استطاعت شركة الاستثمارات الوطنية المحافظة على حضورها المتميز في السوق رغم أزمة «كورونا» وتداعياتها على القطاعات الاقتصادية كافة، ما يعكس متانة وملاءة الشركة، فيما أكدت «الاستثمارات» قوتها بتوصية تتضمن توزيعات نقدية عن 2020، هي الأعلى لها على مدار العشر سنوات الماضية.
وللحديث بشكل أوسع عن السوق المحلي وخطط الشركة وآلية اختيارها للفرص، كان لـ«الراي» لقاء مع مدير الاستثمارات المحلية والعربية في «الاستثمارات الوطنية» حمد الحميدي، أكد فيه أن بورصة الكويت تحوي الكثير من الفرص، متوقعاً أن يكون قطاعا الطاقة والبتروكيماويات ضمن أبرز القطاعات التي ستستفيد من تعافي الأسواق من تداعيات جائحة «كورونا».
وأشار إلى أن «الاستثمارات الوطنية» تعمل بنماذج واضحة منها ما يواكب الاستثمار في الأسواق الخارجية وأخرى تلبي التطلعات المحلية للمستثمرين، مرجحاً أن تشهد الفترة المقبلة استحواذات واندماجات في قطاعات مثل الخدمات المالية والاتصالات والعقار والأغذية والمشروبات.
وفي ما يلي تفاصيل اللقاء:
* بداية، هل لنا أن نتعرف على الإستراتيجية التي اتبعتها «الاستثمارات الوطنية» في التعامل مع أزمة «كورونا» منذ 2020؟
- جعلت الظروف الاستثنائية التي شهدتها بورصة الكويت والأسواق الإقليمية خلال العام 2020، منا مستثمراً إستراتيجياً واستثنائياً، حيث أصبحت قراراتنا الاستثمارية ترتكز على دراسة دقيقة لاقتناص الفرص الجيدة التي تواكب المعايير الاستثمارية المتبعة لدينا، دون الاندفاع غير المحسوب.
وتنتهج «الاستثمارات الوطنية» نموذجاً يضمن لها التوازن ما بين الاستثمار ومعدلات العوائد المنتظمة التي تنعكس دائماً على حقوق مساهميها، ولعل ما حققته من أداء متوازن أعقبته توصية بتوزيعات هي الأكبر خلال السنوات العشر الماضية خير دليل على متانة خطط الشركة وأوضاعها.
* ماذا عن خارطة استثماراتكم خلال 2021 بالنظر للسوق المحلي قطاعياً، وما مدى مواكبة النماذج المتبعة لديكم لتطلعات العملاء؟
- خارطة استثماراتنا ديناميكية بشكل كبير، ولدينا نماذج استثمارية عدة مختلفة حصدت رضا العملاء والأوساط الاستثمارية، إذ تتبع مؤشرات عالمية معتمدة محلياً وخليجياً لتناسب جميع المستثمرين بمختلف توجهاتهم الاستثمارية ومستويات المخاطرة المرغوب بها.
وعلى سبيل المثال، لدينا النموذج المحلي التقليدي المخصص للأسهم المدرجة في بورصة الكويت ويتبع مؤشراً عالمياً يُطبق على سوق الأسهم المحلية إلى حد معين، ويهدف إلى تحقيق عائد معدل بالمخاطر أعلى من المؤشر على المدى الطويل.
وكذلك لدينا النموذج الخليجي التقليدي المخصص للأسهم المدرجة في الأسواق الخليجية الذي يهدف إلى تحقيق عائد معدل بالمخاطر أعلى من المؤشر المقارن المركب للأسهم ذات القیمة السوقیة الكبیرة والمتوسطة في دول مجلس التعاون على المدى الطويل.
* هل هناك نماذج أخرى تهتمون بتوفيرها للمستثمرين في السوق؟
- نعم، هناك نماذج أخرى عديدة، منها:
1- المحلي الجريء (Aggressive).
2- المحلي التقليدي ذو العوائد النقدية.
3- المحلي المتوافق مع الشريعة الإسلامية.
