نبض أرقام
07:54 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/12/18
2024/12/17

لماذا تذكرت الصين مخاطر شركات التكنولوجيا الآن؟ وماذا يعني ذلك للأسواق؟

2020/11/18 أرقام - خاص

طوال سنوات، كانت الحكومة الصينية تعتبر صعود نجم شركات التكنولوجيا الكبرى بمثابة أمر يدعو للفخر باعتباره يرمز لنجاح النموذج الصيني للأعمال عالمياً.

 

لكن خلال الأيام الماضية بدأت السلطات الصينية في إظهار وجه مغاير، مع القلق حيال مدى تغول اللاعبين الكبار في قطاع التكنولوجيا في كل نواحي الاقتصاد داخل البلاد.

 

 

الصين تتحدى العمالقة الجدد

 

- بعد سنوات من السماح بعمل وتوسع شركات التكنولوجيا بحرية تامة، قررت السلطات الصينية استهداف الأنشطة الاحتكارية لهذه الكيانات، في مسعى لتنظيم عملها دعما للمنافسة.

 

- أصدر المكتب الصيني لمكافحة الاحتكارات مسودة قواعد تحدد – لأول مرة – ما يمكن اعتباره سلوكاً مناهضاً للمنافسة لشركات التكنولوجيا الكبرى.

 

- ترى الجهات التنظيمية الصينية أن بعض التحركات التي تقوم بها شركات التكنولوجيا بغرض استهداف المستخدمين قد يتم حظرها عندما تدخل القواعد الجديدة حيز التنفيذ.

 

- يتناول مشروع القانون المقترح عدة مجالات تشمل التسعير وطرق الدفع واستخدام البيانات بغرض استهداف المتسوقين، في محاولة شاملة لتنظيم ما يمكن اعتباره سلوكاً احتكارياً من قبل عمالقة التكنولوجيا في البلاد.

 

- ستكون ممارسات مثل بيع السلع والخدمات بأقل من التكلفة، والتمييز في الأسعار على أساس تحليل بيانات العملاء، واتفاقيات البيع الحصرية بمثابة مخالفات واضحة للوائح المقترحة.

 

- وفقاً للوثيقة الحكومية، فإن هذه المبادئ التوجيهية تستهدف منع وإنهاء الممارسات الاحتكارية للمنصات عبر الإنترنت وتقليل تكاليف الامتثال وإنفاذ القانون وحماية المنافسة العادلة في السوق، بالإضافة إلى حماية مصالح المستهلكين.

 

- تقوم بعض الشركات التكنولوجية باستخدام بعض هذه التكتيكات بالفعل لاكتساب مكانة سوقية أكبر أو تحقيق معدلات نمو سريعة لأنشطتها، ما يظهر في قيام شركات مثل "ديدي تشو شينغ" لنقل الركاب أو "ميتوان" لتوصيل الطعام بمنح العملاء تخفيضات كبيرة في مسعى لزيادة الحصة السوقية.

 

- تبرز الخلافات بين الشركات وبعضها أيضاً، حيث رفعت شركة "جيه دي دوت كوم" دعوى قضائية ضد "علي بابا" في عام 2017 تتهمها بمطالبة البائعين المدرجين على منصتها بتوقع اتفاقيات تعاون حصرية تمنعهم من بيع نفس السلع على منصات إلكترونية أخرى.

 

 

- قبل أيام من الإعلان الجديد، أثارت الصين أزمة أخرى من خلال قرار تعليق الطرح العام الأولي لشركة "آنت جروب" الذراع الخاصة بالمدفوعات والإقراض التابعة لـ"علي بابا"، بعد فرض قواعد جديدة خاصة بالائتمان عبر الإنترنت.

 

القلق يسود الأسواق

 

- تعتبر هذه الوثيقة التنظيمية بمثابة نقلة نوعية في طريقة تعامل الجهات الرسمية الصينية مع شركات التكنولوجيا سريعة النمو في البلاد.

 

- طوال أكثر من عقد من الزمن، سمحت الصين بنمو شركات الإنترنت بقوة وسرعة دون فرض أي تدابير لتنظيم أعمالها، ما دفع هذه الكيانات لتحقيق صعود حاد وسط ظهور لافت للنظر للاقتصاد الرقمي في البلاد.

 

- يخشى المتابعون والمستثمرون من أن هذه المبادئ الأخيرة تعتبر إشارة قوية على أن الصين ستقوم بفرض مزيد من الإجراءات الرامية لتقليص وتيرة النمو السريع لشركات التكنولوجيا الكبرى، ما يهدد بخفض الأرباح الحالية.

 

- في اليومين التاليين لقرار الجهات الصينية، انخفضت القيمة السوقية لأسهم التكنولوجيا الصينية بنحو 290 مليار دولار، وسط موجة بيعية قوية للقطاع.

 

 

- انخفض سهم "علي بابا" بنسبة تتجاوز 14% في غضون يومين، لتخسر شركة التجارة الإلكترونية نحو 117 مليار دولار من القيمة السوقية في نفس الفترة.

