نبض أرقام
07:05 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/27
2024/11/26

سؤال المليون دولار .. كيف تعرف الوقت المناسب لبيع السهم؟

2021/05/07 أرقام - خاص

قبل نحو أربعة أعوام دخل "حسن" سوق الأسهم، واشترى سهم الشركة "س" العاملة بقطاع الأسمنت، رغم أن مكرر ربحيتها كان أعلى من المتوسط، وذلك على أمل حدوث انتعاشة في سوق العقارات تنعكس آثارها على القطاع وتقفز بسعر السهم إلى مستويات أعلى.


وبالفعل، صدقت توقعات الرجل وارتفع السهم في غضون ثلاث سنوات من 25 ريالًا إلى ما يقرب من 100 ريال، ولكنه سرعان ما تراجع في العام التالي إلى 25 ريالًا مرة أخرى، ولحسن حظ "حسن" فقد هداه تفكيره إلى بيع ثلث حيازاته من السهم أثناء استقرار سعره بالقرب من 100 ريال، ولكنه احتفظ بالثلثين حتى شاهد تراجع السهم مرة أخرى إلى مستوياته السابقة.



تمكن "حسن" من تحقيق عائد جيد على استثماره بذلك السهم، ولكن هذا العائد كان من الممكن أن يكون أعلى من ذلك بكثير لو أنه قام ببيع كامل حيازاته عن مستوى الـ100 ريال، وهو ما لم يفعله. ربما وقف ذكاء حسن إلى جانبه أثناء اتخاذه لقرار الشراء ولكنه خانه في قرار البيع.


والحقيقة، إن المشكلة التي تبرزها هذه الحادثة أبعد من أن تكون مشكلة فردية، فإذا سألت أي مستثمر محترف في سوق الأسهم عن أصعب ما يواجهه في عملية الاستثمار، فربما يتفق الجميع تقريبًا على أن القدرة على تحديد الوقت المناسب للتخلي عن السهم هي الجزء الأصعب في العملية برمتها.


وتحاول السطور التالية أن تساعد جمهور المستثمرين بسوق الأسهم على الإجابة بشكل أفضل عن السؤال الصعب: متى يجب أن أبيع السهم؟


سل نفسك أولًا


ما يجب أن تعرفه في البداية هو أن قرار البيع لا يقل أهمية عن قرار الشراء، بل إن أهمية الأول قد تتجاوز في ظروف وسياقات معينة أهمية الأخير، فالبيع في الوقت الصحيح وللأسباب الصحيحة هي مهارة يجب أن يسعى مستثمرو سوق الأسهم لاكتسابها.


حين تخطر لك فكرة البيع أو التخلي عن سهم معين يجب أن تتوقف للحظة وتسأل نفسك الأسئلة التالية: هل أخطأت في تحليلي لإمكانات السهم؟ هل تغيرت أساسيات الشركة للأسوأ؟ هل توجد هناك فرصة استثمارية أفضل؟ هل أصبح السهم يشكل جزءًا كبيرًا من محفظتي؟ إذا لم تتمكن من الإجابة بنعم عن واحد أو أكثر من هذه الأسئلة فلا تبع.



ربما السبب الأكثر إيلامًا للبيع هو أن يكتشف المستثمر أنه ببساطة كان مخطئًا في تحليله للسهم من البداية.

 

ربما اعتقد مثلًا أن الشركة تتمتع بميزة تنافسية كبيرة، قبل أن يثبت عدم صحة ذلك لاحقًا، أو ربما اعتقد أن الإدارة الحالية للشركة على قدر عال من الكفاءة وهو ما ثبت أنه غير دقيق مع أول أزمة تتعرض لها الشركة.

 

بغض النظر عن الخطأ الذي وقعت فيه كمستثمر أثناء عملية التحليل، فليس من الحكمة أن تستمر في التمسك بسهم بسبب ميزة اتضح أنها غير موجودة أصلًا. ضع حدًا لخسائرك وامض قدمًا.


ولكن كما يقولون: الكلام دومًا أسهل من الفعل، أكثر الناس يجدون صعوبة في التخلي عن السهم الخاسر لسببين، الأول هو رغبتهم في تجنب ألم الخسارة، والثاني هو تركيزهم على السعر الذي اشتروا به السهم وهي معلومة ليس لها قيمة وليس لها أي تأثير على مستقبل السهم، في نفس الوقت الذي يتجاهلون فيه معلومة في غاية الأهمية وهي حقيقة أن تقييمهم الأصلي لمستقبل الشركة ربما كان خاطئًا تمامًا.