4- الخليجي المتوافق مع الشريعة الإسلامية.
وكل نموذج مما سبق له خارطة استثمارية مختلفة من حيث التنوع في القطاعات والتنوع الجغرافي ليتماشى مع السياسة الاستثمارية الخاصة به.
وعاء استثماري
* هل أصبحت بورصة الكويت الوعاء الاستثماري الأوحد الملائم لأصحاب رؤوس الأموال حالياً؟ وكيف ترى البورصة بعد أن أصبحت المؤسسات العالمية شريكاً أساسياً برؤوس أموال العديد من الشركات التشغيلية؟
- لا تزال هناك قنوات استثمارية أخرى متوافرة، إلا أن البورصة تعتبر من أفضلها، وذلك بعد زيادة مستويات السيولة المتداولة في السنوات الأخيرة ودخول المستثمر الأجنبي، كما أن انخفاض الفائدة وتراجع عوائد العقار أدى إلى تحويل الكثير من الاستثمارات الى بورصة الكويت، ويتضح ذلك بشكل جلي من خلال الأرقام والإحصائيات التي تصدرها الجهات المعنية وبيوت الاستشارات من وقت إلى آخر.
* ماذا عن المعالجات الاقتصادية التي تقدمها الدولة في مواجهة تداعيات «كوروونا» ومدى انعكاسها على سوق الأسهم؟
- لم تكن الكويت استثناءً في تعاملها مع أزمة «كورونا»، فكما نفّذت معظم دول العالم سياسات نقدية تيسيرية من خلال تخفيض معدلات الفائدة وضخ السيولة في الأسواق، قام بنك الكويت المركزي بخفض سعر الخصم 1 في المئة ليصبح 1.5 في المئة، وهو المستوى الأدنى تاريخياً، مستهدفاً بذلك تخفيض تكلفة الاقتراض لجميع القطاعات الاقتصادية من أفراد ومؤسسات، لتعزيز بيئة داعمة للنمو الاقتصادي والمحافظة على الاستقرار النقدي والمالي.
ونعتقد أن على الحكومة إصدار بعض القرارات الاقتصادية لمساعدة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث إنها الأكثر تأثراً بالإجراءات الصحية الاحترازية المتخذة من قبل الدولة.
* هل أصبحت الكويت بحاجة فعلية لسوق سندات وصكوك وتنظيم أدوات الدين؟
- إذا نظرنا إلى سوق الدين في العالم نجد أنه أكبر من سوق الأسهم وله أهمية كبيرة في تيسير الائتمان وتوفير السيولة اللازمة لبيئة الأعمال، إذ إن توافر سوق نشط للسندات والصكوك سيضيف قيمة كبيرة للسوق الكويتي، ويساعد بطريقة ديناميكية على تنظيم أكبر لأدوات الدين.
* ماذا عن حجم الأصول الاستثمارية المدارة من قبل الشركة محلياً وخارجياً؟
- معلوم أن شركة الاستثمارات الوطنية لها باع طويل في إدارة الأصول، ولديها حضور قوي في السوق، حيث بلغ حجم الأصول المدارة من قبل الشركة ما يزيد على مليار دينار كما في نهاية 2020 موزعة في مختلف الأسواق المحلية والخليجية والعالمية، ومن خلال أدوات استثمارية تواكب تطلعات العملاء والمساهمين.
الأكثر جذباً
* أين ترى الفرص الاستثمارية الأكثر جذباً للسيولة في بورصة الكويت؟
- بالنسبة للقطاعات، تعتبر القطاعات التشغيلية دائماً الوجهة الرئيسية لرؤوس الأموال، حيث إنها توافر عوائد نقدية إضافة إلى فرص نمو مثل قطاعي البنوك والاتصالات.
ونعتقد أن قطاعي الطاقة والبتروكيماويات سيكونان من أهم القطاعات، خصوصاً بعد تعافي الأسواق من جائحة «كورونا» وعودة الطلب على النفط إلى مستويات ما قبل الفيروس.
