"أرابتك القابضة": بعد قرار الجمعية العمومية حل الشركة وتصفيتها... كيف بدأت أزمة الشركة؟

تلقي "أرقام" من خلال هذا التقرير الضوء على تسلسل الأحداث التاريخية لشركة "أرابتك القابضة" التى تُعتبر أكبر شركة مقاولات في إمارة دبي، بعد قرار الجمعية العمومية بحل الشركة وتصفيتها نظرا للأوضاع المالية غير المستقرة.

كانت قد تأسست شركة "أرابتك القابضة" التى تُعتبر أكبر شركة مقاولات في إمارة دبي، كمساهمة عامة خلال عام 2004، بموجب قوانين دولة الإمارات العربية المتحدة، ومن ثم تم الإدراج وبدء التداول على أسهم الشركة في سوق دبي المالي يوم 4 يناير 2005، لتصبح بذلك أول شركة إنشاءات خاصة تتحول إلى شركة مساهمة عامة، وبرأس مال قدره 400 مليون درهم.

وكما هو معروف ساهمت الشركة بتنفيذ مجموعة متنوعة من المشاريع الإنشائية البارزة، وكان من أهمها تشييد برج خليفة، والذي يعتبر أطول برج في العالم، وفندق قصر الإمارات، أحد أبرز معالم إمارة أبوظبي، فضلاً عن عدد آخر من المشاريع التقنية، مثل المطارات والبنية التحتية المتصلة بها.

بداية الأزمة من الأعمال التشغيلية

بدأت أزمة الشركة منذ الربع الرابع 2014، بعدما سجلت الشركة خسائر قدرها 94.4 مليون درهم، نتيجة ارتفاع التكاليف والمصاريف العمومية والإدارية، نظراً للظروف الصعبة التي خيمت على السوق العقاري آنذاك، حيث وضعت الشركة خطة إعادة هيكلة عن طريق خفض للتكاليف ووقف عملياتها في روسيا وباكستان لتخفيض النفقات، مبينةً أن ذلك ضمن خطة تهدف لإعادة رسم سياسات التوسع على النحو الذي يحقق أعلى منفعة للشركة.

إلا أن الشركة واصلت تسجيل الخسائر خلال العام 2015، حتى بلغت 2346.7 مليون درهم بنهاية العام، وأرجعت الشركة سبب الخسائر إلى صعوبة الظروف التي يواجهها سوق الإنشاءات على الصعيد الإقليمي والتراجع الاقتصادي، علاوة على نهج الشركة في إقرار العائدات والتكاليف والأرباح، بجانب عدد من المشاريع المتسمة بضعف أدائها، لتصل الخسائر المتراكمة للشركة بنهاية العام 2015 إلى ما يعادل 48.26% من رأس المال.

وذكرت الشركة أنها ستستمر في تطبيق برنامجها لإعادة الهيكلة وخفض التكاليف بشكل أكبر خلال العام 2016، وأنها ستركز في الحفاظ على وضع رأس مالها العامل والتأكد من استمرارية عمليات تحصيل مستحقاتها.

ولم يكن عام 2016 أفضل حالا، حيث بلغت خسائر الشركة 3409.6 مليون درهم نتيجة لصعوبة تحصيل المبالغ المستحقة، حيث سجلت الشركة خسارة انخفاض قيمة مبالغ مستحقة من أطراف ذات علاقة بقيمة 1.2 مليار درهم، كما تم حذف ذمم مدينة بقيمة 447 مليون درهم، وذلك بنهاية عام 2016، فيما ارتفع مخصص الذمم المدينة بمقدار 125 مليون درهم عن العام الماضي.

