الفومو .. عندما يسيطر الطمع على المستثمرين خوفاً من ضياع الفرصة

2020/08/08 أرقام - خاص

صديقك اشترى ألف سهم في شركة ما بسعر 5 ريالات للسهم الواحد، وارتفع السعر بعد أسبوع إلى 8 ريالات لكنك اعتبرت الأمر مجرد صدفة ولم تعره انتباهاً.
 

السهم يواصل الصعود ويقترب من حاجز الـ15 ريالاً، الاهتمام بدأ يسيطر على تفكيرك، صديقي يزداد ثراءً كل يوم بينما أنا على حالي لا أتغير، هل أفوّت على نفسي الفرصة للثراء؟.
 

تقول لنفسك: حسناً، سأشتري أنا أيضاً بعض الأسهم في هذه الشركة رغم أنني لا أعلم عنها شيئاً تقريباً، ولكني لن أسمح بتفويت فرصة الربح واقتصارها على الآخرين فقط.
 

أهلا بك في "الفومو".
 

  

الخوف.. والخوف
 

الخوف في عالم الاستثمار لا يقتصر على وصف الشخص الذي يخشى خسارة أمواله، فهناك شعور آخر يتعلق بالخوف أيضاً لكنه على النقيض تماماً من الأول وهو الخوف من فقدان فرصة الربح.
 

الخوف والطمع هما العاملان المؤثران في قرارات الاستثمار؛ الأول يتعلق بالقلق من خسارة الأموال، والثاني يتمثل في السعي لتحقيق مزيد من المكاسب لكنه في الحقيقة نوع آخر من الخوف أيضاً.
 

الخوف من فوات الفرصة أو ما يطلق عليه اختصاراً "الفومو FOMO" هو شعور عام لا يقتصر على الاستثمار فحسب، ويصف قلق الإنسان من تفويت أمر ما يستمتع به غيره سواء كان التواجد في مكان جميل أو المرور بتجربة مثيرة أو حتى لقاء بعض الأصدقاء ومتابعة ما يحدث على السوشيال ميديا.
 

يخشى الإنسان من تفويت فرصة لشيء جيد يمر به الآخرون، وهو ما يدفعه للقلق والتوتر ثم السعي لملاحقة ما يعتبره "فرصة قد لا تتكرر"، خوفاً من الشعور بالندم لاحقاً على عدم الحصول على ما أسعد من حوله.
 

ويعتبر "الفومو" حلقة رئيسية في كل تجارب الفقاعات المالية وحتى عمليات الاحتيال عبر التاريخ، وهو ما يتلخص في ضخ أموالك في استثمار لا تعلم عنه الكثير بغرض تكرار ما تظنه يحدث للآخرين من حولك مع شعورك بأنك يجب أن تشتري حالاً.
 

وتبدأ الفقاعة المالية بظهور تحول تكنولوجي أو مالي جديد، لتبدأ مرحلة صعود الأسعار بشكل بطيء وحذر في البداية قبل أن تكتسب مزيداً من الزخم مع جذب آخرين لهذا الأصل.
 

   

ويجذب الأمر انتباه الإعلام الذي يبدأ في تغطية تزايد سرعة صعود هذا الأصل، وهو ما يدفع مضاربين جدداً للانضمام لجموع المتعاملين خوفاً من فقدان فرصة قد لا تتكرر في العمر مرة أخرى.
 

يقول "بيتر ديمارزو" الأستاذ في "ميزوهو فاينشال جروب" إن المستثمرين يخشون أن يصبحوا فقراء بينما كل من حولهم أغنياء، لأن ذلك سيرفع أسعار كل شيء مع ارتفاع مستوى الدخل وبالتالي يجعلهم الأكثر تضرراً.

 

بالطبع يصبح الأمر حديث الجميع مع تجاهل السعر الحالي والتركيز على ما يمكن أن يصل إليه لاحقاً، ثم يفطن البعض إلى ضرورة الاكتفاء بهذا القدر وجني الأرباح والخروج قبل أن يبدأ الذعر ويتحول الخوف من فقدان الفرصة إلى الخوف من الاستمرار.
 

