نبض أرقام
10:16 م
توقيت مكة المكرمة

2024/12/22
2024/12/21

هل ينهار إنتاج النفط في فنزويلا لمستوى "صفر" قريباً؟

2020/09/25 أرقام - خاص

تقدم فنزويلا في السنوات الماضية دروساً لا تُنسى في كيفية تحول الدول من الثراء إلى الفقر بفعل خليط من السياسات الخاطئة والظروف الخارجية غير المواتية.
 

لكن الدولة التي كانت في وقت ما ضمن كبار منتجي النفط في العالم، قد تشهد حدثاً تاريخياً جديداً بتحولها إلى بلد لا ينتج أي برميل من الخام رغم امتلاكها أكبر احتياطي عالمي من النفط على بعد أمتار من باطن الأرض.
 

 

من القمة إلى الأزمة
 

- حتى سنوات قريبة كانت فنزويلا ضمن أغنى بلدان أمريكا الجنوبية بدعم الثروة النفطية الكبيرة والموارد الأساسية التي تمتلكها مثل الذهب والغاز الطبيعي وخام الحديد وغيرها.
 

- في عام 1999 كانت فنزويلا تمتلك رابع أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية بقيمة 98 مليار دولار، لتأتي مباشرة بعد البرازيل والمكسيك والأرجنتين.
 

- كما كان الفنزويليون يشهدون مستويات معيشة جيدة، مع وصول نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي قبل عقدين من الزمن لنحو 4127 دولاراً، ليتجاوز معظم أقرانهم في الدول المجاورة.
 

- استفادت الدولة من الثروة النفطية الضخمة التي جعلتها تمتلك أكبر احتياطي مؤكد للخام عالمياً بلغ 298 مليار برميل، مع إنتاج تجاوز آنذاك مستوى 3 ملايين برميل يومياً.
 

- لكن بدأت بوادر الأزمة بعدد من الأخطاء التي برزت بعد انتخاب "هوجو تشافيز" رئيساً للبلاد في عام 1998، مع إقرار دستور جديد يحول الاقتصاد من نظام قائم على السوق الحر إلى آخر تديره الدولة، بالإضافة إلى استخدام حصيلة الثروة النفطية لتمويل برامج اجتماعية مكلفة.
 

 

- منذ ذلك الوقت بدأ اقتصاد فنزويلا في الانكماش بشكل متقطع، خاصة مع تزايد عمليات تأميم الصناعات وخروج الاستثمارات الأجنبية وتراجع دور القطاع الخاص.
 

- يمثل النفط حوالي 25% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، كما يشكل حوالي 99% من قيمة الصادرات، ما يجعل اقتصاد دولة أمريكا اللاتينية يعتمد بشكل رئيسي على تطور أسعار الخام.
 

- انكمشت إيرادات فنزويلا بشكل كبير بعد التراجع الحاد لسعر النفط بداية من منتصف عام 2014، ومع استمرار المستويات المنخفضة لخام برنت والذي هبط من أعلى 115 دولاراً إلى أقل من 30 دولاراً تضرر قطاع الطاقة بشكل ملحوظ.
 

- بحلول عام 2016 ظهرت الأزمة بوضوح عبر انخفاض حاد للإنفاق الحكومي على البنية التحتية وعمليات التنقيب والصيانة وغيرها، بالإضافة إلى هجرة العمالة الماهرة من القطاع، ما خفّض الإنتاج النفطي بشكل ملحوظ.
 

- توقفت فنزويلا عن إعلان العديد من البيانات الاقتصادية الرئيسية، لكن تقديرات لمنظمة أوبك تشير إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد تراجع إلى 70 مليار دولار في عام 2019، وهو ما يقل 30% عن المستوى المسجل قبل عقدين كاملين.
 

- لا تزال التوقعات تشير إلى انكماش اقتصاد فنزويلا بنسبة 15% هذا العام وبحوالي 5% إضافية في 2021، بعد انخفاض بلغ 35% في العام الماضي.
 

خليط من كل الأزمات
 

 

- كان قطاع النفط ضحية للأزمات المتواصلة في فنزويلا، قبل أن يتحول إلى سبب من أسباب الوضع المذري الذي أصبح يتغذى ذاتياً.
 

- ساهم الفساد وسوء الإدارة والتدخلات السياسية من جانب إدارة الرئيس السابق "هوجو تشافيز" ثم خليفته "نيكولاس مادورو" في تراجع الاستثمارات في قطاع الطاقة ومغادرة الشركات الأجنبية وتوقف عمليات الصيانة للبنية التحتية للقطاع.
 

- جاء الهبوط الحاد لأسعار النفط عالمياً والذي بدأ في عام 2014 وزادت حدته في 2016 ليضع ضغوطاً هبوطية على فنزويلا والتي تضررت بشدة من انهيار مصدر الدخل الأبرز بالنسبة للبلاد.
 

