نبض أرقام
03:26 م
توقيت مكة المكرمة

2024/12/20
2024/12/19

هكذا سدّدت الحكومة أجور 6 أشهر رغم تلويحها بعجز الرواتب... أكثر من مرة

2020/12/11 الراي الكويتة

كشفت مصادر مسؤولة لـ«الراي» أن حجم السيولة الموجودة في الاحتياطي العام تقارب حالياً نحو مليار دينار، مشيرة إلى أن ثبات معدل «الكاش» خلال الأشهر المقبلة، أو نفاده، يعتمد فقط على حركة أسعار النفط على المدى القريب.
 

وبينت المصادر أن أحد السيناريوهات الصعبة الموضوعة في وزارة المالية، أنه في حال انخفضت أسعار النفط الفترة المقبلة إلى مستويات فترة الأزمة، خصوصاً التي تراوحت فيها الأسعار بين 27 إلى 40 دولاراً، ستكون الكويت أمام مخاطر عالية لجهة عدم القدرة على تغطية العجوزات والوفاء بالالتزامات المستحقة، علماً بأن سعر برميل النفط الكويتي بلغ في تداولات يوم الأربعاء 48.79 دولار.


وفيما أكدت المصادر أنه سيتم تحويل رواتب شهر ديسمبر للموظفين الحكوميين، ومن في حكمهم في مواعيدها التقليدية، لفتت إلى أن استمرار الاعتماد في تغطية عجز الموازنة على السحب من أموال الاحتياطي العام سيفاقم أزمته في الفترة المقبلة، ويزيد مخاطر نفاد السيولة، ما يعجّل التعرض لمرحلة توقف الحكومة عن سداد التزاماتها، وذلك بضغط من أزمة سيولتها وعجز الميزانية الذي يتوسع يومياً.
 

وقالت «لم يعد التحدي الرئيس في توفير رواتب شهر ديسمبر، فالقدرة الحكومية على تغطية هذا البند لشهر أو شهرين أو حتى 3 مقبلة قائمة، لكن ماذا بعد، خصوصاً مع تنامي بروز مخاطر نفاد السيولة، التي تجعل الحكومة تكافح أكثر في دفع الرواتب، وبالتالي فإن فرصتها لمواجهة تحدياتها تتقلص تدريجياً، وقد تنعدم في أي وقت، ما لم يتم إقرار آليات إنقاذ مالي سريعة، من شأنها تهدئة العجز المزمن في الميزانية العامة، والذي بدأ منذ 2014».
 

وتمثل الأجور والرواتب نحو 70 في المئة من الإنفاق الحكومي، حيث تقارب رواتب العاملين في الجهات الحكومية من وزارات ومؤسسات وهيئات وما في حكمها نحو 750 مليون دينار شهرياً.
 

توقعات متشائمة

ولعل هناك من يقلل من أهمية التوقعات المتشائمة بخصوص عجز الرواتب، ويقول إنه لا وجود لها، وإنها تُروّج بين الفينة والأخرى ضمن حملة حكومية من أجل الترويع فقط.

وفي حين أن الحكومة أطلقت تصريحها الشهير، والذي أفادت فيه، بأنها تواجه أزمة شح سيولة قد تدفعها إلى الفشل في دفع رواتب شهر يوليو الماضي، فإن المخاوف نفسها تكررت كمقدمة لشهر ديسمبر الجاري، على لسان وزير المالية براك الشيتان.

وعملياً، لا تزال الحكومة مستمرة وبانتظام في دفع التزاماتها منذ 6 أشهر متصلة، ما يجعل السؤال مشروعاً: من أين موّلت الحكومة رواتب الأشهر الستة الماضية إذا كانت تواجه بالفعل تحديات كبيرة في توفير السيولة؟ في الحقيقة، هناك ما يفك شفرة ذلك محاسبياً، فالحكومة استطاعت خلال الأشهر الماضية إنتاج بعض السيولة الإضافية بما يقارب 4 مليارات دينار، وذلك من خلال موردين استثنائيين غير متكررين، بجوار الإيرادات النفطية التقليدية.

 

فلم يعد سراً أنه تم في شهر أغسطس الماضي نقل ملكية أصول سائلة ذات عوائد من صندوق الاحتياطي العام، إلى صندوق الأجيال، بقيمة تقارب 2.1 مليار دينار، وهي عبارة عن أسهم مسعّرة كان يملكها «الاحتياطي العام» في الكويت والشرق الأوسط.
 

واكتسبت هذه الخطوة أهمية إضافية، في أنها تدوير للأصول أنتج سيولة نقدية بملياري دينار تمت الاستفادة منها لسد بعض العجز المسجل في الموازنة، ومن ناحية ثانية أبقت ملكية الأصول للكويت، الأمر الذي لا يؤثر في التصنيف الائتماني السيادي للكويت.
 

تعزيز السيولة

أما المورد الإضافي الذي عزز سيولة الاحتياطي العام، فكان عبارة عن وقف استقطاع حصة صندوق الأجيال القادمة، والمحددة بنسبة 10 في المئة من إجمالي الإيرادات الفعلية للموازنة، فبسبب الأزمة التي خلفتها أسعار النفط وجائحة فيروس كورونا، تم اقرار وقف الاستقطاع نيابياً، ما وفّر «كاش» بنحو 1.7 مليار دينار.