* في ظل تعطش البورصة للأدوات الاستثمارية الجاذبة، ما تعليقكم على إطلاق الأدوات الاستثمارية المهمة مثل «المارجن» وتداول الهامش و«NETTING» وصناديق المؤشرات وغيرها؟
- نحن متفائلون بالإدارة الجديدة لبورصة الكويت بعد تخصيصها، حيث تحرص على تقديم المنتجات الحديثة وفقاً لآخر التطورات بالأسواق العالمية، ونقدّر التحول الكبير الذي حدث بالفترة الماضية، ونطمح للمزيد ليستوعب السوق المزيد من الأدوات في المستقبل.
ونرى أنه من المفيد تقديم المشتقات المالية وسياسة البيع على المكشوف، والتي بدورها ستنقل السوق المحلي إلى مرحلة مختلفة تماشياً مع المعايير العالمية.
المضاربات موجودة
* من وجهة نظركم، هل لا تزال المضاربات تمثل ملح السوق كما كان يُطلق عليها في السابق؟ أم أنها تلاشت في ظل الرقابة التي تفرضها هيئة أسواق المال؟
- لا تزال المضاربات موجودة ولم تتلاش، وهي مركزة بشكل أكبر في السوق الرئيسي، وهذا طبيعي خصوصاً إذا ما تمت مقارنة القيمة السوقية وأسعار تلك الأسهم بأسهم السوق الأول التي تستحوذ على نصيب الأسد من القيمة السوقية الإجمالية للبورصة.
انعكاس الترقيات
* إلى أي مدى أصبحت الكويت على خارطة الأسواق العالمية بعد الترقية والانضمام لمؤشرات الأسواق الناشئة؟ وهل للترقيات انعكاس عليكم كشركة استثمار قيادية؟
- هذه الترقيات لها دلالة واضحة على نجاح «هيئة الأسواق» في تحقيق توجهاتها الإستراتيجية التي عكفت على تحقيقها منذ سنوات عديدة، وكذلك نجاح لجهود وتعاون جميع الجهات والأطراف الأخرى ذات الصلة بمنظومة سوق المال.
ومما لا شك فيه أن لتلك الترقيات تداعيات إيجابية ملموسة، فهي بمثابة تأكيد على أن سوق المال في الكويت امتلك حداً من التنظيم المطلوب المُتسم بالعدالة والتنافسية والشفافية والقدرة على حماية المستثمرين والمتعاملين بأنشطة الأوراق المالية من جانب، وكذلك ارتفاع حجم الاستثمارات المؤسسية والأجنبية الموجهة للبورصة وتشجيع عمليات الاستحواذ من قبل المؤسسات العالمية من جانب آخر.
* هل تتفق مع المطالبة بـ«غربلة» أو تنظيف السوق عبر استبعاد الشركات ذات الأوضاع المالية المتردية أو التي لا تزال تعاني من الخسائر المتراكمة باعتبار أن وجودها في البورصة يمثل خطراً على المتعاملين؟
- نحن مع هذه الغربلة، فخلال السنوات الأخيرة عكفت الجهات الرقابية والبورصة على وضع الأطر القانونية والإجراءات المطلوبة من هذه الشركات لاستمرارها كشركات مدرجة ما يوفر حماية لحقوق المساهمين ويعزز ثقة المستثمرين في السوق المحلي.
وعلى سبيل المثال، فإن للبورصة الحق في إيقاف التداول على أي ورقة مالية تصل خسائرها المتراكمة إلى أكثر من 75 في المئة من رأس المال، فتكون الشركة أمام خيارين إما الانسحاب من السوق أو زيادة رأسمالها.
فرص جاذبة
* هل ترى في البورصة فرصاً تشغيلية جاذبة لتنفيذ استحواذات واندماجات جديدة خلال الفترة المقبلة؟ وما هي القطاعات المواتية لذلك؟
- نتوقع أن نشهد عمليات اندماج واستحواذ في عدد من المجالات، سعياً من بعض الشركات إلى تحقيق ما يعرف بـ(Vertical Integration)، وعلى سبيل المثال لا الحصر:
1- شركات الخدمات المالية التي تقوم باستحواذات في مجال التكنولوجيا المالية.
