نبض أرقام
11:26 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/26
2024/11/25

"يورو 2020".. هل يمكن لكرة القدم أن تجعل المستثمرين أكثر فطنة؟

2021/06/29 أرقام - خاص

"الكرة للمتعة وللجماهير".. شعار لطالما رفعه عشاق كرة القدم ترسيخًا لمعتقدهم بأن هذه اللعبة تمارس من أجلهم فقط، وهو ما يبدو منطقيًا بالنظر إلى كونها الرياضة الأكثر شعبية في العالم، ومع ذلك فإن هذه الجماهيرية الجارفة تجعلها مؤثرة في كثير من نواحي الحياة.

 

مَن مثلًا ينكر الدور الذي تلعبه كرة القدم من خلال الأندية والاتحادات الرسمية في الحث على نبذ الكراهية والعنصرية، وتشجيع الروح السمحة والتآزر؟ ولعل أزمة نجم المنتخب الدنماركي "كريستيان إريكسن" في بادئ بطولة "يورو 2020" الجارية الآن كانت دليلًا دامغًا على هذه الروح.

 

 

السياسة قد تتأثر بكرة قدم، فهي قوة ناعمة لا يمكن إنكار تأثيرها، ونرى من وقت لآخر تنافسًا تقوده النخبة السياسية من أجل تأهيل بلادها لاستضافة الأحداث الكبرى لهذه اللعبة، ولم لا وهي التي ستنعش الاقتصاد وتروج للسياحة داخل البلاد، وبالتالي تشكل مكسبًا على أصعدة مختلفة.

 

دروس كرة القدم للبشرية لا تنتهي، وليست جديدة، وقد ناقشنا هنا سابقًا كيف أن تطور كرة القدم في إيطاليا، يشكل درسًا جوهريًا لعالم البزنس، مفاده أن التطور المستمر والالتفات للمنافسة هما سبيل البقاء وتجنب الاندثار.

 

وبالمناسبة كان هذا الدرس مفهومًا للغاية بالنسبة لأندية كرة القدم الحديثة، ولعله أيضًا كان أهم دوافع الأندية الأوروبية الكبرى عندما أعلنت عن بطولة دوري السوبر الأوروبي المنشقة، في أبريل من هذا العام، قبل أن يتراجع أغلبها لاحقًا بضغط من رموز رياضية ومنظمين وسياسيين أوروبيين.

 

في الحقيقة، كرة القدم كمنظومة وحتى اللعبة نفسها، يمكنها تقديم الكثير والكثير من دروس الحياة، وما نحن بصدد الحديث عنه اليوم، هو أهم دروس هذه الرياضة للمستثمرين ومحبي المغامرة المالية.

 

إخفاقات الحراس وتحيز النشاط

 

- في بطولة "يورو 2020" التي تلعب الآن، كان هناك الكثير من المواقف المضحكة والمحرجة، لكن أبرزها كان عندما سجل حارس مرمى سلوفاكيا "مارتن دوبرافكا" هدفًا بيده في مرماه أمام إسبانيا. من الصعب، بعد مشاهدته عدة مرات حتى معرفة ما كان يحاول القيام به.

 

- كشف التمويل السلوكي عن أهمية "تحيز النشاط"، ويعني الشعور بأنه من الأفضل القيام بشيء ما بدلًا من عدم القيام بأي شيء ويعرف أيضًا بالتحيز للفعل، حيث يميل البشر عادة إلى الفعل بدلًا من التقاعس حتى دون دراية بمخرجات هذا الفعل، وهو تحيز بشري قوي للغاية.

 

 

- في حالة حدوث أزمة، يمكن أن يؤدي هذا إلى كارثة، حيث يبيع الناس حيازاتهم بكثافة شديدة، وعادةً ما يؤدي التحرك العنيف بالمحفظة إلى تكاليف إضافية دون توليد أي عائد جديد، لكن لا يزال يبدو هذا أفضل للمستثمر من مجرد البقاء في مكانه وعدم القيام بأي شيء.

 

- تتعلق إحدى الدراسات الكلاسيكية لتحيز النشاط بحراس المرمى في كرة القدم، فعندما يحاولون إنقاذ ركلة جزاء، فإنهم يقفزون بشكل عام بطريقة أو بأخرى، مما يجعل من السهل على المهاجم التسجيل بمجرد ركل الكرة مباشرة وسط المرمى، لكن الوقوف دون حراك ومشاهدة الكرة وهي تصطدم بزاوية الشبكة يعتبر أمرًا محرجًا أكثر.

 

- في عام 2008، كشف تقرير لمجموعة من علماء النفس أن حراس المرمى يعانون من تحيز النشاط، وفي عينة مكونة من 286 ركلة جزاء، وُجد أنهم يقفزون بنسبة 94% من الوقت، على الرغم من أن الأسلوب الأمثل إحصائيًا هو البقاء في أماكنهم (المنتصف).

