نبض أرقام
10:18 م
توقيت مكة المكرمة

2024/12/22
2024/12/21

كيف تتكون احتياطيات البنوك المركزية؟ وهل نستعد لتغيرات حاسمة قريباً؟

2020/12/21 أرقام

بالرغم من التحولات الهيكلية الرئيسية في النظام النقدي الدولي طوال العقود الستة الماضية، فإن الدولار الأمريكي يظل عملة الاحتياطي الدولية المهيمنة.

 

وفي الواقع لم يبق الدولار مهيمنًا فحسب، بل إن العملات التي تحتفظ بها البنوك المركزية كاحتياطيات للنقد الأجنبي كانت كذلك مستقرة إلى حد ما طوال هذه العقود الماضية.

 

وفي حين يمكن وصف التغيرات التي تطرأ على تكوين هذه الحيازات بأنها تتبع وتيرة "الأنهار الجليدية"، فإن التحولات الجيوسياسية والثورات التكنولوجية آخذة في إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي وكيفية استخدام العملات على المستوى الدولي.

 

ويمكن أن تتسبب هذه القوى سالفة الذكر، إلى جانب تداعيات فيروس "كوفيد-19"، في تسريع وتيرة التحولات -البطيئة نسبياً- في حيازات الاحتياطي لدى البنوك المركزية.

 

 

ماذا عن الوضع الحالي؟

 

بينما يوجد نحو 180 عملة وطنية في كافة بقاع العالم، فإن هناك القليل فقط يتم استخدامه بالفعل على نطاق واسع في المعاملات الدولية مثل سداد تكاليف الواردات وإصدار الديون أو الاستثمار في الخارج.

 

ومن بين العملات الأكثر شيوعًا، يوجد الدولار الأمريكي واليورو، وبدرجة أقل الين الياباني والجنيه الإسترليني بالإضافة لعدد قليل آخر من العملات.

 

وفي العادة، عند وقوع الأزمات، تلجأ الشركات والمستثمرون إلى الدولار الأمريكي باعتباره ملاذا آمنا.

 

ويفسر ذلك احتفاظ البنوك المركزية بالعملات نفسها كاحتياطيات دولية؛ نظرًا لأن الهدف من هذه الاحتياطيات هو توفير الضمانات للمعاملات الدولية، مما يتيح لسلطات الدولة تمويل احتياجات ميزان المدفوعات والتدخل في أسواق النقد الأجنبي، وتوفير العملات الأجنبية للوكلاء المحللين.

 

 

كيف تحدث التحولات؟

 

تقوم دراسة جديدة من إعداد خبراء الصندوق -بناءً على مجموعة من البيانات الجديدة- بتحليل تكوين حيازات البنوك المركزية من عملات الاحتياطي ومحركاتها على مدى العقود الأخيرة، كما ترصد كيفية تغير هذه الدوافع.

 

وتكمن إحدى النتائج الرئيسية للدراسة في أنه مع هيمنة الدولار (وإلى حد ما اليورو) على الساحة الدولية حتى الآن، فإن أي تحولات في حيازات الاحتياطيات لدى البنوك المركزية كانت محدودة للغاية.

 

وعلى سبيل المثال، رغم الدور المتنامي للصين في الاقتصاد العالمي، لكن الرنمينبي الصيني لم يكتسب سوى موطئ قدم في المعاملات العالمية، مثل إصدار الديون بالعملة الأجنبية أو التداول في سوق الصرف الأجنبي العالمية.

 

وتوصلت الدراسة كذلك إلى أن الروابط المالية تبدو من الدوافع الرئيسية لحيازات العملات الاحتياطية، وهو الأمر الذي تزايد خلال العقد الماضي.

 

ومن المرجح أن يشير ذلك إلى أنه طالما استمرت هيمنة الدولار على النظام المالي العالمي والتجارة العالمية، فإن هيمنته كعملة للاحتياطي يبدو أنها سوف تستمر.

