أنهت الأسهم الأمريكية مارس الماضي محققة مكاسب شهرية وفصلية قوية، وحتى نهاية الأسبوع المنقضي في 9 أبريل، واصلت المؤشرات الرئيسية تسجيل مستويات قياسية جديدة، في عرض مستمر منذ اضطراب العام الماضي المصاحب للجائحة.
انصب اهتمام المستثمرين في وول ستريت خلال الأسابيع القليلة الماضية، على آفاق الاقتصاد الذي يتوقعون تعافيه بوتيرة قوية هذا العام، وعلى آمال استمرار سياسات التيسير الداعمة لهذا الاتجاه، إلى جانب حزمة الإنفاق الهائلة التي تسعى الإدارة لإقرارها بقيمة 2.3 تريليون دولار.
هذا التركيز جاء في ظل اطمئنان المستثمرين تجاه الفيدرالي، والذي أبدى تمسكه بمعدلات فائدة منخفضة دون تغيير لفترة طويلة، والتزامه بالحفاظ على السياسة النقدية التيسيرية. لكن في غضون ذلك، يتحول اهتمام المستثمرين الأمريكيين الآن إلى متغير آخر مهم للغاية.
مع نهاية الربع الأول من العام الجاري، تترقب أطراف السوق نتائج أعمال الشركات، بحثًا عن دلالات وإشارات تبرر هذه المستويات المرتفعة لقيمة الأسهم، خاصة بعد تحذيرات من المبالغة في تقييم السوق الأمريكي.
تتجه أعين المستثمرين بالتحديد إلى أرباح الشركات أو صافي دخلها بعد خصم الضرائب، وهو بيان يعد الأكثر أهمية والأكثر خضوعًا للدراسة والتحليل بين بيانات الشركات، ويتابع المهتمون بالسوق، ما إذا كانت هذه الأرباح مماثلة لتوقعات المحللين ومتوافقة مع الأداء التاريخي أم لا إلى جانب قوتها مقارنة بأرباح المنافسين.
الأرباح هي أيضًا المحدد الرئيسي لسعر سهم الشركة المتداولة في البورصة، لأنه يمكن استخدامها بطريقتين، إذ يمكن استثمارها في الأعمال التجارية لزيادة الأرباح في المستقبل، أو يمكن ببساطة استخدامها لمكافأة المساهمين بأرباح الأسهم (توزيعات).
ماذا تنتظر وول ستريت؟
- يبدأ موسم إعلان نتائج الأعمال، مع إفصاح عدد كبير من البنوك الكبرى والشركات المالية الأخرى عن أرباحها للربع الأول، هذا الأسبوع، مما يمنح السوق لمحة أولى عن مدى قوة الأرباح لهذا العام.
- وفقًا لبيانات "فاكتست ريسيرش"، من المفترض أن تزيد الأرباح الإجمالية لمؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 24.5% في الربع المنتهي مقارنة بالعام الماضي، ومن المتوقع أن ترتفع أرباح القطاع المالي بنسبة 80% تقريبًا عن الربع الأول من عام 2020.
- ارتفعت أسهم البنوك هذا العام مع زيادة عائدات السندات طويلة الأجل، حيث تجعل العوائد المرتفعة الإقراض أكثر ربحية للبنوك. قفز صندوق "SPDR" الذي يركز على القطاع المالي ويشمل معظم أسهم البنوك الكبرى، بنسبة 20% تقريبًا منذ بداية هذا العام.
- قال "كين ليون"، مدير أبحاث الأسهم في "CFRA Research": ستكون اللهجة إيجابية، لقد بدأنا نرى فوائد تعافي الاقتصاد، ولدى البنوك مجال للتعامل مع ارتفاع معدلات الفائدة، البنوك ستستفيد من تحسن الوضع المالي للمستهلك الأمريكي، ومن المرجح أيضًا أن يظل سوق الإسكان قويًا.
- فيما يرى "جيمس شاناهان" كبير محللي أبحاث الأسهم لدى شركة "Edward Jones" للخدمات المالية، أن التوقعات "مرتفعة إلى حد معقول" بالنسبة للبنوك، لكنه يعتقد أنه لا ينبغي أن تواجه الشركات المالية الكبرى أي مشكلة في تحقيق نتائج قوية، خاصة بسبب الطلب القوي على عروض الطرح الأولي وصفقات الاستحواذ.
ما المرتقب؟
- تداول مؤشر "إس آند بي 500" الأسبوع الماضي، عند 22.6 ضعف أرباحه المتوقعة خلال الاثني عشر شهرًا المقبلة، وذلك أعلى من متوسط الخمس سنوات البالغ 18.14 ضعف، وفقًا لـ"فاكتست".
