الفحم النظيف .. هل تدعم التكنولوجيا استعادة أرخص مصدر للطاقة لمكانته التاريخية؟

2020/12/11 أرقام - خاص

تثير تعهدات الرئيس الأمريكي المنتخب "جو بايدن" بشأن التحول القوي نحو الطاقة النظيفة مخاوف صناعة الوقود الأحفوري في الولايات المتحدة بشأن الخسائر المحتملة لهذا التوجه.

 

لكن في الوقت نفسه، يُبدي البعض تفاؤله حيال مستقبل الفحم الذي يمثل المصدر الأكثر تلوثاً للطاقة عالمياً بفضل تحسينات التكنولوجيا المستمرة مؤخراً.

 

 

هبوط مستمر للطلب

 

- الفحم يعتبر الوقود الأحفوري الأكثر وفرة وتوزيعاً حول العالم، لكنه يظل أيضاً بمثابة المصدر الأكثر تلويثاً لتوليد الطاقة بسبب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغيرها.

 

- شهدت السنوات الماضية اتجاهاً عالمياً لخفض الاعتماد على الفحم لصالح مصادر الطاقة المتجددة والصديقة للبيئة مثل الغاز الطبيعي والطاقة الشمسية والرياح وغيرها.

 

- تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تتراجع حصة الفحم في مزيج الطاقة المستخدمة عالمياً من 37% في عام 2019 إلى نحو 28% بحلول عام 2030، قبل أن يتراجع دون 20% في السنوات التالية.

 

- مع سعي معظم دول العالم لخفض الانبعاثات الضارة، اتجهت للتحول لمصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، لكن بعض الدول فضلت إعادة هيكلة الصناعة عبر خفض ما تنتجه من ثاني أكسيد الكربون ومسببات التلوث الأخرى.

 

- بدأت محطات الطاقة التي تستخدم الفحم في عمليات تحديث أو إعادة هيكلة في مسعى لهدف خفض الانبعاثات إلى النصف بحلول عام 2030.

 

- ومع انخفاض الطلب على الطاقة بشكل عام نتيجة تراجع النشاط الاقتصادي العالمي جراء أزمة وباء "كوفيد-19"، فإن استهلاك الفحم يُتوقع أن يشهد هبوطاً ملحوظاً هذا العام.

 

- يتجه الطلب على الفحم للهبوط 7% في العام الجاري مقابل تراجع 8% للنفط وانخفاض 3% للغاز الطبيعي، بينما قد تشهد مصادر الطاقة المتجددة زيادة طفيفة.

 

 

- مع حقيقة أن الفحم يعتبر من أرخص وأوفر مصادر الطاقة وأكثرها سهولة في الشحن والتخزين، فإن الدول النامية خاصة في آسيا لاتزال ضمن الأكثر استخداماً له، وإن كانت وتيرة الطلب تشهد هبوطاً مؤخراً.

 

- الصين التي تعتبر أكبر مستهلك للفحم حول العالم أعلنت مؤخراً خطة للوصول لهدف حياد الكربون بحلول عام 2060 مع السعي للوصول لذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قبل عام 2030.

 

- لكن كما ساهم التوجه لحماية البيئة ومحاربة تغير المناخ في دعم الطاقة المتجددة بشكل كبير في السنوات الماضية، فإنه ساهم أيضاً في تحسين كفاءة مصادر الطاقة التقليدية وخاصة المصدر الأكثر تلويثاً: الفحم.

 

- عاد الخلاف القديم حول مصطلح "الفحم النظيف" لصدارة المشهد في الأشهر الماضية، مع إعلان دول مثل الصين واليابان وغيرهما من البلدان الآسيوية اتجاهاً لتقليص التلوث الناتج عن الفحم دون التخلي الكامل عنه بعكس التوجه السائد في أوروبا.

 

ما هو وكيف يعمل؟

 

- ظهر مصطلح "الفحم النظيف" في ثمانينيات القرن الماضي، لكنه اكتسب اهتماماً متزايداً في منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة مع تزايد الاهتمام العالمي بخفض التلوث والانبعاثات الضارة.

 

 

- يشير هذا المصطلح إلى تقنيات مختلفة مصممة لتقليل الآثار الضارة للاعتماد على الفحم كمصدر لتوليد الطاقة، بداية من تنقية الفحم مما علق به من التربة والصخور قبل إرساله إلى المصنع مروراً بطريقة حرقه ونهاية بالتعامل مع الانبعاثات الناتجة.

 

- تتضمن التكنولوجيا المستخدمة في "الفحم النظيف" حرق الفحم عند درجة حرارة أعلى لاستخراج المزيد من الطاقة وتقليل الانبعاثات الضارة الناتجة مثل الكبريت وأكاسيد النيتروجين وغيرها.