 

- كررت شركات تكنولوجية أخرى مثل "تينسنت" و"جيه دي دوت كوم" خسائر "علي بابا" المنافسة ليفقد كل منهما 11.4 و17.2% على التوالي، كما تهاوى سهم "تشاومي" بنسبة 12.1% في نفس الفترة.

 

- رغم أن قطاع التكنولوجيا الصيني شهد خسائر واضحة في أعقاب الإجراءات الحكومية، فإن بعض الشركات قد تكون أكثر عرضة للتأثر بهذا التوجه مقارنة بغيرها.

 

- من المتوقع أن تكون "علي بابا" مثلاً إحدى أبرز الشركات المتضررة من السعي لوقف الاحتكارات في القطاع، مع حقيقة أنها تسيطر على 77% تقريباً من سوق التجارة الإلكترونية في الصين.

 

- بالرغم من احتمالية استفادة بعض اللاعبين الصغار في القطاع من هذه التدابير مثل "جيه دي دوت كوم"، فإنها تظل غير قادرة على زعزعة سيطرة الكيانات العملاقة على المشهد في المدى القريب.

 

- بينما قد لا تتأثر بعض الشركات الكبرى بشكل كبير، حيث قال "مارتن لاو" رئيس شركة "تينسنت" إن أعمالها في قطاع الألعاب عبر الإنترنت والمسؤولة عن نحو ثلث إيراداتها الإجمالية تعتبر بمثابة منتجات فردية، وبالتي لن تتأثر بشكل كبير من القواعد التنظيمية المحتملة.

 

لماذا الآن؟

 

 

- الواقع أن شركات التكنولوجيا اكتسبت في الفترة الماضية مكانة كبيرة ومهيمنة في الصين، مع دخولها السريع لقطاعات مختلفة وتأثيرها في الحياة اليومية لمئات الملايين من الصينيين.

 

- اشتكت الكثير من الشركات التقليدية في عدة قطاعات من توسع شركات التكنولوجيا لمجالات جديدة مثل التمويل والترفيه وغير ذلك، ما تسبب في تعرضها لمعاملة غير عادلة مقارنة بهذه الكيانات التي تعمل دون قواعد منظمة.

 

- تعرض بعض المنصات الإلكترونية قروضاً للعملاء دون أن تضطر للالتزام بقواعد تنظيمية محددة مثلما هو الوضع لدى المصارف التقليدية والتي تخضع لمتطلبات مثل معدل القروض نسبة للودائع وغيرها.

 

- بدأت السلطات في الصين تشعر بالقلق جراء القدرة الفائقة لشركات التكنولوجيا على العمل والسيطرة على الأسواق بمساعدة إمكاناتها التقنية.

 

 

- نفس هذه المخاوف تتكرر في بعض الدول الغربية، والتي وسعت حملاتها ضد لاعبين كبار في قطاع التكنولوجيا مثل ألفابت وفيسبوك وآبل وأمازون، وسط تحقيقات واتهامات بالإضرار بالمنافسة ووجود أنشطة احتكارية واسعة في السوقين الأمريكي والأوروبي.

 

- كما تواجه السلطات التنظيمية أزمة تتمثل في الحواجز العالية التي ترفعها بعض الشركات التكنولوجية حول أعمالها والتي تستهدف منع المنافسين من اكتساب مزايا إضافية حتى لو على حساب راحة المستهلك.

 

- المتسوقون عبر منصة "علي بابا" لا يُسمح لهم بالدفع من خلال خدمة "وي شات باي" المنافسة لمدفوعات "علي باي"، كما أن تطبيق الدردشة "وي شات" يمنع مشاركة مقاطع مصورة من "دوين" المعادل الصيني لتطبيق "تيك توك".

 

ماذا نتوقع مستقبلاً؟

 

- لا تزال مسودة المبادئ التوجيهية تمر بفترة للتشاور، وستكون متاحة للتعليقات العامة حتى يوم الثلاثين من شهر نوفمبر.

 

- من المتوقع أن تقوم شركات الإنترنت بتعديل بعض ممارساتها التي يمكن اعتبارها مناهضة للمنافسة قبل دخول التوجيهات حيز التنفيذ، لكن ليس من المعروف حتى الآن موعد تطبيق اللوائح الجديدة.

 

- الأمر لا يزال بحاجة لاكتشاف طريقة تضمن أن هذه القيود التنظيمية الجديدة ستوازن السعي لاكتساب شركات التكنولوجيا الصينية مكانة عالمية.

 

- الحكومة الصينية أبدت فخرها مراراً بقصص نجاح شركاتها التكنولوجية على مدار السنوات الماضية، ما يرجح أن نهج التنظيم المتوقع لأعمالها قد يكون تدريجياً لمنع حدوث انهيار مفاجئ أو التأثير سلباً على وضعها المحلي والعالمي.

 

المصادر: أرقام – آسيا تايمز – فاينانشيال تايمز – سي إن بي سي – نيكي آسيا

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.