- ليس من المستغرب توقع قفزة الأرباح للربع الأول، لأن وول ستريت تقيس الأرباح مقابل نفس فترة الثلاثة أشهر قبل عام، وهي الفترة التي تضمنت في عام 2020 الإغلاق السريع لكثير من الأعمال الأمريكية في مواجهة انتشار جائحة فيروس كورونا.
- مع ذلك، ازداد تفاؤل محللي الاستثمار منذ بداية العام، ورفعوا توقعاتهم لنمو الأرباح بين شركات المؤشر إلى 24% من 16% في نهاية ديسمبر بالنسبة لعام 2021 ككل، ومن المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات في المؤشر بنسبة 26% عن العام السابق.
- على الرغم من التخلف عن مؤشر الأسهم الأوسع نطاقًا لهذا العام، فإن أسهم التكنولوجيا هي المجموعة الأفضل أداءً في أبريل، ولكي تستمر في الوصول إلى مستويات جديدة، يقول مديرو الأصول إن الشركات ستحتاج إلى إظهار قدرتها على تحقيق أرباح تتجاوز حتى التوقعات المتزايدة.
- بالنسبة للربع الأول، يتوقع المحللون ارتفاع الأرباح في 9 من أصل 11 قطاعًا (عدا الطاقة والصناعة) في "إس آند بي 500"، ومن المتوقع أن يكون النمو الأقوى بين مجموعات المنتجات الاستهلاكية والمالية والمواد، وكلها تميل إلى أن تكون حساسة لتسارع النمو الاقتصادي.
- إلى جانب النتائج الفصلية في الأسابيع المقبلة، سينظر المستثمرون في تعليقات التنفيذيين حول القضايا الرئيسية، مثل ما إذا كان سيؤدي ارتفاع تكاليف المواد الخام إلى الإعلان عن زيادات في الأسعار، وكيف سيؤثر اقتراح بايدن لزيادة ضرائب الشركات على الأرباح.
الأوقات الجيدة لن تدوم
- في حين تبدو هذه التطلعات دافعة لصحوة السوق الأمريكي، فإنها قد تُكبت بقوة في منتصف الطريق، بفعل أحد العوامل الأساسية التي تحفز المستثمرين، وهي خطة بايدن للإنفاق على البنية التحتية، والتي قد تقترن بزيادة ضريبية كبيرة تقتطع الكثير من نمو أرباح الشركات.
- قال الخبراء الاستراتيجيون في مصرف "جولدمان ساكس" إن مقترحات زيادة الضرائب التي طرحها الرئيس "جو بايدن" ستوجه ضربة لنمو أرباح الشركات العام المقبل، مما يسلط الضوء على الرياح المعاكسة للأسهم الأمريكية بعد الارتفاع الذي دفعها إلى مستويات قياسية.
- يريد الرئيس الأمريكي رفع ضريبة دخل الشركات إلى 28% وتحديد 21% كحد أدنى للضريبة على أرباح الشركات العالمية، ومن المقرر أن تواجه الحزمة الطموحة مقاومة في الكونغرس، قبل أن تدخل النسخة المعدلة حيز التنفيذ العام المقبل.
- كتب استراتيجيو "جولدمان ساكس" في مذكرة أنه في السيناريو غير المحتمل الذي لا تعتمد فيه أي إصلاحات ضريبية، ستنمو الأرباح السنوية بمؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 12% إلى 203 دولارات للسهم في العام المقبل، لكن التبني الكامل لمقترحات "بايدن" من شأنه أن يخفض النمو إلى 5% فقط أو 190 دولارًا.
- بينما انتعشت الأسهم العالمية على خلفية توقع انتعاش الاقتصادات مع تقدم عملية التطعيم ضد فيروس كورونا، تتعرض الحكومات المتعطشة للسيولة لضغوط من أجل زيادة ضرائب الشركات في أعقاب فورة إنفاق غير مسبوقة.
- طرحت إدارة "بايدن" مقترحًا لقانون ضرائب دولي جديد من شأنه أن يؤثر على قرابة 100 شركة عملاقة عالمية، وهو مقترح حظي بدعم أوروبي ومن صندوق النقد الدولي، لذا يبدو أن النقاش الضريبي سيشكل إلى حد كبير اتجاهات الأسهم هذا العام، ليس فقط في أمريكا، وإنما حول العالم أجمع.
المصادر: أرقام- سي إن إن- بلومبيرغ- وول ستريت جورنال- إنفستوبيديا
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}