 

- تشير هذه العبارة أيضاً إلى القيام بمنع تسرب الكربون الناتج عن عملية حرق الفحم ودفنه في أعماق الأرض، لمنع تلوث الهواء.

 

 

- تعتمد تكنولوجيا الفحم النظيف مؤخراً على فكرة احتجاز الكربون وتخزينه عبر سحبها من المداخن الصناعية وإبقائها تحت الأرض بشكل دائم، لكن تكلفة هذه الأنظمة الواعدة أعلى بنحو 40% من الطريقة التقليدية.

 

- يقول عدد من المدافعين عن الصناعة إن المصانع الجديدة للفحم والتي تستخدم التكنولوجيا الجديدة يمكنها خفض الانبعاثات الضارة بنحو 35% مقارنة بالمحطات القديمة، ما يجعلها تنافس درجة الانبعاثات الناتجة عن الغاز الطبيعي.

 

- شهدت الابتكارات الأخيرة بشكل خاص مثل تقنية الانبعاثات المنخفضة للغاية أو ما يعرف اختصاراً بـ"ULE" انتشاراً ملحوظاً؛ حيث تمت إضافتها لبعض وحدات الطاقة العاملة بالفحم لتقليل انبعاثات الكبريت والكربون.

 

- في الصين تستخدم بالفعل 83% من محطات الفحم وحدات "ULE" مع توقعات باستمرار عمليات التحديث خلال الخطة الخمسية الرابعة عشرة حتى عام 2025، ليتم إغلاق الوحدات الأصغر والأقل كفاءة لصالح هذه التقنية الأحدث.

 

- يعتقد بعض الخبراء أن التوجه لتحسين كفاءة ونظافة الفحم في الصين سيعمل على تقليص التوجه للاستثمار في خطط الاعتماد على الغاز الطبيعي، مع تقارب نسب التلوث الناتجة.

 

 

- لكن يظل عامل التكلفة عقبة كبيرة في سبيل التحول الكامل للصناعة إلى التوجه الأكثر صداقة للبيئة؛ حيث إن التقديرات تشير إلى أن تحويل محطة تقليدية بطاقة 400 جيجاوات تعمل بالفحم إلى تكنولوجيا نظيفة يحتاج 31 مليار دولار.

 

وجهات نظر متشككة

 

- رغم الحجج التي يقدمها الداعمون للفحم النظيف عالمياً، لا يزال دعاة حماية البيئة يجادلون بأن حرق الفحم بأي شكل يجب وقفه فوراً لأنه يمثل أكبر مصادر تلوث الهواء.

 

- يرى الرافضون لجدوى تكنولوجيا الفحم النظيف أن حتى أفضل محطات الفحم تقوم بتلويث المياه الجوفية وتسبب انتشاراً للزئبق والغبار في الهواء، ما يضر الناس والغلاف الجوي بشكل كبير.

 

- بعد تولي الرئيس "دونالد ترامب" منصبه، تعهد بالاهتمام بالفحم النظيف ودعم هذه الصناعة لزيادة الوظائف في الولايات الصناعية بشكل خاص، وهو ما تسبب في ردود فعل غاضبة من قبل منظمات حماية البيئة.

 

 

- يرى المعارضون أن شركات الفحم عندما تتحدث عن "الفحم النظيف" فإنها تعني استراتيجية لخفض ثاني أكسيد الكبريت والنيتروجين والزئبق لكنها لا تفعل شيئاً بخصوص ثاني أكسيد الكربون لأن تكلفة تقليصه باهظة، ما يعني أن الأزمة لا تزال موجودة.

 

- يقول "ناديسييرا" المختص بحماية البيئة إنه لا وجود لأي شيء يمكن وصفه بـ"النظيف" فيما يتعلق بالفحم، لأن فكرة خفض الانبعاثات لا يمنع حقيقة أن الفحم ومنتجاته الثانوية سامة بطبيعتها سواء فيما يرتبط بالغبار أو عملية التعدين نفسها.

 

- بعيداً عن تكنولوجيا محطات الطاقة العاملة في الفحم، يظل تعدين الخام من الممارسات الملوثة للغاية بطبيعتها، حيث غالباً ما تسبب ضرراً بالجداول والمصادر المائية.

 

- لا تزال مساعي خفض التلوث الناتج عن الفحم بحاجة لمزيد من الوقت والجهد والتطوير لتقليص التكلفة من جهة والوصول لانبعاثات أقل تجعلها منافساً حقيقياً لمصادر الطاقة المتجددة والتي تشهد صعوداً متواصلاً حول العالم.

 

 

المصادر: أرقام – وكالة الطاقة الدولية - أويل برايس –ناديسييرا– بلومبرج – نيويورك تايمز– ذا دبلوميت

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.