على عكس ما راهن عليه كثير من المحللين بانحسار موضة التحرك المنسق للمستثمرين الأفراد في سوق الأسهم الأمريكي بعد واقعة سهم "جيم ستوب" الشهيرة، لا زال هؤلاء الهواة يوجهون الصفعات واحدة تلو الأخرى لكبرى المؤسسات الاستثمارية.
حتى تعاملات الجمعة، ارتفع سهم شركة "AMC Entertainment Holdings" المالكة لسلسلة دور السينما، بنحو 1500% منذ بداية العام، وعند مرحلة ما من الجلسة اقتربت القيمة السوقية الإجمالية له من 17 مليار دولار بعدما ارتفعت قيمة الشركة 3 أمثال خلال الأسبوع الماضي فقط.
هذه الضغوط الصعودية جاءت بدعم من دعوات على منصات التواصل الاجتماعي لشراء السهم، وهو ما تسبب لمستثمري البيع على المكشوف في خسائر بنحو ملياري دولار 1.3 (مليار منها خلال 4 أيام فقط)، بعدما راهنوا على هبوط سهم الشركة.
هذه المواجهة بين كبار وصغار المستثمرين في سوق الأسهم الأمريكي، قادتها مجموعة "وول ستريت بيتس" على منصة "ريديت" والتي قادت من قبل موجات شراء ساهمت في رفع ارتفاع سريع وحاد لبعض الأسهم، مثلما فعلت مع سهم "جيم ستوب"، ما كبد صناديق التحوط التي راهنت على هبوطه مليارات الدولارات بين يناير وفبراير.
فورة أم جنون
- أغلق السهم جلسة الجمعة عند 26.12 دولار، ارتفاعًا من 13.68 دولار يوم الاثنين الماضي، وبعدما لامس ذروته خلال تعاملات الجمعة عند 36.72 دولار، أي تقريبًا ثلاثة أضعاف ما كان عليه في بداية الأسبوع.
- كانت "إيه إم سي" أكثر الأسهم نشاطًا في بورصة نيويورك خلال تعاملات يوم الجمعة، حيث تم تداول أكثر من 650 مليون سهم،ووفقا لبيانات "فاكتست"، فإن متوسط حجم تداول السهم لمدة 30 يومًا يزيد قليلاً على 100 مليون سهم.
- أفادت "إيه إم سي"في وقت سابق من هذا الشهر بأن مستثمري التجزئة الجدد، والذين يبلغ عددهم 3.2 مليون، يمتلكون نحو 80% من 450 مليون سهم قائم اعتبارًا من 11 مارس. دفعت جهودهم، التي تصاعدت في يناير، السهم إلى 20 دولارًا للسهم من 5 دولارات، وسمحت للشركة بتخفيف عبء ديونها بنحو 600 مليون دولار.
- جاء ذلك في خضم أزمة تعيشها الشركة التي لديها نحو 5 مليارات دولار من الديون وتحتاج إلى تأجيل 450 مليون دولار من مدفوعات الإيجار، حيث جفت إيراداتها إلى حد كبير خلال جائحة فيروس كورونا المستمرة، مع إغلاق دور العرض لأشهر وتعطل إنتاج الأفلام الجديدة.
-على الرغم من أن الشركة أنهت الربع الأول بسيولة قدرها مليار دولار، وهو أكبر قدر لها على الإطلاق في تاريخها الممتد منذ 100 عام، إلا أن هذا الكاش سيبقيها واقفة على قدميها حتى عام 2022 ما لم يعود الجمهور بأعداد كبيرة لتعويض شهور دون إيرادات.
- بلغت القيمة السوقية للشركة 751 مليون دولار في اليوم الأخير من عام 2019، لكنها أنهت تعاملات يوم الجمعة قرب 12 مليار دولار، رغم ما تعانيه الشركة بشكل خاص وما تشهده صناعة الترفيه بشكل عام من تحديات.
ماذا حدث؟
- ربما يكون ما يسمى بـ"غطاء البيع على المكشوف" مساهمًا في الارتفاع الهائل لسهم شركة "إيه إم سي" الأسبوع الماضي. قالت شركة التحليلات "S3 Partners" إن نحو 20% من أسهم "إيه إم سي" القائمة (90 مليون تقريبًا) بيعت على المكشوف، مقارنة بمتوسط 5% في الأسهم الأمريكية المماثلة.