بالفعل يمكن للخوف من فوات الفرصة أن يحقق مكاسب لبعض المستثمرين إذا نجحوا في شراء الأصل في مرحلة مبكرة من الصعود والخروج قبل بداية الذعر، لكن القدرة على تحديد موعد انفجار الفقاعة يعتبر أمراً صعباً للغاية.
 

ذكرى الدوت كوم
 

يمكنك تطبيق كل المراحل السابقة على أي فقاعة مالية أو خدعة استثمارية عبر التاريخ، لكن قصة فقاعة الدوت كوم تبدو قريبة.
 

وفي تسعينيات القرن الماضي ظهرت مئات الشركات التكنولوجية الأمريكية التي لا تحقق أي إيرادات تقريباً، ورغم ذلك شهدت أسعار أسهمها ارتفاعات حادة دفعت مؤشر "ناسداك" للصعود من 1000 نقطة لأكثر من 4 آلاف نقطة في غضون 4 أعوام فحسب.
 

فضل المستثمرون شراء أسهم هذه الشركات خوفاً من الندم لاحقاً على إضاعة فرصة سانحة لتحقيق أرباح طائلة إذا نجحت بالفعل هذه الكيانات.
 

ويبرز مثال سهم "إي تويز" للشركة التكنولوجية الناشئة والعاملة في مجال بيع لعب الأطفال عبر الإنترنت كأحد أبرز مظاهر الخوف من فوات الفرصة إبان فقاعة الدوت كوم.
 

وفي أول جلسة تداول للشركة في عام 1999 قفز السهم من 20 دولاراً إلى 78 دولاراً، مع آمال المستثمرين بشأن نجاح المشروع القائم على تكنولوجيا جديدة آنذاك.
 

ورغم تحقيق خسائر مالية حادة نسبة للإيرادات (28.6 مليون دولار من إيرادات 30 مليون دولار) إلا أن موجة الحماس استمرت في رفع سعر السهم إلى 84 دولاراً.
 

لكن الخوف من بداية عمليات بيع محتملة للسهم من داخل الشركة بالإضافة إلى استمرار الأخبار السلبية المتعلقة بالأعمال دفعا المستثمرين للتدافع هرباً من السهم الذي تهاوى إلى 9 سنتات في غضون عامين، قبل أن تعلن الشركة إفلاسها وتسريح الموظفين.
 

 

الاعتراف ودراسة الاستثمار
 

في البداية لا بد من الاعتراف بوجود المشكلة حتى تتمكن من حلها، وبالتالي يجب أن تعترف إذا شعرت بأن مشاعرك أصبحت تتولى السيطرة على قرارك الاستثماري.
 

كما يبرز ضرورة الاعتماد على المعلومات الحقيقية من مصادرها والابتعاد عن النصائح العامة من المحيطين خاصة عدم المتخصصين في الأمر.
 

ويقول "وارن بافيت" المستثمر الشهير ورئيس شركة "بيركشاير هاوثاوي" إن النظر إلى السعر فقط ليس استثماراً، ولكن يجب الاهتمام بالقيمة والتي تمثلها التدفقات النقدية المستقبلية المتوقعة.
 

وبالتالي من المهم أن تدرس الاستثمار بعناية، خاصة بالنسبة للأصول التي تحقق صعوداً كبيراً أو التي تشهد تزاحماً من المستثمرين في وقت قصير.
 

كما يجب أن تحدد هدفاً استثمارياً واضحاً وتنتقي الاستراتيجيات الداعمة له، مع التركيز على المدى البعيد.

 

المصادر: فسيولوجي توداي – باسيف أنكوم - فورتشن – فوربس – إيه بي سي

دراسة Research: How the Fear of Missing Out Makes Investors Risk Blind

كتاب Financial Market Bubbles and Crashes

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.