 

ولكن مثلما يمكن للأنهار الجليدية بطيئة الحركة أن تتحرك في بعض الأحيان فجأة، فإن تكوين العملات في حيازات الاحتياطي لديه القدرة على التحول المفاجئ والسريع.

 

ماذا عن المستقبل؟

 

تشير الدراسة إلى أن هناك عددًا من الاتجاهات العامة الاقتصادية والمالية التي يمكن أن تؤثر على مستقبل تكوين حيازات الاحتياطي.

 

ورغم أن التطورات الجيوسياسية والتكنولوجية أثبتت مدى أهمية الاعتبارات الاقتصادية، لكن بمقدورها جنبًا إلى جنب للتطورات الراهنة بشأن الوباء أن تسرع من حدوث التحولات المستقبلية.

 

ويأتي على رأس دوافع التغيرات المحتملة: التحولات في التمويل الدولي، حيث تسلط الاستجابة القوية للسندات التي أصدرتها المفوضية الأوروبية في شهر أكتوبر الماضي الضوء على الطلب المحتمل على بدائل للديون المقومة بالدولار.

 

 

وهناك أمر آخر يتمثل في أن تغيير الروابط التجارية بإمكانها كذلك تغيير الطلب على العملات الدولية.

 

وفي هذا السياق، فإن الوباء والتوترات التجارية الأخيرة، على حد سواء، أظهرت مدى هشاشة سلاسل التوريد العالمية، ما دفع الآن البلدان للاهتمام أكثر من أي وقت مضى بتأمين الإمدادات الحيوية، وهو الأمر الذي من شأنه تقليل الطلب على العملات الدولية.

 

أما الدافع الثالث فيجسده الموثوقية في سياسات البلدان التي تصدر سندات الدين كونها تُعد بمثابة أمر أساسي لاكتساب الثقة في عملاتها.

 

وفي هذا الشأن، فإن "كوفيد-19" أبرز الحاجة لقيام مصدري الديون الحاليين والمحتملين بوضع السياسات الصحية والاقتصادية التي تبدو قوية للمحافظة على إمكانات نموها.

 

وبالنسبة للأمر الرابع: فإن الاستخدام الدولي للعملات يمكن أن يعكس بعض الاعتبارات الاستراتيجية.

 

وعلى سبيل المثال، من الممكن أن تدفع التداعيات الناجمة عن التوترات التجارية والعقوبات الدولية البلدان للنظر في تغيير حيازاتها من الاحتياطيات ودفع جهات إصدار السندات المحتملة إلى تدويل عملاتها.

 

ويتمثل الدافع الأخير في الوباء، حيث ساهم في تسريع إحراز التقدم في التكنولوجيا المالية وتكنولوجيا نظم الدفع.

 

وهنا ساهمت المنافسة المحتملة من جهات إصدار السندات من القطاع الخاص -مثل نظام للمدفوعات من فيسبوك- في تحفيز البنوك المركزية الرئيسية على تسريع جهودها المتعلقة بالعملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية ونظم المدفوعات العابرة للحدود.

 

وينظر البنك المركزي الأوروبي وبنك الشعب الصيني وغيرهما، في إمكانية إصدار عملة رقمية صادرة عن بنك مركزي، وهو الأمر الذي يمكن أن يزيد الطلب على العملات.

 

وربما يتعين على البنوك المركزية إعادة النظر في تكوين احتياطي العملات وفي كيفية حيازتها في المستقبل.

وخلاصة القول إنه لا يوجد في الوقت الحالي أي مؤشرات على حدوث تغييرات كبيرة في تكوين عملات الاحتياطي لدى البنوك المركزية.

 

لكن في نفس الوقت هناك قدر كبير من عدم اليقين بشأن الاتجاهات الاقتصادية والمالية العالمية، إلى جانب التطورات الجيوسياسية والتكنولوجية، ومن ثم فإن هناك مساحة واسعة لحدوث المزيد من التحولات الديناميكية في المستقبل.

 

المصادر: صندوق النقد الدولي

دراسة: Reserve Currencies in an Evolving International Monetary System

 

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.