وجاء في تقرير مدقق الحسابات للشركة لفت انتباه حول القوائم المالية، حيث تجاوزت مطلوبات الشركة المتداولة موجوداتها المتداولة بمقدار 2.17 مليار درهم، بالإضافة إلى عجز في حقوق الملكية بقيمة 250.7 مليون درهم، كما بلغت الخسائر المتراكمة للشركة في نهاية ديسمبر 2016 نحو 4645.2 مليون درهم، ما يعادل 100.65 % من رأسمالها البالغ 4615.1 مليون درهم.

ووضعت الشركة خطة زمنية مدتها ثلاثة أعوام (2017 إلى 2019) لتحسين وضعها الحالي، وتتضمن بيع بعض الأصول غير الأساسية المملوكة للشركة خلال عام 2017، وأنها ستقوم بموجب الخطة بتنفيذ برنامج إعادة الرسملة يتضمن إصدار أسهم حقوق أولوية جديدة لجمع 1.5 مليار درهم، ومن ثم تخفيض رأس المال بمقدار 4615.07 مليون درهم لإطفاء الخسائر المتراكمة.

وتتضمن الخطة كذلك تأمين تراكم سنوي لمشاريع جديدة للمجموعة بشكل مستمر بما لا يقل عن 8 إلى 9 مليارات درهم، وذلك ابتداء من عام 2018، مع ضمان تنفيذ المشاريع وفق الإطار الزمني المحدد والميزانية المحددة.

وخلال عام 2018 عينت بنك "موليس آند كو" لتقديم استشاراته ومساعدته لها، وذلك لوضع نموذج مالي للدين وخيارات هيكلة رأس المال والاستعانة بجهات التمويل، وبينت أن أحد الأهداف الاستراتيجية لها في عام 2018 تمثل في تعزيز الميزانية العامة للمجموعة، ويشمل ذلك إعادة تمويل الدين لتوفير منصة مستدامة للنمو المستمر.

بينما عادت الشركة مرة أخرى للخسائر خلال عام 2019 والنصف الأول من العام 2020، لتصل الخسائر المتراكمة إلى 1459.6 مليون درهم (ما يعادل 97.31 % من رأس المال) في 30 يونيو 2020، وأرجعت الشركة سبب تسجيل الخسائر إلى شح السيولة في قطاع العقارات والإنشاءات ما أثّر على تقدم العمل في المشاريع والقدرة على التنبؤ بالتكاليف المتوقعة، ومحدودية عمليات التسوية واسترداد المطالبات، وتباطؤ نشاط القطاع العقاري، وبالتالي محدودية الفرص الجديدة المتوفرة، إضافة إلى تأثير جائحة كوفيد 19 التي تسببت بإبطاء وتيرة إنجاز المشاريع وزيادة التكاليف.

 ومن ثم قامت الشركة بدعوة المساهمين لعقد جمعية عمومية للتصويت على حل الشركة أو اعتماد خطة إعادة هيكلة مناسبة، واختار المساهمون الخيار الأول؛ حل الشركة وتصفيتها، نظراً للأوضاع المالية غير المستقرة.

دخول آبار للاستثمار وتغيير الرئيس التنفيذي والمؤسس

في عام 2012 بدأت شركة آبار للاستثمار التابعة لشركة الاستثمارات البترولية " المملوكة لحكومة أبوظبي " بتعزيز وجودها في الشركة ورفعت حصتها الى أكثر من 20 % بعد أن كانت نسبة تملكها أقل من 5 %، وخلال عام 2013 تم تعيين " حسن أسميك " والذي كان يشغل منصب العضو غير التنفيذي في الشركة كرئيس تنفيذي بدلا من الرئيس التنفيذي السابق " رياض كمال " والذي يعتبر مؤسس الشركة، وكان قد بدأ " حسن أسميك " شراء أسهم في الشركة خلال عام 2012، الأمر الذي ساهم في توليه المنصب.

ومع تولي " حسن أسميك " الإدارة بدأ خطة طموحة، بتحويل الشركة إلى شركة عالمية، عن طريق استكشاف فرص استحواذ جديدة وخطط توسع خارجي في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، ودخلت الشركة في مشاريع ضخمة منها إنشاء مليون وحدة سكنية في دولة مصر.