- عندما تقفز قيمة سهم تم بيعه على المكشوف بشكل كبير وسريع، يضطر البائعون على المكشوف إلى إعادة شراء الأسهم المقترضة لإغلاق مركزهم البيعي وخفض الخسائر، وتميل هذه الحالة المعروفة بـ"الشراء القسري" إلى تأجيج الاتجاه الصعودي أكثر. (تعرف أكثر على قصة جيم ستوب وخطورة البيع على المكشوف: من هنا)
- في الأساس، عندما يبيع المستثمر سهمًا ما على المكشوف، فإنه يقترضه يبيعه الآن، بناءً على توقعات بأن هذا السهم سينخفض في المستقبل، وكل ما يكون عليه فعله بعد ذلك، شراء هذا السهم عقب انخفاض سعره ورده للوسيط الذي أقرضه إياه، لكن إذا ارتفع بدلًا من أن ينخفض فسيكون على المستثمر شراءه بسعر أعلى.
- سبب آخر وراء الارتفاع الحاد في الأسبوع الماضي هو التدافع على عقود خيارات الشراء، فعندما يكون هناك تهافت على عقود الشراء خلال ارتفاع سريع للأسهم، يمكن أن يعمل كوقود إضافيللموجة الشرائية.
- اشترى المستثمرون مليوني عقد شراء لسهم "إيه إم سي" خلال تعاملات يوم الخميس عندما ارتفع السهم بنسبة 36%، ثم في يوم الجمعة عندما افتتح السهم على ارتفاع بنسبة 20%، اشتروا مليوني عقد آخرين بحلول الساعة 2:00 بعد الظهر بالتوقيت الشرقي. قلص السهم مكاسبه لاحقًا وتحول للنطاق الهبوطي قبل أن يتدارك الخسائر ويغلق مرتفعًا.
- تمنح خاصية عقود الخيارات، الحق (دون إلزام) للمتداول بشراء أو بيع الأصل خلال فترة زمنية محددة تعرف باسم "أجل الاستحقاق" وعند سعر محدد يسمى "التنفيذ"، والذي يتحقق عنده المنفعة من التعامل على الأصل وفقًا لتوقعات المستثمر. (تعرف أكثر على هذه الخاصية).
ما التالي؟
- يقول "إيهور دوسانيوسكي" المحلل لدى "إس ثري بارتنرز": انخفض عدد الأسهم التي تم بيعها على المكشوف بشكل كبير في أواخر شهر يناير عندما كان للسهم ظهوره الأولي بين رواد مجموعة "وول ستريت بيتس"، لكن مع تراجع السهم زاد عدد الأسهم المباعة على المكشوف بشكل مطرد حتى أبريل، وظل قرب 90 مليون.
- مع ذلك يرى "دوسانيوسكي" أن الارتفاع الهائل لسهم "إيه إم سي"، يجعله بالتأكيد في منطقة ذروة الشراء، قائلًا إنه عندما يتجاوز مؤشر القوة النسبية للسهم مستوى 70 نقطة تكون هناك ذروة شراء وهو الآن يبلغ 86.81.
- ذروة الشراء تعني أنه ربما تمت المبالغة في تقييم الأصل، وبالتالي يكون التصحيح متوقع، أو كما يقول "دوسانيوسكي":لن يكون من المستغرب أن يتراجع خلال المدى القصير، على غرار ما حدث في أوائل فبراير.
- يقول "ريتش جرينفيلد" الشريك المؤسس لشركة "LightShed Partners" للأبحاث: كل ما يهم الآن على المدى الطويل، هو أن هذه الشركة لن تحقق أرباحًا مرة أخرى ولن تدر سيولة أبدًا بهيكل رأس المال الحالي.. إن سهمها تداول عند سبع أضعاف أرباحها قبل الجائحة، والآن يصل إلى 25 ضعفا وهي في وضع أسوأ اليوم.. هذا يتحدى كل منطق.
المصادر: أرقام- سي إن بي سي- بلومبيرغ- فوربس- إنفستوبيديا
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}