويتمثل أحد الأجزاء الحاسمة في اتخاذ وجهة نظر طويلة المدى في الاعتراف بمسؤولية الشركة تجاه العديد من أصحاب المصلحة.
ويشرح الكتاب كيف أن المساهمين أنفسهم يحتلون مكانة مختلطة في النظم البيئية للأعمال؛ فهم مشترون وعملاء عهدوا بدخلهم ومدخراتهم إلى شركة استثمارية، ولكنهم أيضاً مالكون.
ويقع على عاتق مجلس الإدارة التأكد من تنفيذ المسؤوليات الأخلاقية، بحيث لا تتعارض وجهة نظر أصحاب المصلحة مع وجهة نظر المساهمين.
فالعديد من الشركات لديها رؤية طموحة، وتلك النظرة طويلة المدى والقائمة على المقاييس ستجهز الشركة للبقاء وفية لرؤيتها.
|
اكتشاف المواهب |
في جميع الشركات الناشئة، تُعد الموهبة هي المورد الرئيسي؛ فالفريق هو الذي يضع في نهاية المطاف الاتجاهات الجديدة، ويغتنم الفرص، ويجعل الشركة مرنة ويدير المخاطر، لذا فغالباً ما يكون التوظيف محدداً هاماً للنمو.
ونظراً لأهمية الموهبة بالاستراتيجية والتنفيذ، فقد تكون أحد الجوانب التي يدعمها مجلس الإدارة، وبالطبع لا يعني هذا أنه بحاجة إلى قيادة استراتيجية التوظيف أو سياسات الموارد البشرية، فتلك وظيفة الرئيس التنفيذي والشركة.
ولكن يمكن للرؤساء التنفيذيين (ويجب عليهم) إشراك أعضاء مجلس الإدارة، لضمان رؤية مواهب الشركة بشكل أكبر.
وعلى سبيل المثال، استعانت شركة "سايد كار هيلث" Sidecar Health مؤخراً بـ 6 من كبار الرؤساء التنفيذيين الجدد، وعقدت جلسة خاصة لأعضاء مجلس الإدارة لمقابلة الموظفين الجدد والتعرف على خلفياتهم.
ويمكن أن يكون بناء العلاقات بين المواهب الرئيسية ومجلس الإدارة ضرورياً أيضاً، فكما أوضح المؤلفون، من المحتمل أن يكون 2% من الموظفين قادرين على 80% من النتائج.
وبالتالي، فإن دور مجلس الإدارة هو فهم من هم هؤلاء الـ 2%، وأفضل السبل التي يمكن للشركة من خلالها توظيفهم والاحتفاظ بهم وتنميتهم.
ويمكن لمجلس الإدارة دعم التوظيف من خلال المساعدة على جذب المرشح الجيد للعمل بالشركة.
ويمكن لمجلس الإدارة دفع الشركة للحفاظ على الثقافة الصحيحة، فغض الطرف عن التحديات الثقافية سيؤدي إلى مشاكل بمرور الوقت.
فالثقافة هي قضية استراتيجية رئيسية، لأن عدم القيام بها بشكل صحيح أمر بالغ الأهمية لتجنب الوقوع به.
ويتمثل أحد الأدوار المجلس في دعم التدقيق الثقافي السنوي للشركة، حيث يرى "بيل" أنها مسؤولية مطلقة؛ فعندما يكون هناك فشل ثقافي، يكون وراءه دائماً فشل في الموهبة والقيادة.
ولأن الموهبة مهمة جداً، فإن رفع تقارير التقييم إلى مجلس الإدارة يُعد أمراً هاماً أيضاً.
|
تقديم منظور خارجي |
يجب أن يكون مجلس الإدارة بمثابة مجلس صوتي للرئيس التنفيذي، ولا تقتصر إحدى المقاربات على التفكير في الاستراتيجية فحسب، بل أيضاً في هيكلة وجهة نظر خارجية لتقديم وجهات نظر مختلفة.
وفي هذا السياق، يتحدث المؤلفون عن المزايا غير البديهية للمستثمرين النشطين في الشركات العامة. ليس لأنهم بالضرورة سعداء بالعمل، ولكن لأن النشطاء يتحدون القيم الراسخة.
حتى في البدايات - قبل وجود صناديق التحوط - فإنه يمكن للمجالس تقديم وجهات نظر خارجية قيمة.
وفي الصناعات شديدة التنظيم مثل الخدمات المالية، والتي لديها أيضاً العديد من مزودي الخدمات المالية غير السهمية - مثل خدمات إقراض الديون أو رأس المال التنظيمي لشركات التأمين - يُعد هذا أمراً بالغ الأهمية.
ويمكن هيكلة وجهات النظر الخارجية لاتخاذ القرار، كما أوضح "دينيس"، حيث تبنت شركة "وارن بافت" هذا النهج في جميع صفقات الاندماج والاستحواذ.
وتضم الشركة مجموعتين من المصرفيين والاستشاريين كمستشارين، وقد يتجادل اثنان على قضية ما بآراء معاكسة لصالح إجراء الصفقة، فهيكلة العكس تدعم وجود وجهات النظر الصحيحة قبل الخوض بالأمر، ويعود الفضل لها إلى تجنب الأخطاء الكبرى في أكثر من مرة.
ويمكن بناء توسيع نطاق تفكير الشركة ومجلس الإدارة من خلال التنوع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، فمثلاً، بالنسبة للشركات الناشئة في مجال الشمول المالي، يمكن أن يكون إشراك العملاء ناقصي التمثيل في المحادثة مفيداً.
|
المرونة |
لا يقتصر دور مجلس الإدارة على إدارة النمو فحسب، بل المرونة أيضاً، وهذا مهم لجميع الشركات الناشئة، لكنه بالغ الأهمية في مجال التكنولوجيا المالية، حيث يتم التعامل مع أموال الناس ومدخراتهم وما إلى ذلك.
وتكون المسؤولية أكبر من مسؤولية تطبيق أو حل برمجي عام للمستهلك، فغالباً ما يكون رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا المالية مبدعين، حيث يقومون ببناء شيء جديد لم يتم القيام به من قبل.
وهناك مجموعة من الأحداث التي يمكن أن تنشأ وتتسبب في كوارث كالهجمات الإلكترونية والجهات الفاعلة السيئة والاحتيال وغيرها، وهي مخاطر كبيرة في مجال التكنولوجيا المالية.
فلا بد من النظر في تلك الأمور ومعالجتها، وسيتضح أنها تتعلق كثيراً بمرونة العمل، ولا بد حينها من التأكد من توافر الموارد التي تستطيع من خلالها الشركة الاستمرار.
ويمكن لمجلس الإدارة أن يلعب دوراً رئيسياً في إدارة المخاطر، وإدارة المخاطر بالطبع لا تعني تجنبها، فهذا مستحيل في شركة ناشئة محفوفة بالمخاطر بطبيعتها، ولكن يمكن فهمها ومحاولة تخفيفها، والخيارات المتاحة لمواجهتها على المدى الطويل.
|
المصدر: فوربس
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}