وفي منتصف عام 2014، كانت تدور هناك إشاعات حول خلاف ما بين " شركة " آبار " و"حسن أسميك " حتى أظهرت البيانات تخفيض شركة " آبار " نسبة تملكها في الشركة، كما تقدم " حسن أسميك " بالاستقالة من منصبه بعد ذلك، كرئيس تنفيذي، وبدأ تخوف المستثمرين بعد تلك التغيرات.
  

ويوضح الجدول التالي الأحداث التاريخية للشركة منذ بداية الأزمة حتى قرار الجمعية العمومية بحل الشركة وتصفيتها:

كيف تفاعل المستثمرون مع الأحداث

استهل سهم الشركة تداولاته عند 2.755 درهم في 5 يناير 2005 ومن ثم سار في مسار متذبذب ما بين الارتفاع والانخفاض حتى حقق أعلى مستوى له على الإطلاق عند 32.443 درهم للسهم خلال منتصف شهر مايو من العام 2014.

وجاء هذا الصعود نتيجة للعوامل السابق ذكرها أهمها دعم "آبار للاستثمار" لشركة "أرابتك"، ما أدى لصعود السهم بشكل غير مسبوق، إضافة إلى صفقة بناء 37 برجا في أبوظبي ودبي بقيمة إجمالية بلغت 6.1 مليار دولار،كما وافقت أرابتك على صفقة بناء مليون وحدة سكنية في مصر في مشروع تدعمه الحكومتان المصرية والإماراتية تبلغ قيمته 40 مليار دولار.

وبدأت أسهم أرابتك تهوي في النصف الثاني من شهر مايو 2014 بعد انتشار شائعات عن نزاع بين آبار وأسميك، ما أثار احتمال أن تفقد أرابتك دعم آبار وتضطر لخفض خططها التوسعية، فيما قامت آبار بتخفيض حصتها في أرابتك من 21.57 % إلى 18.94 % خلال عدة أيام.

وبعدها تقدم أسميك باستقالته، ما زاد من قلق المستثمرين، نتيجة الغموض حول حصته في الشركة، ليقوم بعد ذلك ببيع جزء من حصته لآبار للاستثمار والتخارج تدريجيا من الشركة وظهور شركة تصاميم العقارية ضمن الملاك الرئيسيين.

 ليعود بعد ذلك ويسجل سلسلة انخفاضات، حتى سجل أدنى مستوى على الإطلاق فاقدا مستوى الدرهم عند 0.440 درهم في 23 مارس 2020، ليغلق عند مستوى 0.530 درهم بنهاية التسعة أشهر الأولى 2020 فاقدا نحو 81% من قيمة منذ بداية التداول خلال العام 2005م، كما يوضح الجدول التالي:

والرسم البياني التالي يوضح تطور أداء السهم منذ الإدراج حتى قرار حل الشركة والتصفية:

أهم البيانات المالية: ويوضح الجدول التالي تطور المبيعات والأرباح الصافية خلال الـ 5 أعوام الماضية:-
 

وسجلت الشركة صافي عجز قدره 1303.3 مليون درهم خلال النصف الأول 2020، نتيجة انخفاض النقدية إلى 503.1 مليون درهم، في حين بلغ إجمالي القروض 1806.4 مليون درهم بنهاية النصف الأول 2020.

كما أن إجمالي مطلوبات الشركة تجاوزت إجمالي موجوداتها، حيث ارتفع إجمالي المطلوبات إلى 10.14 مليار درهم، في حين بلغت الموجودات 9.79 مليار درهم بنهاية النصف الأول 2020.

كما يبين الجدول التالي تطور أهم بنود الميزانية خلال الـ 5 أعوام الماضية:

للاطلاع على مزيد من تقارير أرقام