2- شركات الاتصالات التي تستحوذ على موفّري الحلول التقنية.
3- توسيع شركات الخدمات نطاق خدماتها للعملاء.
وإضافة إلى ذلك، نتوقع حدوث عمليات اندماج واستحواذ في القطاعات المتوقع تعافيها بعد «كورونا»، حيث تسعى الشركات للحفاظ على تواجدها بالأسواق وسط الصعوبات التشغيلية، وانخفاض السيولة الناتجة عن تداعيات الجائحة، مثل شركات الاستثمار والعقارات والأغذية والمشروبات.
* كيف ترى وتيرة الإدراجات في البورصة، وهل هناك مساحة لاستيعاب الشركات العائلية والحكومية المساهمة العامة أم أن الوقت غير ملائم؟
- أعتقد أنه بعد التغيرات الإيجابية التي طرأت على المنظومة الرقابية والبيئة التشغيلية للسوق المحلي، أصبحت البورصة جاهزة لاحتضان الشركات الحكومية المساهمة والتي تعد الشركات النفطية أبرزها، بجانب الشركات العائلية، حيث من شأن تلك الإدراجات زيادة حجم وتنوع السوق المحلي، الأمر الذي يعود بالنفع على المساهمين والبورصة والاقتصاد الوطني بشكل عام.
ولنا كشركة الاستثمارات الوطنية تجربة ناجحة بهذا الصدد، تتمثل في قيامنا بدور استشاري لإدراج شركة البورصة، والتي تعتبر من أنجح الإدراجات في السنوات الأخيرة وأول إدراج لبورصة خليجية، حيث شكّل إدراجها علامة فارقة في السوق الأول، وهي من النماذج المشجعة وتستحق أن تكون حالة تدرس لنجاح إدراج شركة بتكامل جميع العوامل والظروف المحيطة بها.
تفعيل خدمة صناعة السوق... قريباً
أكد الحميدي أن «الاستثمارات الوطنية» تسعى دائماً لتقديم جميع الخدمات الاستثمارية التي تلبي رغبات مختلف أنواع المستثمرين، مع حرصها المستمر على توفير منتجات مالية تواكب التطور المستمر في أسواق المال العالمية بشكل عام، وفي بورصة الكويت على وجه الخصوص.
وقال إن فريق قطاع «مينا» المتخصص لدى الشركة بذل خلال عام 2020، جهوداً واسعةً من أجل الإعداد والتحضير لإطلاق خدمة صانع السوق، بعد أن منحت هيئة أسواق المال ترخيص صانع سوق لـ«الاستثمارات الوطنية».
ولفت الحميدي إلى أن الشركة اهتمت خلال الفترة الماضية بالمضي قدماً في إجراء الاختبارات الموسعة بالتعاون مع شركة البورصة للتأكد من سلامة نظام التشغيل الخاص بصانع السوق، كما أتمت كل الإجراءات المطلوبة من قبل الجهات المختصة، متوقعاً الإعلان قريباً جداً عن تفعيل الخدمة.
وحول تقييمه لصناعة السوق بالوقت الحالي، وما إذا كانت الشركات المقدمة لها قد بدأت في وضع بصمة مؤثرة، نوه إلى أن خدمة صانع السوق من الأدوات الحديثة في بورصة الكويت والتي تعنى بتحسين معدلات التداول وتقليل الفجوات بين العرض والطلب، مرجحاً أن تنمو معدلات التداول بشكل عام.
فُرص لذوي الدخل المحدود
يرى الحميدي أن صناديق «الاستثمارات الوطنية» المختلفة توافر فرصاً للاستثمار بعوائد تنافسية ولا تحتاج إلى رأسمال كبير، مشيراً إلى أن الشركة تواكب رؤية وأهداف محدودي الدخل منذ فترة، إذ لم يكن الأمر وليد اللحظة.
وقال إن هناك منتجات تسعى الشركة لتقديمها للعملاء في أسواق الأسهم بالمنطقة، هي قيد الدراسة والتطوير حالياً.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}