في سابقة هي الأولى، وافق أعضاء منظمة التجارة العالمية على تعيين ممثلة نيجيريا "نغوزي أوكونجو-إيويالا" في منصب المدير العام الجديد، لتصبح بذلك أول امرأة وكذلك أول شخصية إفريقية تتولى هذا المنصب المرموق.
اختيار "نغوزي" جاء بعد إعلان المدير العام "روبرتو أزيفيدو"، العام الماضي، نيته ترك المنصب قبل نهاية ولايته المقررة في 31 أغسطس، لأسباب عائلية، لكن الأهم من ذلك أن ترشيح النيجيرية لقيادة الوكالة الدولية يأتي في وقت عصيب.
وينبغي على "نغوزي" أن تقود المنظمة خلال تحديات جمة، أبرزها الاضطرابات الحاصلة في سلاسل التوريد وعلى جانبي العرض والطلب بسبب جائحة كورونا، وأيضًا سيكون عليها التعامل مع الإرث التجاري لحقبة الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" والذي أشعل حروبا تجارية متعددة الأطراف.
من هي "نغوزي"؟
- من مواليد عام 1954، بمدينة أوجواشي أوكو النيجيرية، وكانت أول وزيرة للمالية وعملت أيضا وزيرة الخارجية في بلادها، وأيضًا عملت طويلا في البنك الدولي وترشحت لرئاسته، وشغلت منصب رئيس مجلس إدارة التحالف العالمي للقاحات والتحصين.
- تخرجت في جامعة هارفارد عام 1976، وحصلت على درجة الدكتوراه من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وتحمل الجنسيتين النيجيرية والأمريكية. وفي أكتوبر الماضي حظيت بتأييد جميع المناطق الجغرافية باستثناء الولايات المتحدة التي فضلت المرشح الكوري آنذاك.
- قرار التعيين تم اتخاذه في جلسة استثنائية للمجلس العام للمنظمة، ومن المقرر أن تبدأ "نغوزي" مهام منصبها الجديد في الأول من مارس المقبل، على أن تظل ولايتها ممتدة حتى نهاية شهر أغسطس من عام 2025.
- حظيت "نغوزي" بتأييد من الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس "جو بايدن"، بعدما رفضها سلفه "دونالد ترامب"، وأكدت المخضرمة النيجيرية في جلسة استماع سابقة، أنها تسعى لدعم وزيادة مصداقية المنظمة لمعالجة العديد من القضايا العالقة.
- في أبرز تصريحاتها المبكرة عقب التعيين، قالت المديرة الجديدة للمنظمة، إنه يجب عليها المساعدة في تسهيل حصول الدول الفقيرة على اللقاحات المضادة لمرض "كوفيد 19"، حيث ترى أن المنظمة يمكنها لعب دور في حل أزمة الجائحة.
- أكدت أيضا أنه من واجب المنظمة، المساعدة في تحسين مستويات المعيشة في الدول الفقيرة، عبر خلق فرص عمل لائقة للناس، بالإضافة إلى المساهمة في جهود التعافي من الركود الناجم عن الجائحة.
- كما تأمل "نغوزي" في إنهاء المفاوضات المستمرة منذ 20 عاما بشأن الإعانات المقدمة لمصائد الأسماك، والتي تشجع الصيد الجائر، قائلة إن هذا الأمر لا يمكن أن يطول أكثر ولا يمكن تحمل الفشل في هذا الملف.
التحديات جمة
- من بين جميع المنظمات الاقتصادية متعددة الأطراف، تعتبر منظمة التجارة العالمية هي الأصعب والأكثر تعقيدا؛ التجارة هي قضية مثيرة للجدل بشكل كبير ومع ذلك يتم اتخاذ القرارات في جنيف بالإجماع.
- لم تكن هناك جولة كاملة من محادثات تحرير التجارة بنجاح منذ عام 1993، وقدرة منظمة التجارة العالمية على مراقبة التجارة العالمية موضع شك لأن الولايات المتحدة منعت تعيين قضاة جدد في هيئة الاستئناف الخاصة بها.
