ظل البشر لعقود عديدة يقومون بسلوكيات مضرة للبيئة والمناخ، دون أن يكون هناك رد فعل حقيقي من جانب العالم لوقف هذه السلوكيات، حتى حدث التغير المناخي بشكل عنيف لم يعد من الممكن التغاضي عنه، وبدأ الجميع يدرك أنه إذا لم تتوقف السلوكيات المضرة للبيئة في سبيل التصنيع والاستهلاك وإنتاج الطاقة، فإن العالم سيتجه نحو نهايته.
وفي سبيل تجنب ذلك بدأت العديد من الدول المتقدمة وحتى النامية في تطبيق حلول بديلة بما في ذلك الطاقة المتجددة، وتقليل استخدام الوقود الإحفوري، وهناك عدة دول تخطط للاستغناء عن استخدام هذا الوقود بشكل كامل خلال السنوات المقبلة.
ورغم كل الجهود المبذولة من جانب الدول، لا تزال هناك صناعات تلوث البيئة بشكل كبير للغاية، ولأنه من الصعب إيجاد طريقة محددة لقياس الصناعات الأكثر تلويثًا للبيئة، اعتمد موقع "ذا إيكو إكسبرتس" على منهجية خاصة لذلك، فوفقًا للموقع هناك خمسة أنواع رئيسية لتلوث كوكب الأرض، وهي تلوث الماء والهواء والتربة، فضلاً عن التلوث السمعي والبصري.
وفي حين أن كل أنواع التلوث ضارة، إلا أن تلوث الهواء والماء يشكل التهديد الأكبر لكوكب الأرض، ففي عام 2017 تسبب تلوث الهواء في وفاة نحو خمسة ملايين شخص في العالم، كما يتم إلقاء 14 مليار رطل من البلاستيك في المحيط كل عام، في الوقت الذي تتسبب فيه المياه الملوثة بشكل عام في وفاة 1.5 مليون طفل سنوياً.
ومن هذا المنطلق توصل موقع "ذا إيكو إكسبرتس" إلى قائمة تضم أكثر الصناعات تلويثًا للبيئة، بناءً على أكثر الصناعات التي تتسبب في تلوث الماء والهواء.
1- صناعة الوقود
تُسبب صناعة الوقود تلوثًا كبيرًا للبيئة؛ نظرًا لأن العالم كله يعتمد على الطاقة والوقود في كل المهام اليومية، سواء كانت مهام صغيرة مثل شحن الهواتف، أو مهام كبيرة مثل السفر، كما يدخل الفحم والنفط في تصنيع منتجات مهمة مثل الأدوية والبلاستيك.
ومع زيادة عدد السكان، يزداد الطلب على الوقود، وتشير التقديرات إلى أنه تم استهلاك 100.3 مليون برميل نفط يوميًا على مستوى العالم في 2019، مقارنة بـ 85 مليون برميل نفط يوميًا عام 2006، مما يعكس زيادة في حجم استهلاك النفط بشكل كبير على مدى سنوات قليلة.
عندما يحترق الوقود الإحفوري، يتسبب في إطلاق كمية هائلة من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، مما يتسبب في ارتفاع درجات حرارة الأرض عن معدلها الطبيعي، فيما يعرف باسم ظاهرة الاحتباس الحراري.
ولا يلوث الوقود الإحفوري الهواء فقط، بل يمتد تأثيره إلى المحيط أيضًا، إذ تؤدي الانسكابات النفطية إلى تلوث الحياة البحرية، وتسمم الأسماك والطيور.
2- الزراعة
تساهم الزراعة بنسبة تتراوح بين 13% إلى 18% من إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة في العالم، ومعظم هذه الانبعاثات (نحو 65%) هي غاز الميثان وأكسيد النيتروز اللذان تطلقهما الأبقار، مما يفسر كيف تساهم الثروة الحيوانية التي يحتاجها العالم لتوفير منتجات الألبان واللحوم في ظاهرة الاحتباس الحراري.
حرق الأراضي من أجل الزراعة يمثل مشكلة كبيرة أيضًا، لأنه لا يتسبب فقط في إطلاق ثاني أكسيد الكربون، لكنه يتسبب أيضًا في إزالة الأشجار التي تمتصه، وقد تسببت حرائق الأمازون التي اندلعت في عام 2019 في تدمير 870 ميلاً مربعاً من النباتات خلال شهر واحد فقط، بما يمثل زيادة في إزالة الأشجار والنباتات بنسبة 278% مقارنة بنفس الشهر عام 2018.