- تضرر قطاع النفط أيضاً جراء فرض الولايات المتحدة عقوبات كبيرة على البلاد وصادراتها من الخام، في مسعى لإسقاط النظام السياسي للرئيس "مادورو"، وهو ما منع "كراكاس" من الحصول على التمويل اللازم لمواصلة إنتاج الخام أو التمكن من بيع النفط في الأسواق الخارجية.
 

- مع عدم قدرة البلاد على تلبية الاحتياجات الضرورية، ارتفع معدل التضخم في فنزويلا لمستوى تجاوز مليون بالمائة في عام 2018 وسط نقص حاد في السلع الأساسية وانكماش للناتج المحلي وانهيار للعملة المحلية وارتفاع معدلات الفقر، ما دفع نحو 5 ملايين فنزويلي للهجرة إلى الدول المجاورة.
 

- ازدادت الأزمة السياسية بإعلان الدول الغربية اعترافها بزعيم المعارضة "خوان غرايدو" رئيساً للبلاد، في الوقت الذي تمسك فيه "مادورو" بالسلطة بدعم بعض القوى الأخرى مثل الصين وروسيا.
 

 

- مع انهيار الدخل القومي وحظر عمل الشركات الأجنبية في البلاد بموجب العقوبات الأمريكية وعدم القدرة على جمع التمويل الكافي، انخفض إنتاج النفط لأدنى مستوى في 77 عاماً، وهو ما وضع ضغوطاً أكبر على الاقتصاد المعتمد على الخام.
 

هل نصل للصفر؟
 

- بلغ متوسط إنتاج فنزويلا من النفط نحو 340 ألف برميل يومياً في شهر أغسطس، مقارنة بحوالي 724 ألف برميل في الربع الأخير من العام الماضي ونحو 1.354 مليون برميل في عام 2018.
 

- أصبحت فنزويلا ثالث أقل دولة إنتاجاً للنفط في منظمة أوبك بعد ليبيا التي تعاني من أزمات سياسية، وغينيا الاستوائية.
 

- أغلقت شركة الطاقة الوطنية في البلاد "بتروليوس دي فنزويلا" الكثير من مواقع إنتاج النفط بشكل تدريجي طوال السنوات الماضية، مع ضعف القدرة الإنتاجية وتراجع عدد المشترين وهبوط الأسعار.
 

 

- في مايو الماضي، تراجع إنتاج نحو ثلث عدد حقوق النفط البالغ 77 حقلاً في فنزويلا لمستوى "صفر"، كما انخفضت إمدادات أكثر من 10% منها لنحو 500 برميل يومياً فحسب.
 

- الدولة التي تمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم والبالغ 303.8 مليار برميل تشهد تراجعاً مستمراً للإنتاج مع عدم وجود بنية تحتية أو عمالة أو رؤوس أموال كافية لاستخراج الخام من باطن الأرض.
 

- تشير تقديرات "إي إتش إس ماركت" إلى أن إنتاج فنزويلا من النفط ربما لا يتجاوز حالياً 200 ألف برميل يومياً، مقارنةً بنحو مليوني برميل في عام 2017.
 

- مع تراجع الطلب العالمي على النفط بفعل وباء "كورونا" والعقوبات الأمريكية المشددة على فنزويلا وانخفاض أسعار الخام، فإن إنتاج "كراكاس" قد ينخفض قرب الصفر خلال الفترة المقبلة.
 

 

- بدأت فنزويلا في تفكيك بعض المنشآت النفطية في البلاد لبيعها كخردة معدنية، في مسعى لسداد مدفوعات تكاليف إصلاحات ضرورية في بعض محطات إنتاج البنزين.
 

- رغم أن هذا الانهيار سيكون بمثابة حدث تاريخي بالنسبة للدولة المشاركة في تأسيس منظمة أوبك، فإن أثره على سوق النفط العالمي قد لا يُذكر مع حقيقة الطلب المتراجع وانخفاض مكانة دولة أمريكا اللاتينية بين قائمة منتجي الخام.
 

- الأزمة تبرز أكثر في سرعة التعافي المحتمل، فرغم حجم احتياطي البلاد من النفط والذي يسمح باستعادة الإنتاج في المستقبل، إلا أن حالة البنية التحتية للقطاع والعقوبات الأمريكية المتواصلة وانخفاض الطلب العالمي كلها أمور تجعل ذلك أمراً غير مرجح.
 

- يظل امتلاك فنزويلا لموارد نفطية هائلة بمثابة حقيقة لا تقبل الجدال، لكن العودة لمصاف كبار المنتجين تسلتزم إعادة بناء المنشآت الأساسية وعودة العمالة والأموال في ظل مناخ آمن للاستثمار.

 

 

المصادر: أرقام – أوبك – إي إتش إس ماركت – صندوق النقد - أويل برايس – بلومبرج – سي إن بي سي

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.