 

- يتكيف لاعبو كرة القدم، تمامًا كما تفعل الأسواق، وبمجرد أن تم نشر كلمة بين المهاجمين أنه قد يكون من المنطقي فقط تسديد الكرة للأمام، أدرك حراس المرمى أنه سيكون من الجيد البقاء في المنتصف بين الحين والآخر، وهكذا تم تصحيح الشذوذ.

 

- أظهرت الأبحاث التي نشرتها مجلة "إيكونوميست"، أن الركلات التي تم تنفيذها منخفضة وإلى المنتصف (النوع المصمم للاستفادة من تحيز نشاط حارس المرمى) كانت الأكثر احتمالية للتصدي، وعلى الرغم من ذلك، جرب المهاجمون مثل هذه الركلات بنسبة 10% من الوقت.

 

تكيف الأسواق

 

- تكيف المهاجمون، لكن حراس المرمى تأقلموا أيضًا، وكان على المسددين أن يتعاملوا مع الرغبة في تجنب الإحراج. بمجرد ظهور استراتيجية ركل الكرة مباشرة للأمام، أصبحت الجوانب السلبية للمهاجمين واضحة أيضًا، إلى جانب الحاجة إلى تكيف حراس المرمى.

 

- هذا ما يحاول المستثمرون فعله طوال الوقت. المعضلات التي تواجه حراس المرمى والمهاجمين تشبه إلى حد بعيد معضلات المستثمرين الذين يفكرون في استراتيجيات جديدة.

 

 

- إذا قرر حارس المرمى الوقوف في المنتصف باعتباره الترجيح الأكبر، فإن الإستراتيجية لن تكون فعالة، أما الحارس الذي يغير مركزه بشكل عشوائي يعقد الأمر على المنفذ ويزيد من المخاطر التي قد يرتكبها وتتسبب في ضياع فرصة الهدف.

 

- يشبه ذلك مفارقة كفاءة السوق. إذا كان كل وكيل في السوق يبحث بنهم عن فرص لسوء التسعير، فلا قيمة للمستثمر في أن يصبح نشطًا لأن السوق يعكس جميع المعلومات بشكل كامل، لكن وإذا لم يقم أحد بفحص الأسعار بدقة، فستكون هناك ميزة كبيرة للبحث النشط.

 

- هذا ما يمكن تسميته بحجة "الذروة السلبية"، حيث في مرحلة ما، يفرض المنطق أنه سيتم استثمار الكثير من الأموال بشكل سلبي، وستكون هناك ميزة كبيرة لأولئك الذين يحاولون اكتشاف الحالات الشاذة. ظهرت عبارة "الذروة السلبية" قبل بضع سنوات، ويٌعتقد أنها ستظهر (أو بدأت فعلًا) مجددًا في مرحلة ما.

 

- الذروة السلبية هي قصة يريد الكثير من الناس تصديقها، لكن هذا لا يجعلها حقيقية قطعًا، وبالمثل، فإن قصة حراس المرمى غير النشطين جذابة، لأن الكثير منا يستمتع بمشاهدة كرة القدم أو لعبها.

 

- تمثل القصة تحذيرًا للمستثمرين ألا يتصرفوا فقط لتجنب الإحراج، والمصير المروع لحراس المرمى أمثال "دوبرافكا" يذكر بأن هناك القليل من الأشياء التي ينبغي تجنبها، إنه لا يشير إلى وجود حجة كبيرة للخمول، لكن يشكل دافعًا كبيرًا لدراسة كيف يتصرف الآخرون في بيئة تنافسية، واكتشاف الأنماط في سلوكهم، والتعديل وفقًا لذلك.

 

سمات النجاح واحدة

 

- في مذكرة حول بطولة كأس العالم لكرة القدم 2018، قال مصرف "يو بي إس" إن صفات فريق كرة القدم الناجح والمرشح للفوز بالبطولة هي ذاتها سمات المستثمر المتفوق، والتي تشمل، الحركة الخفيفة والتوازن والهدوء.

 

 

- يشير المصرف إلى أن المستثمرين كثيرًا ما احتاجوا إلى الرشاقة، وأنه خلال الأزمة المالية العالمية تغيرت القواعد ومعها حدثت تحولات في طبيعة الأسواق، وحتى ما أصبح وضعًا طبيعيًا بعد سنوات مثل تخفيف السياسة النقدية، قد يتغير في أي وقت، وهو أمر يتطلب مرونة وقدرة على المراوغة من المستثمرين.

 

- أما الهدوء، فقال البنك إنه أكثر إلحاحًا الآن للمستثمرين في حالات التقلبات التي باتت تضرب الأسواق من حين لآخر، مشيرًا إلى أن التوازن، هو السمة الأكثر أهمية بالنسبة لمحافظ المستثمرين وفرق كرة القدم على حد سواء، حيث يحتاج المستثمرون إلى مجموعة متنوعة من الأصول.

 

المصادر: أرقام- بلومبيرغ- التلغراف- بي بي سي

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.