3- الأزياء
تساهم صناعة الأزياء في 10% من انبعاثات الكربون في العالم، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى الموضة السريعة، وهو المصطلح الذي يشير إلى الملابس المصنوعة من مواد رخيصة، والتي غالبًا ما تكون مواد بلاستيكية دقيقة، وعلاوة على ذلك عادة ما تُصنع هذه الملابس في البلدان الآسيوية، التي تستخدم معظم مصانعها الفحم والغاز في التصنيع.
ومن ناحية أخرى أصبح عدد كبير من الأشخاص يعتمد على التسوق عبر الإنترنت وتوصيل البضائع حتى باب المنزل، وتساهم الخدمات البريدية في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها مثل "فيديكس" و"يو بي إس"، في انبعاثات غازات دفيئة تعادل تقريبًا انبعاثات غازات الدفيئة السنوية لـ 7 ملايين سيارة.
تسببت الموضة السريعة من ناحية أخرى في زيادة هدر الملابس، فالناس يتخلصون من ملابسهم بعد شرائها بمدة قليلة، لشراء أحدث الأزياء واتباع أحدث صيحات الموضة، ولذلك 85% من الملابس تذهب إلى مكب النفايات سنويًا.
4- بيع الأغذية بالتجزئة
أدت الزيادة الكبيرة في عدد السكان إلى زيادة استهلاك الطعام، وزيادة هدره أيضًا، ففي المملكة المتحدة وحدها يتم إهدار 1.9 مليون طن من الطعام سنويًا.
تجارة التجزئة ساهمت بشكل كبير أيضًا في تلوث البيئة؛ بسبب نفايات التغليف الناتجة عنها، وتشير الأبحاث إلى أن 800 ألف طن من النفايات البلاستيكية السنوية تأتي من تجارة التجزئة.
5- وسائل النقل
يتسبب النقل في إطلاق كمية هائلة من انبعاثات الغازات الدفيئة، فالنقل الجوي والبري والبحري يساهم في أكثر من 24% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
يمكن تقسيم صناعة النقل إلى قسمين؛ وهما الشحن التجاري، والمسؤول عن 40% من إجمالي الانبعاثات الناتجة عن صناعة النقل، والمواصلات الخاصة بالركاب؛ حيث يساهم سفر الركاب بـ 60% من هذه الانبعاثات.
ورغم أن النقل الجوي يساهم بشكل كبير في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، إلا أنه يمثل 16% فقط من انبعاثات وسائل نقل الركاب، بينما يمثل النقل البري النسبة الأكبر من الانبعاثات الناتجة عن مواصلات الركاب، وذلك لأن معظم الأشخاص أصبحوا يمتلكون سياراتهم الخاصة، وسيارة واحدة فقط يمكن أن تنتج نحو 4.6 طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.
6- أعمال البناء
تساهم صناعة البناء في كل أنواع التلوث تقريبًا؛ إذ تساهم في 23% من تلوث الهواء، و40% من تلوث مياه الشرب، وبنحو 50% من نفايات مكبات النفايات.
كما تستهلك هذه الصناعة كميات ضخمة من المواد الخام، إذ يتم استخراج نحو 400 مليون طن من المواد الخام سنويًا من أجل استخدامها في صناعة البناء، وهذه الصناعة وحدها مسؤولة عن 50% من جميع عمليات استخراج الموارد الطبيعية، ولا يضر ذلك بالأرض فحسب، لكنه يسبب ضررًا كبيرًا للحياة البرية؛ بسبب تدمير الموائل الطبيعية.
7- التكنولوجيا
أصبحت التكنولوجيا جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية بكل تفاصيلها، بما في ذلك الهواتف الذكية، ووسائل النقل والترفيه، والعمل، إلا أن زيادة استخدام سكان العالم لكل هذه التقنيات الجديدة أدى في المقابل لاستهلاك كم كبير من الطاقة، ففي عام 2015 استهلكت التكنولوجيا نحو 3% إلى 5% من كهرباء العالم، وتتزايد هذه النسبة بالطبع سنويًا.
ويتزايد الطلب العالمي على الأجهزة المتصلة بالإنترنت، ومنصات بث الفيديو عالي الدقة، والبريد الإلكتروني، وكاميرات المراقبة، والأجيال الجديدة من التلفزيونات الذكية بنسبة 20% سنويًا، ومن المتوقع أن تساهم صناعة التكنولوجيا بنحو 3.5% من الانبعاثات العالمية هذا العام.
المصدر: ذا إيكو إكسبرتس
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}