 

وفي المحصلة، توافرت نحو 3.8 مليار دينار تم امتصاصها بجوار عوائد النفط، في تمويل عجز الميزانية العامة والاستمرار في دفع الالتزامات الحكومية، وعلى رأسها الرواتب والأجور، خلال الأشهر الماضية.
 

لكنه، وكما تمت الإشارة سابقاً، فإن الموردين الإضافين اللذين عزّزا وضع السيولة العامة، استثنائيان وغير مكررين، أقله ما يتعلق بإمكانية نقل إضافي من أصول «الاحتياطي العام» إلى «الأجيال المقبلة»، على أساس أنه تم تحويل جميع الأصول المسعّرة، وما تبقى عبارة عن أصول غير سائلة لا يمكن تسعيرها بسهولة وبسرعة، كما حدث في المرة الأولى، كما أن الأوساط الحكومية تتخوف من بيعها في الوقت الحالي بسبب ضعف الأسواق.
 

أزمة حادة

وتعاني الكويت في السنة المالية الحالية من أزمة حادة في تمويل عجزها المالي، الذي قد يتفاقم بسبب الهبوط الكبير لأسعار النفط والتكاليف المالية الإضافية التي تكبدتها الحكومة بسبب أزمة فيروس كورونا، حيث يرجح أن يبلغ العجز المسجل عن العام المالي الحالي نحو 14 مليار دينار، ما قد يصل إلى 40 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الأعلى على مستوى العالم.

 

وهنا نعود للمربع الأول، حيث مخاطر نفاد السيولة تتعاظم أكثر، لا سيما بعد استنفاد مصادر السيولة الاستثنائية المتاحة، ما يجعل الحديث عن آليات إنقاذ مالي حقيقية أكثر وجاهة، لا سيما مع التغيرات النيابية الواسعة التي حدثت في انتخابات مجلس الأمة أخيراً، وبلغت التغييرات نحو 62 في المئة من عدد الأعضاء.
 

ومع التشكيل الحكومي المرتقب قريباً، وتحديداً قبل 15 ديسمبر حيث موعد بداية الفصل التشريعي، يعود مشروع قانون الدين العام إلى الواجهة مجدداً، لكن هذه المرة بقوة وبحاجة ملحة، حيث يرى العديد من الاقتصاديين أنه من أبرز الحلول العلاجية المستحقة على المدى القصير، وإن كانوا أكدوا في الوقت نفسه على ضرورة أن يتضمن إقراره بعض الضوابط التي تضمن صرف سيولته في أوجهها المستحقة، مع الاستمرار في تقليص المصروفات الحكومية وفقاً لخطة كل جهة، بمعنى أن كل وزارة أو مؤسسة أو هيئة حكومية تضع حدوداً لتقليص مصروفاتها وفقاً لأولوياتها، وليس بناءً على توجيهات حكومية محددة.
 

«الدين العام» يعود للواجهة بقوة

لم يعد ممكناً إقرار الحكومة لقانون الدين العام بمرسوم ضرورة، كما ذهبت كل التوقعات، التي رجحت أن تستغل الحكومة فترة غياب مجلس الأمة، تمهيداً لإعادة انتخاب أعضائه لدورة جديدة، في تمرير القانون بمرسوم ضرورة.

 

ورغم زيادة الترجيحات في هذا الخصوص، لم تلجأ الحكومة إلى هذا الخيار، مع الأخذ بالاعتبار أن إقرار «الدّين العام» في 1987 وتعديلاته بـ1998 جاء بمرسومي ضرورة، وبالطبع لا يمكن خلال الأيام القليلة المقبلة أن تفعل ذلك، على أساس أن بداية الفصل التشريعي ستكون في 15 من الشهر الجاري، أي بعد 4 أيام فقط، كما أن الحكومة الحالية عبارة عن حكومة تيسير أعمال، ومن ثم لا يحق لها تمرير قانون بهذه الأهمية.
 

علاوة على ذلك، لا يوجد ما يستحق أن يمرر القانون بمرسوم ضرورة قبل انعقاد الجلسة الأولى لمجلس الأمة المقررة الأسبوع المقبل، خصوصاً أنه تمت بالفعل إعادة تسمية سمو رئيس مجلس الوزراء، ما يجعل الاستعدادات متركزة في تشكيل الحكومة.
 

ورغم أن قانون الدين العام يظل من أبرز الملفات الصعبة التي تحتاج توافقاً حكومياً نيابياً سريعاً جداً، باعتباره وسيلة جيدة حالياً للخروج من أزمة نقص السيولة على المدى القصير، إلا أن خيار إصدار الديون يحتاج بجواره خطوات صارمة لمواجهة هذه الضائقة.
 

وباختصار، فإن عدم تبني إجراءات علاجية فعالة يعرض الميزانية العامة وتصنيفات الدولة الائتمانية لوضع أكثر صعوبة، حيث يرجح بنهاية العام المالي الحالي تسجيل معدلات عجز فعلية بحدود جديدة أكبر بكثير حتى من المتوقعة، ما يضعف القدرة الحقيقية للدولة على تغطية التزاماتها الفعلية، وفي مقدمتها الرواتب والدعوم خلال الفترة المقبلة.
 

يذكر أنه وفقاً لوثيقة حكومية صدرت في هذا الخصوص تستغرق إجراءات الإعداد لإصدار دَين جديد في الأسواق العالمية بين 3 و4 أشهر بعد نيل موافقة البرلمان.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.