إحدى الحيل التي يمكنك كمستثمر استخدامها للتغلب على هذه العقبة النفسية هي أن تقوم في كل مرة تشتري فيها سهمًا جديدًا بكتابة الأسباب التي اشتريت على أساسها هذا السهم وتوقعاتك لمستقبله أو لما ترجوه من نتائج. والحديث هنا ليس عن توقعات الأرباح الفصلية وإنما عن التوقعات العامة التقريبية والتي ستحاول من خلالها الإجابة عن الأسئلة البسيطة التالية: هل تتوقع ثبات أم تسارع نمو المبيعات؟ هل تتوقع انخفاض أم ارتفاع هوامش الربح؟



وإذا تعثرت مسيرة السهم وتعرضت الشركة لهزة، أحضر الورقة وحاول أن تعرف ما إذا كانت الأسباب التي اشتريت على أساسها هذا السهم لا تزال قائمة أم لا؛ إذا كانت قائمة فمن المنطقي أن تستمر في الاحتفاظ بالسهم، أما إذا كان العكس هو الصحيح فربما يجدر بك التفكير بجدية في التخلي عن السهم.


"عندما تتغير الحقائق أغير رأيي"


أما السبب الثاني للبيع فهو تدهور أساسيات الشركة إلى الأسوأ مع ضعف فرص ارتدادها، بالنسبة لمستثمري المدى الطويل، من المحتمل أن يكون ذلك السبب هو أحد أشهر الأسباب التي تدفعهم للبيع، ففي كثير من الأحيان تضل شركات ناجحة وراسخة في السوق منذ عقود طريقها، لتتدهور أساسياتها ويصبح نجاحها جزءًا من الماضي.


أنت ربما كنت محقًا بنسبة 100% في تقييمك المبدئي للشركة ومزاياها التنافسية قبل إقدامك على الاستثمار فيها وربما تمكنت كذلك بفضل حيازتك لهذا السهم من تحقيق عوائد معتبرة في الماضي القريب، ولكن لأسباب خارجة عن إرادتك تغير كل شيء الآن، وليس من مصلحتك أن تعيش في حالة من الإنكار للوضع الجديد. ربما عليك أن تستمع لنصيحة الاقتصادي البريطاني الشهير "جونميناردكينز" والتي قال فيها "عندما تتغير الحقائق أغير رأيي."

 

 

أما السبب الثالث الذي يمكنك أن تبيع على أساسه هو أن تتوافر أمامك فرصة استثمارية أفضل لأموالك. فأنت كمستثمر ذي رأس مال محدود تريد في النهاية أن تحصل على أعلى عائد استثماري ممكن على أموالك، لذلك فإن بيع سهم جيد ولكن متواضع الإمكانات مقابل سهم آخر إمكانات نموه أعلى هو أمر منطقي تمامًا وفكرة جريئة في الوقت ذاته.


أكبر مما يجب


نأتي للسبب الأخير وربما الأفضل على الإطلاق بين الأسباب الأربعة، إذا وفقت في الاستثمار في سهم معين وتمكنت بفضله من تحقيق مكاسب هائلة ساهمت في أن تشكل قيمة السهم الجزء الأكبر من محفظتك فقد يكون من المنطقي أن تقلل من تعرضك لهذا السهم، وتقلص مركزك فيه إلى مستوى أكثر أمانًا، ولكن هذا يظل في النهاية قرارًا شخصيًا للغاية لأن هناك بعض المستثمرين الذين يفضلون نهجًا استثماريًا أكثر تركيزًا.


في نهاية التقرير، من المهم جدًا أن تنتبه إلى أن الأسباب الأربعة التي تم سردها ليس لها علاقة من قريب أو بعيد بما يحدث لسعر السهم في السوق، بل كلها تدور حول ما حدث ويحدث ومن المحتمل أن يحدث لقيم الشركات التي تمتلك أسهمها ضمن محفظتك.



إقدامك كمستثمر على البيع لمجرد انخفاض سعر السهم هو أمر غير منطقي ولا معنى له إلا إذا تدهورت قيمة الشركة لأي سبب، وفي النهاية حاول التركيز على الأداء المستقبلي للشركة وليس على تاريخ التقلبات السعرية للسهم.


المصادر: أرقام–كتاب: The Little Book That Builds Wealth

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.