- كافح آخر مديرين عاميين للمنظمة "روبرتو أزيفيدو" و"باسكال لامي" لإحراز تقدم كبير في تحرير التجارة على الرغم من معرفتهما بالموضوع من الداخل إلى الخارج، ومع ذلك تعتقد "نغوزي" أن سياسيا محنكا سيكون لديه فرصة أفضل، وربما تكون محقة لأن كل التحديات الكبيرة التي تواجهها لها بُعد سياسي.
- الأول: هو قبول أن الأمريكيين (المدعومين بشكل خاص من قبل عدد من الدول الأخرى) لديهم وجهة نظر عندما يقولون إن القضاة في هيئة الاستئناف موجودون لتفسير قانون التجارة، وليس لتحديده. لن تشارك واشنطن بشكل كامل مع المنظمة في عهد أي رئيس، إذا ظل ذلك يحدث.
- الثاني: هو إصلاح العلاقة المتوترة بين اللاعبين الرئيسيين الثلاثة في التجارة العالمية، وهم أمريكا والصين والاتحاد الأوروبي، وهذه ليست مهمة سهلة بالنظر إلى انهيار الثقة، ولكن يجب أن يساعدها تلاشي الضغوط الحمائية مع تعافي الاقتصاد العالمي من الوباء.
- الثالث: سوف تمر 20 عامًا في نوفمبر منذ إطلاق منظمة التجارة العالمية جولة الدوحة المحتضرة حاليا للمحادثات التجارية، والتي كان من المفترض أن تكون احتياجات البلدان النامية مركزية فيها.
- هناك أيضًا مشكلة أخرى، تتعلق بتحديد ما إذا كانت الولايات المتحدة انتهكت قواعد المنظمة عندما عززت إدارة ترامب الرسوم الجمركية من جانب واحد على الصلب والألمنيوم في عام 2018، بدعوى مخاوف الأمن القومي، لكنها قد تكون أبسط الخلافات أمام "نغوزي".
هل يحالفها التوفيق؟
- تقف المنظمة عند مفترق طرق مع تراجع العديد من البلدان عن القواعد القديمة التي تحكم التجارة الدولية، وقالت "نغوزي" خلال جلسة استماع في يوليو: "رؤيتي هي أيضًا أن تكون منظمة التجارة العالمية متجددة وقوية وواثقة من معالجة القضايا الجارية بفاعلية".
- قالت أيضا إن النظام القائم على القواعد دون نقاش يمكن فيه التحكيم بشكل فعال في انتهاك القواعد، يفقد المصداقية بمرور الوقت، وفي تصريحات تبدو متسقة مع رؤية الاتحاد الأوروبي وأمريكا، حيث قال مسؤولون من الطرفين إن المنظمة بحاجة إلى إصلاح وتحديث قواعدها لكن لا يوجد إجماع حول كيفية فعل ذلك.
- قال منتقدو المنظمة إنها فشلت في التدخل بشأن بعض المخالفات الاقتصادية الأكثر فظاعة من الصين، والتي بدورها سمحت للولايات المتحدة بتسمية خصمها الاقتصادي بأنه متلاعب بالعملة وفرض أو التهديد بمليارات الدولارات من الرسوم الجمركية على البضائع القادمة من الصين.
- في المقابل تعد "نغوزي" بأن تواجه المنظمة الكثير من التحديات، وتقول إنه "بالعمل معًا يمكننا بشكل جماعي أن نجعل منظمة التجارة العالمية أقوى وأكثر مرونة وتكيفًا بشكل أفضل مع حقائق اليوم". فهل تنجح الاقتصادية السياسية في إخماد نيران الخلافات التجارية المستعرة منذ سنوات؟
المصادر: أرقام- الغارديان- سي إن بي سي- موقع الإذاعة الوطنية الأمريكية "إن بي آر"- بولتيكيو
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}